دليلك لفهم تشكل البرلمان المصري
أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوريّ، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعايةً كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيهظهر النوّاب المنتخبون من الشعب في زيّهم الرسميّ؛ حيث وقف كل نائبٍ وأمامه ميكروفون، وفي يده ورقةٌ يردد منها اليمين الدستوريّ خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب اليوم، 10 يناير 2016، في مشهدٍ غاب عن أعين الكاميرات والمصريين لمدة 3 سنواتٍ متواصلة.بنسبة مشاركةٍ بلغت 28.165% تشكّل البرلمان المصريّ لعام 2015؛ حيث أجريت الانتخابات البرلمانية في منتصف شهر أكتوبر الماضي على مرحلتين، فكانت نسب المشاركة في المرحلة الأولى 26.5%، و 29.83% في المرحلة الثانية وفق تصريحات أيمن عباس رئيس اللجنة.
صلاحيات البرلمان الدستورية
لم تختلف صلاحيات دستور 2014 عن دستور 2012 كثيرًا؛ ولكن اقتصرت السلطة التشريعية على مجلس النواب فقط بعدما تم إلغاء مجلس الشورى.
- للمجلس الحق في الاعتراض على رئيس الوزراء الذي يختاره الرئيس؛ ومن ثمّ على الرئيس اختيار رئيس الوزراء من حزب الأغلبية أو الائتلاف الحائز على الأغلبية، فإن لم تكن هناك أغلبية واضحة لأي كيانٍ سياسيّ؛ يُكلَّف الحزب أو الائتلاف ذو الأكثرية بتشكيل الحكومة، وإذا لم يحصل مرشحا الأغلبية، ثم الأكثرية – على التوالي – على ثقة البرلمان؛ يتم حلّ البرلمان.
- الحق في سحب الثقة من رئيس الجمهورية؛ بطلبٍ من ثلث المجلس ويوافق عليه ثلثاه، ثم يُطرح الأمر في استفتاء؛ فإذا جاءت الأغلبية بالموافقة أعْفيَ رئيسُ الجمهورية من منصبه، وإذا جاءت بالرفض تم حلّ المجلس.
- الحق في سحب الثقة من رئيس الوزراء أو أيّ من الوزراء بالحكومة، بعد استجوابه، ويتم بطلبٍ من عُشر الأعضاء، وموافقة الأغلبية.
- الحق في اقتراح القوانين وتشريعها، وتقوم اللجان المختصة بفحص تلك الاقتراحات وتقديم تقارير للمجلس حولها ومن ثمّ التصويت عليها.
- إقرار الموازنة العامة للدولة، ومراجعة الحساب الختامي للدولة.
- الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
- تعديل مواد الدستور.
- الموافقة على إعلان حالة الحرب، أو إرسال قواتٍ قتاليةٍ خارج حدود البلاد.
- الموافقة على فرض حالة الطوارئ بأغلبية الثلثيْن، ولا يجوز مدّها مرةً أخرى إلا بموافقة أغلبية البرلمان، ولا تتعدّى فترة فرض حالة الطوارئ ثلاثةَ أشهرٍ في كل مرة.
تجدر الإشارة إلى أن لرئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان، بعد استفتاء، ولا يشير الدستور إلى أي عواقب عليه في حال جاءت أغلبية الاستفتاء بالرفض، وفي المقابل لا يحقّ حل المجلس مرتين متتاليتين لنفس السبب.
نظام الانتخابات
تم انتخاب البرلمان الحالي وفقًا للنظام المختلط، فقد تم تخصيص 80% من مقاعد البرلمان للانتخاب بنظام الفردي و20% من المقاعد بنظام القائمة المغلقة المطلقة (إما فوز القائمة بالكامل، أو خسارتها بالكامل) وهو عكس ما كانت عليه انتخابات 2012؛ حيث كان نظام انتخاب القائمة وفق القائمة المغلقة النسبية (لكل قائمة أن تحصد عددًا من المقاعد يتناسب مع عدد الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات). كما تم تحديد عدد أعضاء البرلمان ب 596 عضوًا: 448 عن نظام الفردي، و120 عن نظام القوائم، و 28 مُعيّنين، حيث قُسّمت الدوائر الانتخابية إلى 205 دائرةً للنظام الفردي وأربعة دوائر لنظام القوائم.وتم إقرار نظام الكوتة في القوائم بحيث أن تتضمن كل قائمة 15 مرشحًا مُقسّمين:كيف تشكّل البرلمان؟
يتلقّى اتصالًا هاتفيًّا في وسط أحد الاجتماعات فيقف منتصبًا تمام يا فندم، أكيد طبعًا إن شاء اللهبتلك الكلمات المُقتَضبة وافق المسئول عن إدارة إحدى القوائم الانتخابية على التعليمات الأمنية التي تلقّاها بشأن ضم أسماء محددة للترشح بالانتخابات البرلمانية. فبعد حسم النتائج، أصدرت بعض الشخصيات العامة تصريحاتٍ حول تدخّل الأجهزة الأمنية في تشكيل القوائم الانتخابية وإجراء التنسيقات والتحالفات على المقاعد المُخصّصة للنظام الفردي وهي ثُلثا مقاعد البرلمان؛ مما يضمن عدم وجود معارضةٍ قوية للرئيس داخل البرلمان.فكتب الدكتور حازم عبد العظيم شهادته حول تلك الانتخابات والتي أشار فيها إلى تدخّل المخابرات العامة المصريّة لتشكيل قائمة (في حُبّ مصر)، وهي القائمة التي فازت بكل المقاعد المُخصّصة للقوائم. روى عبد العظيم أنه قد تمّت دعوته من قبل أحد مساعدي الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعرض عليه أن يكون من بين المُعيّنين بالبرلمان، ثمّ يرأس لجنة الشباب تحت القبة؛ لكنه رفض؛ ولكن استمر التمسك بعبد العظيم حيث تمت دعوته لاجتماعٍ آخر، وعُرض عليه أن يُشكّل قائمةً داعمةً للسيسي.حضر عبد العظيم الاجتماع التأسيسيّ لتلك القائمة والذي كان في مبنى المخابرات العامة يوم 3 فبراير 2015، وبحضور وكيل جهاز المخابرات العامة وثلاثة ضباط شباب من الجهاز تتراوح أعمارهم ما بين الـ 30:40 عامًا ومستشارٍ قانونيّ من المُقرّبين للرئيس، وهو المحامي محمد بهاء الدين أبو شقة، وأحد مساعدي الرئيس و15 شخصيةً عامةً من المؤسسين لتلك القائمة. كما أشار عبد العظيم أن اللواء سامح سيف اليزل كان يتلقّى أسماء المرشحين على تلك القائمة بالتليفون من أحد الضباط الشبّان الذين حضروا الاجتماع التأسيسي للقائمة.أما عن حزب (مستقبل وطن)، فقد ذكر عبد العظيم أنه كيان من صنيعة المخابرات الحربية، وذلك نقلًا عن لسان أحد مساعدي الرئيس في رئاسة الجمهورية الذي قال له: {حزب مستقبل وطن (والذي) كان في الأصل (جبهة مستقبل وطن)، أسسته المخابرات الحربية ككيان شبابي لدعم الرئيس وده تبعنا}.من ناحية أخرى، ظهر – أمس – النائب مصطفى بكري في حالةٍ من العصبية الشديدة ليعلن وسط عددٍ من المُصوّرين والنوّاب انسحابه من سباق الترشح على اللجان الداخلية لمجلس النواب. برر ذلك بأن هناك توجيهات داخل (إئتلاف دعم مصر) فيما يخص تولّي اللجان الداخلية للبرلمان حيث طلب منه (محمود الشريف) و(محمد علي يوسف) أن ينسحب من سباق الترشّح لصالح أحد المرشحين الآخرين. وقال بكري في تصريحاته: {أنا كنت متصور إنها انتخابات ديمقراطية الحقيقة}.
لم تكن الاتهامات الموجهة لـ (حب مصر) قاصرةً –فقط- على كونها تشكّلت تحت رعاية الدولة وأجهزتها الأمنية، حيث صرّحت المستشارة تهاني الجبالي، مؤسسة (التحالف الجمهوري للقوى الاجتماعية)، أن (في حب مصر) تعقد صفقاتٍ مع أنصار جماعة الإخوان المسلمين في خارج مصر، مشيرةً إلى أن اللواء سيف اليزل قد اجتمع مع أنصار الجماعة بالخارج للحصول على أصواتهم؛ إلا أن القائمة نفت تلك الاتهامات وقالت إنها {سخافات غير مقبولة، وأن الدافع من ورائها هو حصول الجبالي على مقعدٍ بالبرلمان}.
الصراع من أجل الزعامة
- قائمة في حب مصر.
- قائمة حزب النور.
- التحالف الجمهوري للقوى الاجتماعية.
- تيار الاستقلال.
حلّ حزب (المصريين الأحرار) في المركز الأول بإجمالي 65 مقعدًا، يليه بعد ذلك حزب (مستقبل وطن) الذي حصد 51 مقعدًا، و بإجماليّ عدد مقاعد 33 مقعدًا حل حزب (الوفد) ثالثًا، بينما حصل حزب (النور) على 12 مقعدًا فقط، ولم يفز حزب (المصري الديمقراطي الاجتماعي) سوى بأربعة مقاعد، وحصلت قائمة (في حب مصر) على جميع المقاعد المُخصّصة للقوائم، فيما حصلت عدة أحزاب مثل: حماة الوطن، والمؤتمر، والشعب الجمهوري، والحركة الوطنية، والإصلاح والتنمية على 24،14، 13، 4، 4 على التوالي.
المصريون الأحرار
وبالرغم من كون حزب المصريين الأحرار جزءًا من قائمة (في حب مصر)؛ إلا أنه وفي الوقت الحالي يخوض صراعًا قويًّا ضد ائتلاف (دعم مصر)، وهو الائتلاف الذي شكّلته القائمة. وتتنوّع خلفيات نواب المصريين الأحرار تحت القبّة، والتي تعكس التنويعات داخل الحزب فيضمّ رجال أعمال؛ حيث أنه حزبٌ ليبراليّ يدعو لاقتصاد سوقٍ مفتوح ومنافسةٍ كاملة، وأسّسه رجل الأعمالنجيب ساويرس. كما لم ينكر رئيس الحزب وجود أعضاءٍ من الحزب الوطني المُنحلّ؛ معلّلًا ذلك بأن لم يكن جميع أعضاء الوطني فاسدين، كما أن لديهم حضور قوي في دوائر المنافسة البرلمانيّة، وهو أمرٌ لا يمكن تجاهله.
مستقبل وطن
أما حزب (مستقبل وطن)، فيمكن أن يُنظر إليه على أنه الحصان الأسود في تلك الانتخابات؛ فهو حزبٌ حديث النشأة إلى جانب صغر سن أغلبية أعضائه، وعلى الرغم من الرسالة التي يصدّرها الحزب بأنه حزبٌ بوجوهٍ جديدة؛ إلا أنه – بشكل غير مباشر – لم يكن بعيدًا عن الوجوه القديمة التي تتمتّع بنفوذٍ قويّ في دوائرهم، حيث اختار الحزب أبناء تلك الوجوه القديمة أو قيادات الحزب الوطني التي لم تكن معروفةً إعلاميا. هذا إلى جانب الدعم الذي تلقّاه الحزب من رجال أعمالٍ كانوا مُقرّبين من نظام مبارك، مثل: منصور عامر، وهاني أبو ريدة، إلى جانب رئيس مجلس إدارة حديد المصريين أحمد أبو هشيمة.وفيما يخص الصراع الدائر بين حزب المصريين الأحرار وائتلاف دعم مصر، نجد أن الأمر لم يتوقف عند انسحاب حزب المصريين الأحرار وفقط؛ بل شمل حزبي مستقبل وطن والوفد مما هدّد بخسارة الائتلاف لأكبر الكتل الحزبية بالبرلمان، حيث خسر الحزب 149 نائبًا، هم كتلة تلك الأحزاب في البرلمان والتي كانت جزءًا من قائمة في حب مصر؛ ولكن أعلن بعد ذلك حزبُ مستقبل وطن عودته مرة أخرى للائتلاف؛ مُعلّلًا ذلك بإعلائه لمصلحة الوطن.
رجال الوطن ونساؤه
وفقًا لنتائج الموقع الرسمي للجنة العليا للانتخابات، فقد حصلت المرأة على 134 مقعدًا، في مقابل 434 مقعدًا للرجال. كما أن هناك 54 محامية ومحاميّ بداخل المجلس، إلى جانب وجود 25 مقعدًا حصدها لواءٌ سابقٌ بالشرطة، 18 مقعدًا حصدها ضباط شرطةٍ على المعاش. أما بالنسبة لضباط الجيش السابقين، فقد حصدوا 9 مقاعد، وللإعلاميين 14 مقعدًا، كما أن هناك 38 أستاذًا جامعيًا منهم 9 أعضاءٍ مُعيّنين و 29 مُنتخبين.
نوزيع المهن في مجلس النواب المصري.
أي مستقبل ينتظر البرلمان؟
غاب وجود البرلمان عن المشهد السياسي في مصر لمدة ثلاث سنوات، جمع خلالها الرئيسان (عدلي منصور، والسيسي) بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، وأصدرا ما يقرب من 350 قانون؛ مما يوجب على البرلمان القادم مراجعة تلك القوانين خلال الـ 15 يومًا الأولى من انعقاد البرلمان، وفق المادة 156 من الدستور الحالي. وإذا لم يُراجع البرلمان تلك القوانين أو لم يقرّها فسوف تعتبر لاغيةً ويزول بالأثر الرجعي ما كان لها من قوة القانون. وفي تلك الحالة قد يُحلّ البرلمان، حيث من ضمن تلك القوانين، هو قانون الانتخابات ،التي أدّت لوجود البرلمان الحالي.وبخصوص هذا الوضع، فهناك عدد من السناريوهات المتوقعة:
السيناريو الأول: دعم الرئيس
أن يوافق المجلس على جميع تلك القوانين بشكلٍ سريعٍ خلال تلك المدة المحدّدة من قِبل المادة 156، وهو الأمر الذي يرجّحه الكثيرون من السياسيين والنشطاء؛ فأغلبية المجلس من المؤيدين للنظام ويرَوْن أن مصر تمرّ بمرحلةٍ حرجة، ويجب الوقوف بجانب الرئيس ودعمه حتى تمرّ هذه المرحلة.
السيناريو الثاني: حل المجلس
السيناريو الثاني هو حلّ المجلس. ولكنّ بعض النواب يرَوْن أن المادة 156 لا تخاطب الوضع الحالي للبرلمان؛ حيث أن الحياة النيابيّة في مصر كانت معطّلة؛ وبالتالي كانت هناك ضرورة لقيام الرئيس بالتشريع.