دليلك لقراءة الملصقات الغذائية
هل تحب النوتيلا؟ أنت بالأحرى تظن أن عجينة البندق الممزوجة بالشيكولا هذه ليست فقط الألذ، بل ربما أيضاً الأصح لفطورك. لكن ماذا لو أخبرك أحدهم أن أكثر من نصف وزنها عبارة عن سكر! هل ستتغير نظرتك للمنتج؟ في الواقع أنت لست بحاجة لأحد كي يخبرك، يمكنك أن تجد كل المعلومات الغذائية عن محتوى المنتج الذي تستهلكه في مكان ما على ظهر العبوة.
يلتزم مصنعو الطعام بوضع قالب من هذه المعلومات والتي تعرف باسم «الحقائق الغذائية» على الملصق الغذائي للعبوة حسب المعايير الوطنية أو الدولية، وهو تماماً ما تحتاجه كمستهلك واعٍ لمعرفة ماهية ما تتناوله. فأنت لا يمكنك الوثوق كثيراً في الإعلانات الدعائية أو حتى الإدعاءات الموجودة على وجه العبوة لأنها قد تكون مضللة. ففي النهاية يبقى هدف المصنع الأول والأخير هو إغراء المستهلك لشراء منتجه وتجاهل المنتجات المنافسة.
في هذا المقال، ستجد دليل لفهم كل جزء من أجزاء الملصق الغذائي، كيف تقارن القيمة الغذائية للمنتجات المختلفة، الحيل التي تستخدمها الشركات لإخفاء الحقائق وخداع المستهلك، وما يعنيه كل ذلك بالنسبة لك سواء كنت ترغب في اتباع حمية لفقدان الوزن أو الحفاظ ببساطة على نظام غذائي متوازن وصحي.
المكونات
قبل الخوض في قائمة الحقائق الغذائية، ستجد على العبوة قائمة أخرى تنص على المكونات المادية التي دخلت في تصنيع المنتج ويكون ترتيبها حسب الكمية من الأكبر للأصغر. التعرف على أول 3 مكونات سيعطيك فكرة عما إن كان المنتج صحياً أم لا، فإن كانت المكونات الأولى تشمل الحبوب المكررة كالدقيق الأبيض، نوع من الدهون كالزبد أو الزيت، السكر، أو الزيوت المهدرجة، فيمكنك اعتبار أن المنتج غير صحي. كذلك فإنه كلما كثرت المكونات المستخدمة (ما يزيد على سطرين مثلاً)، كلما كان المنتج مُعالَج بدرجة أكبر، وهو ليس بالأمر الجيد.
حصة الطعام (Serving Information)
تبدأ الحقائق الغذائية غالباً بمعلومات التقديم والتي تشمل كلاً من: حجم الحصة الغذائية (الوجبة الواحدة)، وعدد الحصص الموجودة في العبوة. فلنقل إن لديك علبة عصير بحجم 1 لتر، وحجم الحصة الواحدة يساوي 1 كوب (250 مل)، فبالتالي سيكون عدد الحصص هو 4 أكواب من العصير.
من المفترض أنه يتم تحديد حجم الحصة على أساس الكمية التي يتناولها معظم الناس في المرة الواحدة- وهي ليست بالضرورة الكمية الموصى بتناولها. ومع هذا، فإن حجم الحصة غالباً ما يكون أصغر بكثير مما يستهلكه الأشخاص فعلياً في المرة الواحدة. على سبيل المثال، قد يساوي حجم الحصة الواحدة نصف علبة صودا أو ربع كعكة أو نصف لوح شوكولا أو قطعة بسكوت واحدة.
معرفة حجم الحصة مهم لأن كل المعلومات المقدمة فيما بعد على الملصق تشير إلى الحصة الواحدة وليس حجم العبوة كاملاً. وتستخدم الشركات هذه الحيلة لخداع المستهلك عن طريق تقليل حجم الحصة، فيتخيل المستهلك أنه يتناول القليل من السعرات الحرارية في حين أنه في الواقع يتناول الضعف أو أكثر. أي أنك مثلاً، إن تناولت 14 رقاقة من كيس بطاطس حجم الحصة فيه يساوي 7 رقاقة، فعليك أن تضاعف كمية السعرات الحرارية وكمية العناصر الغذائية المدرجة على العبوة.
السعرات الحرارية (Calories)
يمثل عدد السعرات الحرارية مقدار الطاقة التي يعطيك إياها الطعام، وتقاس بــ«الكيلو كالوري Kcal» أو «الكيلو جول KJ». يعتمد احتياجك اليومي من السعرات الحرارية على العمر، الجنس، حجم جسمك، ومستوى نشاطك البدني. إن تناولت سعرات حرارية أكثر مما يستهلك جسدك، سيقوم بتخزينها في شكل دهون ومع تكرار الأمر سيزداد وزنك بمرور الوقت. لذلك إن كنت تريد فقدان الوزن، عليك أن تنتبه إلى محتوى السعرات الحرارية لتضمن استهلاك ما لا يزيد عن حاجتك، أو لتقييم المقدار الذي يساهم به طعام ما في نظامك الغذائي اليومي.
لكن أصابع يديك لا تشبه بعضها، بمعنى أن الـ200 سعرة حرارية التي تحصل عليها من تناول الآيس كريم مثلا لا تكافئ الـ200 التي تحصل عليها من تناول الأفوكادو على الرغم من أنها تمثل نفس القدر من الطاقة، وذلك لاختلاف المحتوى الغذائي لكل منهما. لذلك تجد بعض الشركات تضع أحياناً مقدار السعرات الحرارية الخاصة بالدهون إلى جانب السعرات الكلية، إذ ينصح بالحد من عدد السعرات الحرارية من الدهون إلى 20-35% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية.
فعلى سبيل المثال،إن وجدت عدد السعرات الحرارية بمنتج تساوي 250 سعرة في الحصة الواحدة و 110 سعرات حرارية من الدهون. فهذا يعني أن ما يقرب من 50% من السعرات الحرارية الموجودة في الحصة الواحدة تأتي من الدهون. وبالتالي لا يعد هذا الطعام خيارًا صحيًا، نظرًا لاحتوائه على نسبة عالية من الدهون.
ضع أيضاً في اعتبارك أن الأطعمة الغنية بالطاقة التي تحتوي على قيمة غذائية ضئيلة لا تقدم سوى سعرات حرارية فارغة. ولعلك تعلم أن أشهر مصادر السعرات الفارغة هو الوجبات السريعة والمشروبات المحلاة. فلك أن تتخيل أن حرق الـ250 سعرة حرارية الموجودة في زجاجة صودا (591 مل) يتطلب مشي 5 أميال أو الجري لمدة 50 دقيقة- بالنسبة لمراهق يزن 50 كيلو تقريباً، كل هذا في مقابل صفر قيمة غذائية.
العناصر الغذائية (Nutrients)
يحتوي هذا القسم على العناصر الغذائية الأساسية الموجودة بالمنتج، وليس المقصود بها المكونات (مثل الدقيق أو الذرة أو زيت النخيل،…إلخ)، بل المجموعة الغذائية التي تنتمي لها هذه المكونات، إلى جانب كمية/مقدار كل منها على شكل جدول، لتساعدك في تقييم القيمة الغذائية الكلية للمنتج.
يجب الحصول على بعض هذه العناصر بالكميات الكافية مثل الألياف، والفيتامينات كفيتامين ج و د، والمعادن كالحديد والكالسيوم والبوتاسيوم، والبعض الآخر ينبغى عليك الحذر من الإفراط في تناوله مثل الصوديوم والدهون والسكريات للحفاظ على صحة جيدة وتجنب الأمراض. وقد ترغب أيضاً في مراقبة كمية الكربوهيدرات والبروتين في طعامك إن كنت تتبع حمية أو نظاماً غذائياً معيناً. سنتحدث قليلاً عن الدهون والسكريات بالأخص نظراً لتواجدهم في أكثر من صورة.
الدهون
للدهون ثلاث أنواع مختلفة: الدهون المشبعة، الدهون غير المشبعة، والدهون المتحولة. تتواجد الدهون غير المشبعة- وأشهرها زيوت الأوميجا- بوفرة في الأسماك الدهنية (السلمون والماكريل)، الزيوت النباتية (زيت الزيتون، عباد الشمس، والذرة، والكانولا)، المكسرات (الجوز واللوز والبندق)، البذور (السمسم، الكتان)، والأفوكادو. وتعتبر صحية لأنها تساعد في حماية القلب من الإيقاعات غير المنتظمة المميتة، تخفف الالتهاب، وتمنع تكون جلطات خطيرة في مجرى الدم. كما أنها تُخفض من مستويات الدهون الثلاثية ونسب الكوليسترول في الدم، وبالتالي فهي تحمي من أمراض القلب والأوعية الدموية.
لذا تنصح جمعية القلب الأمريكية أن 8-10% من السعرات الحرارية اليومية يجب أن تأتي من الدهون المتعددة غير المشبعة، وهناك أدلة على أن تناول المزيد من الدهون غير المشبعة- حتى 15% من السعرات الحرارية اليومية- يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.
وفي حين تعد الدهون غير المشبعة هي أصح أنواع الدهون، يعتبر الإكثار من الدهون المشبعة– الموجودة بشكل رئيسي في المنتجات الحيوانية كاللحوم والجبن والزبدة، وبعض الزيوت النباتية مثل زيت جوز الهند وزيت النخيل- خيار غير صحي نسبياً، خاصة مع ارتباطها بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
لكن الحل لا يكمن في استبعاد الدهون كليةً أو استبدالها بالكربوهيدرات المكررة التي لا تقل خطراً عن الدهون المشبعة في رفع نسب الكوليسترول الضار، بل في الحد من مصادر الدهون المشبعة غير الصحية مثل الوجبات السريعة والمنتجات المقلية والمخبوزات السكرية واللحوم المعالجة، واستبدالها بالدهون «الجيدة» غير المشبعة كلما أتاحت الفرصة.
أما الدهون المتحولة، فهي الأسوأ على الإطلاق. تلك عبارة عن زيوت تم هدرجتها جزئياً عن طريق تسخين الزيوت النباتية السائلة، وهي محببة جداً في الصناعة نظراً لسعرها الرخيص وفترة صلاحيتها الطويلة. فقد أصبحت الدعامة الأساسية في المطاعم وشركات الأغذية لتستخدم في القلي و تصنيع المخبوزات والسناكس المصنعة والسمن الصناعي.
ذلك على الرغم من أنها تزيد من نسبة الكوليسترول الضار وترتبط ارتباطاً وثيقاً بأمراض الشريان التاجي، النوبات القلبية والسكتات الدماغية. فلكل 2% إضافية من السعرات الحرارية من الدهون المتحولة المستهلكة يوميًا ، يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية بنسبة 23%.
ومع أن الكثير من الدول فرضت على المصنعين ذكر نسبة الدهون المتحولة والحد منها، إلا أن الصفر الموجود بجانب كمية الدهون المتحولة بجدول الحقائق الغذائية لا يعني خلو المنتج تماماً منها بالضرورة، بل يعني في الحقيقة أن المنتج يحتوي على «أقل من 0.5 جرام من الدهون المتحولة لكل حصة». وبالتالي، إن كان حجم الحصة صغير بشكل مضلل، فأنت بالأحرى تتناول الدهون المتحولة وأنت لا تعلم! هنا يمكنك الرجوع إلى قائمة المكونات والبحث عن الزيوت المهدرجة.
السكريات
السكريات بداخل أي منتج، إما أنها موجودة بشكل طبيعي مثل سكر اللاكتوز في اللبن، أو أنها مضافة من قبل المصنع لتحسين الطعم. ينص النوعين تحت محتوى السكريات الكلي دون ذكر كم منها يمثل سكريات مضافة بالضرورة. وعلى عكس المتوقع، فإن السكر بأشكاله لا يضاف فقط إلى الأطعمة والمشروبات الحلوة بل أيضاً لأشياء مثل الخبز وصلصة المعكرونة وحتى الأطعمة التي تعتبر صحية مثل الزبادي بالفاكهة. في الحقيقة، يضيف المصنعون السكر إلى 74% من الأطعمة المعبأة التي تباع في محلات السوبر ماركت.
الأمر المخادع في السكريات هو أن المصنع لا يفصح عنها بشكل مباشر في قائمة المكونات. فبدلاً من تضمين كلمة «سكر»، تستعمل عشرات الكلمات البديلة مثل محليات الذرة، المالتوز، السكروز، شراب الشعير/الأرز، العسل، مركز عصير الفاكهة وغيرها من المصطلحات التي تخفي كمية السكر الكلية على هيئة كلمات مبعثرة كي لا تتصدر كلمة سكر أول قائمة المكونات.
ولأن حلاوة السكر على الصحة لا تضاهي حلاوته على اللسان، فإن جمعية القلب الأمريكية (AHA) توصي بما لا يزيد على 9 ملاعق صغيرة (38 جرامًا) من السكر المضاف يوميًا للرجال، و 6 ملاعق صغيرة (25 جرامًا) في اليوم للنساء. أما بالنسبة للأطفال، تتراوح الكمية بين 3-6 ملاعق صغيرة (12-25 جرامًا) يوميًا.
القيمة الغذائية اليومية (Daily Value %)
إلى جانب كل عنصر غذائي توجد نسبة مئوية تعرف بالقيمة اليومية (DV%)، وتمثل تلك النسبة المئوية التي تساهم بها حصة الطعام في احتياجك اليومي من عنصر معين، بافتراض أنك تتبع نظاماً غذائياً يكافئ 2000 سعرة حرارية. فإن كان مكتوب على ملصق عبوة الحليب 30% بجانب الكالسيوم مثلاَ، فهذا يعني أن الحصة الواحدة (الكوب الواحد) يمنحك 30% من احتياجك اليومي للكالسيوم، ويمكنك الحصول على الـ 70% الباقية من مصادر أخرى.
وبهذا تعطيك القيمة الغذائية أكثر من الرقم المجرد التابع لكمية المغذيات، بحيث يمكنك تحديد ما إن كانت حصة الطعام غنية أم فقيرة بعنصر غذائي معين كما يدعي المنتج، وما إن كانت تساهم بشكل كبير أو ضئيل في نظامك الغذائي اليومي لكل عنصر غذائي، كالآتي:
%5 أو أقل من عنصر غذائي لكل حصة تعتبر منخفضة.
%20 أو أكثر من عنصر غذائي لكل حصة تعتبر عالية.
وعلى هذا الأساس يمكنك المقارنة والاختيار بين منتجين للحبوب الغذائية مثلاً- يدّعي كلاهما أنه غني بالمعادن والفيتامينات- عن طريق التحقق من القيمة اليومية لهذه العناصر الغذائية في كل منهما.
يمكن للأمر أيضاً أن يساعدك في المقايضة الغذائية، بمعنى أنه على سبيل المثال لو كانت وجبتك المفضلة تحتوي على كمية كبيرة من الدهون المشبعة فبإمكانك أن تختار المنتجات التي تحتوي على قيمة يومية منخفضة من الدهون المشبعة لتتناولها بجانب وجبتك المفضلة بحيث تحافظ على استهلاك كلي للدهون أقل من 100% من الكمية الموصى بها يومياً.
يمكن التعرف على الكمية الموصى بتناولها يومياً من الكمية المرجعية اليومية لكل عنصر غذائي (DV)، وهي كمية- وليست نسبة- قابلة للتحديث حسب ما يتوصل له الجديد من أبحاث التغذية.
مثال للكميات المرجعية اليومية لبعض العناصر الغذائية حسب آخر تحديث في مارس 2020 من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية:
العنصر الغذائي (Nutrient) | الكمية المرجعية اليومية (Daily Value) |
الكالسيوم Calcium | 1300 مجم |
الألياف الغذائية Dietary Fiber | 28 جم |
فيتامين د Vitamin D | 20 ميكروغرام |
الحديد Iron | 18 مجم |
الصوديوم Sodium | 2300 مجم |
السكريات المضافة Added sugars | 50 جم |
الدهون الكلية Fat الدهون المشبعة Saturated fat * الكوليسترول Cholesterol* | 78 جم *20 جم *30 مجم |
البروتين Protein | 50 جم |
كما هو موضح بالجدول، فإن الكمية المرجعية اليومية للدهون المشبعة تساوي 20 جراماً وهذه أقصي كمية مسموح بتناولها يومياً إذ تسهم بـ100%DV. فلو افترضنا أنك تناولت كيس شيبسي عائلياً بوزن 82 جم (2.9 جم دهون مشبعة/10جم)، فقد تناولت نحو 23.8 جم من الدهون المشبعة أي ما يتعدى الكمية المرجعية اليومية (>100% DV).
تفترض النسب اليومية المشار إليها بالسابق أنك تتبع نظاماً غذائياً يكافئ 2000 سعرة حرارية- كما هو موضح في آخر الملصق- وهو نظام موحد على مستوى جميع المنتجات لتوفير نصائح عامة في التغذية. لذا، إن كنت تتبع حمية أقل من 2000 سعر حرارية في اليوم، فقد تكون القيمة اليومية أقل مما هو مدرج في الملصق، والعكس صحيح. الامر في النهاية يرجع إلى احتياجك اليومي من السعرات الحرارية.
الخلاصة هي أن كل المعلومات المدرجة على الملصق الغذائي هي هناك لأجلك! فتعلم كيف تقرأها بشكل صحيح كي تستطيع اختيار المنتج الأمثل لصحتك ولياقتك.