دليلك لاستكشاف سماء ليل الوطن العربي – فبراير/ شباط 2017
فبراير شهر البرد والنجوم اللامعة، ما زال الصياد العظيم متصدرًا لسماء الليل ممسكًا بهراوته الضخمة ودرعه الكبيرة، وما زالت بقية الروائع السماوية الشتوية تمسك بالمشهد خلال كل فبراير، خلال شهر ونصف سوف يبدأ هذا المجموع في رحلة ناحية الشمس بينما تسكن المجموعات الربيعية المشهد، ما زالت لدينا إذن فرصة غاية في الأهمية لتتبع تلك الروائع مرة بعد مرة.
قم أولا بتنزيل الخريطة كاملة كصورة عالية الدقة (من هنا). تعرض الخريطة أهم الأحداث الفلكية والنصائح الرصدية وألمع النجوم، بجانب خريطة القبة السماوية لليلة منتصف الشهر من فوق ميدان التحرير بقلب القاهرة، عاصمة مصر.
الأحداث الهامة
1 فبراير
قبل الغروب، في مشهد بديع، يصلح ليكون صورة بديعة بكاميرا احترافية، يصطف كل من الزهرة -بلونه الأبيض اللامع – و المريخ – الأحمر اللامع – و القمر معًا على خط واحد،ما زالت فرصتك قائمة لتتأمل جمال كوكب الزهرة خلال بقية الشتاء. بعد فترة قصيرة سوف يبدأ في الانخفاض حتى يختفي خلف الشمس، الزهرة هو ألمع جرم سماوي بعد القمر والشمس، سمي باسم آلهة الجمال فينوس في الميثولوجيا القديمة.
5 فبراير
القمر يقترن مع الدبران في مشهد نادر، ليست الندرة هنا في الاقتران نفسه، لكنها في درجة اقتراب القمر من نجم الدبران حيث يفصل بينهما ربع درجة فقط وهو ما يساوي ربع مساحة إصبعك إن مددت يدك به ووضعته أمام عينيك في مواجهة القمر والدبران، خلال 2017 سوف نشهد عدداً من الاقترانات الممتعة مع القمر والدبران.
6 فبراير
في تمام الساعة 3:59 مساءً يقع القمر في نقطة الحضيض Perigee وهي أقرب نقطة للقمر من الأرض، يدور القمر حول الأرض في مدار اهليلجي، يقترب منها حتى يصل إلى 368817 كم، وهو الحضيض، ثم يبتعد في دورته حتى يصل إلى 404376 كم وهو الأوج Apogee، وسوف يحدث هذا الشهر في تمام الساعة 11:14 مساء اليوم الثامن عشر.
9 فبراير
القمر على بعد 4 درجات فقط من القفير Beehives، وهو تجمع نجمي مفتوح Open cluster ، عرفه القدماء وتحدثوا عنه في أساطيرهم، موجود في كوكبة السرطان Cancer، مع تلسكوب صغير يمكنك تأمل بعض ألمع نجومه، إنه دائمًا مشهد رائع للهواة والمحترفين. هو واحد من أقرب التجمعات لنا، يظهر كسحابة صغيرة خافتة للغاية بجانب القمر على بعد 4 درجات، يبتعد التجمع عنا حوالي 550 سنة ضوئية ويحتوي على ما يقترب من 1000 نجمة بقطر 22.5 سنة ضوئية، 22.5 مجموعة شمسية تقريبًا!
11 فبراير
خسوف شبه الظل Penumbral يحدث بعد منتصف ليل 11 فبراير بنصف ساعة ليبلغ أوجه قبل الثالثة من صباح 12 فبراير بربع ساعة – توقيت القاهرة – وينتهي في الخامسة فجرًا. ظل الأرض هنا هو شكل مخروطي. ويشبه ذلك أن تضع كرة قدم أمام مصباح حجرتك، فينشأ خلفها ظل مخروطي الشكل، لكن القمر لا يدور حول الأرض في نفس مستواها مع الشمس، وإنما يرتفع تارة وينخفض تارة عن ذلك المستوى بمقدار 6 درجات كحد أقصى. لذلك يحدث أن يمر القمر في ظل الأرض محدثًا خسوفًا كلّيًا أو أن يمر بشبه ظلها محدثًا خسوفًا شبه ظل، ويحدث أن يمر بينهما محدثًا خسوفًا جزئيًا أو خارجهما تمامًا فلا يحدث شيء، هذه المرة لن نرى القمر الأحمر الجميل الذي يختفي خلف ظل الأرض تمامًا، كل ما سوف يحدث أن إضاءة القمر سوف تقل بدرجة 10%، لن تكون ظاهرة ساحرة بالشكل الذي تتصوره، لكنها تحقق بعض المتعة خاصة في الطقس الجيد.
11 فبراير أيضا
في نفس يوم الخسوف، القمر يقع على مسافة درجة واحدة فقط من النجم «قلب الأسد Regulus» من كوكبة الأسد Leo، يمكن لك رغم إضاءة القمر الشديدة أن تتبع باقي نجوم الكوكبة اللامعة، قلب الأسد هو نجم متعدد، يتكون من أربعة نجوم تدور حول بعضها البعض، ويبتعد عنّا 77 سنة ضوئية، واحد من أشهر نجوم السماء وكوكبة الأسد كذلك هي من أشهر الكوكبات وهدف أساسي للمبتدئين.
15 فبراير
القمر بجانب الثنائي الرائع والذي سوف يمتد اقترانه لعام كامل، المشتري ونجم السماك الأعزل Spica من كوكبة العذراء، يمكن لك كذلك على يسار ذلك المشهد رصد نجم السماك الرامح Arcturus من كوكبة العوّاء، السماك الأعزل هو نجم أزرق عملاق يبعد 250 سنة ضوئية، قطره أكبر من قطر الشمس 7 مرات، ودرجة حرارة سطحة حوالي 23000 درجة.
21 فبراير
قبل شروق الشمس بحوالي الساعة، يشرق القمر على مسافة 4 درجات فقط من كوكب زحل، على يمين ذلك المشهد يمكنك تتبع عملاق الصيف الأشهر، كوكبة العقرب، في قلبها تلاحظ نجم «قلب العقرب Antares» الرائع، لقد تخطى العقرب السماوي الرائع خط الشمس وها هو من جديد يعود لينير سماء الليل، خلال أربعة أشهر سوف يتسيد سماء الليل ملقيًا بالجبار عند الأفق.
26 فبراير
كسوف شمسي حلقي يمر جنوب قارتي أفريقيا وأمريكا الجنوبية، لا يُرى في الوطن العربي.
خريطة سماء الليل من فوق ميدان التحرير – القاهرة
مراحل القمر
ألمع نجوم الشهر
Rank | Star Name | الكوكبة | القدر الظاهري | المسافة (ly) | الكتلة (Sol) | القطر. (Sol) |
1 | Sirius | الكلب الأكبر | -1.44 | 8.6 | 2.0 | 1.7 |
2 | Capella | ممسك الأعنة | 0.08v | 42.2 | 2.7 | 12 |
3 | Rigel | الجبار | 0.18v | 770 | 17 | 78 |
4 | Procyon | الكلب الأصغر | 0.40 | 11.4 | 1.5 | 2.0 |
5 | Betelgeuse | الجبار | 0.45v | 430 | 18 | 936 |
6 | Aldebaran | الثور | 0.87 | 65.1 | 1.7 | 44.2 |
7 | Pollux | التوأم | 1.16 | 33.7 | 1.9 | 8 |
نصائح رصدية
لا شك أن فبراير هو شهر «سداسي الشتاء Winter Hexagon»، و«مثلث الشتاء Winter triange»، في بعض الأحيان يصمم هواة الفلك أشكالاً سماوية تربط بين النجوم وبعضها البعض لصنع أشكال مألوفة لنا كي تسهل التعرف على نجوم سماء الليل، نتذكر في الصيف منها «مثلث الصيف» الذي يربط بين ثلاثة نجوم لامعة «النسر الواقع، الطير، الذنب»، تسمى تلك الأشكال التي نرسمها بالمجوم Asterisms، وهناك كتاب رائع لـ«جون شيرافيلي» يجمعها معًا يدعى pattern asterisms، داخل النطاق المصري يمكن لك تحميل الكتاب مجانًا من موقع سبرينجر من هنا.
بعد غروب الشمس يتوسط ذلك السداسي الرائع سماء الليل في ليالي فبراير، إذا كنت مبتدئًا فربما سوف يكون من الصعب عليك التعرف عليهم، هنا يمكن أن تستخدم القمر الذي يمر بهذا السداسي الرائع خلال الفترة من 5 فبراير حتى 9 فبراير، يوم 7 مثلاً سوف يتوسط القمر تلك الحلقة.
لنبدأ برجل Rigel وهو ألمع نجوم كوكبة الجبار، وهو نجم متعدد، ذو قطر أكبر من قطر الشمس 80 مرة، وهو عملاق أزرق عظيم سوف يستنفذ وقوده سريعًا ثم ربما ينهي حياته بانفجار يسمى «مستعر أعظم»، لنستكمل الدورة ناحية اليسار بالشعرى اليمانية Sirius وهو ألمع نجوم سماء الليل، يوجد في كوكبة اللب الاكب Canis Major، وهو نجم مزدوج لا يمكن بسهولة رصد رفيقه، يبتعد عنا حوالي 8 سنين ضوئية، سماه العرب كذلك لأنه كان دليلهم في أثناء رحلتهم لليمن، أما الشعرى الشامية Procyon من كوكبة الكلب الأصغر Canis Minor كان دليلهم في رحلة الشام.
نرتفع بعد ذلك للتوأم كاسترو Castor وبولكس Pollux من كوكبة التوأم، ومن ثم نستكمل لفّة الشكل السداسي حتى نصل بالأعلى إلى العيوق Capella من كوكبة ممسك الأعنة Auriga، ونستمر بالهبوط حتى نختم الحلقة بالبران Aldebaran من كوكبة الثور. في ليلة صافية يمكن لك تتبع الكوكبات الستة بسهولة، ثم لن تنساهم أبدًا.
أحد النجوم الهامة في الشتاء بداخل ذلك الشكل السداسي هو ما نسميه مثلث الشتاء، على غرار مثلث الصيف، وهو يتكون من النجوم الثلاثة: إبط الجوزاء، الشعرى اليمانية، الشعرى الشامية. إبط الجوزاء هو عملاق أحمر عظيم يتوقع أن ينفجر كمستعر أعظم خلال فترة قصيرة نسبيًا، آلاف الأعوام.
علامات تلسكوبية
خريطة من ستلاريوم لتوضيح أماكن أجرام مسييه المارة بمنطقة سداسي الشتاء، يمر حزام المجرة بمنتصف السداسي تماما.
تزخر منطقة السداسي الشتوي بالعديد من الروائع المناسبة للتلسكوبات الصغيرة و المتوسطة، لا شك أن أولها هو سديم الجبار والذي يمكن ملاحظته بنظارة معظمة وأصغر التلسكوبات، يظهر السديم كسحابة دخانية خافتة تحيط بالنجم الأوسط من مجموعة السيف أسفل الحزام، على يسار الجبار، أسفل نجم النطاق يقع أحد أشهر أهداف الهواة أصحاب التلسكوبات المتوسطة و الكبيرة، أنه سديم رأس الحصان.
سديم رأس الحصان هو جزء من سحابة الجبار الجزيئية المركبة Orion Complex، والتي تضم أيضا سديم الجبار وبعض السدم المظلمة الأخرى، نحن أمام منطقة نشطة للغاية من سماء الليل، تزخر بالهيدروجين و النجوم الوليدة، لا نرى في نشاطها إلا تلك المنطقة بين العقرب و القوس، تقع الأرض في منتصف المسافة تقريبا بينهما، آلاف النجوم تتجهز في تلك المناطق لكي تصبح كالشمس ربما يوما ما.
ما بين الجبار والكلب الأكبر يمكنك رصد كوكبة وحيد القرن Monocros بروائعها الشهيرة: سديم المخروط، تجمع شجرة الميلاد، و سديم الوردة، وهي جميعا أهداف للتلسوبات المتوسطة في ليلات حالكة، تجمع شجرة الميلاد سوف يكون أسهل أهدافك في تلك المجموعة، تجمع الوردة سوف تجده في الخط الواصل بين ابط الجوزاء و الشعرى الشامية.
أشهر أهداف كوكبة الثور هي تجمع القلائص Hyades و هو تجمع نجمي مفتوح، والتجمع المفتوح الآخر هو تجمع الثريا Pleiades، و كلاهما يمكن رصده و عد بعض نجومه بالعين المجردة، أما سديم السرطان فهو بقايا مستعر أعظم انفجر قبل ألف سنة، سوف تجده بجانب النجم ايبسلون أعلى قرن الثور السفلي، سوف يكون هدفًا صعبًا لتلسكوب صغير.
يمكن اعتبار كوكبة ممسك الأعنة Auriga هي مركز التجمعات النجمية المفتوحة، حيث تحتوي على ثلاثة من أجرام مسيية الهامة، مسيية 36,37,38، وهي جميعا أهداف سهلة للتلسكوبات الصغيرة والنظارات المعظمة، في كل الأحوال تزخر تلك المنطقة من السماء بالتجمعات المفتوحة، أشهرهم هو تجمع القفير Beehive منطقة كوكبة السرطان
حكايات النجوم
تعددت الأساطير حول الكلب الأكبر، فتصوره البعض كلب الصياد الذي يهرع للإمساك بالفريسة، وأنه هو من ساعده على قتل الثور، وتصور البعض أنه «الكلب ذو الوجه الملتهب» بحكم وجود ألمع نجوم السماء، الشعرى، عند وجهه، وتصور البعض أنه الكلبة الأسطورية ليْلابس التي لا تفشل أبداً في اللحاقِ بفريستها، وكانت هدية زيوس إلى يوروبا مع الرمح «جافيلن» الذي لا يخطئ هدفه أبدًا. يتصور البعض أنه كان هدية أورورا آلهة الفجر لسيفالوس و يقال إن سيفالوس استخدمها في مطاردةِ الذئب الأسطوري الذي لا يمكنُ اللحاقُ به، وبالطبع يمكن لمطاردة كتلك أن تستمر للأبد (كلبة لا تفشل في اللحاق بفريسة ضد ذئب لا يمكن اللحاق به)، لكن زيوس مل من المطاردة فحول كليهما إلى حجارة، ورفعهما إلى السماء، فأصبحا كوكبة الكلب الأكبر والأصغر.