دليل الكتابة (4-8): كيف تحسن من عملية الكتابة
عندما كنت أبحث عن الأشياء التي يجب الاهتمام بها لتحسين الكتابة، وجدت أن هناك بعض الأفكار الأساسية التي لا يجب الاستغناء عنها، والتي تتطور مع الوقت ومع الكتابة الدائمة، وتتمثل في الطلاقة، واستخدام علامات الترقيم.
الطلاقة هي العامل الذي يجعلك قادرًا على صياغة كتابتك في صورة أفضل، وكلما زادت الطلاقة كلما كانت لديك أفكارا أكبر للكتابة، أما استخدام علامات الترقيم فيساعدك في تقديم نص جيد يجعل القارئ قادرًا على قراءة ما جاء فيه بسهولة شديدة، فأفضل النصوص يمكن أن تفشل إذا لم تكن منظمة بالقدر الكافي.
الطلاقة
يمكن أن يتم تقسيم الطلاقة إلى مجموعة من العناصر الرئيسية كالتالي:
1. الطلاقة الفكرية
وهي تتعامل مع مكونات العمل بداية من العنوان وحتى الخاتمة، فكلما زادت الطلاقة الفكرية كلما أصبحنا قادرين على صياغة أكبر عدد من العناوين لأي موضوع محدد، توليد مجموعة من الأفكار لعنوان محدد، كتابة مجموعة متنوعة من المقدمات لنهاية واحدة، أو كتابة مجموعة متنوعة من النهايات لمقدمة واحدة.
2. الطلاقة الترابطية
وهي تتعامل مع الألفاظ والكلمات الموجودة في العمل، فكلما زادت الطلاقة الترابطية كلما أصبحنا قادرين على كتابة أكبر قدر من الكلمات التي تعبر عن لفظ معين أي مترادفاته، كتابة أكبر قدر من الكلمات التي تعبر عن عكس كلمة معينة أي متضاداتها، ذكر أكبر قدر ممكن من الكلمات التي تعبر عن نفس المعنى، تصنيف الكلمات والربط بينها.
3. الطلاقة التعبيرية
وهي تتعامل مع الجمل الموجودة في العمل، فكلما زادت الطلاقة التعبيرية كلما أصبحنا قادرين على كتابة أكبر قدر من الجمل من كلمات قليلة، الربط بين الجمل لتعطي معنى واضح، تحديد الروابط المختلفة بين الجمل.
علامات الترقيم
علامات الترقيم من الوسائل التي تساعد كثيرًا في كتابة أي عمل أدبي، فنحن حين نقرأ عملًا خاليًا من علامات الترقيم يكون هذا أمرًا شاقًا، كأنك تحاول أن تفك شفرات سرية، لا تعرف أين تتوقف أو أين تنتهي الجملة.
توجد في اللغة العربية مجموعة من علامات الترقيم بعض منها كالتالي: الفاصلة، الفاصلة المنقوطة، النقطة، النقطتان المتتاليتان، النقطتان الرأسيتان، الثلاث نقاط المتتاليات، علامة الاستفهام، علامة التأثر، شرطتا الاعتراض، شرطة بداية القول، شرطة الاستئناف، القوسان الهلاليان، قوسا التنصيص.
وعندما تُستخدم علامات الترقيم، فإنه يجب عليك أن تكتبها ملاصقة للكلمة التي تسبقها، فلا يصح أن تضع مسافة بينهما، والصواب أن تكون المسافة فقط مع الكلمة التالية.
الفاصلة «،»
نستخدم الفاصلة في عملية الفصل بين الجمل في الحديث، حيث أنها تشير إلى سكوت من المتكلم قبل أن يتابع حديثه، وكذلك تستخدم في بعض المواضع كأن يتم وضعها بعد النداء.
في بعض الأحيان فإن النقطتين المتتاليتين «..» تؤديان دور الفاصلة في الفصل بين الجمل، وهي علامة مستحدثة في اللغة، فالأساس هو الفاصلة بالطبع.
الفاصلة المنقوطة «؛»
تستخدم الفاصلة المنقوطة بين جملتين، الثانية بينهما سببا للأولى.
مثال: أقرأ في التاريخ؛ بحثًا عن الحقيقة.
والشرط هنا يجب أن يكون متحقق لاستخدام هذه العلامة، فلا يجوز استخدام الفاصلة المنقوطة بين جملة وكلمة، كذلك إن ذكر في الجملة الثانية ما يدل على السبب مثل لام السببية، فهنا لا تحتاج إلى استخدام الفاصلة المنقوطة.
النقطة «.»
تستخدم النقطة للدلالة على انتهاء القول، ويتم وضعها في نهاية الجملة، وتستخدم النقطة إما في نهاية الفقرة أو يمكن استخدامها في نفس الفقرة لكن بين الجمل التي ترتبط معًا، فيعني هذا أن الجملة التالية غير مرتبطة بما قبلها.
النقطتان الرأسيتان «:»
تستخدم النقطتان الرأسيتان لتوضيح بأن ما سيأتي بعدهما هو تفصيل للقول المذكور، كأن يتم استخدامهما بين الكلمة وتعريفها، بين الشيء وأقسامه أو أنواعه.
مثال: سافرت إلى عدة محافظات: إسكندرية، أسوان، القاهرة، أسيوط.
من المهم كذلك عدم استخدام ضمير مع النقطتين الرأسيتين للدلالة على التفصيل، فلو كان المثال كالتالي: سافرت إلى عدة محافظات هي: إسكندرية، أسوان، القاهرة، أسيوط. هنا يعتبر هذا استخدام خاطيء، فإما استخدام الضمير أو النقطتين.
الثلاث نقاط المتتاليات «…»
تستخدم الثلاث نقاط المتتاليات للدلالة على كلام محذوف، سواءً كان السبب مقاطعة أحدهم للحديث، أو رغبة المتحدث في الانتظار ثم متابعة الكلام، أو حتى عدم رغبته في استكمال الحديث لتركه مفتوحًا مثلًا.
علامة الاستفهام «؟»
يتم وضع علامة الاستفهام في نهاية الكلام لتعطي معنى السؤال، والجملة الاستفهامية يمكنك أن تعرفها بسهولة، خصوصًا بوجود أداة استفهام مذكورة في الحديث، أو قد تكون هذه الأداة مقدرة لكن تقديرها يكون سهلًا من خلال الحديث.
علامة التأثر «!»
علامة التأثر هي التي يعرفها الكثير باسم علامة التعجب، لكنها في الواقع تستخدم مع جميع الانفعالات مثل الحزن أو الضيق أو السعادة أو الدعاء، فنضعها في نهاية الجملة أيًا كان التعبير الذي نريد إظهاره، ولا نحتاج إلى وضع نقطة بعد علامة التعجب لأنها تعطي معنى انتهاء الحديث.
الشرطة «-»
تعبر الشرطة عن العديد من الأشياء في الكلام، حسب الموضع الذي جاءت فيه، وحسب طريقة استخدامها.
1. شرطتا الاعتراض: تستخدمان للتعبير عن الجملة الاعتراضية والتي يضيف وجودها إلى الكلام معنى أو معلومة، لكن إن تم حذفها من الكلام فإن هذا لن يؤثر في معناه.
2. شرطة بداية القول: يتم استخدامها في الحوار، للدلالة على المتكلم بدلًا من ذكر اسمه، والذي يمكنك أن تعرفه من خلال سياق الحديث في هذه الحالة.
3. شرطة الاستئناف: تستخدم هذه الشرطة حين يحدث فصل كبير بين متلازمين في اللغة، كالفصل بين المبتدأ والخبر، فتبدأ الجملة بالمبتدأ ويكون هناك بعض الكلام، ثم يتم وضع الشرطة قبل الخبر للتذكير بالمبتدأ وأن الكلمة التالية هي خبره.
القوسان الهلاليان «( )»
يستخدمان في تحقيق أكثر من هدف أثناء الكتابة مثل ذكر الأسماء غير العربية في النص، وكذلك ذكر الأرقام والتواريخ، وذكر أسماء المراجع والمصادر.
يمكن أيضًا استخدامهما في التفسير وتوضيح شيء مبهم، قد لا يكون له علاقة بمضمون الكلام المذكور أو قد يكون، لكن الأساس هو أن هذا الكلام يمحي إبهام ما قبله، والفارق بينهما وبين شرطتي الاعتراض أنه في حالة شرطتي الاعتراض فإن الكلام المذكور بينهما لا يوضح ما قبله ولا علاقة له بمضمون الكلام.
قوسا التنصيص « »
يستخدمان غالبًا في نقل نص آخر إلى النص الحالي، مثل نقل آيات من القرآن أو أحاديث أو مقولات لبعض الأفراد، ومن ثم إضافتها إلى النص الموجود، فيفهم القارئ أن هذا الكلام لا علاقة له بالكاتب.
تدريب المقال
فكرة التدريب: هو نشاط أو مجموعة من الأنشطة التي يؤديها الشخص عندما ينتهي من قراءة المقال، وهي مبنية على رغبة الشخص في التعلم، لذلك فإنه يؤدي النشاط بمفرده في المنزل ليتأكد من فهم المقال بالشكل الصحيح.
في هذا المقال نستعرض مجموعة من التدريبات المختلفة التي يمكن تنفيذها.
1. قم باختيار عدد معين من المقالات واقرأ هذه المقالات جيدًا، ثم ضع لها عناوين مختلفة عن العنوان الأساسي.
2. قم باختيار عدد معين من المقالات واقرأ عناوين هذه المقالات جيدًا دون أن تقرأ محتوى المقال، ثم ضع أفكارًا مختلفة يمكن الكتابة حولها طبقًا لكل عنوان.
3. المقالات التي قرأتها في النشاط الأول يمكن الاستفادة منها في هذا النشاط، كل ما عليك فعله هو أن تقسمها إلى جزئين، الجزء الأول تقوم بكتابة مقدمة جديدة له، والجزء الثاني تقوم بكتابة خاتمة جديدة له.
4. قم بكتابة فقرة تتكون من 6 – 10 جمل بدون أن تستخدم أي كلمة أكثر من مرة، والجملة تتكون مثلًا من 5 – 8 كلمات، ويستثنى من هذا الضمائر وحروف الجر، لكن لو أمكنك ألا تكثر من استخدام ضمير بعينه أو حرف جر واحد فإن هذا سيكون أمرًا جيدًا في النشاط.
5. قم باختيار 20 كلمة، وبعد ذلك ابدأ في كتابة أكبر عدد من الجمل المترابطة بالاعتماد على الكلمات التي اخترتها لنفسك فقط، ويستثنى من هذا الضمائر وحروف الجر، لكن لو أمكنك أن تحدد لنفسك أقل عدد من الضمائر وحروف الجر لتستخدمها، فإن هذا سيكون أمرًا جيدًا في النشاط.
الغرض من التدريبات الثلاثة الأولى تطبيق فكرة الطلاقة الفكرية، والتدريب الرابع تطبيق فكرة الطلاقة الترابطية لمساعدتك على استعمال مرادفات للكلمة بدلًا من تكرارها، والتدريب الخامس تطبيق فكرة الطلاقة التعبيرية لمساعدتك على كتابة جمل من خلال عدد قليل من الكلمات، وفي هذه التدريبات الخمسة يتم استخدام علامات الترقيم المناسبة.
تحدثنا في هذا المقال عن آخر جزء من المقالات العامة في الكتابة، وهو كيف يمكن تحسين عملية الكتابة سواء من خلال الطلاقة أو علامات الترقيم، وفي المقال القادم نستعرض مجموعة من الفيديوهات التي تم عرضها في tedx ويمكن أن تفيد جميع الكتّاب في رحلتهم مع الكتابة، نلتقي على خير إن شاء الله.
