هل لو وافق بوفون على هذا العرض لكان بطلًا لدوري الأبطال؟
ما الذي يجب أن نستنتجه من فوز ريال مدريد بنهائي دوري أبطال أوروبا على يوفينتوس برباعية مقابل هدف ووصوله إلى البطولة الثانية عشرة؟ أن فرانكو لم يكن ديكتاتورًا، ولكن ريال مدريد هو المُهيمن على كل شيء دائمًا لأنه تاريخ وليس مُجرد حقبة، ولأنه يملك أيضًا حفنة من الأساطير مختلفي الأدوار، سواء كانوا لاعبين أو مدربين، والمتمثلين حاليًا في رونالدو الذي يعتبر الوحيد في هذا العصر الذي له ثلاثة آذان لسماع أغنيته وأغنية البطولة بعد أن سجل في نهائي الشامبيونزليج في ثلاث مباريات، وكذلك زيدان الذي أصبح أول مدرب يفوز بدوري الأبطال مرتين متتاليتين منذ نسخة ميلان «ساكي»، وبالقطع لم يعد دوريشًا، بمعنى المدرب الذي يملك القليل من القدرات التدريبية والكثير من الحظ، لأنه لسوء الحظ لم يعد هناك فرصة لمثل تلك الادعاءات الباهتة، سواء بالإحصائيات أو ببعض الجمل الفلسفية التي لا معنى لها.
الاقتناع بذلك يبدو غبيًا، وإلا لظل الوضع كما هو عليه منذ بداية الخليقة، وكان العالم عبارة فقط عن قطبين كبيرين ليسا الشمالي والجنوبي، ولكن السلبي والإيجابي، بما أن الفوز هو الأكثر وضوحًا كالعادة، فمن المؤكد كذلك أن هناك بعض الأسباب التي ربما تجعل تلك اللعنة أكثر بُهتانًا وأقرب لكونها صدمة قديمة أصابت شخصًا جديدًا ربما، إذا لم تتحقق المعجزة وتأهل بوفون لنهائي دروي أبطال أوروبا مرة أخرى، السؤال هو لماذا لم يحقق بوفون هذا اللقب حتى الآن؟
النهاية؟ ليست الوقت الذي يدعو للتفاؤل
هل لأن النهايات هي نقطة ضعف كل مسيرة عظيمة؟ أم لأنه من شبه المستحيل أن يفوز أي شخص بكل شيء عن جدارة؟ أيهما أقرب لوصف الخاتمة السيئة أو غير المُرضية لبعض اللاعبين أو حتى المدربين بالرغم من أن مسيرتهم كانت تنبئ بأن المزيد قادم، وقادم لهم فقط، وأن الاحتكار كان يجب أن يكون خاصية يمتازوا بها عن غيرهم، ولكنها للأسف ولأنه واقع وليس مُجرد سينما فلا داعي للتأليف.
من بين اللاعبين هل يستحق شفاينشتايجر تلك المعاملة في مانشستر يونايتد؟ ذلك الهروب الاضطراري إلى أمريكا، الاحتفاء بهدف يسجله في أول مشاركة وكأنها دلالة «غير مطلوبة أساسًا» على أنه لاعب كبير، ومن ثم عدم ذكر اسمه حتى يُصرح بأنه سيعتزل غدًا أو بعد غد، ومن الذي ترك كاسياس يبكي وحيدًا في قاعة المؤتمرات ليعلن رحيله بتلك الطريقة المأساوية؟ إذا كان الوداع نفسه كارثيًّا فلك أن تتخيل ما هو أكثر وجعًا منه، وهو أن لا تجد من يبكي أمامك حتى لأنه سيفتقدك، لامبارد لم يكن يتمنى إطلاقًا أن ينهي مسيرته في فريق آخر غير تشيلسي، ولكنه رحل بطريقة يراها غير لائقة، فقط لأنه أراد أن يواصل، هل هذا هو مصير بيرلو في النهاية؟ أن يذهب إلى أمريكا ويجعلهم يشاهدون كرة قدم حقيقية في الملعب بدلًا من التلفاز ويرفع أحد جمهور المنافسين لافتة بأنه عجوز؟ وكيف ستكون نهاية روني؟ في مكان آخر مُحزن! وليكن الصين!
وماذا عن ظاهرة مثل رونالدو والإصابات؟ ورونالدينهو الذي منعته مزاجيته من أن يكون ساحرًا عجوزًا لديه بلورته التي يرى فيها كل العالم بعينيه في أي مكان يقف فيه على عشب أخضر، وكم من آه كانت ستطلقها الحناجر إذا انتقل إلى مانشستر يونايتد وعمل تحت قيادة مدرب مثل فيرجسون، كان سيجعل شخصيته وعقليته أفضل، ولكن حتى المدربين الكبار لم يسلموا من ذلك الرحيل بخفي حنين، وكأنهم لم يحققوا شيئًا، مثل فان جال وكم الضغوطات الرهيبة التي تعرض لها في موسمه الأخير مع مانشستر يونايتد، مما جعله يصرح بأن كأس الاتحاد هو أغلى إنجاز له! وهل هذا يليق بطريقه المُرصع؟ لك أن تتخيل أيضًا أن أعظم مدرب بريطاني وهو كلوف في آخر موسم له هبط بالعريق «نوتينجهام فوريست» إلى الدرجة الثانية، وفي آخر الأيام بشكل عام كان يعاني من مشاكل كبيرة بسبب إدمانه للكحوليات، وفي بعض الأحيان كان يتشابك بالأيدي مع الجماهير، وحتى زيدان من قبل أن يكون مدربًا رائعًا هكذا، كيف انتهت مسيرته؟ بنطحة ماتيرازي!
لذا هذا ليس غريبًا يا بوفون أن يكون كل شخص عظيم منحوسًا، وفي الوقت الذي يجب أن يكون قد نضج فيه للغاية وبات منطقيًا ومتوقعًا أن يجد ما يريده وكأنه مكافأة، أن يبكي كالمراهقين!
لكل ضحية دوبلير!
ليس البطل فقط هو من يكون له «دوبلير» ليقوم بتأدية الأدوار الخطيرة، ولكن حتى الضحايا كذلك لهم دوبلير أيضًا، وهو تحديدًا من يتم نسبة إما كل النجاح أو الفشل له، وكأنه السبب الوحيد لذلك، بقدر التعاطف مع شخص واحد فقط، ولكنه يجب ألا يتحمل المسئولية كاملة؛ لأن فريق كرة القدم ليس عبارة عن 11 لاعبًا فقط، ولكن هناك مدربين ومنافسين ربما يكونون أقوياء، هناك تاريخ وأشياء لم تتغير منذ زمن، لماذا حان دورها أن تتغير الآن من أجل شخص؟ قد يستحق؟ ولكن يبدو أن التعاطف كان يجب أن يكون مع الجميع بالتساوي لتكون الفرصة في الفوز أكبر ربما.
بمناسبة مرور 125 عامًا على تأسيس نادي ليفربول اليوم كتب كاراجير تغريدة على تويتر ليحتفي بفريقه السابق والأوحد، ولكن جاري نيفيل لم يتركه كعادته وعلَّق عليها بأن النادي كان بخير طيلة مائة عام حتى لعب كاراجير للنادي، وهذا ليس تضامنًا مع جاري وإسقاطًا يفيد بأن كاراجير هو السبب في عدم فوز ليفربول بالدروي منذ أكثر من 25 عامًا، من المستحيل أن يكون لاعب واحد هو السبب في ذلك! فهو نقطة كبيرة سوداء في تاريخ ليفربول، لا علاقة لها أيضًا بأن جيرارد هو السبب الأكبر في ضياع الدوري منذ ثلاثة أعوام، لأن هذا ليس حقيقيًّا، خاصة أن ستيفي كان أحد أكبر أسباب ليفربول للعودة من المنافسة، وفي المقابل لم يكن سواريز وحده هو من يفعل كل شيء.
كذلك هو الحال بالنسبة لبوفون، خسارة ثلاث نهائيات صعبة جدًا، ولكن كما أن الريال هو الأفضل في النهائيات، فاليوفي هو الأسوأ، حيث خسر سبعة نهائيات، ومنها خمسة نهائيات متتالية، هل هذا له علاقة بتاريخ الفريق؟ والذي لا يستطيع أحد أن يجزم هل سيتغير أو متى سيحدث ذلك؟ أم له علاقة بأن هناك أمورًا يبدو في الوقت الراهن أنها من الصعب أن تتغير، مثل فوز جريزمان ببطولة قارية مع المنتخب أو النادي، أو مثل دوري الأبطال نفسه وسيميوني أو ميسي ولقب ما مع منتخب الأرجنتين!
بالنسبة لبوفون وجيرارد وغيرهما، القصة لا تتجزأ، ورغمًا عنهما كانا فصلًا مهمًا، ولكن لرواية لها النهاية نفسها، ليس لعدم قدرتهما على التأثير والتغيير في الأحداث، ولكن لأن بعض الأشياء لا تتغير.
عندما يصبح جزاء الوفي هو خيانته
إحدى الأشياء التي لم تتغير حتى الآن ولها عامل مشترك واضح بعيدًا عن سنوات النادي الضائعة، هي النهاية السيئة لأسطورة وفية لناديها، ما تفسيرها؟ هل هي آفة نفسية لهذا الزمن؟ وكأنه من غير الطبيعي أن يتغلب الخير على الشر أو ما يشبه تلك الصراعات فقط لمجرد أنها تدور في زمن فانٍ! فبات المبدأ هو أن تُعاقب كلما حاولت المساعدة، أن تعاني من كابوس لم يكن على البال لأنك كنت حلم هذه أو تلك الجماهير التي لطالما تمنت أن تكون طوق النجاة، وبمجرد أن ارتفعت قليلًا عن سطح المياه اصطدمت بجبل جليدي، تمامًا مثل تيتانك في رومانسيته المؤلمة.
بالنسبة لملك روما فرانشيسكو توتي فقد كان الأكثر وفاءً في الظروف الأصعب، ويكفي أن جماهير النادي تقول إن توتي هو روما بكل جوارحها، هو وحده الأمل، الانكسار ومصدر التفاؤل إذا ما ابتسم، أو الإحباط إذا التقطته إحدى الكاميرات وهو بائس النظرة إلى وضع فريقه في مباراة ما، ظل هكذا طيلة أربعة وعشرين عامًا مع الفريق ولكن المحصلة لم تكن سوى خمس بطولات، المؤسف ليس دموع جماهير روما، ولكن بعض اللقطات في الموسم الأخير، ومنها دخوله كبديل في الوقت بدل الضائع ضد يوفينتوس وخروجه مباشرة عقب صافرة النهاية دون أن يحتفل مع زملائه بالفوز على منافسهم على اللقب والمكروه الأكبر في إيطاليا.
الوضع بالنسبة لستيفن جيرارد لم يكن أفضل كثيرًا، المحصلة كانت تسعة ألقاب في غضون 17 موسمًا له بالتمام والكمال مع الريدز، ولكن الشيء الذي لن يُنسى في مواسمه الأخيرة سقطته أمام ديمبا با ليس لدرجة حرمانه من ميدالية البريميرليج، ولكنها جعلت جماهير مانشستر يونايتد، تشيلسي، وحتى مانشستر سيتي، تهتف ضده وكأنه لاعب فاشل، أو كان دائمًا وصمة عار على ناديه! وسخرت منه كلما واجهته في الموسم الذي تلاه، ناهيك عن خسارة في آخر مباراة على أنفيلد أمام كريستال بالاس، وسداسية أمام ستوك سيتي في الملعب الذي هبت فيه كل رياح الحظ السيئ الذي يعانيه جيرارد بسبب استمراره في أنفيلد كل هذه المدة.
أما بوفون فلا أعلم ما هو التعبير الدقيق لما يحدث معه؟ من السيريا بي إلى الإيمان بالفوز بكل شيء، ولكن لازال دوري الأبطال ينقصه، لا أعلم إذا ما كان محظوظًا لأن كونتي نجح في إعادة بناء الفريق مجددًا، ومن ثم السيطرة المحلية على كل الألقاب مؤخرًا، أم منحوسًا لأنه عانى من المشكلة نفسها التي تؤرقه، وهي خسارة دوري أبطال أوروبا في الرمق الأخير، على بعد خطوة واحدة وجد مسدسه فارغًا فتلقى هو الضربة، وضربتان في الرأس تؤلمان فماذا عن ثلاث ضربات!
الطريف أن هذا الثلاثي تحديدًا رفض عروضًا من ريال مدريد، الذي تُوج بالثانية عشرة يوم أمس، من بين 12 بطولة للمسابقة الأكثر جاذبيًة، ألا يتوقع أحد أن هذا الثلاثي في حال موافقتهم على تلك العروض أن يزيد العدد إلى 15 بطولة على الأقل في وجودهم في بعض السنوات العجاف؟! هذه البطولة غابت عن توتي أيضًا، وكانت لتصبح رصيدًا آخر مهمًا لجيرارد بسبب ضياع الدوري.