في يوم المرأة: تعرَّف إلى وضع المرأة العربية العاملة
بالرغم من التقدم الملحوظ الذي شهدته أسواق العمل خلال العقود الأخيرة في جميع أنحاء العالم، فإن العالم لا يزال يعاني من فجوة بين الجنسين في سوق العمل.
تبدو الفجوة بصورة أكثر وضوحًا في البلدان العربية، فبينما تنخرط المرأة بشكل كبير في الأعمال غير مدفوعة الأجر على عكس الرجل، وتتحمل في كثير من الأحيان مسؤوليات المعيشة والأبناء بمفردها.
في يوم عيدها الذي يصادف يوم 8 مارس/آذار من كل عام، نُلقي نظرة على وضع المرأة العربية العاملة، وما تعاني منه من تمييز ضدها في الأجور والفرص، وحال النساء المسؤولات عن إعالة أسرهن في ظل عدم قدرة بلدانهن على دعمهن ماديًّا.
الفجوة بين الجنسين: في الأجور والفرص
احتلت المنطقة العربية المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2017، وعند مقارنة النسب مع تقرير المؤشر لعام 2006، لوحظ تحسن في مؤشر التحصيل التعليمي الفرعي لكن التحسن كان أقل درجة في مؤشرات المشاركة الاقتصادية والفرص والتمكين السياسي.
ووفقًا للمؤشر، فإن النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشاركن في القوى العاملة بنسبة 20.5%. بينما يعمل 33% من النساء وفق ما تشير إليه التقديرات، في وظائف ضعيفة مقارنة بـ 23% من الرجال ممن يقبلون العمل في تلك الوظائف. كما لوحظ تمثيل المرأة المتزايد في المهن ذات الأجور المنخفضة، وتقلد عدد قليل جدًّا منهن المناصب العليا في المنطقة.
ولعل الفجوة بين الجنسين في المنطقة العربية في مجال العمل عمومًا تُعزى إلى عدة عوامل، على رأسها تركز جهود الكثير من النساء في العمل غير المعترف به في مجال الرعاية غير مدفوعة الأجر والأعمال المنزلية.
إضافة إلى ظروف العمل السيئة بما في ذلك من انخفاض الأجور، فوفقًا لاستنتاجات منظمة العمل الدولية، فإن أجر المرأة يقل بنسبة 20% عن أجر الرجل، كمتوسط عالمي.
فضلاً عن عدم قدرة النساء على الوصول إلى فرص عمل لائقة، ففي عام 2018 وفقًا للتقرير، كانت النساء أكثر عرضة للعمل في مهن منخفضة المهارة ومواجهة ظروف عمل أسوأ من الرجال.
الصراع بين الأعمال المنزلية وتحقيق الذات
يعد الصراع بين عمل المرأة داخل المنزل وخارجه أحد أهم أسباب عدم المساواة بين الجنسين، فالمسؤوليات الأسرية تضعف أداء عمل المرأة خارج المنزل بدلًا من أن يعزز كل منهما الآخر.
فعندما تضطر المرأة لقضاء المزيد من الوقت في أداء المهام والأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر، فإنه لا يكون لديها في كثير من الأحيان الوقت الكافي للدراسة والتطوير الأكاديمي أو العمل خارج المنزل. ومع زيادة عدد النساء اللواتي يضطررن إلى القبول بوظائف أكثر مرونة كي تتناسب مع ظروفهن الأسرية، يخسر الناتج المحلي الإجمالي لدولهن الكثير.
بيد أن التحليل الاقتصادي دائمًا ما يركز على حساب مكاسب الإنتاجية من زيادة مشاركة الإناث في القوى العاملة، إلا أنه غالبًا ما يفشل في حساب القيمة الاقتصادية للعمل غير مدفوع الأجر، والذي يتمثل جزء كبير منه في تقديم الرعاية لأسرهن وقيامهن بالأعمال المنزلية.
مشاركة المرأة العربية في سوق العمل
وفقًا لبيانات منظمة العمل الدولية، فإنه في عام 2017، لم تزد مشاركة المرأة العربية في سوق العمل عن 18.9% من إجمالي الإناث في سن العمل، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي بلغ 48.7% في العام نفسه.
جدير بالذكر، أن تلك الزيادة تبدو زيادة طفيفة جدًّا عند مقارنتها بنسبة مساهمة المرأة العربية في سوق العمل في عام 2000 بنحو 17.4%.
ووفقًا لمنظمة العمل الدولية، فإنه تم تسجيل أعلى مستويات لمشاركة المرأة في القوة العاملة في كل من دولة قطر بنسبة 58.1%، وجيبوتي بنسبة 49.5%، ثم الكويت بنحو 47.4%، تليها البحرين بنسبة 44%، ثم الإمارات بنسبة 40.9%.
بينما تجاوز معدل بطالة المرأة على مستوى الدول العربية، المعدل العالمي في 16 دولة عربية، إذ شكل ذلك المعدل نحو 16.7% في عام 2017 وهو بمثابة ثلاثة أضعاف معدل بطالة المرأة المسجل على مستوى العالم البالغ نحو 6% في نفس العام.
وقد سجلت سوريا أعلى المعدلات في بطالة المرأة بين الدول العربية بنسبة 41.3%، تليها عُمان بنسبة 31.5%، ثم الأردن بنسبة 25%، ومصر بنسبة 24.7%، واليمن وليبيا بنسبة 27.2%.
فبينما شهدت معدلات بطالة المرأة تراجعًا خلال الفترة من 2000 إلى 2017 في معظم الأقاليم الجغرافية، ارتفع معدل بطالة المرأة في الدول العربية خلال الفترة نفسها من 12.8 % عام 2000 إلى 16.7 في المائة في عام 2017.[1]
أين يتركز عمل النساء؟
وفقًا لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية، فإن النساء يواجهن فجوات كبيرة في جودة المهن التي يزاولنها، إذ يعمل أغلبهن في القطاع غير المنظم.
وقطاعيًّا، تتركز مساهمة المرأة العربية في سوق العمل في قطاع الخدمات، إذ ترتفع نسبة المشاركات في قوة العمل في ذلك القطاع لتشكل حوالي 78.2% من إجمالي النساء المشتغلات في الدول العربية.
بينما لا تمثل العاملات في قطاع الصناعة سوى 6.1% من العاملات النساء، فيما ترتفع نسبة المشاركات في قطاع الزراعة نسبيًّا بنحو 15.8% من إجمالي العاملات العربيات.
يبرز ارتفاع مشاركة النساء الخليجيات في قطاع الخدمات في سبع دول عربية إلى ما يتجاوز 90% من مجمل النساء المشاركات في سوق العمل فيها.
تأتي السعودية على رأس تلك الدول بنسبة 97.8%، تليها الكويت بنسبة 95.2%، ثم الإمارات وقطر بنسبة 93.2% لكل منهما، ثم عُمان بنسبة 92.9% والبحرين بنسبة 91.1%، وأخيرًا لبنان بنسبة 91.8%.
لعل ذلك يجد ما يبرره، فقطاع الخدمات لا يتطلب مجهودًا بدنيًّا كبيرًا مقارنة بالعمل في قطاع الصناعة أو الزراعة، خاصة في دول الخليج التي تفرض على المرأة قيودًا فيما يخص الأعمال التي تضطر فيها المرأة للاختلاط بالرجال والعمل لأوقات متأخرة.
في المقابل، ترتفع نسبة النساء المشاركات في قوة العمل في قطاع الصناعة بشكل واضح في ثلاث دول عربية، وهي الجزائر بنسبة تبلغ 55.8%، تليها تونس بنسبة 39% ثم جيبوتي بنسبة 37.2% من إجمالي قوة العمل من النساء.
بينما تبرز مشاركة مشاركة المرأة في قطاع الزراعة، في كل من موريتانيا بنسبة 84.1%، واليمن بنسبة 65.6% والمغرب بنسبة 57% والسودان بنسبة 46.3%. [2]
النساء المعيلات لأسرهن
تصبح المرأة معيلة لنفسها أو لأسرتها حين تتحمل وحدها مسؤولية رعاية شؤونها وشؤون عائلتها ماديًّا، دون مساعدة من أب أو أخ أو زوج، وهذا يدخل ضمن شرائح عدة كالمطلقات والأرامل إذا كن متزوجات أو من تضطر لإعالة نفسها في حال فقدت المسؤول عن إعالتها أبًا وأخًا.
وتتنشر ظاهرة إعالة النساء لأسرهن في كل من دول العالم المتقدم والنامي، فوفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة، فإن نسبة النساء المعيلات لأسرهن فى العالم كله تبلغ 42.9% من أسر العالم.
أما على مستوى الدول العربية، فوفقًا لنتائج تعداد مصر لعام 2017، فإن عدد الأسر التي تتولى النساء إعالتها نحو 3.3 مليون أسرة أي ما يعادل 30% من الأسر.
وبحسب إحصائية صادرة عن مركز المعلومات في مارس/آذار 2019، فإن 87.9% من النساء المعيلات في مصر هن من الأرامل، وأن 58.3% من هؤلاء المعيلات أميات، وأن المشتغلات منهن تبلغ نسبتهن 89.9%.
وفي المغرب، تصل نسبة الأسر التي تعولها النساء إلى 11%، بينما في كل من اليمن والسودان تبلغ نسبة تلك الأسر نحو 22.6%. وتمثل تلك الأسر في لبنان نسبة 30%. وحوالى 10.6% من الأسر الفلسطينية تعيلها نساء في عام 2017، بنحو 11.2% في الضفة الغربية و9.5% في قطاع غزة.
الأمر الذي يثقل كاهل المرأة بكثير من الأعمال داخل المنزل وخارجه. فبينما لا تحتاج كثير من ربات البيوت للعمل خارج المنزل لوجود المعيل، تعاني الملايين من النساء من مسؤولية إعالة أسرهن مما يجعلهن يقبلن بأقل مما يستحققن وفي وظائف غير مناسبة.
- هبة عبد المنعم&سفيان معلول، محددات مشاركة المرأة في القوى العاملة العربية، صندوق النقد العربي، دراسات اقتصادية، العدد48، 2018، ص19
- المرجع السابق، ص19-20