المرأة والأدب: 8 روائيات مصريات أثرين الحياة الأدبية
يبرز صوت المرأة في الإبداع العربي بشكل عام وفي السرد بشكل خاص، وﻻ شك أن الروائيات يملكن القدرة على التعبير عن المجتمع والعالم من حولهن بشكلٍ فريد وخاص. وتحمل المرأة المصرية المبدعة على عاتقها مهمة كبيرة تبدأ في التعبير عن المرأة والقدرة على تقديم مشكلاتها والتعبير عن قضاياها بشكل أساس من جهة، ثم التعبير عن وجهة نظرها الخاصة للعالم والإنسان ودور كل من النساء والرجال في الحياة من جهةٍ أخرى، ولا شك أنه بين هذا وذاك تدور عوالم الكثير من الروائيات سواء في مصر أو العالم. هنا إطلالة على بعض إسهام أبرز الروائيات المصريات بشكلٍ خاص وما قدمنه في الرواية العربية.
1. رضوى عاشور
تبقى رضوى عاشور حاضرةً في الأذهان دومًا إذا تحدثنا عن الأدب المصري بشكل عام وعن الرواية بشكل خاص، فقد استطاعت عبر مسيرتها الأدبية أن ترسّخ نفسها كأحد أهم الأسماء الروائية العربية، واستطاعت عبر تنوع رواياتها أن تقدم رؤية بانورامية للعالم من وجهة نظرها الخاصة، كما انتقلت في التجارب الروائية بين التاريخ والواقع. من أشهر أعمالها «ثلاثية غرناطة» التي تناولت فيها تاريخ المسلمين في الأندلس، وكانت آخر رواياتها «الطنطورية» الصادرة عام 2011 التي عرضت فيها جانبًا من تاريخ فلسطين منذ الاحتلال الإسرائيلي حتى وقت كتابة الرواية. حصلت على أكثر من جائزة على إنتاجها الأدبي؛ منها جائزة كفافيس للأدب عام 2007، وجائزة سلطان العويس للرواية عام 2012.
اقرأ أيضًا: «رضوى عاشور»: مريمة وشمس وأخريات
ومن المعروف أن رضوى عاشور روائية وأستاذة جامعية، درّست النقد الإنجليزي في آداب القاهرة وكتبت عددًا من الدراسات الهامة في النقد التطبيقي، كما كان لها مشاركات في اللجان الوطنية والشعبية لمقاومة الاحتلال الصهيوني في مصر، لا سيما وأن زوجها هو الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي. كتبت عن الثورة المصرية وكيف أثرت وتأثرت بها في كتابيها «أثقل من رضوى» و«الصرخة». أثّرت رضوى عاشور بكتابتها ونشاطها ومشاركاتها الميدانية في أجيال كثيرة من الشباب والقراء، ورغم وفاتها منذ أربعة أعوام إلا أن أثرها لا يزال حاضرًا وباقيًا بما تركته من أعمال ستبقى خالدة في الأدب العربي.
2. سلوى بكر
روائية وناقدة مصرية، كتبت عددًا من الأعمال الروائية والقصصية البارزة، تجمع في عالمها الروائي بين الرواية التاريخية التي تكشف فيها عن فترة هامة منسية من التاريخ المصري تحديدًا، وبين حكايات عن نساء مقموعات مقهورات، مثلما فعلت في روايتها «العربة الذهبية لا تصعد للسماء» التي تناولت فيها عالم سجن النساء وما يتعرضن له من مشكلات.
تعد رواية «البشموري» أشهر أعمالها والتي تتناول جزءًا مجهولاً من تاريخ مصر أيام الحكم الإسلامي وثورة «البشارمة» وهم الفلاحون القبط ضد الخليفة المأمون وكيف قضى عليهم تمامًا. كذلك كتبت «كوكو سودان كباشي» التي تناولت فيها فترة مجهولة أيضًا من تاريخ مصر والسودان حينما شارك شعب البلدين في حربٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل وهي «الحرب الأهلية المكسيكية» وكيف مات من مات منهم هناك دون أن يتذكرهم أحد!
وهكذا، في هذه الروايات وغيرها، يبدو اهتمام «سلوى بكر» منصبًا على الكشف عن جوانب خفية من التاريخ المصري والبحث عن جذور الشخصية المصرية في أبعادها المختلفة، والسعي لتوضيح خصوصية الهوية المصرية، وهو ما يبرز بشكل واضح في آخر رواياتها «شوق المستهام» الصادرة عام 2016.
3. عزة رشاد
طبيبة وروائية مصرية، عرفت في الوسط الأدبي بروايتها الأولى «ذاكرة التيه» التي نشرت عام 2003 وحالفها الحظ أن صدرت في مكتبة الأسرة عام 2007 لتنتشر انتشارًا أكبر. دارت عوالم روايتها حول تجربة خاصة لبطلتها التي تبحث عن ذاتها بين تجارب الحياة المختلفة، واتسمت هذه الرواية بشكل خاص بكثيرٍ من الصدق والشفافية والغوص في داخل شخصية بطلتها وحالتها النفسية، وأجادت التعبير عنها بشكل كبير ومؤثر.
اقرأ أيضًا: «حائط غاندي»: نصوص قصصية في ثوب روائي
كتبت بعد ذلك عددًا من المجموعات القصصيّة منها «أحب نورا أكره نورهان»، ثم «نصف ضوء» 2010، ودارت بين عوالم نساء القرية والمدينة وكيف تختلف كل واحدةٍ منهن في أفكارها ومواقف حياتها. ثم أصدرت روايتها الثانية الهامة جدًا «شجرة اللبخ» عام 2014 والتي تناولت فيها القرية المصرية وعالمها شديد الخصوصية، وانتقلت إلى وصف عددٍ مختلف من الشخصيات التي تحيط بذلك العالم ويحكمونه ويتحكمون فيه، بلغةٍ خاصة ورسم دقيق لشخصيات العمل على اختلاف مستوياتهم. أصدرت مؤخرًا مجموعتها القصصية «حائط غاندي» في العام الماضي، والتي وصلت للقائمة الطويلة في جائزة الملتقى للقصة القصيرة، وفيها تغيرت عوالمها قليلاً وابتعدت لتعبّر أكثر عن الإنسان بشكلٍ عام، وإن بقي لأسلوبها تميزه وفرادته.
4. سحر الموجي
ناقدة وأستاذة للأدب الإنجليزي بآداب القاهرة، حصلت روايتها الأولى «دارية» على جائزة أندية الفتيات بالشارقة، ودارت عوالمها حول المرأة المصرية العاملة وما تتعرض له في المجتمع من صعوبات وتحديات. أسست عام 2009 بالتعاون مع عدد من الكاتبات والأكاديميات مجموعة «أنا الحكاية» التي تهتم بقضايا المرأة بشكل عام وتسعى لتغيير الصورة السائدة عنها في المجتمع، وتسعى لتشجيع الفتيات والنساء على التعبير عن أنفسهن بشتى الطرق.
حازت روايتها الثانية «نون» على جائزة كفافيس العالمية عام 2007، كما حازت على قراءات واسعة واستحسان كبير للنقاد والقراء بمختلف مستوياتهم، بل وغدت تلك الرواية إحدى أيقونات الكتابة النسائية الروائية بشكل خاص. كتبت سحر الموجي القصة القصيرة أيضًا في مجموعات «آلهة صغيرة»، و«سيدة المنام». صدر لها مؤخرًا رواية «مسك التل» وفيها تنتقل بين الزمان والمكان وتسعى للجمع بين الشخصيات المتخيلة في روايات محفوظ وبرونتي وبين بطلة روايتها في محاولة لرسم صورة عامة لتغيرات وتحولات المرأة المصرية في سنواتها الأخيرة.
5. ميرال الطحاوي
روائية وأكاديمية أيضًا، حصلت على الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة القاهرة. لفتت الأنظار إليها بقوة منذ مجموعتها الأولى «ريم البراري المستحيلة»، ثم روايتها «الخباء» الصادرة عام 1996 والتي حازت عنها على جائزة الدولة التشجيعية في الرواية.
تميزت ميرال الطحاوي بلغتها الخاصة جدًا التي تصف عالم الصحراء والبادية الذي نشأت فيه واستطاعت أن تصوّر بكل دقة حياة المرأة هناك وكيف تسعى لفرض وجودها فيه، ولعلها الوحيدة التي تناولت هذا العالم بدقة وتفصيل. كتبت أيضًا «الباذنجانة الزرقاء» عام 1998، ثم انتقلت إلى عالم المرأة المغتربة وحياتها في أمريكا حينما انتقلت هي للعمل هناك كأستاذة للأدب العربي في جامعة أريزونا، فكتبت «بروكلين هايتس» التي نالت عنها جائزة نجيب محفوظ عام 2010، كما وصلت للقائمة القصيرة في جائزة بوكر العربية عام 2011.
6. منصورة عز الدين
روائية وقاصّة وصحفية مصرية، تعمل مديرة للتحرير في جريدة «أخبار الأدب». ذاع صيتها بعد روايتها «متاهة مريم» عام 2004 التي استطاعت أن تبني من خلالها عالمها الخاص والذي تمزج فيه باقتدار بن الواقعي والأسطوري، وانطلقت منها لروايات أخرى سارت على نفس الطريق غير المألوف، والاعتماد على التجريب في كل عملٍ سواء كان قصة قصيرة أو رواية، وعلى استنطاق الموروث السردي من «ألف ليلة وليلة» مثلاً كما فعلت في رواية «جبل الزمرد» وغيرها. كل ذلك وهي تقدم في النهاية الكتابة السردية الخاصة بها والمهمومة بالإنسان بشكلٍ عام، حتى وإن كان أبطال رواياتها من النساء.
وصلت روايتها «ما وراء الفردوس» إلى القائمة القصيرة في جائزة البوكر العربية عام 2010 وترجمت عددًا من أعمالها إلى اللغات الإنجليزية والألمانية والإيطالية وغيرها. صدر لها مؤخرًا مجموعة قصصية بعنوان «مأوى الغياب» وصلت للقائمة القصيرة في جائزة الملتقى لهذا العام.
7. شيرين هنائي
في كلية الفنون الجميلة تخرجت «شيرين هنائي»، ومن عالم الجرافيك والرسوم المتحركة انتقلت إلى عالم الكتابة، وبدأت كتابتها للروايات التي تجمع بين الخيال العلمي والفانتازيا متأثرة في ذلك بالعراب «أحمد خالد توفيق» الذي كان داعمًا لها ولكتابتها.
حققت روايتها الأولى «نيكروفيليا» التي نشرتها عام 2011 نجاحًا ملحوظًا، ولفتت الأنظار إليها بعد ذلك بروايات تسعى جاهدة للاختلاف وخلق عالم خاص بها، فقد عادت للتاريخ وإن كان بشكلٍ رمزي لتكتب «طغراء»، كما كتبت روايات يدخل فيها الخيال العلمي مثلما فعلت في «أسفار النهايات» وغيرها من أعمال. تركز «شيرين هنائي» في كتابتها بشكلٍ عام على الغموض والتشويق وربما لهذا تتصدر رواياتها قوائم الأكثر مبيعًا، وتنجح في جذب عدد كبير من القراء الشباب بشكل خاص.
8. نهلة كرم
حاصلة على بكالوريوس الإعلام عام 2010. تعد أوفر بنات جيلها حظًا، فمنذ أصدرت مجموعتها الأولى «أن تكون معلقًا في الهواء» عام 2013 لفتت إليها الأنظار، ووصلت للقائمة القصيرة في جائزة ساويرس للأدب عام 2014. بعد ذلك أصدرت روايتها الأولى «فراش فرويد» والتي قدم لها الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم واعتبرها «رواية جريئة لموهبة ناضجة»، وقد صلت هذه الرواية للقائمة القصيرة في جائزة ساويرس للأدب المصري عام 2015.
تدور عوالم الكتابة عند نهلة حول موضوع رئيسي هو الفتاة المصرية وما تعانيه من مشكلات داخل المجتمع، تسعى لتقديم تلك المشكلات بشكلٍ مختلف وجريء كما فعلت في رواية «على فراش فرويد». تحرص أيضًا في كتابتها على الجمع بين القصة القصيرة والرواية، إذ صدر لها مجموعة قصصية أخرى بعنوان «الموت يريد أن أقبل اعتذاره» عن دار العين في العام الماضي، كما صدر لها مؤخرًا رواية «المقاعد الخلفية» والتي تتحدث بشكلٍ خاص عن العلاقات العاطفية بين الشباب والبنات في سنوات المراهقة والإقبال على فكرة الزواج وما تتعرض له الفتيات من مشكلات داخل المجتمع في سبيل الحصول على شريك حياة مناسب.
هكذا تنوعت كتابة الروائيات المصريات واختلفت كل واحدةٍ منهن في الطريق الذي سلكته للكتابة الأدبية، وكان في تجربة كل واحدةٍ منهن إثراء للحركة الأدبية في مصر والعالم العربي بشكل عام.