هل يصمد الاقتصاد السعودي في مواجهة وباء كورونا؟
بعبارات واضحة وكاشفة للأزمة الاقتصادية والإنسانية التي تمر بها المملكة العربية السعودية، شأنها في ذلك شأن دول العالم أجمع، جراء انتشار جائحة الفيروس التاجي «كورونا»، صرَّح وزير المالية السعودي محمد الجدعان، مساء السبت الماضي، بأن الحكومة السعودية ستتخذ إجراءات صارمة ومؤلمة للتعامل مع التأثير الاقتصادي للوباء، مؤكداً أن جميع التدابير المُزمع اتخاذها، رغم شدتها، ستكون ضرورية لتحقيق الاستدامة المالية للمملكة، في الوقت الذي تنخفض فيه عائدات النفط.
مع بدء ظهور إحصاءات المرضى والوفيات بالمملكة، تصرفت الحكومة بشكل حاسم مع انتشار الفيروس التاجي لتنفيذ تدابير وقائية شاملة وغير مسبوقة تمت الإشادة بها إلى حد كبير.
بدأت المملكة بالحجر الصحي لمدينة بأكملها وفرضت فيما بعد عمليات الإغلاق المحلية وحظر التجول على الصعيد الوطني الذي يشمل المدينتين المقدستين مكة والمدينة، وامتدت التدابير إلى عدد من المُدن الرئيسية منها الرياض ومكة والدمام، وتلاها بعد ذلك بقليل بقية البلاد.
طُبق حظر التجول بصرامة وأُغلقت مراكز التسوق ودور السينما وأماكن الترفيه الاجتماعي الأخرى، حيث كان من المحتم تطبيق قواعد التباعد المجتمعي للسيطرة على انتشار الوباء.
وبالرغم من حدة الأزمة الراهنة – التي لم تواجه المملكة مثيلاً لها في السابق – تواجه السعودية الأزمة الصحية العالمية من موقف قوة غير معهودة، وتأتي تلك القوة مدعومة بإجراءات جريئة اتخذتها المملكة لتنويع الاقتصاد منذ أربع سنوات والمُقرر استمرارها لسنوات عديدة.
تلتزم المملكة حالياً باتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من التداعيات، وفي ذلك خفض الإنفاق وضبط آليات المالية العامة بشكل أكبر وأكثر شدة. فيما تتطلع المملكة إلى تقليص الإنفاق العام والاعتماد بشكل أكبر على الاستدانة – داخلياً وخارجياً – لتخفيف حدة الآثار الاقتصادية المتوقعة لانتشار وباء كورونا، والتي صحبها انهيارات حادة في أسعار النفط العالمية، والتي تؤدي بدورها إلى الانخفاض في الإيرادات النفطية – بأكثر من النصف كما قدرتها وزارة المالية – وبالتالي تتضافر تلك العوامل في الضغط على المالية العامة للبلاد.
ضغوط مالية مُدمرة
وتعاني أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم من انخفاضات تاريخية في الأسعار والاحتياطات والإيرادات، بينما من المرجح أن تؤدي إجراءات محاربة الفيروس التاجي إلى الحد من وتيرة وحجم الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في 2016. وكان للتدابير الاحترازية التي تبنتها المملكة وعمليات الإغلاق آثار سلبية مُتزايدة على المواطنين والشركات والاقتصاد ككل.
تتزايد حدة الأزمة الراهنة في كونها أزمة مالية وصحية واقتصادية، وبالتالي تكون تداعياتها شديدة ومؤثرة بشكل شديد على العالم والمملكة على حد سواء.
وتُقر وزارة المالية السعودية بأن كثيراً من الآثار السلبية على القطاعات الاقتصادية لم تظهر بعد خلال النتائج المالية للربع الأول من العالم الجاري، وذلك بالرغم من تسجيل المملكة عجزاً بالموازنة في الربع الأول بلغ 9 مليارات دولار مقارنةً بالفائض البالغ 7.4 مليار دولار المسجل في الربع الأول من عام 2019، مع توقعات بنتائج مالية وآثار سلبية حادة على الاقتصاد السعودي خلال بقية العام الجاري، وذلك وفق تطورات الوضع الصحي والمالي محلياً وعالمياً.
وتتوقع المالية السعودية ارتفاع العجز خلال العام الحالي إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن بعض مؤسسات المالية العالمية تتوقع عجزاً يصل إلى 23% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك إذا انخفض سعر خام برنت إلى 20 دولاراً، بينما سيصل عجز الحساب الجاري إلى 15.6% من الناتج المحلي، بما يُعادل 122 مليار دولار. ويعني هذا الوضع معدل استنفاد سريع للغاية لاحتياطيات العملة الأجنبية السعودية. كما أنه سيرتبط بزيادة سريعة في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي سيخلق مشاكل مالية خطيرة.
وفي إشارة أخرى إلى تباطؤ الاقتصاد السعودي، قالت مؤسسة النقد العربي السعودي إن احتياطياتها الأجنبية انخفضت بنحو 27 مليار دولار في مارس/آذار الماضي – وهو أكبر انخفاض شهري خلال 20 عاماً على الأقل – وبلغ إجمالي الأصول الأجنبية الصافية للمملكة، والتي تشمل الأوراق المالية مثل سندات الخزانة الأمريكية والودائع الأجنبية، نحو 464 مليار دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2011. ويشير الانخفاض الحالي إلى حاجة المملكة الملحة للاستفادة من الاحتياطيات لتعويض الأضرار الاقتصادية الناجمة عن أسعار النفط والتباطؤ الشديد الناجم عن الفيروس التاجي في القطاعات غير النفطية.
وقامت وكالة موديز لخدمات المستثمرين بتخفيض التوقعات الاقتصادية للمملكة من مستقرة إلى سلبية بعد أن كشف انخفاض أسعار النفط عن ضعف مالية المملكة أمام مواجهة الوباء العالمي. وتعكس التوقعات السلبية المخاطر السلبية المتزايدة على القوة المالية للمملكة، والتي تنجم عن الصدمة الشديدة التي يسببها وباء الفيروس التاجي للطلب العالمي على النفط وأسعاره، وعدم اليقين بشأن الكيفية التي يمكن بها للحكومة تعويض خسائر عائدات النفط واستقرار الديون.
انهيار الإيرادات النفطية
كذلك انخفضت الإيرادات بشكل كبير خلال الربع الأول من العام الجاري، ويُتوقع أن تستمر في الانخفاض خلال هذا العام وربما حتى بداية السنة المالية القادمة، حيث أدى التباطؤ الاقتصادي الشديد بسبب وباء فيروس كورونا إلى خفض الطلب على النفط والذي أدى بدوره إلى انخفاض أسعار النفط وعائداته. وانخفضت عائدات النفط بالمملكة في الربع الأول من عام 2020 بمعدل سنوي قدره 24%. وانخفضت الإيرادات غير النفطية في الربع الأول بنسبة 17% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث انخفضت عائدات الضرائب على السلع والخدمات، في إشارة إلى التباطؤ العام في الاقتصاد السعودي.
وأظهرت نتائج الأداء المالي للربع الأول من العام 2020، تسجيل إيرادات نفطية بلغت 128.77 مليار ريال، مقارنة مع 169 مليار ريال في الربع الأول من 2019. فيما بلغت قيمة الإيرادات غير النفطية 63.3 مليار ريال، مقابل 76.3 مليار ريال في الفترة المقابلة من العام الماضي. وتُقدر ميزانية المملكة لعام 2020 أن تصل عائدات النفط إلى 136.8 مليار دولار، أو ما يزيد قليلاً عن 61% من إجمالي الدخل. لكن ذلك استند إلى متوسط يقدر بـ 65 دولاراً للبرميل، أي أكثر بثلاثة أضعاف، لذا يُتوقع أن يكون العائد النفطي أقل بكثير مما هو مُعلن عنه في الميزانية.
ولوحظ في منتصف أبريل/نيسان الماضي انخفاضات مُتتالية وسريعة لأسعار النفط العالمية، وذلك بالرغم من التوصل لاتفاق بين مجموعة «أوبك»، بقيادة المملكة، والحلفاء من الخارج بقيادة روسيا، على خفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً بدءاً من مايو/آيار الجاري.
يبدو أن صدمة انهيار الطلب على النفط كانت أكثر تأثيراً على الأسعار من تقييد المعروض، وهو ما دفع أسعار النفط العالمية للانهيار حتى انخفضت أسعار غرب تكساس الأمريكي إلى ما دون الصفر وصولاً للمنطقة السلبية، حيث أدى تفشي الفيروس التاجي إلى تدمير الطلب على الوقود، في الوقت الذي وصلت فيه حدود التخزين في الولايات المُتحدة إلى قمتها.
ويُتوقع أن تستمر صدمة الطلب في الضغط بشكل كبير على أسعار النفط لتستمر في نهجها الهبوطي، لذا يصعب التنبؤ بعودة الاقتصاد السعودي لما كان عليه سابقاً، بشأن تحقيق مزيد من العائدات النفطية.
حزم مالية لدعم الاقتصاد
أرسلت الأزمة الصحية العالمية مُعظم دول العالم، بما في ذلك المملكة، إلى تقديم مزيد من حزم التحفيز المالية لمساعدة الاقتصاد على مواصلة النمو. وفي ضوء ذلك أعلنت المملكة عن حزم تجاوزت 180 مليار ريال، تشكل 8% من الناتج المحلي غير النفطي، لدعم القطاعات والأنشطة الاقتصادية المُختلفة.
تشمل الحزم تخصيص ما قيمته 50 مليار ريال، تم الإعلان عنها خلال مارس/آذار الماضي، لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي تشمل 30 مليار ريال متاحة للبنوك وشركات التمويل مقابل تأجيل قروض الشركات الصغيرة والمتوسطة. وقدمت الحكومة 70 مليار ريال أخرى لمساعدة الشركات، وفي ذلك تأجيل مدفوعات الضرائب والإعفاءات من مختلف الرسوم والرسوم الحكومية.
كذلك قدمت الحكومة حافزاً اقتصادياً قيمته أكثر من 9 مليارات ريال كمبادرة لتمكين الشركات التي تحتاج إلى تسريح الموظفين إلى التقدم بطلب إلى الحكومة لتعويض 60% من هذه الرواتب لمدة ثلاثة أشهر. ويُتوقع أن يكون أكثر من 1.2 مليون مواطن مؤهلين للحصول على رواتب، بحد شهري 9000 ريال للشخص الواحد، بعد انتهاء فترة الثلاثة الأشهر، حيث ينص المرسوم الملكي على استئناف الشركات دفع رواتب موظفيها.
وتشمل تدابير الإغاثة في حزمة التحفيز الجديدة إعفاءات من رسوم المغتربين، وتأجيل بعض مدفوعات رسوم القطاع الخاص للحكومة، وتأجيل تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات. كما يسمح لأصحاب العمل بتمديد تأشيرات الخروج والعودة مجاناً حتى نهاية يونيو/حزيران المُقبل، وتمكن التدابير الاستثنائية الحالية الشركات من تأجيل دفع ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل والرسوم الأخرى حتى نهاية الربع الثاني من العام الجاري.
ومكنت الحكومة أصحاب العمل أيضاً من استرداد رسوم تأشيرات العمل الصادرة التي لم يتم استخدامها أثناء الحظر على الدخول والخروج، حتى لو تم ختمها في جواز السفر، أو تمديدها لمدة ثلاثة أشهر دون رسوم. وكمزيد من الدعم المُوجه للقطاع الخاص، مكنت الحكومة أصحاب الأعمال من تمديد تأشيرات الخروج والعودة التي لم يتم استخدامها أثناء حظر الدخول والخروج من المملكة لمدة ثلاثة أشهر دون مقابل.
هذا وأجلت الحكومة، خلال مارس/آذار الماضي، سداد بعض رسوم الخدمات الحكومية والرسوم البلدية المستحقة على القطاع الخاص لمدة ثلاثة أشهر، ووضعت المملكة المعايير اللازمة لتمديد فترة التأجيل للأنشطة الأكثر تضرراً حسب الحاجة. وفي هذا الإطار صرفت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ما قيمته 320 مليون دولار أمريكي لأكثر من 40 ألف مواطن لدعم العاملين السعوديين في مؤسسات القطاع الخاص التي تأثرت من آثار انتشار الفيروس التاجي.
وأعلنت وزارة المالية، في منتصف أبريل/نيسان الماضي، عن تخصيص مبالغ إضافية لقطاع الصحة حسب الحاجة، حيث وصل حجم الدعم للقطاع الصحي إلى 47 مليار ريال إضافي. وتهدف هذه المبالغ إلى رفع جاهزية القطاع الصحي وتأمين الأدوية وتشغيل الأسِرَّة الإضافية، وتوفير المستلزمات الطبية الضرورية؛ مثل أجهزة التنفس الاصطناعي وأجهزة ومستلزمات الفحوص المخبرية، وكذلك لتأمين الكوادر الطبية والفنية اللازمة من الداخل والخارج.
تدابير وإجراءات صارمة
وفي المُقابل اتخذت الحكومة- بالتزامن مع وقوع أزمة كورونا- إجراءات حازمة وشديدة للحفاظ على حياة الإنسان والموارد معاً. وإشارة إلى مدى السياسات التقشفية التي ستلجأ إليها المملكة خلال العام الجاري، قال وزير المالية السعودي:
فخلال الأزمة الحالية تقع السعودية في مواجهة الصدمة المزدوجة في الإيرادات سواء الناتجة عن التدابير الاحترازية على مستوى العالم، أو الناتجة عن انهيار الطلب على المواد الخام وفي ذلك البنزين، وهو ما أدى إلى الانخفاض الكبير في أسعار البترول عالمياً.
ومن أجل الحفاظ على استدامة المالية العامة للمملكة، ستلجأ المملكة إلى تخفيضات قياسية في بنود الإنفاق العام. ويأتي ذلك بعد إقدام المملكة، في مارس/آذار الماضي، على تخفيضات في إنفاق الميزانية بمقدار 50 مليار ريال، تعادل أقل من 5% من إجمالي النفقات المعتمدة في ميزانية العام الجاري، وذلك بعد انهيار أسعار النفط وتفشي فيروسات التاجية في ماليتها العامة.
وتدرس المملكة الحد من الإنفاق الحكومي، شريطة ألا تؤثر على الخدمات الأساسية للمواطنين، ومن ضمن البنود المُقرر إلغاؤها أو تحجيمها هي مصاريف السفر والانتدابات وخلافها.
ولتحقيق أكبر استفادة ممكنة للمواطن والاقتصاد معاً، تُخطط الحكومة السعودية لإعادة توجيه بعض الأموال العامة لدعم القطاع الصحي في الأرباع الثلاثة المقبلة من العام الجاري.
كذلك تدرس المملكة حالياً تأخير بعض المشاريع نتيجة الأثر السلبي لجائحة كورونا على التدفقات النقدية. ونتيجة للتدابير الاحترازية المُتخذة عالمياً ومحلياً، ستخفض المملكة الإنفاق على عدد من المشروعات، سواء كانت استثمارية كبرى أو بعض البرامج التنموية المُقررة ضمن (رؤية 2030)، والتي هي بطبيعتها نتيجة الإجراءات الاحترازية، تتطلب تأجيل تنفيذها، وبالتالي تخفيض الإنفاق، وذلك لأن كثيراً من المشاريع تنخفض جدواها الاقتصادية في ضوء الأزمات الاقتصادية ومن ثم الصواب تأجيلها وتقليص الإنفاق عليها لتوجيه الوفر إلى إنفاق ضروري وحتمي على قطاعات أخرى كالقطاع الصحي.
مزيد من إجراءات الدعم
إلى جانب الاعتماد بشكل كبير على الأصول الاحتياطية بعد الانهيار في أسعار النفط العالمية، لجأت المملكة إلى تبني نهج تأجيل العمل في بعض المشروعات التنموية المُقررة ضمن استراتيجية المملكة 2020، وذلك لتوفير عشرات المليارات من الدولارات المُقرر دفعها للمقاولين وشركات البناء، بعد أن كان الضغط المالي في السنوات الأخيرة الماضية عاملاً محفزًا للخيارات الصعبة التي لجأت المملكة لتضمينها وفق استراتيجية التنمية 2030- الرامية إلى اقتصاد متنوع ومستدام- وهنا لم تُخفض الحكومة دعم الطاقة المحلية فحسب، بل أدخلت أيضاً ضرائب ورسوماً جديدة بهدف خلق مصادر جديدة للإيرادات بعيداً عن النفط. وتُحاول السعودية تقديم مزيد من الدعم للاقتصاد المحلي على عدة أصعدة.
1. المحافظة على وظائف المواطنين ودعم القطاع الخاص كأولوية حكومة
ستلجأ الحكومة السعودية إلى مزيد من خفض نفقات الموازنة العامة بشكل حاد، وبالرغم من أن رواتب القطاع العام تُمثل 55% من الإنفاق السعودي في الربع الأخير من العام 2019. فإن تخفيض الرواتب الحكومية أو فصل العمال ليس من الخيارات المطروحة في الأزمة الحالية، حيث يصر المسؤولون على أن دعم المواطنين هو أولويتهم القصوى ومن ثم تطرح الحكومة المزيد من الحزم المالية التحفيزية للشركات لحثها على الحفاظ على العمالة لديها.
2. توفير الموارد المالية
يبدو أن خيار الاستدانة -سواء من الجهات المحلية أو الخارجية- سيكون مطروحاً بقوة ضمن الحزم المُزمع اتخاذها من قبل الحكومة لخلق مزيد من التدفقات النقدية اللازمة لمساندة الاقتصاد المحلي في عثرته الحالية، ووفق تصريحات وزارة المالية السعودية؛ قررت الحكومة الاستدانة بأكثر من المُخطط له هذا العام -في حدود 100 مليار ريال إضافية- ليُصبح إجمالي مبلغ الاستدانة المُقترح خلال العام 2020 نحو 220 مليار ريال.
وبالفعل لجأت المملكة إلى أسواق السندات الدولية مرتين خلال العام الجاري، واقترضت ما مجموعه 19 مليار دولار من مستثمرين محليين ودوليين. ويُتيح اللجوء للاستدانة مزيداً من السيولة في القطاع المصرفي، وهي لازمة لمنح القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة لمواجهة الأزمة الراهنة.
3. ضبط الاستثمارات الداخلية والخارجية
ورغم التأثيرات المُدمرة لفيروس كورونا على الاقتصاد السعودي، تستمر المملكة في التحرك نحو استدامة الاقتصاد المُستقبلي، مُعتبرة أحد الركائز الأساسية لذلك هو الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يعتبر أحد المكونات الرئيسية لاستراتيجية رؤية 2030 للابتعاد عن الاعتماد على النفط وتشجيع الاقتصاد غير النفطي. ويظل هذا تحدياً يواجهه صانعو السياسات في جميع أنحاء العالم، ليس فقط في المملكة.
وفي الوقت الذي تتطلع فيه العديد من دول العالم إلى الداخل، بسبب الأزمة الحالية، تستمر المملكة في النظر للخارج من خلال مواصلة عدد من الاستثمارات بالخارج، في قطاعات مُختلفة تتضمن النفط والرياضة والمقاولات … وغيرهم)، وبالرغم من إمكانية توفير تلك السيولة لمواجهة جائحة كورونا الحالية؛ يقول الجدعان: «إن جزءاً من إيرادات الاستثمارات الخارجية يُستخدم عادةً لمواجهة الأزمات وسد العجز».
وأشار الجدعان إلى أن مثل هذه الأزمات الحالية تخلق فرصاً للاستثمارات وتحقيق عوائد جيدة تغطي العجز في الميزانية خلال السنوات القادمة، وهو المرجو أن يكون الاقتصاد السعودي «محمياً في المستقبل».
ما بعد كورونا
تظل الأزمة الراهنة والتحديات كبيرة على الاقصاد السعودي، فالاقتصاد العالمي لن يعود لما قبل كورونا بهذه السرعة المُتوقعة، وذلك مع استمرار ارتفاع أسعار وتكاليف الخدمات، وزيادة مشكلات سلاسل التوريد حول العالم، بما يحد من حركة الاستيراد والتصدير حول العالم. وتظل عودة الأوضاع الاقتصادية إلى الاستقرار مرة أخرى مرهونة بمدى القدرة على رفع القيود عن الحركة حول العالم والمرهونة هي الأخرى بالوصول إلى لقاح مؤكد لعلاج فيروس كورونا.
وبرغم التشاؤم حول نمو الاقتصاد العالمي، مع تأزم اقتصادات دول كبرى كالولايات المُتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا، يظل هناك سيناريو متفائل بالنسبة لاقتصاد المملكة؛ يقول بأن أسعار البترول سترتفع عن الـ 20 دولاراً هذا العام، وباعتبار أن دول آسيا كالصين واليابان هم أهم عملاء المملكة، فيُمكن التنبؤ قليلاً بأن تحدث انفراجة في استهلاك تلك الدول -التي لم تمتلئ مخازنها كما هو الحال في أمريكا- بعد أن بدأت هذه الدول في محاصرة انتشار الفيروس وإعادة فتح حواجزها جُزئياً، ومن ثم يمكن رفع الاستهلاك نسبياً ما يرفع أسعار البترول الذي يرفع بدوره العائدات النفطية للمملكة.