هل تمنع الأمومة «سيرينا ويليامز» من حلم الجراند سلام؟
المكان: ملعب آرثر آش، الولايات المتحدة الأمريكية.
الزمان: سبتمبر/ أيلول، 2018.
الحدث: نهائي السيدات في بطولة أمريكا المفتوحة للتنس.
تشير النتيجة إلى تأخر سيرينا ويليامز بالمجموعة الأولى أمام اليابانية الشابة نعومي أوساكا والتي حسمتها لصالحها بـ 6 أشواط مقابل شوطين. تصاعدت وتيرة الأحداث في المجموعة الثانية وتحديدًا في الشوط الثاني بها، عندما عاقب حكم المباراة اللاعبة الأمريكية؛ بداعي أن مدربها أشار لها بتعليمات خاصة أثناء المباراة، وهو ما ترفضه القوانين في منافسات الفردي بالتنس.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ رفضت سيرينا قرار الحكم بشكل حاد للغاية، ترتب عليه فقدان أعصابها، وتعمدها كسر مضربها، لتفقد شوطًا آخر في هذه المجموعة، ثم قامت بعدها بمهاجمة الحكم مرة أخرى بين الأشواط، واصفة إياه بـالكاذب، بل واستدعت اللجنة المنظمة للبطولة لتطالبهم باعتذار رسمي من حكم المباراة، لأنها لم تتلقّ تعليمات من مدربها.
ونتيجة طبيعية لما حدث، فازت اليابانية بأول لقب لها في البطولات الكبرى، فيما خسرت ويليامز اللقب الـ 24 لها في الجراند سلام، لتخسر النهائي الثاني في نفس العام، ولتبدأ رحلة جديدة لمعادلة عدد ألقاب اللاعبة الأسترالية مارجريت كورت، والتي لم تصل لنهايتها حتى الآن.
فشل متكرر
على مدار العامين الماضيين، وصلت سيرينا إلى نهائي أمريكا المفتوحة، وويمبلدون مرتين متتاليتين لكل منهما، وذلك يعني وصولها إلى 4 نهائيات في بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى من أصل 8 بطولات شاركت بهم، ولكنها لم تنجح في حصد اللقب ولا مرة ليتوقف رصيدها عند 23 لقبًا في الجراند سلام.
لم يختلف الوضع كثيرًا مع بداية 2020؛ إذ ودعت سيرينا بطولة أستراليا المفتوحة -أولى بطولات الجراند سلام هذا الموسم- من الدور الثالث بعد الهزيمة من اللاعبة الصينية، وانج كيانج، المصنفة رقم 27 عالميًا، بمجموعتين مقابل مجموعة واحدة، في مباراة لعبت فيها بطريقة لم ترضها إطلاقًا، لدرجة أنها قررت عقب المباراة العودة إلى التدريب في اليوم التالي مباشرة لضمان عدم تكرار ذلك مرة أخرى.
الأم المناضلة
كان عام 2017 عامًا مميزًا لويليامز على جميع النواحي، ليس فقط لأنها استطاعت حصد لقبها الـ 23 في الجراند سلام، بعدما تغلبت على شقيقتها فينوس في نهائي أستراليا المفتوحة، وحسمت المواجهة لصالحها بمجموعتين مقابل لا شيء، بل لأنه كان شاهدًا على أحداث اجتماعية خاصة، جعلتها تتخلى عن لعب كرة المضرب لفترة ليست بالقصيرة.
ففي مايو/أيار من نفس العام، أعلنت زواجها من رجل الأعمال الأمريكي، ألكسيس أوهانيان، ومؤسس موقع ريديت Reddit، والذي يُعد من أكبر 10 مواقع في أمريكا، وتبلغ قيمته السوقية حوالي 3 مليارات دولار، ولكن يبقى الحدث الأكثر تأثيرًا على سيرينا في تلك السنة السعيدة، هو إنجاب طفلتها أولمبيا في سبتمبر/أيلول، ليبدأ فصل جديد من فصول حياة اللاعبة الأمريكية.
منذ ذلك الحين، لم تفوّت سيرينا أي مناسبة بدون أن تشير إلى ابنتها الصغرى، حتى في شجارها الشهير مع حكم المباراة في نهائي أمريكا المفتوحة، قالت له: «أنا أم الآن، ودائمًا أريد الظهور بشكل مثالي».
دائمًا ما تأخذ خطوة الأمومة دافعًا قويًا لها لتحقيق أي شيء تريده، فهي تود أن تكون نموذجًا ملهمًا ليس فقط للأمهات اللاتي تمارسن الرياضة، ولكن لكل الأمهات في العالم، فأصبحت تناضل وتندد بحق كل امرأة مهما كانت طبيعة عملها في أن تكون أمًا.
الأمر الذي انعكس حتى على عقد رعايتها مع شركة نايكي، والتي كانت تجبر الاعبات اللاتي يرغبن في الإنجاب على تقليل عقود رعايتهن مع الشركة، وتطور الأمر لإجبارهن على المشاركة في البطولات المختلفة وهن في الشهور الأخيرة من الحمل، أو ترك أطفالهن في الشهور الأولى، ولكن كل هذا تغير رفقة سيرينا، التي أجبرت نايكي على تغيير سياساتها، وحافظت على عقد رعايتها بشكل كامل طوال فترة الحمل وما بعدها، وكانت هذه الخطوة بداية لتغيير سياسات الشركة مع كل اللاعبات بعد ذلك.
لا تحتاج إلى المال
وفقًا لتقرير نشرته مجلة فوربس Forbes عام 2019، يرصد أقوى 100 امرأة في قطاع المال والأعمال، جاءت ويليامز في المرتبة الـ 81، حيث حصلت طوال مسيرتها المهنية على مجموع جوائز يصل إلى 89 مليون دولار، وهو ضعف ما حصل عليه أقرب منافسيها من لاعبات التنس.
على الجانب الآخر، تمتلك سيرينا مؤسسة استثمارية أطلقتها في 2014 تسمى سيرينا فينشر، وطوال الـ 5 سنوات الأخيرة، استثمرت هذه المجموعة في أكثر من 30 شركة ناشئة أسستها النساء والأقليات، كما أنها تمتلك حصصًا في فريق ميامي دولفين لكرة القدم الأمريكية، وشركة UFC، وهي أكبر شركة تسويقية للألعاب القتالية في العالم.
في مايو/أيار 2018، أطلقت سيرينا خط إنتاج خاص بها في مجال الموضة والأزياء، لتغزو اللاعبة الأمريكية صاحبة الـ 38 عامًا هذا المجال، والتي أكدت أنها مجرد خطوة، وتسعى للمزيد من التوسع في المستقبل القريب، لاسيما ملابس الأطفال، فهي أصبحت مهووسة بها لاسيما بعد إنجاب طفلتها أولمبيا.
مؤخرًا في نهاية عام 2019، أطلقت ويليامز خطًا آخر لإنتاج الموجوهرات النسائية، ضمن خطتها التوسعية في مجال المال والأعمال، وعلى ما يبدو أنه لن يكون الأخير، ففي الوقت الذي صرحت فيه بشكل مازح أنها تريد اعتزال التنس بعد 20 أو 30 عامًا، أكدت أن الاستثمار في مثل تلك المجالات يعد الخطة البديلة لها في المستقبل، متوقعة أنه في يوم ما ستعمل بدوام كامل من أجل هذه المشروعات.
حلم الـ 25 جراند سلام
ما زالت سيرينا تؤمن بقدرتها على حصد 25 لقبًا في الجراند سلام، لا سيما وهي تمتلك في جعبتها 23 لقبًا، ويفصلها عن معادلة الرقم القياسي لقب وحيد، وعن الانفراد برقم قياسي جديد في عالم الجراند سلام، لقبان فقط.
نظريًا، لا تزال الفرصة سانحة هذا الموسم، إذ تتبقى 3 بطولات جراند سلام لم تُلعب بعد، ولكن يبقى مستوى سيرينا المتذبذب مؤخرًا علامة استفهام كبرى حول قدرتها على تحقيق هذا الحلم.