في كرة القدم، يوجد الكثير من الشعارات التي تتغنى بها جماهير الفرق الكبرى دائمًا، منها على سبيل المثال: «العب من أجل الشعار الموجود بالأمام، كي تتذكر الجماهير الاسم الموجود بالخلف». لكن في عالم التسويق والأموال، قد يكون اختيار الاسم، عاملاً مساعدًا كي نحفظ أسماء هؤلاء اللاعبين، بجانب أدائهم بالطبع.

لكن الواقع يفيد بأن التسويق قد يكون جزءًا صغيرًا من الأمر، فبعض اللاعبين يملكون أسبابًا أكثر غرابة في اختياراتهم، وسنصحبك في جولة سريعة للتعرف عليها.

الطريقة البرازيلية

مكانة البرازيل في لعبة كرة القدم معروفة للقاصي والداني، كذلك نوعية اللاعبين التي قدمتهم على مدار سنوات طوال، لكن الغريب أن جميع هؤلاء الأساطير كانوا يخضعون لنمط معين في أذهاننا من حيث التسمية، فنحن نعرفهم باسم واحد فقط، خلاف اللاعبين الأوروبيين الذين نعرفهم بالاسم الأول واللقب، من بيليه، إلى زيكو، وصولاً إلى رونالدو، وريفالدو، وغيرهم.

حسب تقرير لموقع «جول»، فإن الأمر لم يكن خاضعًا لقاعدة محددة بل كان يحدث بشكل تلقائي بين لاعبي كرة القدم. والسبب بكل بساطة هو أن الأسماء البرازيلية طويلة وصعبة، متأثرة في ذلك بالطريقة البرتغالية، لأن البرازيل كانت قديمًا مستعمرة تابعة للبرتغال.

يتكون الاسم من 4 مقاطع، اسم الشخص ثم مقطع دا أو دو أو دي أو دوس أو داس، ثم لقب الأم ثم لقب الأب. وبالطبع فإن ذلك لا يناسب أبدًا لاعب كرة القدم، الذي يبحث عن اسم سهل، يعلق سريعًا في أذهان الجماهير. وعليه كان يتم اختصار الأسماء لتلك التي عهدناها، والتي رأيناها مع بدء كتابة أسماء اللاعبين على القمصان.

لم تخضع طريقة الاختصار لقاعدة معينة، بل كانت أقرب للعشوائية، فتجد «ويليان بورجيس دا سيلفا» يكتب اسمه الأول على القميص، أما «كارلوس هنريكي كاسيميرو» فاختار الاسم الثالث، أما «فريدريكو رودريجيز دي باولا سانتوس»، فاختصر اسمه الأول إلى «فريد» وهو الآن في مانشستر يونايتد.

ولمزيد من العشوائية فيمكن للاعب اختيار اسم بعيد كل البعد عن أسماء عائلته، لمجرد ارتباطه بموقف ما في حياته. لدينا على سبيل المثال جيفانلدو فييرا دي سوزا، والذي كان يعشق بطل «Marvel» الخارق الرجل الأخضر، ليطلق عليه والده اسم «هالك» .

ويظل الاسم الأشهر في تاريخ الكرة البرازيلية هو للأسطورة «إدسون أرانتيس دي ناسيمينتو»، الذي فشل في نطق اسم لاعبه المفضل، «بايل» حارس مرمى فاسكو دي جاما، ليحوله إلى «بيليه» ويرافقه اللقب طوال حياته، رغم عدم وجود أي مقابل في اللغة البرتغالية لذلك الاسم.

لن أعيش في جلباب أبي

خضعت تلك الأريحية في اختيار الأسماء لبعض القيود، في بداية تطور الدوريات الأوروبية وعقود البث التلفزيوني. في إنجلترا وفي ثاني مواسم البريميرليج بحلته الجديدة عام 1993، تم اعتماد كتابة أسماء اللاعبين على ظهر القمصان، وبقاعدة واحدة: لقب العائلة فقط لا غير، وغير مسموح بكتابة الاسم الأول أو ألقاب أخرى.

جعلتنا هذه القاعدة نرى شيئًا مشابهًا للمسلسل المصري الشهير «لن أعيش في جلباب أبي» للراحل نور الشريف، والذي يحكي باختصار عن ابن يحاول الخروج من ظل أبيه، وصناعة اسم لنفسه دون الاعتماد على نجاح والده، وهو ما حدث مع اللاعب الهولندي «جوردي كرويف».

كان «جوردي» يحاول النجاح بعيدًا عن اسم والده «يوهان كرويف»، أسطورة هولندا وبرشلونة. وكان من ضمن محاولاته لفعل ذلك، هو كتابة اسمه «جوردي» على القميص بدلاً من اسم عائلته، وهو ما رآه الجمهور أثناء لعبه للمنتخب الهولندي.

لكن عندما انضم «جوردي» لمانشستر يونايتد في صيف عام 1996، اضطر للعيش في جلباب والده من جديد وكتابة اسم «كرويف» على ظهر قميصه. لكن في آخر أيامه مع الفريق وتحديدًا في عام 2000، عاد مرة أخرى لاستخدام اسمه الأول، بعد أن أصبحت القاعدة أكثر مرونة في إنجلترا.

أسباب عائلية وأخرى

وبعد أن أصبحت قيود القاعدة غير موجودة تقريبًا، وصار اللاعبون يختارون الأسماء المفضلة لديهم، بدأت تظهر أسباب غريبة للاختيار. لدينا مثلاً لاعب مانشستر يونايتد السابق «رافايل موريسون»، الذي كان نجمًا في أكاديمية مانشستر، وتوقع له الجميع مستقبلاً مشرقًا، لكنه ظل توقع لم يحدث.

كان اللاعب الواعد سابقًا يضع اسم «موريسون» على قميصه في مانشستر، لكن عندما انتقل إلى وست هام يونايتد وفي مطلع موسم 2013/14، قرر وضع اسم «رافيل»، والسبب هو محاولة منح نفسه بداية جديدة في عالم كرة القدم.

ومن البداية الجديدة إلى سبب آخر غير قابل للنقاش، مع الأرجنتيني «جوناس جوتييريز». كان «جوتييريز» واحدًا من اللاعبين المفضلين لجماهير نيوكاسل، بعد بقائه في صفوف النادي لسبعة مواسم. ورغم تميز لقبه، إلا أنه كان يفضل كتابة اسم «جوناس» على القميص، والسبب: لأنه يحب اسمه، بمنتهى البساطة.

أما الآن، فقد وصلنا إلى الأسباب الأكثر عمقًا. لعلك لاحظت أن الثلاثي فيرجيل فان دايك، وممفيس ديباي، وديلي آلي يستخدمون أسماءهم الأولى على قمصانهم. وبالصدفة، فإن جميعهم يفعل ذلك لنفس السبب، سبب عائلي أو بالأحرى خلاف عائلي.

https://twitter.com/sportbible/status/653856314859327488

وفقًا لتصريحات عم «فان دايك» والتي نقلتها صحيفة «الصن» البريطانية، فإن والد «فيرجيل» لم يكن معه في معظم فترات حياته، ولعبت والدته دور البطولة في رعايته وتنشئته، وبالتالي لم يرَ نجم ليفربول أي داعٍ لتخليد اسم والده على قميصه.

وبنفس الكيفية تقريبًا، ترك والد «ممفيس» عائلته وهو في الرابعة من العمر. الأمر الذي ترك أثرًا نفسيًا كبيرًا في اللاعب الدولي الهولندي، جعله لا يطيق رؤية اسم «ديباي» على قميصه.

أما نجم توتنهام «ديلي آلي»، فكان يستخدم اسم «آلي» على قميصه حتى موسم 2016/2017، عندما وصل إلى العشرين من عمره. حينها قرر استخدام اسم «ديلي»، موضحًا رغبته في اسم يمثل هويته، حيث إنه لا يشعر بأي شيء يربطه بلقب والده، لأن الأخير كان قد انفصل عن والدة «ديلي» وهو في سن صغيرة وعاد للعيش في نيجيريا، مما عرض الطفل لطفولة شاقة.