لماذا يجب أن تتوقف عن الشك وتحب السيدة «مويرا موسيماني»؟
هناك مشهد شهير من فيلم «الواد محروس بتاع الوزير» يظهر خلاله «عادل إمام» داخل مجلس الشعب يصرخ فيه: هو أنا كل واحد اسأله يقول اخرس يا كلب. والحقيقة أن جماهير الأهلي خلال الفترة الأخيرة كانت تصرخ هي الأخري: لماذا في كل مرة يجدد المدير الفني تعاقده تظهر زوجته في الصورة ثم تتعقد الأمور.
حدث ذلك في المرة الأولى عندما قرر فايلر عدم تجديد تعاقده بعد مسيرة ناجحة ومقنعة رفقة النادي الأهلي وكان السبب عدم قدرة زوجته وباقي العائلة الحياة في مصر خاصةً بعد انتشار فيروس كورونا.
رحل فايلر وأتى موسيماني محققًا بحضوره إنجازات لا يمكن أن يختلف عليها أحد، على الرغم من تلك الإنجازات إلا أن تجديد عقد موسيماني يبقى محل خلاف والمثير هنا أن ممثل موسيماني فيما يخص التعاقد هو وكيله السيدة مويرا موسيماني زوجة مدرب الأهلي.
الحقيقة أن حياة المدربين الشخصية وأسرهم تبقى دومًا أقل من حيث الاهتمام الجماهيري، لاعب كرة القدم تسلط عليه الأضواء وتتبعه العيون داخل وخارج الملعب لكن قلما كان محور الحديث عن المديرين الفنيين خارج اللعبة، ذلك ما لم يعتده الجمهور ابدًا.
هل من حق الجماهير أن تتعامل مع الحياة الشخصية للمدربين بتلك القساوة؟ ربما علينا أولًا أن نستكشف ذلك الجزء الغامض من حياة المدرب. ماذا يترك المدير الفني وراءه من أجل البقاء في الملعب للأبد ذهنيًا على الأقل؟ دعنا نبدأ من هنا.
قصص بسيطة لكن مؤثرة
في مقال للسيدة «ليزا هوكنز» والتي تتحدث خلاله عن زوجها المدير الفني لكرة السلة للناشئين والشباب تضع لنا ست نقاط هامة هم محور الحياة رفقة مدير فني. النقطة الأولى هي أن الأولوية للشغف، يتعلق التدريب بالشغف في المقام الأول وليس المال لذا ربما تعاني ماديًا رفقة هذا الرجل لكنه في المقابل يحب ما يعمله.
أما النقطة الثانية فهي أنه لا أحد يمكنه الانخراط في اللعبة مثل المدرب وهو ما يعني ببساطة أن لا مجال لنصائح تعطيها زوجة مدير فني منغمس في التكتيك والتفاصيل لكنها يجب أن تكون في نفس الوقت منغمسة في اللعبة.
النقطة الثالثة تتعلق بتفهم التزام المدرب التام بتفاصيل عمله دون وجود مجال للأعذار الاجتماعية، النقطة الرابعة تتعلق بأن المدرب تصبح أسرته أكبر فاللاعبون والمساعدون هم أسرة المدرب كذلك.
النقاط الخامسة والسادسة تتعلقان بالدعم والأجواء الإيجابية التي يجب أن يتحصل عليها المدرب من زوجته حتى يستطيع أن يبقى داخل الملعب بذهن صافٍ وأداء ثابت.
دون أدنى شك أؤكد هنا أن تلك النقاط الست هم أفضل ما كتب حول دعم شريك الحياة طبقًا لتفاصيل عمله. ربما على هاوكنز أن تطبع تلك النقاط وتوزعها على المارة من الجنسين. فالأمر لا يقتصر على السيدات فقط فهناك العديد من النماذج الداعمة من الرجال لسيدات يعملن في سلك التدريب الرياضي.
لننتقل الآن إلى السيدة «إيفلين وايلد» زوجة السيد جوردون المدير الفني لناشئي فريق إيست ستيرلينغ شاير الأسكتلندي ولاعب كرة القدم في عدد من الفرق الصغيرة سابقًا. توضح إيفلين أن كرة القدم مع الوقت أصبحت المحور الأساسي لحياتها.
تتذكر إيفلين أنها ومن أجل توفير أموال النادي كانت تغسل ملابس الفريق بأكمله، تتعامل ببساطة أنها جزء من الفريق أما داخل البيت فهي تقوم بمجهود مضاعف نظرًا لتغيب جوردون كثيرًا عن البيت. لكنها في المقابل تشعر بفخر كبير كلما رأت جوردون والذي يعمل في الهندسة بدوام كامل بخلاف إشرافه على أحد أقدم أندية كرة القدم في أسكتلندا وهو فريق ستيرلينغ شاير بالطبع.
حسنًا، ربما تبدو تلك قصصًا مناسبة لمدربين مجهولين وربما تفكر الآن أن الأمر حتمًا سيتغير مع الشهرة والاحترافية. أنت مخطئ تمامًا يا صديقي.
رافا وناجلسمان: لعنة كرة القدم
هناك قصة رائعة ترويها السيدة «مونتسي» زوجة المدير الفني المخضرم رافا بينيتيز والتي ربما تحكي لك القصة بأكملها. تقص مونتسي أن رافا كان يقضي فترات طويلة من الصباح وبعد الظهر يشاهد كرة القدم ويحلل كرة القدم ويخطط لوظيفته التالية أينما كانت ووجدت نفسها تطلب منه أن يمنح نفسه استراحة ويفعل شيئًا، أي شيء آخر.
ذهب رافا رفقة زوجته لمتابعة ابنتهما في المدرسة لكنه وجد مباراة كرة قدم بين فريق المدرسة وفريق آخر. تتذكر مونتس أنه وقف هناك على خط التماس وصرخ في الأطفال وكأنهم من الفريق الأول وهو يلوح بذراعيه.
يصر بينيتيز على أن تعليماته من خط التماس كانت مدروسة أكثر من ذلك. ما يتذكره هو أن المدرسة الأخرى كان لديها حارس مرمى كبير كانت ركلاته الطويلة تسبب المتاعب وأن فريقه كان لديه لاعب موهوب بالقدم اليسرى كان يكافح للاستمرار في المباراة حيث يلعب في مركز قلب الهجوم.
اقترح على المدرب إجراء بعض التعديلات ووضع لاعبًا واحدًا في المنطقة حيث استمرت ركلات حارس المرمى في الهبوط وتحويل اللاعب ذي القدم اليسرى إلى الجناح حيث قد يكون لديه المزيد من المساحة للعب، لقد فعلوا ذلك وفازوا. يتذكر رافا ذلك وهو يهز كتفيه في ثقة.
لا يختلف الأمر كثيرًا رفقة السيدة «فيرينا» زوجة جوليان ناجلسمان مدرب بايرن ميونيخ وحبيبة طفولته حيث إنها تعاني من عدم القدرة على النوم. السبب هنا بسيط وهو أن ناجلسمان يوقظها لأنه يصيح بأسماء لاعبيه أثناء النوم.
يؤكد ناجلسمان نفسه أنه غالبًا ما يظل مستيقظًا في وقت متأخر من الليل بعد المباريات حيث يستغرق وقتًا طويلاً للتخلص من ضغوط وتوتر المباريات وعندما ينام يحدث ما تؤكده زوجته.
دعنا الآن نحاول أن نفهم الشق الآخر من المعادلة، إذا كان هناك شخص ما عليه أن يحتمل هذه الحياة من أجل تحقيق شريك حياته النجاح متبعًا شغفه، فهل يستحق هذا الشخص في المقابل أن يكون دوره حاسمًا في تلك الحياة أو لا.
قرارات حاسمة
نحن الآن رفقة السير أليكس فيرجسون، أنجح مدير كرة قدم على الإطلاق. قرر السير فيرجسون الاعتزال عام 2002 لكن زوجته السيدة كيثي أثنته عن هذا القرار لأنها تعرف أنه مغرم بكرة القدم قبل أي شيء. لكن بعد حوالي عشر سنوات لاحظ فيرجسون زوجته ذات ليلة شاردة تنظر إلى سقف الغرفة دون هدف، عرف يومها أنها تحتاجه بجوارها خاصة بعد وفاة شقيقتها التوأم.
لم تعترض كاثي هذه المرة ويعقب السير على الأمر: كنت أعرف أنها تريدني أن أفعل ذلك. ربما يؤكد البعض أن اعتزال فيرجسون كان منطقيًا لعامل السن لكنه يؤكد في المقابل أنه لو لم تمت بريدجيت توأم زوجته في أكتوبر 2012 لكان سيستمر في التدريب دون شك.
فلنبقَ في مدينة مانشستر، حيث يؤكد محلل سكاي سبورتس ومدافع ليفربول السابق فيل طومسون أن يورجن كلوب رفض مانشستر يونايتد لأن زوجته قالت إن هذا الانتقال لن يكون جيدًا. وعندما وصل ليفربول قالت زوجته إن هناك شيئًا غريبًا في مانشستر. أما هنا فيبدو الأمر كما لو أنه خلق لليفربول.
أما مورينيو فيعترف أنه كان يفكر بجدية في خلافة ستيف مكلارين كمدرب للمنتخب الإنجليزي بعد فشله في التأهل إلى بطولة أوروبا 2008. كان البرتغالي قد غادر للتو تشيلسي في وقت سابق من ذلك الموسم، لكنه لم يتمكن من تولي وظيفة أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز بموجب الشروط التي ترك على إثرها ستامفورد بريدج.
يؤكد مدرب روما الحالي أن زوجته ماتيلدا هي التي أقنعته بعدم تدريب إنجلترا. كانت تعرفه جيدًا، أكدت له أنه لا يصلح الآن للمنتخبات.
هل تشعر أن الأمر غير منطقي أن يرفض مدرب ما تدريب فريق لأن زوجته ترى الأمر غير مريح؟ صدقني طالما أنه يثق في زوجته فهو يحتاج فقط أن يطمئن بكلامها أو يخاف حد الرعب من خطوته القادمة إذا لم توافق.
قبل أن ننتهي من هذا الحديث يجب علينا أن نعرف من هي السيدة مويرا التي جعلتنا نقص كل تلك القصص.
مويرا: بيستو المستفيد الأول وليس العكس
السيدة مويرا ليست مجرد سيدة قررت العمل كوكيل لاستثمار نجاح زوجها كمدير فني. على العكس تمامًا فمسيرة موسيماني الناجحة مرتبطة بوجود السيدة مويرا إلى جانبه. حصلت مويرا على شهادة جامعية من كيب تاون في تخصص مرتبط بالإنشاء والعقارات. في يناير 2003 تم تعيينها مساعد مدير التطوير في قسم العقارات لإحدى الشركات ثم بعد أقل من سنة فقط أصبحت المدير الأول للمشاريع.
خلال ذلك الوقت وفي عام 2004 اتخذت مويرا قرارًا مصيريًا وهو أن تبدأ مشروعًا تجاريًا باسم TMTJ Consulting مقدمة منزلها كضمان. كاد العمل أن ينهار في البداية بسبب مشاكل التدفق النقدي لكن وبفضل مدخرات العائلة استمر العمل ومنذ ذلك الحين شاركت TMTJ في العديد من المشاريع العملاقة.
كان أكبر وأبرز مشروع لها هو تعيينها كرئيسة للجنة المنظمة المحلية لكرة القدم 2010 فيما يخص مشاريع البناء. في سن 33 أشرفت مويرا على المشروع الخاص ببناء عشرة ملاعب لكأس العالم لكرة القدم 2010.
حسنًا نحن الآن رفقة سيدة حققت ذاتها بالفعل خلال سنوات عملها لذا عندما تقرر أن تتولى أعمال زوجها فذلك نوع من الشراكة التي تؤمن لبيتسو القدرة على التفرغ لكرة القدم مع تمام الثقة أن الأمور الإدارية والتعاقدية في مأمن.
لعبت مويرا دورًا هامًا في خروج موسيماني من فريق صنداونز نحو الأهلي خاصة أنه كان قد وقع عقدًا جديدًا رفقة فريقه القديم وتلقى عرض الأهلي بعد شهور بسيطة. كل القريبين من الرجل يؤكدون أن جزءًا هامًا من نجاحه وتفوقه يرجع لزوجته دون شك التي استطاعت أن تجعل حياته خارج الملعب ناجحة بأقصى شكل ممكن.
ربما على جماهير الأهلي الآن أن تشكر مويرا وتحبها كثيرًا وأن تفهم أن السيدة فايلر تستحق منه كل الاهتمام والرعاية لأنه كان سيظل نسخة باهتة مثل تلك التي ظهر بها دون اطمئنان أسرته.