لماذا لم تعد 60+ هدفًا في الموسم تعني كل شيء
«ديفيد سالازار» – اللاتين سبورت في تحليل نُشر بتاريخ 21 مايو 2016.
حدث المحظور أخيرًا ووقع «ميسي» خارج قائمة أفضل رجال أوروبا، في ما كان مفاجأة للبعض ومتوقعًا للبعض الآخر بسبب فشل «لوس أنجيليس» الأخير، وكونه الأخير يعني أنه ما يبقى في الذاكرة. «رونالدو» قاد فريقه ومنتخب بلاده للبطولتين الأهم في عرف الجائزة. «بيل» استغل الـ«يورو» في إعادة إحياء موسم قتلته الإصابات، خلف هؤلاء بأميال من الدعاية والتسويق يقبع «سواريز» صاحب أفضل أداء فردي هذا الموسم في أغلب التحليلات، والذي يسبق بدوره الثلاثي «جريزمان»، «هيجوايين» و«بنزيما» بعدة أميال أخرى.
أرقام في وجه الجميع
عكس الـ«بالون دور» فجائزة أفضل لاعب في أوروبا لا تضع اعتبارًا للبطولات خارج نطاق القارة، والأرقام الصماء تضع ثلاثي الـ«برسا» في المقدمة مع «رونالدو» فقط من خارج «كتالونيا»، لكن يبدو أن الأرقام صارت محظورًا آخر يجب اختراقه، خاصة في وجود هدّافين كهيجوايين وجريزمان لم ولن تمنحهم فرقهم فرصة تسجيل 5 أو 6 أهداف في مباراة واحدة أمام خصم مُنهار لا أمل له في العودة. إلقاء الإحصائيات للجمهور قد يمنحه أسلحة فعالة في المبارزات الكلامية المعتادة لكنه لن يكون عادلًا بأي شكل، ولنواجه الحقيقة؛ التصويت الذي يحسم جوائز الـ«يويفا» أو الـ«فيفا» الفردية ليس الطريقة الأدق بكل تأكيد كونه يعتمد على الآراء الشخصية، الذاكرة، وقبل كل ذلك الانحيازات والقناعات التي يبنيها صراخ الجماهير والمعلقين طيلة الموسم، بالإضافة للمواقع الاخبارية التي ستسيل جالونات من الحبر للحديث عن صديقة رونالدو أو مولود ميسي قبل أن تضع تحليلًا منطقيًا عن دور الـ«بيبيتا» أو قرينه في الـ«روخيبلانكوس».
«دروجبا» و«فاثكيث» وحتى «نيمار» يرون أن رونالدو الأحق بكل شيء تقريبًا هذا العام، «روبرتو كارلوس» وصف ميسي بأنه «لاعب جيد» ولكنه منح البالون دور لرونالدو حتى قبل انطلاقة اليورو، «مارسيال» لا يرى نفسه مرشحًا قبل اعتزال الثنائي الفضائي على حد تعبيره، ولكن هل هو محق فعلًا؟ هل الثنائي يستحق هذا الوصف أم أن من الممكن الاقتراب منهم؟ بل هل يستحق الثنائي أن يكون ثنائيًا أم أن الفرق واضح؟ لماذا لا نحاول خدش تلك الطبقة الزجاجية السميكة اللامعة؟ ماذا سيحدث إن أزلنا هاتريك «غرناطة» وسوبر هاتريك «لاس بالماس» وخماسية «اسبانيول»؟
الواقع أننا لا نملك ما نخسره لأننا نعلم من سيضع الجائزتين في خزانته على أي حال، صحيح أن الثنائي قد مرّ بأسوأ مواسمه رقميًا ولكن هذا ما يجعل الأمر أكثر إثارة. لنرَ إذا كان بإمكان لأرقام أن تعبر عن أي شيء آخر بجانب الكمّ.
بالون دو يوتيوب
لأن الإحصائيات ليست أكثر من مجرد أداة مثلها مثل الفيديو، فإن المشكلة على الأغلب لا تكمن فيها بذاتها ولكن في طريقة استخدامها، أو بمعنى أدق؛ طريقة اجتزائها، لا بد وأنك مررت بتجربة مماثلة أثناء مشاهدة المقاطع المصورة للناشئين على الـ«يوتيوب» وخرجت بنفس النتيجة كل مرة؛ هذا اللاعب هو ميسي/نيمار/رونالدو إلخ القادم، لذا يمكنك أن تفهم لماذا لا يجب أن يكون دفاع «قرطبة» مقياسًا لأفضل لاعب في العالم، لأنك إن بحثت جيدًا ستجد فيديو آخر يخبرك أن دفاع قرطبة على ما يرام وربما يقنعك بضرورة التعاقد معه كاملًا.
لن يكون الحل بالطبع هو أن نشاهد الـ958761 مباراة لجميع المرشحين، ولكن ربما يقدمه نوع آخر من الإحصائيات المتخصصة؛ أبرزها على الإطلاق هو معدل النقاط التي جلبها كل هدف أو تمريرة حاسمة أو بمعنى آخر؛ عدد الأهداف والتمريرات الحاسمة التي يسجلها اللاعب في حالة تعادل أو تأخر فريقه، بذلك تتحول الـ10-2 في «فاييكانو» إلى 3-2 لأن جنون «باكو خيميث» لا يجب أن يلعب دورًا في مقارنة بين رونالدو وهيجوايين وإلا تعين علينا أن نوفر باكو خيميث آخر بنفس الجنون في الـ«سيري إيه». هل من الجنون مقارنة الثنائي هذا الموسم؟ لا يبدو كذلك.
الآن بعد إزالة الأهداف والتمريرات الحاسمة الغير مؤثرة لا تبدو الفجوة بهذا الاتساع
مفاجأة؛ هيجوايين أحرز عددًا أكبر من الأهداف والتمريرات الحاسمة المؤثرة مقارنة برونالدو، وميسي تصدر الإجمالي بفارق ضئيل عن سواريز، والثنائي سجّل أعلى معدل زمني للمشاركة في هدف مؤثر مع فرقهم؛ نعم هيجوايين كان بهذه الروعة وميسي لم يكن بهذا السوء مقارنة بالمعتاد من البولجا.
المفاجآت لا تتوقف عند هذا الحد؛ موسم بيل وبنزيما الملعون بالإصابات كان الأفضل للثنائي من حيث التأثير في مسيرة الـ«ميرينجي» ناهيك عن نجاح الويلزي المدوي في اليورو بالطبع، كذلك نيمار الذي تراجع أداؤه بعد انطلاقة خرافية بشكل جعله الأقل تأثيرًا بين الثمانية.
الملحوظة الأهم على الإطلاق كانت عن موسم جريزمان الحالي الذي لم يختلف كثيرًا عن سابقه رقميًا ولكنه كان مغايرًا تمامًا من حيث الاهتمام الإعلامي؛ ليس لأنه هداف اليورو وصاحب هدفي العبور أمام ألمانيا أقوى منتخبات البطولة نظريًا، لكن لأن لا أحد يشاهد الأتليتي عادة بينما انتظر الجميع مباريات الديوك، وهذا لا يضيف جديدًا لما كنت تعرفه من قبل عن دور الاعلام في ترجيح كفة نجم على آخر ولكنه مجرد تأكيد جديد عليه، ولا داعي لذكر أن رونالدو سجل أقل نسبة من الأهداف والتمريرات الحاسمة المؤثرة مقارنة بما سجله إجمالًا.
السؤال الذي يبدو منطقيًا الآن؛ ماذا سيحدث لو أضفنا أسماءً أخرى للمعادلة؟ بالطبع يطفو للسطح ثنائي «ليستر» الذهبي «محرز» و«فاردي»، للوهلة الأولى يبدو انضمامهما منطقيًا ولكن الحالة التي كان عليها كبار إنجلترا في الموسم الماضي لا تصلح كمقياس كذلك، فلا شك أن جاهزية أحدهما فقط كانت لتقضي على فرص ليستر – وحتى آرسنال – في المنافسة على اللقب.
نحو القليل من ليفانتي
رغم أن المعادلة تبدو أكثر عدلًا الآن، إلا أنه ما زال هناك الكثير من الـ«خيتافي» والـ«غرناطة» في الأمر؛ من الطبيعي أن يكون افتتاح الأهداف أمام «إسبانيول» أسهل بكثير من مثيله أمام «إشبيلية» في «رامون بيثخوان» أو «بلباو» في الـ«سان ماميس» أو حتى «فالنسيا» في الـ«ميستايا»، لذا لا يمكن أن ينفصل التحليل الإحصائي عن أهم مباريات الموسم وأقواها وفي مقدمتها النهائيات وأدوار خروج المغلوب وبالطبع الدربيات.
الآن يطفو للسطح عدد من الأسئلة السخيفة التي عادة ما نرغب في تجنبها؛ هل ظلمت إمكانيات نابولي والأتليتي كل من جريزمان وهيجوايين أم منحتهم فرصة للنجومية المنفردة لم يكونوا ليحظوا بها في برشلونة أو ريال مدريد؟ بالطبع استفاد ميسي/رونالدو/سواريز بشكل أكبر من رفاقهم، ولكن هل أثر ذلك على حصيلتهم كونهم رافقوا نجوم أرادوا حصة من الأهداف بدورهم؟ ما هو الفارق بين جريزمان وسواريز؟ هل يمكن اختصاره في أن الأول يجاور جابي وكوكي وساؤول بينما الثاني انييستا وميسي ونيمار؟
في الواقع لا يوجد طريقة للإجابة على كل ذلك باستخدام الأرقام أو غيرها، وحتى مشاهدة الـ958761 مباراة لن تمكنك من حسم حيرتك على الأغلب، وربما باستثناء نيمار وبنزيما يمتلك الجميع أسبابًا وجيهة لكونه الأفضل، لذا لن تكون هناك فقرة ختامية أعلن فيها أن فلان أو علان هو من يستحق الجائزة لأن الأمر قد يكون محير فعلًا حتى و إن بدا محسومًا للبعض، وهو المطلوب إثباته لأن أحيانًا قد لا يعني إحراز 60+ هدف في الموسم كل شيء.