لماذا يخشى نتنياهو كلاً من ترامب وكلينتون؟
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
فيما يتعلق بالحملة الرئاسية في الولايات المتحدة، يجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه في أكثر موضع يكرهه: عدم الصلة.
في انتخابات عام 2012، ساعد نتنياهو المرشح الجمهوري «ميت رومني» بدأب، حيث تبرع رجل الأعمال المقرب منه، قطب المقامرة «شيلدون أديلسون»، بعشرات الملايين من الدولارات في الحملة الجمهورية، بينما أدار كاتم أسراره «رون درمر» (والذي أصبح لاحقًا السفير الإسرائيلي في واشنطن) شبكة داعمة له داخل المجتمع اليهودي الأمريكي.
في انتخابات عام 2008، لم يكن نتنياهو رئيس وزراء بعد، لكنه صلّى سرًا من أجل فوز المرشح الجمهوري جون ماكين على الشخص الغامض الذي كان باراك أوباما.
أما هذه المرة فإن نتنياهو عاجز. نتنياهو وأديلسون عن المرشح «الصحيح» في الجانب الجمهوري، وفضّلا «ماركو روبيو». لكنه وجد نفسه، مثل أمريكا وباقي العالم، أمام شيء مختلف تمامًا. حيث فاجأ دونالد ترامب نتنياهو وشعبه. ترامب ليس جزءًا من المؤسسة السياسية الأمريكية، إنه دخيل تمامًا. لا يعلم أحد كيف يجب معاملته، كيف يتم العمل معه وما هي قواعد اللعبة الآن.
ليس الوضع بأفضل كثيرًا على الجانب الديمقراطي. هيلاري كلينتون هي آخر شخص على الكوكب يرغب نتنياهو في رؤيته في البيت الأبيض، بعد أوباما. تُبقي تل أبيب عينًا مدققة على الانتخابات التمهيدية وقد بدأت في إدراك أن كلينتون هي أمرٌ محسوم. حتى خسارتها في ولاية إنديانا لم تغير ذلك الافتراض.
ترامب يعتبر دخيلًا على المؤسسة السياسية الأمريكية، لا يعلم أحد كيف يجب معاملته، وكيف يتم العمل معه.
من المُرجّح أن يضع السباق الانتخابي المرتقب – بين ترامب وكلينتون – نتنياهو في وضعٍ غريب؛ لن يكون لدى نتنياهو فكرة عمن هو المرشح الذي ينبغي عليه دعمه، أو أيٍ منهما هو أهون الشرين. يتفق الجميع على أنها منافسة مبهرة.
لدى كلينتون تاريخ من العداء لنتنياهو. يرى نتنياهو كلينتون كعدوٍ لدودٍ، أسوأ من أوباما، لسبب بسيط: سوف يكون من الصعب عليه بشدة توجيه الرأي العام الإسرائيلي ضدها.
حسب بعض التقارير التي نقلها العديد من المبعوثين والمصادر الإسرائيلية في مؤسسة الحزب الديمقراطي فإن كلينتون تقوم بتشكيل فريقٍ قوي يستعد لليوم الذي يلي الفوز بالمنصب على الصعيدين الدولي والشرق الأوسطي. يضم الفريق، حسب التقارير، عشرات الخبراء. الأغلبية العظمى من هؤلاء الخبراء هم متطوعون، والقليل منهم على قائمة رواتب الحملة.
نُشرت العديد من التقارير عن ذلك الأمر بالفعل في الولايات المتحدة (من قِبل جون هدسون في مجلة فورين بوليسي، وجوش روجين في بلومبيرج). الأسماء المذكورة هناك لا تشجع نتنياهو: مستشار أوباما لشئون الاتفاق مع إيران «جاك سوليفان»، والمسئولة السابقة بوزارة الخارجية الأمريكية «لورا روزنبرج» وآخرين. حسب التقارير، يضم كبار المسئولين السابقين الذين تم استشارتهم؛ وزير الدفاع السابق «ليون بانيتا»، والمسئولة السابقة بوزارة الدفاع «ميشيل فلورنوي»، ومساعد وزير الخارجية «نك بارنز». بطريقةٍ أو بأخرى، هؤلاء هم جميع الأشخاص الذين كانوا جزءًا من العلاقات الكارثية والفوضوية بين نتنياهو وإداة أوباما على مدار السنوات الثماني الأخيرة.
مع مزيد من التدقيق، يمكن توقع أن يسوء مزاج نتنياهو أكثر؛ حيث يضم طاقم كلينتون أيضًا فريقًا متخصصًا يُركز على القضية الفلسطينية الإسرائيلية، التي تُمثل صداعًا أمريكيًا دائما ساء عبر السنوات. ذلك الفريق أيضا يمثل أخبارًا سيئة لنتنياهو. يضم الفريق خبراء كانوا على صلة بالإدارة السابقة، مثل إيلان جولندبرج، وتامارا كوفمان-ويتس، وديريك كوليت، وبريم كومار، وربما أيضًا ديفيد ماكوفسكي. يعمل أغلب هؤلاء الأشخاص في الوقت الحالي كمتطوعين، لكن الاتجاه واضح. إذا أصبحت كلينتون الرئيس القادم للولايات المتحدة، فإن أغلب هؤلاء الأشخاص سوف يتولون مناصب مهمة في إدارتها.
هدف كلينتون بسيط: إذا وعندما يتم انتخابها، تأملت كلينتون في عدم إضاعة وقت في التكرار أو دراسة الخبرات السابقة. سوف تكمل كلينتون من حيث انتهت وتبدأ العمل بسرعة. لا شيء يخيف نتنياهو أكثر من طموحاتها، بينما سياسته هي إضاعة الوقت. يعتمد نتنياهو على أن احتياجات سياسية أخرى سوف تجعل الرئيس الأمريكي غير مضطر إلى اتخاذ قرارات حقيقية. نجح نتنياهو في تلقين أوباما درسًا في السياسة المراوغة ضيقة الأفق. استطاع نتنياهو بالفعل قضاء ثماني سنوات مع أوباما بدون اتخاذ قرار واحد ذي أهمية أو تنفيذ تنازل واحد مؤثر.
آخر شيء يرغب فيه نتنياهو هو رئيسة أمريكية تعرف طاقمها ولديها آراء صيغت بعناية.
آخر شيء يرغب فيه نتنياهو هو رئيسة أمريكية تعرف طاقمها ولديها آراء صيغت بعناية. تعتبر كلينتون داعمة لإسرائيل، لكنها لا تحب نتنياهو. «نعتقد أنها لن تسمح لنفسها بعدم تجديد العملية الدبلوماسية بين إسرائيل والفلسطينيين»، صرح مصدر مقرب لنتنياهو بشرط عدم كشف هويته. تلك أخبارٌ سيئة لرئيس الوزراء، الذي نجح في تجميد العملية وإبقاءها بعيدة تمامًا عن الأجندة الدولية، بدون أن يتحمل أي تكلفةٍ شخصية تقريبًا.
كانت كلينتون وزيرة خارجية، حيث أدارت الاتصالات مع نتنياهو وكانت طرفًا في مطلب تجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. بالنظر لما نعرفه اليوم، اتضح أن هذا كان أبرز أخطاء إدارة أوباما في أول فترة له في منصبه. فيما يتعلق بذلك الأمر، لدى نتنياهو بعض الآمال الخافتة. «نحن نعتقد أن كلينتون تفهم فداحة خطأ تجميد بناء المستوطنات»، قال مصدر دبلوماسي كبير نقلاً عن أحد مساعدي نتنياهو والذي تحدث مع رئيس الوزراء. وأضاف: «نأمل أن تتوصل إلى الاستنتاجات الصحيحة».
رغم ذلك فإن نتنياهو يدرك انطباع كلينتون عنه، كما أن انطباعه عنها ليس بأفضل كثيرًا. يفهم نتنياهو أن عبء الإثبات يقع عليه. في محادثاتٍ مع مستشاريه المقربين، يشتكي نتنياهو صراحةً وباستمرار من قدره المرير. «إنني لا أصادف سوى رؤساء ديمقراطيين»، قال نتياهو ذات مرة لأحد مساعديه، حسب مصدرٍ دبلوماسي تحدث مع المونيتور بشرط عدم الكشف عن هويته. وتابع نتنياهو: «كان لدي بيل كلينتون في فترتيفي تلك الأثناء، يحاول نتنياهو الاستعداد للبديلين السيئين اللذين يواجههما. إذا أصبحت كلينتون الرئيس القادم للولايات المتحدة، سوف يحتاج نتنياهو إلى استغلال جميع قدراته السياسية والشخصية للحصول على دعمها. في ضوء ذلك، من شبه المؤكد أن رجل الأعمال الأمريكي الإسرائيلي «حاييم صبان»، وهو أحد أقرب مساعدي كلينتون، سوف يُمنح دورًا حاسمًا. يظل صبان على اتصالٍ بنتنياهو كما عمل كوسيط عندما تم الاحتياج إليه بين إدارة أوباما ونتنياهو في الأعوام الأخيرة. سوف يكون صبان لاعبًا رئيسيًا.