الحب بالإجبار: لماذا تحب النساء المغتصبين في الأفلام!
معظمنا يعرف كيف تسير أحداث قصة الجميلة النائمة، أميرة جميلة صغيرة السن تتسبب في غيرة ساحرة مقتدرة فتلقي عليها لعنة حتمية المفعول في يوم ميلادها، تنص اللعنة على أن ترقد الأميرة في سبات عميق عندما تتم عامها السادس عشر، لكن وكعادة القصص الخرافية توجد ثغرة في اللعنة، وهي أنه يمكن إبطالها بقبلة الحب الحقيقي وهو ما يحدث وتنتهي القصة بسعادة للجميع، إلا أن ذلك ليس ما حدث.
نعرف تفاصيل تلك القصة من النسخ المعاصرة والحديثة منها سواء أفلام الرسوم المتحركة أو الحكايات المكتوبة، لكن القصص الخيالية غالبًا ما تنقل شفاهة وتصل إلينا منقحة من خلال مجمعين متعددين أشهرهم الأخوان جريم، وفي نسختهم من القصة يصل الأمير لإيقاظ الأميرة لكننا لا نعلم الوسيلة تحديدًا، في نسخة سابقة للحكاية سجلها جيامبسيتا باسيل تستيقظ الأميرة لتجد نفسها أمًا لتوأم، عندما وجدها الملك صعق من جمالها وقرر أن يقطف ثمار الحب الأولى حسب وصف إحدى ترجمات الأسطورة ثم عاد إلى مدينته من جديد، لكن ولأنه قد وقع في حبها قرر العودة لرؤيتها ثم حكى لها ما حدث وتواصلا بعمق، يملك الملك زوجة تحاول الانتقام منه بعدما عرفت بفعلته لكن الحكاية الخرافية مثل مثيلاتها تنتهي نهاية سعيدة ألا وهي زواج الأميرة النائمة من الملك أبو أولادها والعيش بسعادة إلى الأبد.
وصفت الأسطورة فعل الاغتصاب بتعبير قطف ثمار الحب الأولى ونصرت الملك وحبيبته على الملكة الشريرة فأصبح الجانب الرومانسي هو جمع المعتدي والمعتدى عليها في سعادة أبدية، تتكرر تلك السردية في الكثير من الأدبيات الغربية الشهيرة وأحيانًا ما يتناولها الفن الشرقي كذلك، يصبح العنف الجنسي أو الجنس غير الرضائي عقبة بسيطة في سبيل السعادة الأبدية، أو وسيلة لربط البطل والبطلة برباط إجباري.
في ذلك النوع من القصص ينتصر المعتدي مرتين؛ مرة بنيله مراده الرئيسي ومرة أخرى بحصوله على الحب، ويندر أن يتضمن ذلك الحب نوعًا من الغفران أو الاعتذار وكأنه أمر واقع. تتنوع أساليب تناول حبكة مثل تلك خاصة في فنون معاصرة مثل السينما فتخلق قصصًا أكثر تعقيدًا وتشابكًا تحاول خلق شخصيات لا تعرف بجريمتها فقط لكنها تملك أبعادًا أخرى.
تتعامل الدراما التليفزيونية وخاصة الميلودراما الأمريكية مع وقوع الضحية في حب الجاني بشكل سطحي ومباشر ومهين لطبيعة الوقع النفسي للجريمة على البشر في الواقع، يصبح التعدي هو الشعلة التي تبدأ العلاقة، واحدة من أشهر تلك العلاقات تخص الثنائي لوك ولورا من مسلسل المستشفى العام General Hospital والذي بدأ عرضه في الستينيات، يقوم لوك ثملًا باغتصاب لورا لكنها رغم ذلك تقع في حبه ليصبحا أحد أكثر الثنائيات شهرة على الشاشة الأمريكية وتعد حلقة زفافهما هي الأكثر مشاهدة وقتها، أما في أفلام السينما خاصة تلك الأفلام التي يمكن وصفها بالفنية فإن الوضع مختلف وتدور حوله الخطابات والنقاشات والخلافات، يصعب تحديد موقف واضح أو الاتسام بالجدية في التناول خاصة أن بعض تلك الأفلام تنطلق من منطق نسوي يغير شكل موازين القوى ويرسخ لنوع جديد من الضحايا لكنها لا تسلم من التطبيع مع العنف الجنسي.
الإغواء القسري
تقع مسلسلات أوبرا الصابون Soap Opera الميلودرامية السابق ذكرها والروايات الإيروتيكية المنتشرة في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين تحت نوع أدبي يسمى بالإغواء القسري Forced Seduction، فيه تتعرض امرأة للاغتصاب ثم تسامح وتبدأ قصة حب ملحمية، لكن تلك السردية بدأت من قبل ذلك بقرون ربما يمكن تتبع بدايتها بالميثولوجيا الإغريقية وقصص تحولات زيوس وإغواءاته القسرية لنساء الأرض، لكن عندما بدأ فن الرواية في النضوج في القرن الثامن والتاسع عشر صدرت روايات تعتمد على وقوع الضحية في حب الجاني، من أشهر الأمثلة على ذلك هي رواية قصيرة للكاتب الألماني هنريش فون كلايست تسمى ماركيزة أو The Marquise of O 1808.
اقتبسها المخرج الفرنسي الشهير إريك رومير في فيلم بنفس الاسم عام 1976، يتبع الفيلم أسلوب القصة الخرافية على غرار الجميلة النائمة، تستيقظ الماركيزة فجأة من خدر أصابها تشعر بالوهن والإرهاق فقد تعرضت في أثناء غارة حربية لمحاولة اغتصاب من مجندين لكن تم إنقاذها على يد كونت شجاع اختفى بعدها وفقدت هي وعيها بعد الحادث، تمر الأيام وتتشابه حالتها المرضية مع الحمل، يثبت وجود الحمل فعلًا وتهيم الماركيزة في أرجاء منزلها مثل مريم العذراء تفكر إذا ما كانت تلك معجزة إلهية وتؤنب نفسها على الرغم من أنها تعلم تمامًا أنها لم ترتكب ما يستحق العقاب الذاتي أو المجتمعي، لكن ما نوع الأهل الذين يصدقون أن ابنتهم حملت بمعجزة؟ يغضب والدها ووالدتها ويرسلانها إلى بيت قروي بعيد عن الأعين، في أثناء ذلك يظهر الكونت بعدما دحضت إشاعات موته، يلح في طلبها للزواج في الوقت ذاته تتعرف عليه الماركيزة، تعجب بشجاعته المستمرة وبإصراره على الارتباط بها حتى بعد أن علم بحقيقة حملها.
يوافق والداها بعد ضغط ثم يعترف لها الكونت أنه بعدما أنقذها من أيدي المعتدين قام باستغلالها وتسبب في حملها وحاول في تلك الفترة أن يصحح خطأه نادمًا على فعلته ومستعدًا لفعل ما يتطلبه الأمر لينقذ الماركيزة من النبذ المجتمعي، تغضب هي وتعتبره وحشًا بينما تسعد أمها بتلك الخطبة لأنه زوج مناسب من عائلة كبيرة ذو لقب معتبر، يتزوج الثنائي وتعيش الماركيزة في تعاسة لكن مع نهاية الفيلم تشعر بمشاعر حب تجاه الكونت وينتهي بقبلة شغوفة بينهما.
يظهر (ماركيزة أو) الجنس غير الرضائي كفعل عابر لا يعبر عن شخصية مرتكبه، تتعرف الماركيزة على الكونت في سياقات مغايرة عن سياق العنف والاعتداء، شخص وسيم ومتناسق شجاع ومضحي، تصبح تضحيته أكبر من جريمته خاصة في السياق التاريخي لأحداث الرواية والفيلم، فضيحة بحجم الحمل دون زواج تستدعي النبذ والعقاب بل القتل إذا استدعى الأمر.
يمكن قراءة تهميش فعل الاغتصاب في ذلك الإطار وتأثيره على المجتمع من منظور نقدي، فالوالدان فضلا النسب الجيد ودفن الفضيحة على معاقبة مغتصب ابنتهما وكأنها هي المخطئة لكن نهاية كل من الرواية والفيلم بوقوع الماركيزة في الحب يدحض الرؤية النقدية ويزعزع أساساتها ويقرب السرد الرئيسي إلى التطبيع مع العنف الجنسي.
لا تظهر الرواية أو الفيلم فعل العنف نفسه وتشكك في حدوثه من الأساس عدة مرات فيظل لغزًا حتى النهاية، حتى أن أحد الدارسين للأدب يصف الحدث بأنه (أكثر اغتصاب منفذ برقة في تاريخ الأدب) فيمكن تفسير الأحداث من زاوية أن الكونت أحب الماركيزة كثيرًا فقرر أن يضحي بسمعته لينقذها لكن تلك مجرد قراءة من عدة قراءات يصعب إثبات قصديتها.
لا تقتصر قصص وقوع النساء في حب المعتدين الجنسيين على الأدب الغربي، فيمكن رؤية مثال واضح في سياق مختلف في رواية دعاء الكروان لطه حسين والفيلم المقتبس عنها بنفس الاسم.
سلاح ذو حدين
في عام 1934 نشرت رواية دعاء الكروان لكاتبها طه حسين ثم حصدت شهرة وشعبية جارفتين حينما اقتبسها كل من يوسف جوهر وهنري بركات للشاشة عام 1959 لتصبح أحد أشهر وأنجح وأكثر أفلام السينما المصرية حصدًا للجوائز والتقدير النقدي، في دعاء الكروان تعزم آمنة (فاتن حمامة) على الانتقام من مغتصب أختها المهندس العازب (أحمد مظهر) الذي ينعم بامتيازات نوعية واجتماعية وطبقية، تقرر أن توقعه في شركها بسلاح الحب، لأنها تعلم طبيعة شخصيته الدنيئة، كل ما يهتم به هو استغلال الفتيات الأضعف منه جسديًا واجتماعيًا، فيأمن العقوبة ويضمن قدرته على ارتكاب العنف، تستخدم هنادي ذلك لاستمالته وتنجح في التهرب منه عند كل محاولة، لكنها تجد فيه ما هو بعيد عن جريمته، ترى فيه رجلاً أكبر من مجرد مجرم وتقع في حبه ويعذبها ذلك ويضعها في معضلة أخلاقية كبرى فقد انقلب سلاحها ضدها.
بعيدًا عن موسيقى أندريا رايدر الأيقونية والجودة الفنية العامة للفيلم بما فيها الأداءات التمثيلية، فإنه يضع أبطاله ويضعنا في موقف إشكالي حيث يتوجب علينا أن نتعاطف مع الشخصية التي تتورط معها البطلة عاطفيًا. يتحول المهندس من المجرم المعتدي إلى شخصية يمكن تفهمها ومسامحتها، لكن الفيلم لا يعامل وقوع آمنة في حبه كأمر واقع أو نتيجة مترتبة على مقترحات جنسية غير مرغوبة بل يطرح تساؤلات تعني بحرية الاختيار وبطبيعة المشاعر البشرية ومدى سيطرتها على الإنسان وسيطرته عليها، هنادي تمر بمعضلة أخلاقية بسبب وقوعها في حب مجرم تسبب في موت أختها وتعدى على خصوصية جسدها، ولا يمثل حبها تحولاً رومانسيًا يمحو ما قبله.
لكن المثير للاهتمام هو اختلاف نهاية الرواية عن النسخة السينمائية، في نهاية النص الأدبي تتصالح القصة مع المهندس، فقد تغير بفعل الحب، وعاش مع آمنة وسط أسرته وعرض عليها الزواج ولم تتحدد نهاية معينة حينما صارحته بجريمته. أما في الفيلم فقد تم معاقبته بالموت وعوقبت هنادي بانكسار القلب والفقد مرتين ربما بسبب وقوعها في حب مجرم، فأصبحت تبعات العنف الجنسي تراجيدية لجميع الأطراف وأزيلت شبهة الإغواء القسري بشكله التقليدي الموجود في الرواية، لكن على الرغم من تقديم علاقة الحب بشكل رومانسي وصنع شخصية شريرة متعددة الأبعاد. إلا أن إشكالية طرح كذلك يصعب التغاضي عنها، تقترح تلك النوعية من العلاقات أن ذلك المعتدي المتسلسل ليس كما يظهر لنا وأنه قادر على الحب فقط إن تعرفت عليه عن قرب، فهو كائن متعدد الطبقات يجب أن ننزعها واحدة تلو أخرى حتى نصل إلى قلبه الرقيق.
إعادة امتلاك الجسد
في عام 1993 فاز فيلم البيانو The Piano لمخرجته وكاتبته جين كامبيون بجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصلي وذهبت ممثلتاه الرئيسيتان إلى المنزل بتمثالين من الذهب، في البيانو هناك خيط رفيع بين الرضائية والإجبار، أدا (هولي هانتر) سيدة صماء تعيش مع ابنتها الصغيرة، تجبر على الزواج من رجل غريب عنها لا تعرفه ينكمش جسدها حينما يقترب منها، لا تملك القدرة على التعبير اللفظي عن نفسها لكنها تعبر عن مشاعرها بشكل استثنائي عبر آلة البيانو.
تنتقل أدا وزوجها الجديد وابنتها إلى منزل على أحد الشواطئ التي يسكنها سكان أصليون وهناك تقابل بحارًا سابقًا اعتمد طريقة عيش سكان الجزيرة، يحتجز ذلك البحار بيانو أدا ويساومها عليه بصفقة أشبه بالدعارة، يقترح عليها اقتراحات جنسية غير مرغوب بها في مقابل أن تجلس وتعزف على آلتها ولسانها، تتجنبه أدا حينًا وترضخ لطلباته حينًا لكن الصفقة مزعجة لكليهما، تنجذب إليه بعد ذلك حينما يتوقف عن عرض خدماته غير المطلوبة لكن تبقى إمكانية الانجذاب لشخص اعتدى على خصوصية جسد إحداهن غصة في الفيلم، يتحول الفيلم بعد ذلك إلى تراجيديا رومانسية ملحمية فيها تختار أدا أن تعيد امتلاك جسدها وتتحكم فيه، ترفض تقرب زوجها منها وتهرب إلى عشيقها الجديد.
في البيانو لا يقدم الرجل على الاغتصاب لكنه يفرض نفسه على امرأة ينجذب إليها ويعرض عليها منافع مادية ومعنوية في مقابل الجنس، على عكس الأفلام السابقة فإن الفيلم من إخراج امرأة، تقع البطلة في حب المعتدي لأنها ترغب في أن تتحرر جنسيًا وعاطفيًا، تستكشف جسدها من جديد وتقرر هي متى تريد أن تتقرب منه، لكن تلك الأدوات القصصية ترسخ أو ترجح نجاحًا ممكنًا لقصص حب مبنية على مقدمات تتسم بالعنف وعدم الرضائية وكأن ذلك ممكن في العالم الحقيقي، في الوقت نفسه يعتبر الكثيرون الفيلم أيقونة نسوية خالدة تحتفي بحرية الاختيار وقلب الأدوار وموازين القوى بين الجنسين لأن أدا هي من تقرر بدء العلاقة وتمتلك زمام الأمور في حياتها.
تتناول المنظرة النسوية الشهيرة بيل هوكس فيلم البيانو بالنقد من منطلق الترسيخ للنسوية البيضاء وتبجيل وتمجيد الاستعمار والرضوخ النسائي للنظام الأبوي، فعلى الرغم من تمرد أدا على زوجها فهي تخضع لرجل آخر وتحقق العائلة الذرية المقبولة مجتمعيًا معه وتصبح أكثر ألفة وأقل جموحًا، تقترح هوكس أيضًا أن الفيلم يضع بطلته في موضع اختيار بين الشغف الفني والحب وينتهي بها الأمر باختيار الحب متمثلاً في ترك البيانو يغرق في المحيط فيصبح إيجاد الاستقرار الزوجي الأبوي بديلًا عن الفن والتحقق الذاتي.
تضيف هوكس بعدًا آخر بانتقادها فرضية أن الفيلم يتناول قيمة نسوية فقط لأن كاتبته ومخرجته امرأة، وترى أنه حتى إذا كسرت كامبيون بعض الأعراف السينمائية وتناولت الفيلم بأدوات نسوية فهي تخون ما تمثله النسوية من قيم تتعلق بتحقق النساء وتحتفي بسيطرة الرجال على حياة وجنسانية النساء.
من يملك الفانتازيا
اشتهرت فكرة الاغتصاب كأداة لجمع بطل وبطلة في إطار رومانسي في الروايات الرومانسية الشعبية، لا توجد تعقيدات أو جدالات حول طبيعة العلاقات أو الخطاب المتعلق بالجنسين، وترى كاتباتها أن فانتازيا الاغتصاب ممتعة للنساء على الرغم من ارتباطها بالمخيال الذكوري المهووس بالسيطرة الجسدية والمعنوية على النساء، يبرر صانعو هذا النوع من الخيال أن النساء قادرات على التفريق بين الوهم والحقيقة وأنه في العالم الحقيقي عندما تقول امرأة ما لا فإنها تعنيها، لا تعني حاول أكثر، لكن في تلك الروايات أو حتى في الأفلام الإباحية السرديات تعج بالرغبات المنحرفة أو الغرائبية بالضرورة، يحتد الجدل أكثر عندما تصل تلك الخيالات إلى السينما الفنية.
في عام 2013 صنع المخرج بول فيرهوفن فيلمه (هي Elle) بطولة الممثلة الفرنسية الشهيرة إيزابيل أوبير، وضعها في دور أصبح نمطيًا بالنسبة لها، امرأة حديدية لا تظهر مشاعر وتفتك بمن حولها، يتعامل الفيلم مع فكرة فانتازيا الاغتصاب وهي فانتازيا ذكورية تعنى بالسيطرة لكن تلك المرة من يرغب بها حقًا هي امرأة، سيدة عاملة مهووسة بالسيطرة كذلك لكنها ترغب في الخضوع بشروطها الخاصة، يبدأ الفيلم بحادث عنف جنسي مروع ثم يتحول إلى نوع من الفانتازيا الجنسية المتبادلة ولعب الأدوار، على الرغم من رغبة الفيلم في تقديم شخصية نسوية جعلها عنف الرجال ما هي عليه الآن إلا أنه ينغمس في أفكار الرجال الأكثر عمقًا عن العنف الجنسي، بإثبات تصورات المعتدي أن ضحيته قد ترغب فعلاً في التعرض للعنف، إنها الحجة الأكثر شهرة (لا تعني نعم).
يظهر التناقض في الرسالة التي يرسلها الفيلم في كلام إيزابيل أوبير نفسها عنه، هي مثل أي ممثلة محترفة ترفض الحكم على شخصيتها، في حوار لها مع موقع استايل Style تقول إن الفيلم لا يهتم بأن يكون صائبًا سياسيًا، وعندما تسأل عن ردود أفعال النساء اللاتي وجدنه غير قابل للمشاهدة ومنهن إحدى السيدات الناجيات من الاغتصاب كتبت شهادتها على الموقع، ردت بأنه أشبه بتجربة متجردة من المشاعر، تتعلم بها الشخصية أشياء جديدة عن نفسها، يمثل ذلك الرد إشكالية كبرى في المحتوى البصري والفني المصنوع من قبل الرجال وهو استخدام الاغتصاب كأداة قصصية لتغيير شخصيات النساء أو استكشاف الذات وهو ما تنبذه الأعمال الأكثر معاصرة بشكل كامل أو تنتقد منفذيه بشدة مثلما حدث مع صناع مسلسل صراع العروش Game of Thrones.
كثيرًا ما تتجرد الجرائم من حدتها في السينما والتلفزيون فتصبح أداة لرسم شخصية أبطالها، تعلق على ذلك شخصية كاسي في فيلم شابة واعدة Promising Young Woman بأن الضحية تملك آثار المعتدي عليها فهي تتحول وتتوقف عن كونها هي وتصبح مسخًا من ذاتها السابقة، لكن ذلك لا يقويها أو يجعل منها شخصية أكثر تعقيدًا، بل من الممكن أن يتسبب في إنهاء حياتها، مع كل الوعي المكتسب حديثًا والحساسية المتزايدة في التعامل مع قضايا العنف الجنسي داخل الأفلام وفي صناعة السينما نفسها أصبح من الصعب تمرير تلك الأدوات السردية أيًا كانت الجودة الفنية للعمل، فهناك العديد من الطرق لبناء شخصية نسائية وجعلها تستكشف نفسها والعالم من حولها ولا يتوقف الأمر على رؤية الرجال لمدى قوة الاغتصاب كأداة قصصية، ففي النهاية كم رجل يبني العنف الجنسي شخصيته ويجعله أقوى في سياق فيلم ما؟