لماذا غابت موهبة «عمر مرموش» عن أعين الجميع في مصر؟
المكان: ملعب برج العرب، الإسكندرية.
الزمان: 8 أكتوبر 2021.
الحدث: مباراة مصر وليبيا في تصفيات كأس العالم.
الساعة تشير إلى الدقيقة 48 وثوانٍ قليلة، الكرة تتجه ناحية اليمين في الوقت الذي أتمركز فيه أنا على حدود منطقة الجزاء، وقتها توقعت أنها ستلعب بالعرض، ليستقبلها أي منا ويحولها في المرمى، لمحت بعيني تحرك مصطفى محمد إلى العمق؛ لذا قررت أنا التمهل قليلًا والبحث عن المساحة الفارغة.
حسنًا، لقد نجحت بالفعل، حصلت على مساحة تسمح لي باستلام الكرة، هذا الموقف مررت به كثيرًا، وهذا الجزء الذي أفضله في الملعب، لطالما عشقت استلام الكرة، ووجهي إلى المرمى، على كلٍّ فكرت قليلًا ماذا أفعل؟ بجانبي صلاح وأعتقد أن هذا كافٍ من أجل تمرير الكرة له.
خلال ثانيتين فقط، قررت فعل ما اعتدت عليه دومًا، هذا ما أجيده ولذا سأقوم به حتى ولو كان على حساب التمرير لصلاح، قمت بسند الكرة للأمام؛ وسددت بكل قوة حين وجدت الفرصة سانحة لذلك، ليأتي الهدف الذي لم يتوقعه أحد غيري، ولأصبح بعدها حديث الشارع الرياضي في مصر، نعم.. أنا عمر مرموش، وجئت لأحكي قصتي اليوم.
ابن وادي دجلة
بدايتي مع كرة القدم كانت من خلال أكاديمية وادي دجلة، والتي انضممت إليها في عام 2007، كنت أبلغ من العمر 8 سنوات، وأذهب من أجل ممارسة الرياضة، وهو الأمر الذي يعتاد عليه الأطفال في هذه السن المبكرة.
اضطررت للاستمرار مع الأكاديمية لمدة عام؛ لأن النادي لم ينشئ فريقًا لمواليد 99 في ذلك الوقت، ولكني انضممت بعدها إلى فريق 98، وبدأت في التدرب معهم تدريجيًّا لمدة عامين، ثم قرر النادي إنشاء فريق لمواليد 99 لأنضم إليه من جديد.
رحلتي مع الفريق الوليد استمرت 5 أو 6 سنوات، لا جديد يذكر في تلك الفترة، أذهب إلى التدريب يوميًّا، وأشارك في المباريات بشكل طبيعي، دون أي شيء آخر، حتى جاء موسم 2016/2017.
هذا الموسم الذي شهد على تسجيلي لـ 44 هدفًا في 28 مباراة، وبمعدل 1.5 / مباراة تقريبًا، بالفعل هو معدل مبهر لناشئ في ذلك الوقت، ولا أدري كيف فعلت ذلك حتى الآن، ولكني سأزيدك من الشعر بيتًا بأني استطعت تسجيل 3 أهداف (هاتريك) في مرمى النادي الأهلي في مباراة انتهت بالتعادل 3-3، ضمن دوري منطقة القاهرة بقطاع الناشئين.
اكتشاف كارتيرون
حسنًا يبدو أنه السؤال الذي أثار فضول الجميع عبر منصات التواصل أمس، من اكتشف عمر مرموش؟ في البداية دعني أؤكد أنني دائمًا ما أكون ممتنًا لأي مدرب تعاملت معه منذ بداية مشواري وحتى الآن.
هل تتذكر تلك المباراة التي أحرزت فيها هاتريك في مرمى النادي الأهلي؟ وقتها جاء المدرب الفرنسي باتريس كارتيرون لمتابعتي في المباراة التالية، وكانت أمام إنبي، ثم قرر بعدها ضمي للفريق الأول، الذي كان يضم الحارس الأسطوري عصام الحضري والفرنسي فلوران مالودا.
في نهاية الموسم، رحل كارتيرون عن تدريب الفريق، وتولى أحمد حسام ميدو المهمة بدلًا منه، لقد استطعت حجز مكان أساسي خلال ولاية ميدو، وهو أول من طلب مني اللعب كمهاجم صريح في دجلة، لن أخفيك سرًّا، كانت الأمور صعبة في البداية، ولكني أعتقد أنني استفدت كثيرًا من خبراته كمهاجم سابق ومدرب لي في تلك الفترة.
ما زلت أتذكر أول مباراة لي تحت قيادة ميدو، كانت أمام نادي الشرقية للدخان في الدوري المصري، يومها استطعت تسجيل أول أهدافي في هذا الموسم بعد مرور 16 دقيقة فقط.
تجربة الاحتراف
لا شك أن الجميع علم بخبر حصولي على جائزة أفضل لاعب شاب في ألمانيا عن شهر سبتمبر، أنا أيضًا علمت بالخبر قبل مباراتنا أمام ليبيا بدقائق قليلة من خلال حسابات البوندسليغا على السوشيال ميديا، ولكن التجربة هناك لم تكن بالسهلة على الإطلاق.
ساهم ظهوري أساسيًّا رفقة وادي دجلة، بالإضافة إلى انضمامي إلى قائمة منتخب مصر للشباب، للمشاركة في بطولة أفريقيا عام 2017 تحت قيادة الكابتن معتمد جمال، في مساعدتي على خوض تجربة احترافية في ألمانيا من خلال نادي فولفسبورغ.
كنت ما زلت صغيرًا جدًّا، حيث بلغت وقتها الثامنة عشرة، ولكن كان لديَّ حلم الاحتراف واللعب في مستوى أعلى بشكل مبكر، ظللت رفقة فريق الرديف في أول موسمين، واللذين مرَّا عليَّ بصعوبة شديدة، لا يشعر بها سوى من خاض التجربة.
بداية من الموسم الثالث تبدلت الأحوال قليلًا، حيث تواجدت في تدريبات الفريق الأول؛ مما أوجد لديَّ الدافع للمشاركة في البوندسليغا، وهو ما تحقق بالفعل عندما ظهرت في 5 مباريات مع فولفسبورغ في نهاية موسم 2019/2020.
في الموسم التالي قررت البحث عن فرصة أكبر للمشاركة فانتقلت إلى نادي سانت باولي في دوري الدرجة الثانية الألماني على سبيل الإعارة، وبالفعل شاركت في 21 مباراة، سجلت خلالها 7 أهداف وصنعت 3.
وبداية من الموسم الحالي قررت خوض تجربة أخرى في البوندسليغا بعد تجديد عقدي مع فولفسبورغ حتى عام 2023، حيث ألعب رفقة شتوتغارت لمدة موسم واحد، واستطعت تسجيل هدف وصناعة آخر في أول شهر لي مع الفريق، وهو ما تسبب في حصدي لجائزة أفضل لاعب شاب.
فرصة سانحة
لقد قاربنا على نهاية القصة، وأنا أعلم تمامًا أنك تنتظر تعليقي على عدم الانضمام للمنتخب الأول والأولمبي خلال الفترة الماضية، هذا السؤال الذي سئمت الإجابة عليه حقًّا، ولكني سأرد عليه ربما للمرة الأخيرة هنا.
لقد اعتدت على مدى السنوات الماضية الذهاب إلى المنتخبات عبر المراحل السنية المختلفة، ولقد شاركت بالفعل رفقة منتخب الشباب في بطولة أفريقيا، ومن وقتها وأنا أنضم لمعسكرات المنتخب الأولمبي التي عقدت في عدة دول مختلفة، وتواصل معي أفراد من الجهاز الفني للمنتخب الأول أثناء ولاية كابتن حسام البدري.
تعليقي على تلك الفترة لن تختلف، أنا أعلم جيدًا دوري كلاعب كرة قدم محترف، وأحاول أن أقوم بوظيفتي على أكمل وجه، أحاول جاهدًا التركيز في طعامي، والجانب البدني لجسدي، بالإضافة إلى الجانب الفني أيضًا.
لست تلك الشخصية التي ستراها تخرج لتصرخ في وسائل الإعلام، أو تنادي بمظلومية هنا أو أمر هناك، لا إطلاقًا لست أنا، أنا أريد أن أتطور بشكل يومي، وهذا ما سأسعى إليه في ألمانيا، أعتقد أنه حان الوقت لأخذ فرصتي رفقة المنتخب، وأعتقد أيضًا أنه يتوجب عليَّ أن أثبت أنني جدير بها هذه المرة.