لهذه الأسباب كان «BATMAN vs. SUPERMAN» مخيّبًا للآمال
إذا كنت من محبي السينما أو من المتابعين المهووسين بالقصص المصورة «كوميكس»، فأغلب الظن أنك قد ذهبت بالفعل لمشاهدة هذا الفيلم في السينما. وإذا لم تذهب حتى الآن فأغلب الظن أنك لن تقتنع بشكل كامل بما ستقرؤه في السطور القادمة. أنت متشكك فى آراء الجميع و تريد أن تشاهد لتحكم بنفسك.
بدأت فكرة ظهور سوبرمان و باتمان في عالم واحد منذ أربعينيات القرن الماضي، وظل تواجد البطلين سويًّا معبرًا عن صداقة و مشاركة في محاربة الأشرار، وتطورت الشخصيات بعد ذلك ليُصنع عالم فرقة العدالة أو «Justice League of America»، حتى ظهر في منتصف الثمانينات إصدار جديد من الكوميكس بعنوان «the dark knight returns» و حينها طُرحت فكرة أن يتصارع باتمان وسوبرمان لأول مرة وجهًا لوجه كأعداء وليس كأصدقاء. منذ ذلك الحين وحتى اليوم وهذه الفكرة تسيطر على أذهان محبي الكوميكس جيلًا بعد جيل؛ لذا انتظر الجميع بمنتهى الحماس مشاهدة هذا الصراع أخيرًا على شاشة السينما، انتظره الجميع بآمال عالية، و الأمل كما تعودنا شيء خطير؛ لأنه وكالمعتاد في هذا الزمن الحزين، لن يتحقق.
القصة مشتتة لدرجة تجعلك تتساءل: فيلم من هذا؟
بدأ الفيلم بشكل جيد حينما قدم مشهد قتال «سوبرمان» و«الجنرال زود» بعيون «بروس وين »، ليرينا كيف يرى بطل البشر ما يمكن أن يفعله هذا الفضائي بأرضنا دون أن يشعر. سبق ذلك استرجاع بروس لمشهد قتل أبيه وأمه، وفجأه تقتحم شخصية «ليكس لوثر» عالمنا بأجندة مختلفة وغير مفهومة، ثم تظهر ودون سبب واضح شخصية «واندر ومن» حتى نصل للمشهد الذي يرسل فيه «بروس واين» رسالة إلكترونية لها يقدم فيها ما وجده بالصدفة البحتة، وهو تسجيلات مرئية لباقي شخصيات «Justice League of America».
حينها لن تشعر فقط أن المخرج «زاك سنايدر» لم يكلف نفسه عناء التفكير في حبكة مقنعة لطفل تخطى الست سنوات، ولكنك أيضًا -ولسوء الحظ- ستشعر أنك أمام إعلان ترويجي كبير لأفلام عالم «DC» القادمة. أنت تنتظر صراعًا ضخمًا بين باتمان وسوبر مان، أو هكذا انتظرت من اسم الفيلم، ولكنك لن تحظى سوى بمواجهة قتالية وحيدة استمرت لمدة عشر دقائق في فيلم تجاوزت مدته الساعتين والنصف.
فرصة جيدة لتقديم «بات مان» جديد أضاعها المخرج
منذ البداية وحتى النهاية ووجود «سوبرمان» ضعيف للغاية، والفيلم يتجه لكونه فيلمًا لـ «بات مان» أكثر من كونه أي شيء آخر. وعلى عكس المتوقع فقد ظهر «بن أفليك» بشكل جيد، بشكل يجعلك تصدق أن هذا الشخص هو بالفعل «بروس واين» رجل الأعمال فاحش الثراء الذي يذهب متخفيًا في زي وطواط ليحارب الجريمة، هذه المرة بشكل قوي وأكثر تطورًا سترى منه بعض لحظات الأكشن الرائعة، ولكنك فجأة ستندهش: «هل يقتل باتمان الناس بهذه البساطة حقًّا؟!».
المعضلة الأخلاقية الرئيسية لشخصية باتمان والتي سبّبت صراعًا داخليًّا طويلًا في سلاسل الكوميكس وفي الأفلام المصورة هي أنه لا يريد أن يتحول لقاتل أو مجرم. باتمان يحارب الجريمة ولكنه يترك القتلة مكبّلين حتى تأتي الشرطة. باتمان مرّ بأصعب اللحظات بسبب تلك المعضلة مع «الجوكر» الذي ظلّ طوال الوقت يدفعه لأن يصبح مثله، قاتلًا. و نتذكر هنا أحد المشاهد الأيقونية من رائعة «كريستوفر نولان» The Dark Knight حينما وقف الجوكر «هيث ليدجر» في منتصف الطريق منتظرًا أن يصطدم باتمان به، ولكن فى النهاية يميل باتمان ليسقط أمامه. هو يرفض أن يقتله، لأنه في هذه اللحظة سيصبح مجرد مجرم آخر، مثله.
ما الذي حدث لهذه المعضلة الأخلاقية؟، لا نعلم!. ستشاهد باتمان يطلق النار كراعي أبقار مخبول، ويقتل الناس دون لحظة تفكير. يبدو أن مخرج ألعاب الفيديو «زاك سنايدر» اندمج قليلًا ونسي كل هذا!.
حينما تشاهد مارك زوكبرج يحاول لعب دور «ليكس لوثر»
«جيسي أيزنبرج» ممثل جيد؛ ولكنك تشعر أنه لا ينتمي لهذا الفيلم. حركاته العصبية المبالغ فيها هنا تجعلك تشعر بالشفقة أكثر من الشر. الشخصية لا تناسب شخصية «ليكس لوثر» رجل الأعمال الشرير قوي البنية في سلسلة القصص المصورة. لكن البعض يفسر هذا بأن هذه الشخصية هي «ليكس لوثر الابن»، حسنًا.
على كل حال، فإن ما يصنع من الشرير شخصية يتذكرها الجمهور هو أن تشعر بدوافعه التي من الممكن أن تكون «أن أرى العالم يحترق لمجرد رؤية ذلك»، ولكننا لا نرى هذا من ليكس لوثر هنا، بل إننا في أحد اللحظات الغريبة نجده يضحي بمساعدته المخلصة في أحد التفجيرات، فقط ليجعل سوبر مان يظهر بشكل سيئ. والأكثر غرابة أن هذه التضحية لم تظهر بشكل واضح في الفيلم، إذا شاهدت الفيلم فعلى الأرجح أنت لم تلاحظ هذا حتى الآن.
«زاك سنايدر» و شركة «وارنر بروس» أصحاب النصيب الأكبر من الفشل
اختارت شركة «وارنر بروس» المخرج «زاك سنايدر» الذي أثبت مرة تلو الأخرى أنه غير قادر على صنع فيلم يؤثر عاطفيًّا في الجمهور، أو يجعلهم يسبحون في عوالم أخرى ويرتبطون بشخصياته. وأعتقد أنه لا يوجد إثبات أقوى مما ستشاهده في هذا الفيلم. بإمكان «زاك» أن يصنع مطاردات جيدة ومشاهد حركة مبهرة وانفجارات متتالية ولكن كل هذا لا يستند إلى فكرة جيدة أو إلى سرد متماسك.
الشيء الآخر الذى يفتقده “زاك” هو القدرة على صنع الحبكة، لن أبالغ إذا قلت إنك يمكنك أن تتنبأ بأحداث الفيلم كلها تقريبًا بمجرد مشاهدتك للإعلان الدعائي، فالمخرج يصنع حبكات شديدة السطحية، فيكفي أن تعرف أن مشاكل “باتمان” و”سوبرمان” كلها ستحل لأن أميهما تحملان الاسم نفسه!.
لا أعلم لماذا قرر الجميع أن كل جملة يجب أن تصاغ بشكل أدبي ويصبح لها معنى فلسفي، لا أعلم لماذا قرر صناع الفيلم أن يطلوا مشاهده كلها بألوان قاتمة لدرجة أن النهار لم يسطع طوال الفيلم ولا لمرة واحدة، إما ليل وإما غسق، ولا أعلم لمَ ظهر الجميع بوجه متجهم طوال الفيلم. النتيجة هي محاولة فاشلة ومصطنعة لإضفاء بُعد فلسفي و درامي على فيلم أبطال خارقين، فلا كسبنا أوقاتًا جيدة في صحبة فيلم حركة ممتع يصلح لقضاء عطلة أسبوع برفقة وعاء من الفشار، ولا كسبنا فيلمًا دراميًّا صاحب بُعد فلسفي حقيقي.
الآن أنت تعلم لمَ خرج الجميع بخيبة أمل من هذا الفيلم، هذا بالإضافة لأن «الفشار» في أغلب دور العرض المصرية سيئ للغاية.