قبل الاحتفاء بها: من هي وزيرة الخارجية النمساوية؟
في مستهل كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدثت وزيرة الخارجية النمساوية في جزء من خطابها باللغة العربية، وقالت إنها لغة من 6 لغات رسمية داخل الأمم المتحدة، وليس مستغربًا أن تتحدث كنايسل اللغة العربية وقد قضت جزءًا غير قصير من طفولتها في العاصمة الأردنية عمّان، رفقة والديها، حيث كان والدها طيارًا خاصًا للملك الأردني الراحل الحسين بن طلال (بينما والدتها كانت مضيفة)، كذلك درست كنايسل أواخر القرن الماضي في جامعة سان يوسف الكاثوليكية الفرنسية في بيروت، المستغرب أن هذا الفعل قوبل بحفاوة عربية غير مفهومة، ولم يسأل كثيرون ممن أصابتهم تلك الحفاوة عن ماهية السيدة كنايسل وسياساتها أو أفكارها!
اقرأ أيضًا: قبل أن يحكم اليمين المتطرف عاصمة أوروبية
بدأت كنايسل مسيرتها الدبلوماسية في مكتب القانون الدولي لمجلس الوزراء النمساوي 1990، وعُينت في الخارج للعمل في باريس ومدريد، لذلك فهي تجيد إلى جانب الألمانية (اللغة الأم) والعربية، الفرنسية والإسبانية. عملت في الصحافة، قبل أن تشتغل في السياسية عام 2011 كنائبة لرئيس الجمعية النمساوية للدراسات السياسية العسكرية،يُعرف عنها أنها مستقلة، لا تنتمي لأي الحزبين المشاركين في التحالف الحكومي حزب الشعب (يمين الوسط) وحزب الحرية (اليمين المتطرف) لكنها دخلت الحكومة من باب الحرية، الذي لكي يدخل في التحالف الحالي بسط يده على الوزارات الثلاثة الأهم؛ الداخلية والخارجية والدفاع، وكانت كنايسل على أوسطهم.
راقصت بوتين وانتقدت ميركل
أغسطس/ آب الماضي، بعد أشهر قليلة من تسميتها وزيرة للخارجية في حكومة سيباستيان كورتس قامت كنايسل بدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحضور حفل زفافها ورجل الأعمال النمساوى فولفجانج ميلينجر. راقصته كنايسل بينما استشاطت غضبًا صحافة أوروبا، التي اعتبرت حضوره تقاربًا بين حكومة أوروبية يمينية وإدارة موسكو المعادية، والحال كذلك في الصحف المحلية إذ تكلفت زيارة الضيف – من تأمين وإقامة خاصة – مبالغ مالية تحملها دافع الضرائب النمساوي!
صحيح أن النمسا لم تعد منذ الحرب العالمية الثانية في قلب السياسة العالمية أو الأوروبية لكنها ليست دولة من دول العالم الثالث لئلا يعلم دافع الضرائب أين تُوظف أمواله! إذن النمسا أول بلد أوروبي يشارك اليمين المتطرف في حكمه، في أوج الصعود اليميني في أوروبا، مما انعكس على مشاعر المهاجرين، حيث الجالية المصرية كانت أكبر الجاليات العربية في النمسا قبل نزوح السوريين الجارف.
بينما كانت كنايسل تعمل نائبًا لرئيس الجمعية النمساوية للدراسات السياسية العسكرية بين عامي 2011 و 2015، انتقدت بشدة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، لقرارها عام 2015 المرحب بالمهاجرين، قائلةً إن مثل تلك القرارات «تجذب اللاجئين»، واصفةً ذلك بالإهمال، وأشادت في الوقت نفسه برئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، لحثه على العمل على تأمين الحدود الأوروبية.
كنايسل شو
بغض النظر عن عدم ثقتنا بالمؤسسات الدولية، إلا أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ليست درسًا تاريخيًا للحديث عن اللغة العربية والحضارة العربية دون ملامسة واقع العرب المرير، كان بإمكان سيدة الدبلوماسيين النمساويين التطرق لمشكلات الشرق الأوسط إن كانت تولي اهتمامًا بحاضرهم ومستقبلهم، حديثها السابق عن اللاجئين وتبني حكومتها اليمينية موقفًا سلبيًا تجاه اللاجئين معتبرة الحل في تحسين ظروف البلدان المتضررة كان يتطلب منها حتى موقفًا من الرئيس الروسي داعم النظام السوري وزعيم الحرب الباردة هناك، بدلًا من دعوته لحفل زفافها والتراقص في أحضانه.
كانت كنايسل قد ذكرت في حديثها عن الربيع العربي أنه نتيجة لاستجابة الشباب العربي لهرمون الذكورة التستوستيرون، بدلًا من أن تناقش الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية المضمحلة من جراء تراكم الفساد في بلدان العرب. كذلك لم تتورع عن إعلان تأييدها في إحدى المقابلات الصحفية لحظر الحجاب الإسلامي في النمسا، فضلًا عن تصريحاتها المتتابعة حول الإسلام كدين للإرهاب والتطرف. وكشخص قضى سنوات عديدة في الشرق الأوسط، قالت كنايسل ذات مرة إن حبها الأول كان شابًا لبنانيًا مسيحيًا:
في الوقت نفسه، إلى جانب تصريحاتها السابقة، فهي تصف دولة الاحتلال الإسرائيلي بأنها جيشٌ له دولة، وعلقت على الصهيونية بأنها قائمة على الدم والأرض منذ أن صاغها هيرتزل، كذلك كانت من المعارضين لحرب العراق 2003، مدعيةً أن الديمقراطية وحقوق الإنسان لن تروي بذورها القنابل.