موت مفاجئ، بعد أيام من احتفالها بعيد ميلادها الثلاثين، للناشطة الإماراتية آلاء الصديق، حادث سير ينهي حياة أشهر معارضة إماراتية، في بريطانيا بعيدًا عن أهلها ووطنها حيث طالتها يد القدر في حادث لا تفاصيل حوله.

فقط بيان مقتضب نعاها فيه المعارضون المقيمون في لندن وزملاؤها في منظمة القسط لحقوق الإنسان. شغلت آلاء منصب المدير التنفيذي للمنظمة التي أسسها عام 2014 يحيى عسيري، ضابط سابق في سلاح الجو الملكي السعودي بهدف توثيق انتهاكات حقوق الإنسان ونشر تقارير عنها.

سافرت آلاء إلى لندن بعد قضائها فترة غير طويلة في قطر، وحصلت على اللجوء السياسي في بريطانيا. لكنها رحلت من بريطانيا إلى العالم الآخر قبل أشهر من الموعد المرتقب للإفراج عن والدها الداعية محمد عبد الرازق. عبد الرازق اعتقلته السلطات الإماراتية عام 2012 بتهمة تدبير انقلاب، وقُضي عليه بالسجن عشر سنوات كاملة في محاكمة دائمًا ما وصفتها آلاء بالصورية.

القضية التي أُدين فيها والدها تُعرف إعلاميًا بقضية الإمارات 94، وفيها ألقت الإمارات القبض على 94 مواطنًا بتهمة تدبير انقلاب. تراوحت مهن المعتقلين بين قضاة وأكاديميين ومحامين وزعماء طلابيين، وجيمعهم إماراتيون. وبعض تفاصيل القضية تشير أنهم أنشؤوا تنظيمًا مرتبطًا بجماعة الإخوان المسلمين، وحتى لو لم يكن مرتبطًا بجماعة الإخوان، فتشكيل الأحزاب السياسية محظور في الإمارات.

لم تكتفِ آلاء بالبكاء على مصير والدها، بل حملت قضيته على عاتقها وطافت العالم تنادي بالإفراج عنه. أمسكت آلاء بأبواق مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف المنافذ الإعلامية العربية والأجنبية لتتحدث عن تعرض والدها للاعتداء والتعذيب والإخفاء القسري رغم صدور حكم عليه.

تقول آلاء إنها لم تسمع صوت والدها منذ عام 2013، وأشارت إلى أن الإمارات سحبت من والدها، ومن أولاده، الجنسية. وسّعت آلاء نطاق نقدها فطال الأوضاع الاجتماعية في الإمارات ككل، وقالت في أكثر من مقابلة إن الإمارات تشهد انهيارًا للحريات وتضييقًا غير مسبوق في مجال الحرّيات والتعبير عن الرأي. هذا التضييق أرّخت له آلاء بعام 2013، عام صدور قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يُجرّم، حسب وصفها، كل انتقاد سلمي للسلطة.

لم تكن آلاء غائبةً عن العين الإماراتية، بل ظلت تراقبها وتحاول الوصول إليها لدرجة خوض خلاف مع الجارة قطر بسببها. عبد الله بن حمد، رئيس تحرير جريدة العرب القطرية، قال إن السيدة التي تحدث عنها محمد بن عبد الرحمن، وزير الخارجية القطري، في يناير/ كانون الثاني عام 2018 هي آلاء.

وقد ذكرها وزير الخارجية باعتبارها سيدةّ مثّلت سببًا عميقًا للخلاف مع الإمارات. فقال الوزير إن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، أرسل مبعوثًا إلى تميم بن حمد، أمير قطر، يطلب منه تسليم السيدة زوجة المعارض، لكن تميم رفض طلبهم بذريعة أن المرأة لم تكن مطلوبةً لجرم جنائي.

فآلاء هي بنت المعارض وزوجة المعارض عبد الرحمن باجبير الذي اُضطر للفرار من قطر إلى بريطانيا هو الآخر.

الأنباء المتواترة تشتبه في احتمالية جنائية في حادثة القتل، لذا تم منع صاحبات آلاء اللواتي كنّ معها في الحادثة من التواصل مع أي جهة، وتم احتجازهن في المستشفى حيث يتلقين العلاج بسبب الإصابات التي لحقتهنّ جراء الحادث.