أيًّا كانت نتيجة استفتاء الاتحاد الأوروبي: ديفيد كاميرون خاسر
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
كتب دوق ولينجتون بعد معركة واترلو: لا شيء يثير الحزن أكثر من خسارة معركة، سوى انتصار بطعم الهزيمة.
قد يراود ديفيد كاميرون نفس الشعور بشأن استفتاء يوم 24 يونيو. بالفعل يضر النقاش، المتعلق بالبقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، بحزب المحافظين ورئاسته لمجلس الوزراء. حيث ستكون الهزيمة كارثية بالنسبة له، وسيأتي الفوز مقابل تكلفة سياسية ثقيلة.
حتى الآن، لا يزال الفوز يمثل النتيجة الأكثر ترجيحًا. باستثناء تفاقم أزمة المهاجرين أو حالة طوارئ أخرى في منطقة اليورو، ستعني الضبابية الكامنة وراء مغادرة الاتحاد الأوروبي على الأرجح أن معظم المصوّتين البريطانيين سيختارون الحفاظ على الوضع الراهن. ولكن في حال الفوز بالاستفتاء، يحتمل بشدة أن يخسر كاميرون حزبه.
لقد اعتقد دائمًا أن عدد المؤيدين كليًا لمغادرة الاتحاد داخل الحزب كان صغيرًا نسبيًا. ففي مطلع العام، ظنت الحكومة أن وزير العدل «مايكل جوف» وعمدة لندن «بوريس جونسون» سيكونان إلى جانبها. لقد ظنت أن عدد أعضاء البرلمان الداعمين لخيار «الخروج» لن يتجاوز المئة، لكن جوف وجونسون يتخذان حاليًا أدوارًا بارزة ضمن حملة الخروج المدعومة من قبل حوالي نصف أعضاء المحافظين بالبرلمان ومعظم نشطاء الحزب.
ظن كاميرون أن عددًا لا يذكر من أعضاء حزبه سيؤيدون قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي ليفاجأ بأن نصف أعضاء الحزب تقريبًا يدعمون ويحشدون للتصويت بالخروج.
تطلعت القيادة المحافظة طويلًا إلى إمكانية جمع شتات الحزب مرة أخرى بعد الاستفتاء. كانت الفكرة أن الاحتمالية المواسية لقضاء عقد في السلطة، إن ظل الحزب متحدًا، ستتغلب على مرارة النقاش حول الاتحاد الأوروبي. لكن النيران الصديقة تزداد عنفًا، ولن تُنسى بسهولة. ففي الأيام القليلة الأخيرة، هاجم مستشار رئيس الوزراء «جورج أوسبورن» الداعمين للخروج بوصفهم «جاهلين اقتصاديًا»، كما وجه بوريس جونسون اتهامًا لديفيد كاميرون، وجورج أوسبورن، وتيريزا ماي بتضليل المصوتين بشأن الهجرة، وتم نفي تحذير أوسبورن، من أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيكلف البريطانيين آلاف الجنيهات، بطرق شخصية للغاية من قبل نواب الحزب الداعمين للخروج البريطاني.
يعلم كاميرون أنه ينبغي عليه محاولة وقف ذلك قبل فوات الأوان. فقد استدعي أحد وزراء معسكر «الخروج» مؤخرًا، والذي توقع أن يتعرض للتوبيخ بعد انتقاد سياسة الحكومة ليعزز موقف الحملة. لكن ما مثل مفاجأة بالنسبة للوزير أن المحادثة كانت مهذبة. لقد علمت أن كاميرون قد أظهر غضبًا فقط عندما ذُكر اسم بوريس جونسون.
سرًا، يقول المقربون من كاميرون إن سبب دعم عددٍ كبير وغير متوقع من نواب الحزب المحافظ لخروج بريطانيا هو إما الضغوط الانتخابية أو الطموح الشخصي. لكن الأمر في الواقع يمثل جزءًا من توجه أوسع، فيمين الوسط البريطاني ليس حريصًا على أوروبا مثلما كان من قبل. إنها حقيقة هامة ومثيرة للاهتمام أن الرؤساء الأربعة للجنة 1922 الخاصة بنواب الحزب المحافظ – إدوارد دو كان، أرشي هاملتون، مايكل سبايسر وجراهام برادي – يدعمون الخروج. وفي ضوء أن رئيس اللجنة يتم انتخابه من قبل زملائه في الحزب المحافظ، يعد هذا مؤشرًا جيدًا على أن الرأي البرلماني للحزب يعتمد على السؤال الأوروبي.
يحتاج كاميرون إلى أصوات حزب العمال الداعمة للبقاء داخل الاتحاد؛ مما يجعله تحت رحمة غريمه جيرمي كوربين، وهو وضع لا يحسد عليه بالطبع.
يشير آخر استطلاع هاتفي لشركة «آي سي إم» إلى أن المزيد من مصوتي حزب المحافظين سيدعمون الخروج، لذلك سيحتاج كاميرون إلى أصواتٍ كثيرة من حزب العمال داعمة للبقاء ليفوز بالاستفتاء؛ ما يفسر استعداده للتصوير مع «نيل كينوك» الأسبوع الماضي. لكن الاعتماد على حزب العمال لا يعد تجربة مريحة بالنسبة لرئيس وزراء من حزب المحافظين. أولًا، هناك حقيقة أن آلان جونسون، زعيم توجه البقاء في حزب العمال – وفق تعبير أحد المطلعين بالحزب – «ليس بالسياسي المدفوع» كما يتبرم المطلعون داخل الحكومة بالفعل بشأن معدل عمله.
يأتي ذلك مشفوعًا بحقيقة أن قائد حزب العمال «جيرمي كوربين»، لا يميل إلى تسهيل الأمر على الحكومة بالنسبة لهذا الاستفتاء. ربما يقف إلى جانب كاميرون بالنسبة للنقاش الأوروبي، لكنه لا يتوانى عن انتقاد أعضاء الحزب المحافظ، رغم المحاولات الرسمية لحملة البقاء لتلطيف الانتقادات على أساس أنه المناصر الأول لقضيتهم. إنه تحول غريب، فقد كان المحافظون تاريخيًا أكثر مناصرة لأوروبا. وفي السبيعنيات، كان رئيس الوزراء المحافظ هو من أدخل بريطانيا إلى المجتمع الاقتصادي الأوروبي، وكان نظيره من حزب العمال ملزمًا بإجراء استفتاء على العضوية لمنع انقسام حزبه. بدأ اليسار بتبني المشروع الأوروبي بالكامل فقط بعد خطاب رئيس المفوضية «جاك ديلور» أمام مؤتمر اتحادات العمال في بورنموث عام 1988. انطوت رسالته على أن السوق الداخلي سيكون سوقًا اجتماعيًا حيث «سيكون من غير المقبول للممارسات غير العادلة أن تشوه تفاعل القوى الاقتصادية».
في ماستريخت عام 1991، تفاوض «جون ميجور» بشأن انسحاب بريطاني من الفصل الاجتماعي، فقط ليعيدنا إليه «توني بلير» بعد انتخابات عام 1997. بحلول الوقت الذي جاء فيه ديفيد كاميرون لإعادة التفاوض بشأن شروطنا للعضوية، لم يعد إنعاش هذا الانسحاب خيارًا واقعيًا؛ فالحماية الاجتماعية الأوروبية تتشابك الآن مع السوق الموحدة، لذلك لا يمكنك التمتع بمميزات التجارة دون قبول القواعد الأساسية.
البعض في يمين الوسط، الذين قبلوا من قبل بتقلص السيادة كثمن لتحسن التجارة، انقلبوا ضد العضوية بفضل هذا العبء الإضافي للبيروقراطية. حتى «جان كلود يونكر»، الرئيس الحالي للمفوضية الأوروبية، اعترف هذا الأسبوع بأن «أحد أسباب نفور مواطني الاتحاد الأوروبي من المشروع الأوروبي هو أننا نتدخل في كثير من مجالات حيواتهم الخاصة، وفي كثير من المجالات، حيث تكون الدول الأعضاء في وضع أفضل لاتخاذ الإجراءات اللازمة وتمرير التشريعات». لكن هناك فرصة ضئيلة أمامه لإصلاح المشكلة.
سيكون لهذا التغير الكامل في موقف يمين الوسط البريطاني تبعات عميقة ومستمرة، حتى إن صوتت البلاد لصالح البقاء. يعني ذلك أن القائد القادم لحزب المحافظين يرجح بشكل أكبر أن يكون «توافقيًا»، وأن هذا الاستفتاء لن يحل المشكلة بالشكل الذي تطلع إليه كاميرون. يشير أحد المؤيدين للخروج في الحزب إلى أن السنوات الثمانية التي تلت إقامة رئيس وزراء من حزب العمال لاستفتاء بصدد أوروبا، والذي دعا البريطانيين للبقاء فيها، كان لدى حزبه التزامًا معلنًا بالانسحاب. وحتى إن لم يتبع المحافظون مثل هذا المنحى المثير، من غير المرجح أن يستغرق الأمر 40 عامًا أخرى قبل أن يُطلب منا مجددًا التصويت على عضويتنا في الاتحاد الأوروبي.