ما لا تعرفه عن «الكابو» علاء مقلد
اهتزت القاهرة بالفعل ذلك اليوم. استطاع الأهلي أن يهزم غريمه الأبدي فريق الزمالك بستة أهداف مقابل هدف وحيد. يُحكى أن واحدًا من جماهير الأهلي في الملعب أصابته لوثة من السعادة فأخرج كل ما يملك من مال وأطاح به في الهواء مرددًا أنه لا يحتاج شيئًا من الدنيا بعد الآن.
بعد مرور أكثر من ثلاث ساعات على نهاية المباراة وداخل إحدى محطات الوقود على طريق القاهرة العين السخنة يخيم الحزن على جميع العاملين. على بُعد خطوات بسيطة يجلس رجل يؤكد البعض أنه أحد مالكي تلك المحطة فوق كرسي خشبي بسيط يبكي بحرقة مثل الأطفال.
يحاول بعض العاملين تهدئة الرجل ومواساته، لكنه لا يستجيب لأحد فقد هُزم فريقه للتو بستة أهداف كاملة في مباراة ديربي وهو ما لا يحتمل أبدًا.
تلك القصة التي تعود إلى عشرين عامًا بطلها هو اللواء السابق علاء مقلد، ربما لا يمكننا أبدًا التأكد من مدى صدق الواقعة لكننا وإذا تخيلنا المشهد بمعطيات الوقت الحالي نجده قابلاً للتصديق تمامًا؛ لأن علاء مقلد ببساطة رجل زملكاوي لدرجة يمكنك معها تصديق أي رواية تنسب له وتلك تحديدًا هي المشكلة.
الكابو علاء مقلد: من صغري بعشقه
إذا كنت لا تصدق رواية محطة الوقود تلك فتلك رواية أخرى رواها علاء بنفسه، حيث كان يشغل وظيفة مفتش مباحث القاهرة، وتواجد بصفة عمله داخل الملعب في إحدى مباريات الزمالك.
كانت النتيجة تشير إلى تأخر الزمالك بهدف قبل نهاية المباراة بدقائق، تحصل الزمالك على ركلة ركنية فلم يشعر مفتش المباحث علاء مقلد بنفسه إلا وهو يركض ليأتي بالكرة ويضعها في زاوية الملعب في الكورنر حتى يتمكن الزمالك من إدراك التعادل سريعًا قبل فوات الأوان.
يستطرد مقلد في الحديث ليؤكد أن اللواء عباس العاصي رئيس مباحث العاصمة آنذاك قام بتعنيفه بعد هذا المشهد، لكن عذره الوحيد كان حب الزمالك الذي يفقد معه عقله.
علاء مقلد: الشهرة والسخرية والسذاجة
تمر الأعوام وتصبح النتيجة المنطقية أن يكون «علاء مقلد» جزءًا من نادي الزمالك، ويتقلد الرجل وظيفة مدير عام النادي طبقًا لتاريخه الأمني ثم يظهر له فيديو آخر يتحصل على قدر كبير من الشهرة والسخرية كما سيعتاد الرجل بعد ذلك.
يظهر مقلد عام 2011 في لقاء تليفزيوني مؤكدًا أن نادي الزمالك في أشد الاحتياج إلى بطولة ولذا فهو يتمنى التتويج ببطولة الكأس. لكن أمنيات مقلد لم تتوقف عن ذلك ففي سبيل تحقيق الزمالك الكأس تمنى الرجل أن ينسحب الأهلي من البطولة لأنه يحقق بطولات كثيرة وعليه أن يترك بطولة للزمالك.
ربما تلك هي بداية فيديوهات مقلد التي يتعجب الكثيرون من مدى سذاجة الرجل في الطرح خلالها والتي لن تتوقف خلال الأعوام التالية. فهو تارة يقف لينظم جماهير الزمالك خلال الهتاف وكأنه كابو ألتراس عتيد وتارة ينظم وقفة من موظفي نادي الزمالك تحت منزل رئيس النادي مرتضى منصور ليرجوه أن ينزل النادي إثر امتناعه عن الحضور داخل النادي إبان خلافه مع هاني العتال.
مقلد مرتضى: علاقة حب عجيبة
ثم يظهر مقلد في عشرات الفيديوهات التي يظهر خلالها مرتضى منصور معنفًا وساخرًا وغاضبًا في وجه الرجل وكأنه يتعامل مع طفل صغير والعجيب أنه لا يمتلك أي ردة فعل ولو من باب الحفاظ على ماء الوجه.
يستغرب البعض لماذا يحتمل لواء سابق له باع في الأمن العام ورجل يعرف عنه حالته المادية المتيسرة كل تلك السخرية.
الحقيقة أن مقلد الذي بكى بعد هزيمة الزمالك كطفل والذي يتمنى حصول الزمالك على بطولة حتى لو جاءت عطفًا من الغريم وجد في مرتضى منصور الرجل الذي أعاد الزمالك لمنصة البطولات بشيء من الهيبة المفترضة.
كيف تحققت تلك الهيبة؟ لا يهم. هل كانت بطولات الزمالك لها ثمن ما من تاريخ النادي؟ لا يهم بالطبع. علاء مقلد هو واحد من مئات المشجعين الذين يعلقون على مقاطع فيديو يظهر خلالها مرتضى منصور يكيل الشتائم في وجه الجميع بأنه أصبح للزمالك درعًا وسيفًا وهذا الأسد الذي لا يهاب.
لا يحتمل مقلد سخرية رئيس النادي منه فحسب، بل يحبه كثيرًا ويؤكد كلما ظهر أنه أفضل رئيس نادٍ في تاريخ الزمالك وأن الزمالك يعيش أفضل فتراته تاريخيًا. والحقيقة أنه في ذلك لا يرى سوى ماضٍ أليم كان فيه الزمالك بالفعل في أسوأ حالاته سواء فنيًا في فترات تفوق أهلي جوزيه الكاسح أو فترات تخبط الزمالك الإدارية والتي جعلت النادي في أسوأ مراحل البنية التحتية.
مثله مثل الكثيرين ينكرون تاريخ الزمالك بأكمله خوفًا من تلك الفترة البائدة، يصبحون أدوات وقطع بازل في صورة كبيرة يكون فيها الزمالك منافسًا على طريقة مرتضى منصور.
ليس الوحيد لكنه الأوضح
علاء مقلد هو الشخص الأكثر وضوحًا في كونه أداة ومحبًا ومساندًا للشكل الإداري الحالي لنادي الزمالك، لكنه ليس الوحيد أبدًا. هل تتذكر معي مشهد تمنيه انسحاب الأهلي؟ كان المدير الفني للزمالك حينذاك حسن شحاتة وكان مساعده إسماعيل يوسف وتلك الأسماء ربما تقربك لفهم درجات الوعي والموالاة.
يظهر إسماعيل يوسف مثلًا كرجل من أهم لاعبي الزمالك عبر التاريخ، وكواحد من أفضل الشخصيات التي تتحدث عن الزمالك فنيًا وإداريًا. وهو الرجل الذي يمسك العصا من المنتصف فيما يتعلق بالعلاقة مع مرتضى منصور.
يمكنك ببساطة أن تحسبه أحد رجال مرتضى منصور وأدواته لكن الفرق الجوهري أنه لا يظهر بالمظهر الساذج المذعن لآراء المستشار لكنه أيضًا لا يتعارض مع الطريقة أو السياسات.
أما الاسم الآخر هو حسن شحاتة وهو الرجل الذي يوضح لك النقيض. فهو يمتلك من التاريخ والوعي والفهم أن يترفع عن حساب نفسه كأحد رجال مرتضى حتى ولو شكك البعض في زمالكاويته من الأساس رغم أنه الرجل الأهم في تاريخ كرة القدم في الزمالك.
علاء مقلد ليس الوحيد لكنه النسخة الأكثر سذاجة فحسب، هو مشجع يريد لناديه البطولات بأي شكل لكنه في موضع المسئول بدلًا من المشجع.
ربما يمكنك أن تكره علاء مقلد لمواقف أخرى مثل تأكيده بأنه مجرد محولجي في قضية جدو، أو ادعائه بأنه لا يتذكر الواقعة من الأساس في قضية أحداث الدفاع الجوي، لكنك لا ينبغي أبدًا أن تكره علاء مقلد لأنه يرقص ويصفر ويصفق في مدرجات الزمالك من أجل الفريق.