ماذا سيحدث إذا حجبت «bein sports» قنواتها عن مصر والسعودية؟
في عالم تحاصره المشاكل والأزمات من كل حدب وصوب لدرجة تجعلها بعيدة تمامًا عن التخلص منها، يظل الهروب إلى عالم كرة القدم هو الأكثر أمانًا وضمانًا لجماهير العالم العربي، فهو ليس بحاجة إلى أبحاث علمية أو ما شابه لمعرفة هل هناك حياة على سطح القمر أم لا ، يكفي القول بأن مشجعي كرة القدم ومهما كانت حياتهم معقدة إلا أنها تبدو سهلة وبسيطة في غضون تسعين دقيقة مرة على الأقل كل أسبوع، ومهما كانت الأرض تعاني من آثار الدمار يشعرون حينها أنهم فوق سطح القمر يتنفسون الصعداء، وهو ما يجعل فقدان ذلك المصدر المُبهج دائمًا خطرًا يهدد المزاج العام أكثر من داعش؛ لأنه ببساطة سيجبرك على عدم نسيان كل المساوئ من حولك ولو لدقيقة.
لذا يبقى للقلق من قطع بعض الدول العربية لعلاقاتها الدبلوماسية مع قطر جانب آخر مهم جدًا وهو الذي يخص بعض المحللين والمعلقين المنتمين لتلك الدول مثل أحمد حسام ميدو الذي اعتذر عن الاستكمال معهم بالإضافة، ذلك الجانب الذي يخص أيضًا جماهير اللعبة، هؤلاء الذين يريدون الفرار من أعباء الحياة التي تشبه السياسة بكل مشاكلها وغموضها، ذلك لأن مالك شبكة قنوات بي إن سبورتس هو القطري «ناصر الخليفي»، مما يطرح العديد من التساؤلات عن مصير الاشتراكات المدفوعة الأجر مسبقًا في هذه القنوات وكم من الوقت تبقى لديهم لمتابعة 99% من بطولات اللعبة للمرة الأخيرة إذا كانت، وهل ستصبح حياتهم في ما بعد عبارة عن سياسة فقط وينغمسون في توابعها رغمًا عنهم هذه المرة دون وجود منفذ للهروب منها، السؤال الذي سنحاول أن نجيب عليه هو ما يمكن أن يحدث في مصر إذا ما كانت الإجابة نعم وتم حجب قنوات بي إن سبورتس عنها.
في تلك اللعبة خسارة لفريقين!
على الجهة الأُخرى لا يمكن القول أبدًا إن حجب قنوات بي إن سبورتس عن مصر وأي دولة عربية أخرى هو أمر مُرضٍ لأي طرف من أطراف النزاع ولا حتى لملاك تلك القنوات، والتي كانت قد بدأ يتسع نشاطها فتضمنت عددًا من القنوات الترفيهية والتي اعتاد مقدمو البرامج الرياضية أثناء بعض مباريات الدوري الإنجليزي وغيره في الترويج لها وتذكير المشاهدين بالأفلام التي سيتم عرضها على الباقات الأُخرى، لذا فإن تطبيق قرار حظر الشركات التي لها علاقة بقطر سيكون مؤثرًا للغاية _سلبًا بالطبع_ على ناصر الخليفي وشركائه لأن أكبر سوقين عربيين لقنواتها هما مصر والسعودية.
يأتي ذلك بعد انقضاء موسم واحد فقط من الثلاثة مواسم التي قام ناصر الخليفي بتجديد شراء حقوق بثها والخاصة ببطولة البريميرليج وكلفته مبلغ 38 مليون دولار، كذلك مسابقتي الدوري والكأس في إسبانيا واللذين كلفاه ما يقرب من 2.14 مليار دولار نظير بث مباريات هذه البطولات حتى موسم 2018/2019، لذا يبدو الأقرب حتى الآن في حال لم تنصلح العلاقات السياسية هو استمرار إذاعة هذه البطولات حتى نهاية مدة تعاقد مجموعة بي إن سبورتس مع رابطتي الدوريين الإنجليزي والإسباني على أقل تقدير وإلا ستتعرض الشركة لخسائر فادحة تشبه خسارة باريس سان جيرمان لنهائي أبطال اليد على يد فريق مغمور يُدعى فاردار المقدوني برغم الإنفاق ببذخ على الفريق الأول!.
مقاهٍ كالمباريات، بدون جمهور
كمشجع لكرة القدم فأنت لست بحاجة إلى مشروب بعينه لتحسين مزاجك بعد يوم مليء بالضغوطات،فقط الجلوس على أي مقهى ومتابعة مباراة مهمة للغاية غالبًا ما يكون له مذاق مختلف لكل من المُشجعين الذين لم يتسنّ لهم التواجد في ملعب المباراة والاستمتاع بتلك الأجواء الرائعة، وكذلك مذاق مختلف لأصحاب المقاهي الذين يتم تعويضهم عن أيام العمل في فترات التوقف الدولي بعكس الانشغال الكبير يومي الأحد والسبت لمتابعة الدوريات الإنجليزية، الأسبانية، الإيطالية وحتى الفرنسية وكذلك في أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس لمتابعة البطولات الأوروبية؛ لأن الملل غالبًا ما ينتهي عند مشجعي كرة القدم فور متابعة أي مباراة لأي فريق بشرط أن تكون المتعة حاضرة.
ولكن لماذا تمثل كرة القدم مصدر دخل كبير لأصحاب المقاهي؟؛ لأن بعضها تحديدًا عندما يتألق في الاستعداد للمناسبات المُنتظرة بشدة مثل النهائيات يصبح بكل سهولة ملجأً خاصًا للاستمتاع بهذه الليالي أيًا كانت النتيجة، وبالأخص إذا نجحت في استقطاب بعض الروابط الرسمية لمشجعي عمالقة الأندية الأوروبية لمتابعة مباريات فريقها المفضل في المكان المفضل أيضًا وكدعاية لها إذا ما تم إجراء بعض الحوارات التلفزيونية مع أعضائها هُناك، ولكن كل ذلك قد يختفي تمامًا إذا ما حجب قنوات بي إن سبورتس نهائيًا عن مصر وقد يُحول المقاهي من مشروع مربح بسبب وجود جهاز بي إن سبورتس إلى مكان مهجور أو كالمباريات بدون جمهور.
عندما يصبح الشيرينج كالقراءة حقًا مكفولاً للجميع
حتى وإن تم الحجب بصفة رسمية، بعض المصريين ربما يجدون حلولاً لتلك المعضلة والتي كانوا قد سبقوا وفكروا بها بعد انتشار أخبار عن قطع البث عن مصر بسبب مشكلة بين قنوات سي إن إيه المسئولة عن تشفير القنوات في مصر ومجموعة بي إن سبورتس بسبب رفضهم لإضافة القنوات الجديدة على الباقة؛ حتى لا يمنعهم ذلك من مجاملة الشبكات القديمة المُشفرة في مصر والتي تنفرد بتميزها في العروض الأُخرى ولكن البعيدة عن الرياضة بطبيعة الحال، وكأنه رفض لمحاولة سيطرة بي إن المطلقة على كل المجالات الإعلامية.
أحد الحلول بالطبع هو الشيرينج والذي يعتمد على فتح بعض القنوات من خلال توصيل كابل الإنترنت ببعض أجهزة استقبال القنوات الفضائية وليس جميعها، فيتم فتح بعض القنوات التي تنقل بعض البطولات المهمة مثل البريميرليج، الليجا، السيريا آ والليغ وان، أو من خلال تحميل بعض التطبيقات على الهواتف الذكية مثل «موبي كورة» والتي تنقل بعض المباريات في بث مباشر، بعض الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بدأ في نقل بعض المباريات مباشرًة كذلك.
يظل الحل الأكثر انتشارًا هو متابعة بعض المواقع المختصة مثل «يلا شووت» المهتم بنقل أبرز مباريات الجولة بسبب قدرتها على توفير مختلف الروابط لمختلف السرعات الخاصة بالإنترنت ذي السرعات الفائقة أو البطيئة والأخير هو المتوفر في مصر على الأرجح، تلك الاقتراحات سيتم ترديدها في أقرب وقت ممكن خاصة مع وجود بطولة كأس القارات هذا الصيف وكذلك السوبر الأوروبي بين مانشستر يونايتد وريال مدريد في أغسطس المُقبل.
الشهامة تُدعى هشيمة؟
منذ فترة ليست بالقصيرة ظهر رجل الأعمال المصري «أحمد أبو هشيمة» بقوة على ساحة البزنس الكروي في مصر بدايًة من استحواذه على قنوات أون تي في الناقلة لمباريات الدوري المصري، وكذلك التعاقد مع قناة تشيلسي الذي يسمح للقنوات الخاصة به بنقل مباريات تشيلسي في السنوات القليلة المقبلة ولكن مٌسجلة وليست على الهواء مُباشرًة، وأخيرًا وليس مؤخرًا تعاونه مع الأسطورة البرتغالية رونالدو والذي أصبح سفيرًا للعلامة التجارية لشركة حديد المصريين وكان قد قام دوبليره بتصوير إعلان دعائي لها في الأيام القليلة الماضية.
بمجرد انتهاء تعاقد بي إن سبورتس مع الدوريين الإنجليزي والإسباني وهما الأكثر شعبيًة في الأوساط العربية، ربما يعتمد المصريون تحديدًا على أبو هشيمة ونجاحه الإعلامي مؤخرًا في السيطرة على تلك البطولات على قنواته مثلًا ليكون هو مُنقذ المصريين من حرمانهم من متابعة أهم البطولات الكروية، وبعيدًا عن أبو هشيمة هناك أيضًا أبو ظبي التي تملك حقوق مباراة واحدة مهمة وهي السوبر الإسباني وربما تستغل الوضع في التنافس بقوة على بث أهم البطولات في الفترة المقبلة.
السؤال هنا: هل يتم تمويل تلك البدائل أو مساعدتها بطريقة أو بأُخرى للاعتماد على أي منهما لتنفيذ طلبات أحمد أحمد رئيس الاتحاد الأفريقي الجديد بكسر احتكار الخليفي لكل البطولات والألعاب كذلك؟!، هل يستطيع أحمد أحمد نفسه كسر تعاقد الكاف مع شركة لاجاردير الفرنسية والتي فازت بحقوق بث بطولات الاتحاد الأفريقي لمدة أحد عشر عامًا مقابل مليار دولار في نهاية حقبة عيسى حياتو؟، دعنا نرى عزيزي القارئ ما ستسفر عنه الأيام القادمة.
النحس مستمر لجمهور ليفربول؟
لم تكن تتمثل معاناة جمهور ليفربول في غياب الفريق عن الألقاب التي اعتاد عليها فريق بهذا التاريخ العريق، ولكن مع الزيادة الجارفة لشعبية الدوري الإسباني منذ بداية التنافس التقليدي بين رونالدو وميسي بات من شبه المستحيل أن تقوم المقاهي بتشغيل مباراة لفريقهم تُلعب في نفس التوقيت الذي يلعب فيه برشلونة أو ريال مدريد حتى لو كان المنافس لأي منهما هو متذيل الترتيب في مباراة تحصيل حاصل أو شهدت انتهاء الشوط الأول بتسعة أهداف نظيفة مثلًا، الاستثناء الوحيد هو مشاركة لاعب مصري محترف مع فريقه في مباراة أخرى حتى وإن كان تم نقلها على بي إن سبورتس 11.
لذلك تابع المصريون بشكل غير مسبوق مباريات لفريق روما الإيطالي أكثر مما شاهدوه للذئاب منذ نشأتهم، ومع التقارير التي تُشير باقتراب محمد صلاح من الانضمام إلى ليفربول تواجه الآمال المرتفعة لجمهور الريدز بمتابعة أي مباراة لفريقهم حتى لو كان الكلاسيكو يُلعب آنذاك صدمة الاحتمال غير القليل بحجب القنوات من مصر وكل دولة قطعت علاقتها بقطر، ليستمر النحس المرتبط باسم ليفربول ولكن ليس للفريق وإنما للجماهير والمصرية تحديدًا هذه المرة.