ماذا يعرف الشيخ مبروك عطية عن نادي أرسنال الإنجليزي؟
إذا لم تكن قد شاهدت مقطع الفيديو الشهير «مبروك عطية وزينبو» فما قرأته الآن هو نص سؤال عبر مكالمة هاتفية قامت بها الحاجة زينب حيث قررت توضيح ما فعلت من جرائم واضحة لأنها تحتاج بشدة إلى شيخ يفتيها هل ما فعلته من جرائم حرام؟
أما رد الشيخ مبروك عطية فكان على قدر الحدث، قاطعها الرجل متسائلًا ما إذا كانت مدسوسة عليه لإفساد البرنامج ثم انفجر أخيرًا في وجهها: «حرامين وأربع حرامات وثمانين حرامًا».
فعلت السيدة كل ما فعلت بدافع حبها لابنتها لكنها في سبيل ذلك الحب قامت بعدد من الجرائم لينتهي المشهد بخراب حياة ابنتها تمامًا.
قد تبدو تلك المكالمة بعيدة كل البعد عن كرة القدم لكنها تبقى كمرجع مثالي لكل المواقف المشابهة. كيف أن الإنسان لا يشعر بأنه الشخص المعتدي والمتسبب في الضرر لنفسه أو للآخرين ثم يقف بعد أن خرب المشهد من حوله تمامًا ويتساءل بمنتهى البراءة: «هل ما فعله كان خطأ؟».
وفي كرة القدم يتجسد هذا المشهد جليًا في كل التفاصيل التي تتعلق بنادي أرسنال الإنجليزي. يحب مشجعو الأرسنال فريقهم بجنون ويبقون شغوفين به رغم الخسائر، وفي المقابل تتفنن إدارة النادي في استغلال هذا الشغف دون أن تكترث بما يمثل هذا النادي في قلوب محبيه.
لا يملك الأرسنال مشروعًا أكاديميًا ولا ميزانية مناسبة لتحسين الفريق ولا رؤية واضحة، عنصران فقط هما الأوضح فيما يتعلق بنادي أرسنال: مشجع محب ومهموم على الدوام، وإدارة لا تكترث سوى بالربح فقط. فماذا لو كان المشجع نفسه هو السبب الرئيسي لهذا الانهيار؟
الدعم غير المشروط: فرصة للاستغلال
يبقى مشجعو كرة القدم هم الجوهر الأساسي الذي تتطور حوله اللعبة. وتعتمد الأندية في دخولها على عدد من المصادر والتي تتعلق جميعها بطبيعة الحال بالمشجع.
تحدد مصادر الدخل الرئيسية هذه بدورها إلى حد كبير الوضع المالي لأندية كرة القدم، كما تحدد أيضًا الأنماط الحالية والمستقبلية للاستثمارات في النادي والترويج له على نطاق عالمي.
أصدرت وكالة فوربس تقريرًا العام الماضي عن أكثر فرق كرة القدم قيمة في العالم. حظي أرسنال بالمركز السابع وهو مركز لن يستطع أن يبلغه العام الحالي في جدول الدوري الإنجليزي الممتاز بالمناسبة.
اعتمد التقرير على تحديد موطن تفوق كل فريق حيث تم تقسيم مصادر القيمة لكل فريق إلى أربع فئات: عائدات المباراة، و عائدات البث، والعائدات التجارية، والعلامة التجارية. كل قائمة تحتوي على أكثر خمسة أندية قيمة في العالم.
لم يظهر نادي أرسنال إلا في قائمة وحيدة حيث احتل المركز الثالث في قائمة عائدات المباراة. السبب ببساطة أن أرسنال يمتلك ثاني أغلى تذكرة موسمية في إنجلترا والتي تقدر ب 1768 إسترليني.
خلال موسم 2016-2017 حصل أرسنال على 135 مليون يورو عن طريق تذاكر المباريات، أكثر من أي نادٍ آخر. على الرغم من أن إجمالي الحضور بلغ 1.13 مليون في المرتبة السادسة أوروبيًا إلا أن سعر التذكرة كان له عامل فارق.
حسنًا، يبدو أن أرسنال يعتمد على مشجعيه لكن الأرقام هنا ستوضح الأمر كثيرًا، حيث مثلت أرباح التذاكر 28 ٪ من إيرادات النادي أكثر من أي نادٍ في الأندية العشر الأولى ثروة في أوروبا.
حسنًا، السؤال المثير الآن: لماذا يدفع عدد كبير مبلغًا كبيرًا مقارنة بأسعار التذاكر لمشاهدة فريقهم يقدم أداءً محبطًا على الأغلب وخسائر متتالية وفقدان مريب للروح والنقاط والأمل على السواء؟
عزيزي القاطن بدير النحاس
ربما يبدو الأمر الآن مقتصرًا على هؤلاء القادرين على شراء تذاكر مباريات أرسنال، أما هؤلاء المتابعون لهذا النادي حول العالم فهم أبرياء من هذا المشهد العبثي.
تبقى ملاعب كرة القدم ذات سعة محدودة، وبالتالي يمكن لعدد محدود من المشجعين الحضور. التوسع أو الانتقال إلى ساحات أكبر هو الخيار الذي تتجه له كل الأندية.
يكمن الحل دومًا في الوصول للجمهور الإلكتروني. تشير كلمة الجمهور الإلكتروني إلى نسبة المشاهدة بخلاف التواجد في الملاعب من خلال وسائل مثل التلفزيون والإنترنت والإذاعة.
المنطق الاقتصادي هنا بسيط، المزيد من المشاهدين يعني المزيد من عائدات التلفزيون والمزيد من صفقات الرعاية والتعاون التجاري بين النادي والمؤسسات المختلفة.
حتى عائدات رحلات الجولات التحضيرية للموسم في آسيا وأمريكا تعتمد بشكل أساسي على مدى شهرة الفريق وعدد المشاهدين والمتابعين له دون شك.
لذا فإذا كنت عزيزي القاطن بدير النحاس لا تشعر أنك جزء من المشكلة فالحقيقة أنك كذلك للأسف.
ربما التوقف عن الدعم هو الحل
بينما توصلت إدارة نادي أرسنال إلى خفض أجور لاعبي الفريق بنسبة 12.5٪ للعام المقبل تضخمت ثروة مالك النادي «ستان كرونكي» خلال أشهر الكورونا الأخيرة دون أن يتأثر بما يحدث في العالم.
وفقًا لتقرير الملياردير بونانزا 2020 الذي كتبه وجمعه معهد الدراسات السياسية وهو مركز أبحاث تقدمي مقره واشنطن زادت ثروة كرونكي بمقدار 400 مليون دولار من 1 يناير إلى 10 أبريل عام 2020.
هكذا هو كرونكي، رجل يجيد صناعة المال بشكل هائل ورجل مثل هذا لن يقرر أن يقدم على خطوة تغيير واحدة تجاه مستقبل الفريق الذي يمتلكه إلا عندما يتأثر ماديًا وماديُا فقط.
بينما أنت شغوف بفريقك تتابع مبارياته على أمل فوز يتيم أو حتى أداء جيد أمام الكبار، مقدمًا دعمًا غير مشروط لفريق طفولتك الذي وقعت في غرامه على يد أبطال أصبحوا من النوستالجيا الكروية فأنت تساهم بشكل رئيسي للغاية في استمرار هذا الوضع المحبط والتخبط اللا نهائي.
يكمن الحل عزيزي مشجع الأرسنال في التوقف تمامًا عن متابعة هذا الفريق. أعلم أن الأمر صعب للغاية ولن أحدثك بمنطق لماذا تشاهد فريق يصيبك بالهم كلما شاهدته. لكن سأحدثك بمنطق الضرورة والغاية المنشودة، ربما الحل الأخير هو أن يشعر كرونكي والإدارة أن الأرسنال أصبح مشروعًا على وشك الخسارة فيبدأ الرجل بالاهتمام بضخ أموال تناسب تاريخ وثراء ومشجعي هذا النادي.
أجد مشجعي أرسنال عقب كل مباراة ولسان حالهم تمامًا مثل الحاجة زينب. أشجع هذا النادي لكنني أعرف أنه لن يفوز بأي بطولة ولن يتمكن من جلب نجوم كبار ولن يقدم أداء له طابع معين، لكنني أحرص على مشاهدة الفريق وبسبب حرصي هذا يستمر الفريق في الوضع نفسه.
فقط لا ينقص المشهد سوى أن يخرج مبروك عطية عقب كل خسارة لفريق أرسنال ليقول ثائرًا في وجه مشجعي الفريق: «اللي بتعملوه ده حرامين وأربع حرامات وثمانين حرامًا»؛لأنه للأسف لا يعرف شيئًا عن هذا الأرسنال ومشجعيه.