ما هو كبلر شقيق الأرض؟ وهل يستحق الاكتشاف كل هذا الاهتمام؟
أعلنت ناسا أمس عن اكتشاف كوكبكبلر-452ب المشابه جدا لكوكب لأرض. واكتشفت هذا الكوكب المركبة الفضائية كبلر Kepler والتي أطلقتها ناسا عام 2009 في مهمة لرصد الفضاء القريب من الأرض ومحاولة اكتشاف كواكب شبيهة بالأرض، وربما تكون صالحة لاستيعاب حياة. لكن هل يستحق هذا الاكتشاف كل هذه الضجة؟
كبلر Kepler هو تلسكوب فضائي أطلقته ناسا في مارس 2009، ضمن مشروع علمي طويل الأمد متعدد المراحل يسمىبرنامج استكشاف الفضاء Discovery Program، وذلك بغرض اسكتشاف الكواكب في المنطقة القريبة من مجموعتنا الشمسية في المجرة. وسمي كبلر على اسم عالم الفلك الألماني يوهانز كبلر Johannes Kepler، أول من وصف حركة الكواكب حول الشمس، ووضع لها قوانين مفسرة، وذلك في عصر النهضة في القرن السادس عشر. ومهمة التلسكوب كبلر على وجه الخصوص هي استكشاف الكواكب المقاربة لحجم كوكب الأرض، والتي تدور في نطاقات ملائمة للحياة حول شموسها، وهي النطاقات التي تكون فيها درجة الحرارة ملائمة للحياة، ولوجود الماء في الحالة السائلة، كما على الأرض. ويدور كبلر حول الشمس موجها عدسته القوية لكوكبات الطائر Cygnus والقيثارة Lyra والتنين Draco، مراقبا نجوم تلك المجموعات، والتي تبعد نفس المسافة التي تبعدها الشمس عن مركز مجرتنا، درب التبانة.
فما الذي اكتشفه كبلر وأخوته حتى الآن؟
اكتشف كبلر حتى الآن 1030 كوكبا في 440 نظام شمسي، مع أكثر من 3000 كوكب غير مؤكدين. ويتوقع علماء المشروع وجود أكثر من 40 مليار كوكب مشابه للأرض يدور في نطاق مناسب للحياة حول نجومها في مجرة درب التبانة فقط، منهم أكثر من 11 مليار كوكب يدور حول نجوم تشبه كثيرا الشمس.فما المميز إذا في الاكتشاف الأخير الذي أعلنته ناسا، وأطلقت عليه ابن عم الأرض الأكبر؟
كبلر-452ب Kepler-452b هو اسم ذلك الكوكب، وهو أصغر كوكب يدور حول نجمه في نطاق مناسب للحياة تم اكتشافه حتى الآن، ومع ذلك فإنه أكبر بنسبة 60% من كوكب الأرض. ويدور كبلر-452ب حول نجمه مرة كل 385 يوما، أي أن العام عليه أطول 20 يوما فقط من عام الأرض. والنجم كبلر-452 Kepler-452 يشبه كثيرا الشمس، فهو من النوع G2 في تصنيف النجوم كشمسنا، وهو مماثل لها تقريبا في درجة الحرارة، وأكبر قليلا، وإضاءته أشد بنسبة 20%. وهو أقدم قليلا من الشمس، فقط 1.5 مليار عام، فقد وُلد النجم كبلر-452 منذ 6 مليارات عام. وتبعد المجموعة الشمسية كبلر-452 حوالي 1400 سنة ضوئية عن الأرض، وتقع في كوكبة الطائر Cygnus، وبتقنيات استكشاف الفضاء الحالية نحتاج لأكثر من 25 مليون عام للوصول إليه.وحجم الكوكب المٌكتشف يؤهله لأن يكونأرضا عظيمة super earth، خصوصا لو كان كوكبا صخريا كما يتوقع العلماء وترجح الأبحاث، فمعظم الكواكب المماثلة له في الحجم هي كواكب صخرية. لكن حتى الآن ما زال تركيب وكتلة كبلر-452ب غامضين. ويقول جون جينكنز Jon Jenkins أحد علماء مهمة كبلر وقائد فريق اكتشاف الكوكب الجديد:
||يمكن اعتبار الكوكب هو ابن العم الأكبر للأرض، ودراسته ستتيح لنا فهم تطور كوكب الأرض، ومن المثير أن هذا الكوكب قضى 6 مليارات عام في النطاق المناسب للحياة حول نجمه، وهي فترة أطول من التي قضاها الأرض، وبالتالي فالظروف أكثر من مناسبة لظهور الحياة على سطحه||وتبلغ عدد الكواكب المكتشفة حتى الآن وتدور في نطاق مناسب للحياة 31 كوكبا فقط، منهم 12 كوكبا بحجم قريب من حجم الأرض، وأقربهم لظروف الأرض هو الكوكب الجديد. وعلىمؤشر مشابهة الأرض Earth similiarity index، يشبه كبلر-452ب الأرض بنسبة 86.2%.
لماذا إذا يولي علماء ناسا للكوكب الجديد كل هذا الاهتمام؟
الجديد في هذا الكوكب هو أن هذه الخصائص لم تجتمع من قبل في كوكب آخر. فالكواكب المماثلة للأرض حجما تدور غالبا حول نجم غير مشابه للشمس، والكواكب التي تدور حول نجوم مشابهة لشمسنا غالبا ما تكون غير مماثلة للأرض. بينما كبلر452ب مماثل للأرض حجما وظروفا، وشمسه مماثلة لشمسنا، وعمره أكبر قليلا من عمر الأرض، وكل هذا يؤهله وبشده لوجود حياة عليه. وسيستمر العلماء الفترة القادمة في تحليل البيانات الواردة من التلسكوب كبلر لمعرفة المزيد عن الكوكب، كما أن مهماتبرنامج استكشاف الفضاء Discovery Program الخاص بناسا مازالت مستمرة في البحث عن كواكب أخرى بتلك المواصفات، لعلنا يوما ما نقابل أي نوع من الحياة تقوم بمشاركتنا هذا الكون العملاق، التي تقول كل الدلائل حتى الآن أننا وحيدون تماما فيه.
لكن رأيي الخاص المتعلق بهذا الاكتشاف، أنه ليس بتلك الأهمية الكبرى، وأن ناسا لها انجازات قريبة جدا أكثر أهمية منه، لكن التركيز على فكرة وجود حياة خارج الأرض دائما ما تثير فضول وتحرك شغف الجماهير، مما يعني أن مؤتمرا صحفيا دعائيا عن كوكب بعيد ربما يحمل حياة، سيجعل الناس في أنحاء الأرض يتحدثون عن ناسا لعدة أيام، وربما أيضا يجلب دعم مادي خارجي، أو حتى زيادة في الميزانية. وهذا رأي خاص يتحمل الخطأ بالتأكيد. لكني أجد اكتشاف بلوتو، وحتى محاولات بناء مستعمرات على القمر، أكثر أهمية بكثير من اكتشاف كوكب على بعد آلاف السنين الضوئية، لا نستطيع حتى أن نراه، ناهيك عن زيارته.