دخلت مصر موسوعة غينيس للأرقام القياسية مرتين خلال شهر واحد؛ الأولى عن أعرض جسر معلق في العالم، والثانية عن أطول مائدة طعام. حظي الحدثان بتغطية إعلامية كبيرة للغاية، وجرى تناولهما من زوايا كثيرة؛ حجم الجسر، وروعة ممشاه الزجاجي، والشركة التي شيدته، وعدد المشاركين في إفطار المائدة الأطول في العالم، وجدوى إقامة مائدة طعام بهذا الحجم. رغم ذلك، أغفلت التغطية الإعلامية تعريفنا بموسوعة غينيس وتاريخها، وكيف يتم تسجيل الأرقام القياسية فيها؟ وكم تبلغ تكلفة تسجيل رقم قياسي في الموسوعة؟ نحن هنا لنخبرك.


الموسوعة التي ولدت من رحم مصنع للجعة

خلال حفل رماية وصيد في مقاطعة ويكسفورد الأيرلندية، مطلع خمسينيات القرن الماضي، تجادل السير هيو بيفر، المدير التنفيذي لمصنع الجعة «غينيس»، مع مستضيفيه، حول أسرع طائر في قارة أوروبا، ولم يفلحوا في الحصول على جواب نهائي من أي كتاب مرجعي لتأكيد الإجابة.بعد ذلك بسنوات، وتحديدًا عام 1954، كان السير هيو يبحث عن فكرة دعاية جديدة لمصنعه، فتذكر الجدال الذي حدث ذلك اليوم، وهنا قرر أن يجمع كتابًا يشمل كافة أنواع المعلومات والأرقام القياسية من أجل حل النقاشات الجدلية التي تحدث في الحانات. وأسند هذه المهمة إلى التوأم نوريس ماكوايتر وروس ماكوايتر، الباحثيْن المهتمين بجمع الحقائق. تم تأسيس شركة «غينيس سوبرلتيفز» في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 1954. بعد عملية البحث الأولية، بدأ العمل على كتابة الكتاب، وخلال 95 يومًا تقريبًا خرجت النسخة الأولى من كتاب غينيس للأرقام القياسية إلى النور. حقق الكتاب نجاحًا باهرًا في مختلف الدول التي طرح فيها. وخلال نحو 20 عامًا أصبح أكثر الكتب مبيعًا في التاريخ.بيعت شركة غينيس عام 2001 إلى شركة Gullane Entertainment مقابل 45 مليون جنيه إسترليني، ثم بيعت مرة أخرى عام 2002 إلى شركة HIT Entertainment كجزء من صفقة استحواذ بقيمة 139 مليون جنيه إسترليني، وفي عام 2008 بيعت مرة ثالثة مقابل 60 مليون جنيه إسترليني.لدى «غينيس» حاليًا مكاتب في لندن ونيويورك والصين واليابان والإمارات العربية المتحدة، ولعلامتها التجارية سفراء في جميع أنحاء العالم. وقامت على مدى تاريخها بتوسيع أعمالها لتتناسب مع الأسواق والوسائط الجديدة، فلم تتوقف عند نشر الكتاب السنوي بل امتد نشاطها إلى التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، وباتت تقدم خدمات أوسع للجمهور كخدماتها الاستشارية في الحملات التسويقية.تمتلك «غينيس» حاليًا قاعدة بيانات مسجل بها ما يزيد على 53 ألف رقم قياسي، وباعت نحو 143 مليون كتاب بأكثر من 40 لغة. وصل عدد مشاهدات قناتها على يوتيوب عام 2018 إلى 326 مليون مشاهدة، ويتابعها نحو 22 مليون شخص على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.


كيف يمكنك التسجيل بنفسك في «غينيس»؟ وما المقابل؟

التقدم بطلب لتسجيل رقم قياسي جديد في موسوعة غينيس ليس بالأمر الصعب، لكن هناك العديد من الخطوات التي ينبغي عليك اتباعها. بداية يجب أن تمتلك فكرة مثيرة ومختلفة وتكون قابلة للكسر، وقابلة للقياس، ولها معايير معينة، وقابلة للتأكيد. فمثلًا إذا قلت إنك تستطيع شغل عقلك بفكرة واحدة لمدة 24 ساعة كاملة، فسيتم رفض طلبك لأن هذه ليست فكرة قابلة للقياس أو قابلة للتأكد.بعد التأكد من امتلاكك فكرة مناسبة، عليك إنشاء حساب على موقع «غينيس» من أجل الوصول إلى قاعدة بيانات الأرقام القياسية. بعدها تبدأ بالبحث عن الرقم القياسي الذي ترغب في التسجيل فيه، ثم تملأ نموذج التقديم الخاص به. أما إذا لم تجد الرقم القياسي الذي ترغب في التسجيل فيه، فيمكنك التقدم بطلب للحصول على رقم قياسي جديد مقابل دفع 5 دولارات غير قابلة للاسترداد، ثم سيسمح لك بملء نموذج التقديم.الرد على طلبك سيستغرق حوالي 12 أسبوعًا، وأحيانًا أكثر من ذلك. أما إذا كنت تمتلك المال فيمكنك تسريع عملية الرد على طلبك لتتم خلال 5 أيام، عبر دفع 800 دولار إذا كان الرقم القياسي الذي ترغب في التسجيل فيه موجودًا مسبقًا، أو 1000 دولار إذا كان الرقم جديدًا (بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة). وإذا تم قبول طلبك، فستتلقى إرشادات الرقم القياسي والخطوات التالية.الخطوة التالية هي تقديم الأدلة التي ستطلب منك للمراجعة، وعادة ما تستغرق عملية مراجعة الأدلة نحو 12 أسبوعًا قبل إعلامك بما إذا كان قد تم قبول محاولة كسرك للرقم القياسي الجديد أو رفضها. لكن إذا كنت تمتلك المال اللازم فيمكنك إسراع هذه العملية عبر دفع 650 دولارًا (بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة).إذا أردت أن تستفسر عن أي شيء يخص طلبك، يمكنك ذلك بالطبع، لكن الإجابة على كل سؤال تستغرق أسبوعين تقريبًا، أما إذا كان طلبك ذا أولوية لأنك دفعت المال اللازم، فسيتم الرد عليك خلال يومين فقط. في نهاية هذه الرحلة، قد تفشل محاولتك للتسجيل لسبب أو لآخر؛ قد تكون فشلت في تحطيم الرقم القياسي القديم، أو لم تتبع الإرشادات والتوجيهات بالقدر الكافي. أما إذا نجحت فستكون رسميًا مسجلاً في الموسوعة ويمكنك الحصول على شهادة بذلك مقابل دفع 26 دولارًا.حصولك على شهادة بتحقيق رقم قياسي لا يعني أنه سيتم إدراج إنجازك داخل الكتاب السنوي للموسوعة، فـ«غينيس» تقول إن قيود المساحة تحد من قدرتها على تسجيل كافة الأرقام القياسية في الكتاب.


لديك المال الكافي؟ إذن لا تفعل شيئًا

الكلام المذكور أعلاه يتعلق بمن يرغبون في تقديم طلبهم بأنفسهم، أما من لا يرغب في كل هذه الخطوات فشركة «غينيس» مستعدة لمساعدته، مقابل الأجر المناسب بالطبع.تمنحك «غينيس» خيارين آخرين لتقديم المساعدة ودعم مساعيك لتسجيل رقم قياسي في موسوعتها؛ الخيار الأول، هو دعوة «مُحكم» رسمي من الشركة لحضور عملية كسر الرقم القياسي. يمنحك هذا الخيار العديد من الفوائد؛ منها إسناد عمليات التسجيل إلى «غينيس» التي ستقوم بملء استمارة الطلب ومتطلبات الأدلة الخاصة بك، والرد على طلبك بشكل فوري، وشرح كامل المبادئ التوجيهية الخاصة بك من أجل تعزيز احتمالات نجاحك، كما ستقوم بالتحقق من نجاح محاولتك لتحقيق رقم قياسي بشكل فوري عبر مندوبيها، بالإضافة إلى منحك حق استخدام شعار الشركة، وتقديم شهادة من «غينيس» في عرض رسمي أمام وسائل الإعلام.الخيار الثاني هو الحصول على «استشارات» من شركة غينيس. في هذا الخيار سيقوم فريق متخصص من الشركة بدمج قيم وأهداف ورسالة علامتك التجارية لتقديم حملة لتحقيق رقم قياسي بمشاركة جمهورك. ويمنحك هذا الخيار مميزات أن تقوم «غينيس» بإدارة حسابك على منصتها واستكمال نماذج الطلب الخاص بك، وتقديم حلول مفصلة لتحقيق رقم قياسي لك يتماشى مع أهدافك، وشرح كامل للمبادئ التوجيهية لزيادة احتمال نجاح محاولتك، بالإضافة إلى تقديم نصائح واستشارات من قبل خبراء حول التسويق للحدث لتحقيق أقصى قدر من الفوائد التي تسعى إليها. بالطبع هذان الخياران هما الأعلى تكلفة، فأنت تستعين بشركة عالمية لتخطيط حدث لك وهذا لا يأتي بلا مقابل. لا يوجد تكلفة محددة لكل خيار، فالأمر خاضع لظروف متفاوتة مثل المكان الذي ستقيم فيه الحدث، وطبيعة الحدث نفسه، والخدمات التفصيلية التي تريدها، كما أن الأمر في النهاية خاضع للتفاوض مع الشركة من أجل الوصول لاتفاق مرضٍ للطرفين. وبشكل عام يجب أن تعلم أنك قد تدفع عشرات آلاف الدولارات للشركة، وإذا استقدمت محكمين فستتحمل تكلفة سفرهم وتحركاتهم وأماكن إقامتهم، والنتيجة لا شيء سوى بعض البروباغندا!