ماذا تعرف عن ندبات وجه فرانك ريبيري ودورها في نجاحه؟
ليس من السهل أن تبدأ حياتك وأنت تتلقى الصفعات الواحدة تلو الأخرى وتبقى عاجزًا عن الرد، ليس سهلًا أن تجد نفسك ضحية الزمن والقدر بحاضره ومستقبله، فغيرك حظي بحياة مريحة مفروشة بالورود أما أنت فلا، غيرك بوجه طبيعي وأنت لست كذلك، ولكي تبقى على قيد الحياة يجب أن تكون أكثر عنادًا من الحياة، وأن تستخدم الغضب المتراكم ليعطيك شخصية قوية وإرادة هائلة للوصول إلى ما تطمح إليه.
هذا هو «فرانك ريبيري» الذي اختبر الفقر والظروف الصعبة والخيبات والانتكاسات، لكن كل هذا لم يكسره واستمر حتى أصبح أحد نجوم اللعبة في العصر الحالي، ليبرهن لنا أن النجاح لا يأتي بسهولة في عالم كرة القدم، وأن الإرادة هي الوسيلة التي ستعبد لك الطريق نحو الغاية التي ترجوها.
كواسيمودو مدينة بولون
في مدينة بولون التي تقع على الساحل الشمالي الفرنسي، ولد فرانك لأسرة تكافح من أجل لقمة العيش تسكن في حي متواضع على أطراف المدينة التي يسودها الفقر والبطالة. في العام الثاني من عمره تعرض ريبيري لحادث مرروي عندما كان بصحبة عائلته، فرانك كان في المقعد الخلفي ووالده كان يقود السيارة، وبشكل فجائي اضطر للفرملة لتجنب الاصطدام بشاحنة فارتطم رأس ريبيري بالزجاج الأمامي وقُذِف خارج السيارة مما أدى إلى إصابته بشكل بالغ في الجانب الأيمن لوجهه.
تركت هذه الإصابة ندبتين كبيرتين تسببتا لفرانك بالكثير من المتاعب، فتعرض للسخرية والتهكم من قبل الأطفال الصغار واضطر لتحمل النظرات القاسية من البالغين، لكن فرانك اعتبر هذا الأمر بمثابة محفز له لتحقيق النجاح والشهرة، ورفض إجراء أي جراحة تجميلية لإزالتها عندما وصل إلى مصاف النجوم.
تصريحات فرانك ريبيري عن إصابته خلال الطفولة
مشاكس مرح وصاحب نكتة
بدأ الشغف بين فرانك والكرة بشكل مبكر، فقد التحق بفريق المدينة وهو في سن السابعة، واستمر به الحال في بولون 6 أعوام قبل أن يلتحق بالمدرسة الداخلية لنادي «ليل» الذي تعد مدرسته من أبرز المدارس الكروية في الكرة الفرنسية. في ليل بدأت شخصية ريبيري تتضج أكثر فأكثر، طفل مشاكس لديه شخصية قوية ومحب للمقالب وروح النكتة حاضرة دائمًا مع مدرسيه ومدربيه وزملائه.
لكن أيضًا كان هناك الكثير من المشاكل بينه وبين زملائه، ومجددًا كانت السخرية من شكله الخارجي أحد أبرز أسباب الخلافات التي أوصلته للطرد النهائي من المدرسة بعد 3 أعوام بسبب مشاكله السلوكية المتكررة، والتي كان آخرها كسره ليد إحدى زميلاته بشكل غير متعمد. والمشكلة الأخرى كانت صغر حجمه وضعف بنيته الجسدية كما يقول فريديريك أدفيس أحد المدربين في المدرسة، فلقد كان موهوبًا بالفطرة ويتمتع بالسرعة وما عابه كان قصر القامة وهشاشته البدنية.
اللاعب الفرنسي ماثيو ديلبيير زميل ريبيري في مدرسة ليل
بداية الشك واهتزاز الثقة
بعد طرده من ليل في 1999 عاد فرانك إلى بولون مسقط رأسه ولعب مع نادي المدينة واستمر حتى عام 2002، وانتقل بعد ذلك بعيدًا عن عائلته إلى مدينة أليس التي تبعد ما يقارب 1000 كم. مع أولمبيك أليس وقع فرانك عقده الاتحادي الأول، كان من المتوقع أن تكون بداية جديدة لفرانك، لكن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود، فعانى مع فريقه على المستوى الرياضي والتواجد الدائم في مراكز الهبوط، واستمرت المعاناة على المستوى المادي بسبب المشاكل المادية لنادي أليس.
كان من الصعب على فرانك الاستمرار وخاصة مع هبوط فريقه إلى الدرجة الرابعة، وبسبب الديون المتراكمة عليه، لذلك حاول البحث عن فريق آخر ولم يفلح بإقناع ناديي كان وجانجون بسبب مشاكله السابقة، فاضطر للعودة إلى بولون مجددًا، ولكن هذه المرة من أجل العمل مع والده في ورشة البناء والإنشاءات، وبدأ حينها الشك يتسلل إلى نفسه بأن مسيرته قد شارفت على الانتهاء مبكرًا، لكن والده شجعه على المضي قدمًا فيما يطمح إليه.
نهاية النفق المظلم والتحول للإسلام
فرانك كان على معرفة بوهيبة ذات الأصول الجزائرية منذ الطفولة،وكان ينوي الزواج بها عندما كان يبلغ الـ19 من عمره، لكن وضعه المالي أجبره على تأجيل موعد زواجه عدة مرات بسبب تراكم الديون. في تلك الآونة كان فرانك كالروح الضائعة، لكن كان يعلم متى يتشبث بالأمل عندما تُمد يد العون له، جاكي لو غال أحد المسؤولين في نادي بريست اتصل بفرانك وأخبره بأن ناديه سيمنحه عقدا لمدة عام وسيتكفل بتسديد ديونه، فرانك قبل التحدي رغم أنه كان محطمًا وهشًا من الداخل كما وصفه لو غال.
لم يحتج فرانك الكثير من الوقت لإثبات نفسه مع بريست وحُلت مشاكله واحدة تلو الأخرى، فأوصل فريقه إلى الدرجة الثانية في نهاية الموسم، وتخلص من الديون تزوج من وهيبة، وتحول إلى الديانة الإسلامية واعتمد اسم بلال بدلًا من فرانك.
فرانك ريبيري عن معتقداته الدينية
عش بايرن الدافئ
في عام 2004 وقع فرانك على عقده الاحترافي الأول مع نادي ميتز في الدرجة الأولى. لم تدم الرحلة إلا 6 أشهر بسبب مشكلة حصلت في أحد النوادي الليلية تم بيع فرانك على إثرها إلى نادي غلطاسراي التركي، لكن من جديد تأبى المشاكل مفارقته، فالنادي التركي لم يقم بدفع راتبه لمدة 3 أشهر، واعتبر فرانك أن النادي نقض شروط التعاقد وأن عقده مع النادي منتهيًا.
ليعود إلى فرنسا مجددًا عام 2005 مع نادي أولمبيك مرسيليا، وهناك كانت الانطلاقة الحقيقية بسبب ثقة المدرب جان فيرنانديز بإمكانيات لاعبه. في نهاية الموسم تم توجيه الدعوة له للالتحاق بالمنتخب الفرنسي المشارك في كأس العالم في عام 2006، وما حصل منذ ذلك الحين معروف للجميع.
خيانة وهيبة
في عام 2009 أرسل أحد الأصدقاء فتاة تدعى «زاهية دهار» كهدية بمناسبة عيد ميلاد ريبيري، تبين فيما بعد أنها بائعة هوى قاصر، سببت مشكلة كبيرة للفرنسي كانت بمثابة ندبة جديدة، لكنها مخبأة هذه المرة وتبدو جروحها أكثر ألمًا من تلك الجروح التي تلقاها في الصغر. فرانك اعترف بخيانة زوجته وادعى أنه لم يكن يعلم بأن الفتاة قاصر ولم يدفع لها المال مقابل الجنس.
لكن مرة جديدة وقف بايرن خلف لاعبه وقدم له عقدا جديدا بعد مرور شهر على ظهور أخبار زاهية. ريبيري من على الشرفة في ساحة المدينة أعلن عن الاستمرار مع النادي لـ5 أعوام إضافية. تحدث فرانك الألمانية للمرة الأولى علنًا، وعلى الرغم من لغته السيئة إلا أن الخبر أسعد الجميع في تلك الآونة وخاصة بعد إشاعات ارتباطه بريال مدريد وفضيحته الجنسية.
أنا لست قديسًا
لا يخفى على أحد أن فرانك لا يملك شعبية جارفة في فرنسا، ولهذا السبب لم يقدم الكثير مع المنتخب بسبب عدم شعوره بالراحة النفسية سواء ضمن معسكر المنتخب، أو من خلال تعاطي الصحافة الفرنسية معه. فرانك يعترف بأنه قام ببعض الأخطاء، لكن الهجمة الشرسة من قبل الإعلام الفرنسي جعلته ينفر من أجواء المنتخب والدولة بشكل عام، فلم يقم بإجراء مقابلات مع الصحافة الفرنسية لمدة تتجاوز 3 سنوات، وقد برر ذلك فيما بعد.