ماذا أخبرنا الكلاسيكو عن برشلونة المستقبل بدون ميسي؟
وصل بنا الحال إلى كلاسيكو بحاجة إلى مقدمات. الفريقان يترنحان وأتلتيكو مدريد فاز بالأمس وتصدر الجدول مؤقتًا. مدرب يواجه شبح الإقالة والثاني فاز بالثنائية المحلية ولا يعجب أحدًا.
أخد الأول ورقة وقلم ودوّن أفكاره، نجحت معه نظريًا لكنها عمليًا كانت أشبه بالكارثة على بطل أوروبا؛ فأصابه الشك. الثاني كان يملك كائنًا فضائيًا يلجأ له في الأزمات، لكنه وجد نفسه مضطرًا لدخول المعركة دونه لداعي الإصابة.
المواجهة أصبحت بين الأرضيين، لأن الفضائي الآخر رحل إلى إيطاليا بلا رجعة؛ فانتظر الجميع كلاسيكو مملاً. لكن فالفيردي فاجأ الجميع بعرض راقٍ، واكتسح نظيره لوبيتيجي بخماسية مقابل هدف وحيد، ليقترب مدرب منتخب إسبانيا السابق خطوة أخرى من الإقالة الثانية في غضون أشهر قليلة.
لوبيتيجي بقناع فالفيردي
ما الذي يقدمه فالفيردي؟ يجيبك جمهور برشلونة بأنها نسخة رديئة فقد معها الفريق أسلوبه المميز، لا ضغط عالٍ، ولا خيارات للتمرير، القليل من الإبداع والكثير من ميسي. وعندما تسأل جمهور ريال مدريد عن لوبيتيجي، يجيبونك بأن الفريق يستحوذ ويحاول أن يضغط عاليًا لكنه يعاني من قلة الأهداف مع أخطاء خط الدفاع المعتادة.
الضغط العالي الوحيد كان ذلك الذي وضعه الجمهور والإدارة على لوبيتيجي فقد الثقة بنفسه وبأفكاره وانقلب الحال، شوط أول كارثي يوضح لك ذلك، الفريق يلعب بخط دفاع متقدم ولا يضغط عاليًا!
ثلاثي وسط برشلونة تحكم في مجريات الشوط الأول، الوافد الجديد أرثور كان قطعتهم الناقصة. 129 تمريرة مقابل 80 لثلاثي وسط الريال. ضغط برشلونة العالي خنق الريال. مارسيلو لم يصعد ولا مرة بالشوط الأول. أكثر لاعبي الريال قطعًا للكرات في الشوط الأول كان جاريث بيل بكرتين فقط! إحصائيات كارثية لا حصر لها، والنهاية كانت بهدف أول لبرشلونة بعدد تيكي تاكا لم يروها منذ سنوات.
طابية واحدة تكفي
في الشوط الأول، قرر فالفيردي تركيز هجومه بالكامل على الجهة اليسرى، لاستغلال وجود ناتشو بدلاً من كارفاخال. سواريز بين فاران وراموس، كوتينيو ورافينيا يتحولان من الطرف إلى العمق ليصبحا لاعبي وسط إضافيين. منح ذلك برشلونة زيادة عددية عند الاستحواذ. كوتينيو تحديدًا عليه التواجد في أنصاف المساحات بين ناتشو وفاران، لسحب ناتشو إلى الداخل.
نجحت الخطة كما رسمها فالفيردي، ظهر ناتشو أصبح مكشوفًا مع خط الدفاع العالي، والجانب الأيسر أصبح ممهدًا لانطلاقات ألبا. المحصلة كانت أربع كرات عرضية، منها كرة الهدف الأول لكوتينيو، والكرة التي تحصل منها سواريز على ضربة الجزاء. وعلى الجانب الآخر اكتفى سيرجي روبيرتو بعرضية وحيدة.
تحتاج لقطة الهدف الأول تحديدًا مشاهدة أخرى من جمهور ريال مدريد. الكل صب جام غضبه على ناتشو، لكن الإعادة توضح شيئًا آخر يجب أخذه في الاعتبار. عندما لعب ألبا العرضية، فاران كان على العارضة القريبة وراموس يحاول اللحاق بسواريز، لكن أين كان مارسيلو؟ مارسيلو كان عائدًا ببطء غريب يستحق أن يُعنف عليه. ورغم كل هذا التخبط حاول لوبيتيجي حفظ ماء الوجه في الشوط الثاني.
عرضيات جوردي ألبا في الشوط الأول
خلط الأوراق قد يفيد
حالة اليأس التي أصابت لوبيتيجي جراء الشوط الأول جعلته أكثر تهورًا في الشوط الثاني. قام ببعثرة الأوراق وقلب الطاولة بتغيير واحد فقط. قرر لوبيتيجي أن يتحول لنفس الطريقة التي استخدمها في الشوط الثاني من مباراة إشبيلية.
يدخل لوكاس فاسكيز بديلاً لفاران، ليتحول الريال إلى 3-4-3 مع تحول كاسيميرو وناتشو إلى قلب الدفاع، كروس ومودريتش في الوسط، فاسكيز يمينًا لإيقاف ألبا، ومارسيلو يحصل على الإذن بالسرحان المعتاد.
تحول الريال إلى الضغط العالي ليفاجئ برشلونة، ونجح في خلق أكثر من فرصة. ألبا توقف عن الصعود بل وخلق الريال زيادة عددية في هذا الجانب بتحول بيل وإيسكو بالتبادل لمساندة فاسكيز.
حتى فرصة بنزيما في الدقيقة 68، كان الريال أقرب إلى التعادل، إلى أن قرر فالفيردي تحريك الطابية الأخرى.
الطابية الأخرى تتحرك
قرر فالفيردي التحرك أخيرًا للرد على تغييرات لوبيتيجي، سيميدو يدخل بديلاً وروبيرتو يتقدم إلى منتصف الملعب. قرر فالفيردي نقل اللعب وراء مارسيلو المتقدم دائمًا، والنتيجة كانت صناعة روبيرتو للهدف الثالث من الطرف الأيمن، والذي بدوره قتل المباراة.
خلق روبيرتو أربع فرص للتهديف جميعها كانت في الشوط الثاني، اثنتان منها تحولتا إلى أهداف. التنويع في استخدام طرفي الملعب كان ممتازًا من فالفيردي. حتى نزول عثمان ديمبيلي كان مناسبًا لتوقيت المباراة لأنه أسرع من كوتينيو على مستوى التحولات، وسيتمكن من استغلال المساحات التي تركها الريال مع اندفاعهم نحو التعديل.
جوائز الفيفا تحضر
لو كانت كرة مودريتش أصابت المرمى بدلاً من القائم لكنا الآن نتحدث عن نتيجة متقاربة، ودعم لوبيتيجي بصفقات شتوية، لكن الآن الكل يلوم المدرب الذي لم يدعمه أحد. لكن لماذا لا يلام اللاعبون؟
أفضل قلبي دفاع في العالم يكتفيان بقطع كرة وحيدة فقط في 90 دقيقة! ومنعا تسديدتين فقط! فاران يتسبب في ضربة جزاء جديدة وكأنه اعتاد الأمر. القائد سيرجيو راموس يحاول استلام الكرة بصدره وأمامه اثنان من لاعبي برشلونة، ليحرز منها سواريز الهدف الرابع. رعونة غريبة معتادة لكن لا يؤخذ بها في اختيارات الفيفا.
حتى لوكا مودريتش أفضل لاعب في العالم اكتفى بصناعة فرصة وحيدة طوال اللقاء، وهي التي سددها بيل في الشوط الأول من مسافة بعيدة.
لا يمكن لأحد أن يصدر حكمًا كاملاً على مدرب لم تدعمه الإدارة بصفقات، ولم يمنحه أحد الوقت لفرض أسلوبه، لكن وكما هي عادات الريال سيتم التضحية بالمدرب وسيأتي مدرب جديد يمنح اللاعبين دفعة مؤقتة للأمام. هذه الدفعة قد تدوم لعامين ونصف العام كما حدث مع زيدان، وقد تكون بداية لعودة الريال لحقبة قديمة حاول الجمهور نسيانها مع فلورينتيو بيريز.
بدون ميسي
بعيدًا عن تخبط ريال مدريد وأنباء اقتراب كونتي من تولي المهمة، فإن ما قدمه البارسا بقيادة لويس سواريز قد يكون مؤشرًا جيدًا للمستقبل. المنظومة قادرة على تعويض غياب نجم الفريق حتى لو كان ميسي. يبدأ كل شيء في البارسا من منظومة خط الوسط. تألق بوسكيتس وراكيتيتش مع وجود أرثور الذي قدم شيئًا من تشافي حوّل شكل الفريق.
ربما وجود النجم الأبرز يجعل الجميع يسلك الطريق الأسهل ويعتمد عليه دون البقية. وربما المنظومة لم تكن مهيأة من الأساس. طالما كانت الانتقادات تنال من فالفيردي بسبب الاحتمالين السابقين، لكن مع غياب ميسي الاضطراري، أُجبر فالفيردي على إيجاد الحلول، وحتى الآن يحقق نجاحًا لافتًا.
قد يكون الوضع مشابها لنظرية إيوينج «Ewing theory». باتريك إيونج كان لاعبًا لكرة السلة في فريق نيويورك نيكس ولاحظ الجميع أن في غيابه يتحسن أداء الفريق. يقل الضغط الإعلامي، واللاعبون يتعاونون أكثر فيما بينهم، فيتحسن الأداء. ميسي ليس كباتريك إيونج لكن هذه النظرية قد تكون سببًا في تفاؤل جمهور برشلونة ولو قليلاً.