ما الذي يمكن أن أراه في سماء ليل ديسمبر/كانون الأول 2020؟

حسنًا، ديسمبر هذا العام مميز حقًا، فمع الطقس البارد تأتي أحداث حقًا ممتعة، حيث يميل الرفيقان (المشتري وزحل) للتجاور على أقرب مسافة منذ قرون، ويتركنا القمر– لأول مرة منذ سنوات- نستمتع بزخة هي الأجمل في ديسمبر، ومن حين لآخر نرى اقترانات رائعة، لا شيء أجمل من عروض السماء.

أهم الأحداث

7 ديسمبر

بعد منتصف الليل، يخرج القمر من الأفق الغربي إلى جوار ألمع نجوم كوكبة الأسد Leo، يسمى قلب الأسد أو المليك Regulus، وهو جزء من أحد منازل القمر تسمى منزلة الجبهة، وتمثل أربعة نجوم متعرجة تظهر أمامك، حاول أن تتابعها في وقت آخر حينما يغيب القمر عن المشهد.

10 ديسمبر

القمر يقف إلى جوار السماك الأعزل Spica ألمع نجوم برج العذراء Virgo، السماك الأعزل يبتعد عنا 272 سنة ضوئية تقريبًا، لكنه رغم ذلك يقتنص ترتيبًا متقدمًا في قائمة ألمع نجوم السماء، والسبب هو أن ضيائية النجم تفوق الشمس بـ2000 مرة، فهو عملاق أزرق.

12 و13 ديسمبر

فجرًا، ناحية الشرق، مشهد مميز جدًا للهلال الأخير في الشهر الهجري، حيث يقف إلى جوار ألمع أجرام السماء في تلك الفترة، كوكب الزهرة، يغادرنا الزهرة قريبًا، ويظهر مجددًا خلال عدة أشهر بعد الغروب، لتبدأ جولة أخرى لرفيق الصباح والمساء.

14 ديسمبر

كسوف شمسي كلي لا يرى في الوطن العربي ولكن فقط في جنوبي القارة الأمريكية الجنوبية وبعض الأطراف الجنوبية من أفريقيا.

14 ديسمبر

أوج زخة شهب التوأميات، سنتحدث عنها بالتفصيل بعد قليل

17 ديسمبر

الهلال يقف إلى جوار الثنائي القريب جدًا من بعضه هذه الأيام: المشتري وزحل، سنتحدث عن الأمر بالتفصيل بعد قليل

21 ديسمبر

في تمام الساعة 12:03 تكون الأرض في أقصى ميل لها مبتعدة عن الشمس، هنا يتعامد شعاع الشمس على مدار الجدي، ويبدأ فصل الشتاء.

22 ديسمبر

زخة شهب الدبيات، وهي زخة خفيفة يمكن أن ترى منها عددًا قليلًا من الشهب (5 بحد أقصى).

23 ديسمبر

القمر يقف إلى جوار كوكب المريخ، في مشهد بديع يتكرر كل شهر، لكن يمكن لك هذه المرة، إن كنت في منطقة بعيدة قليلًا عن تلوث المدن الضوئي، أن تحاول كذلك تتبع نجوم برج الحمل، وسيكون على مقربة من المريخ.

27 ديسمبر

مرة أخرى، يقف القمر بين الدبران Aldebaran والثريا Pleiades، الأخيرة تجمع نجمي مفتوح، تراها كمجموعة صغيرة من النجوم الخافتة والتي تشبه الـ«كنكة» الخاصة بالقهوة أو خطّاف الصنارة الصغير، سمته العرب قديمًا «ثريا» إذ تصوروا أنها فتاة جميلة تود الزواج من شخص غني، لكن الدبران الفقير لم يكن معه شيء ليعطيها إياه سوى بضع غنمات مع حيواناته الأخرى، فرفضت عرضه، ورفعًا إلى السماء ليجري الدبران خلف الثريا إلى الأبد، ومن تلك الحركه جاء اسمه، الدبران: أي يدبرها، يجري خلفها..

31 ديسمبر

القمر يمر عابرًا إلى جوار نجمي التوأم، يسميان رأس التوأم المقدم Castor والمؤخر Pollux، التوأم هي أحد كوكبات دائرة البروج، استغل وجود القمر إلى جوارها للمضي قدمًا في هذا الخط، حيث يمكن أن تعود خطوة بعد التوأم إلى الدبران، وإلى خلفه تجد الحمل، بعد التوأم يمكن أن ترصد السرطان وهي كوكبة خافتة، لكن بعدها يأتي الأسد وهي كوكبة ممكنة جدًا.

أوضاع الكواكب في شهر ديسمبر 2020

عطارد: لا يمكن أن يرى في ديسمبر حيث يكون خلف الشمس بالضبط بحلول يوم 20 ديسمبر.

المريخ: يستمر ضيفًا رئيسيًا على سمائنا طوال الليل تقريبًا طوال الشهر.

الزهرة: تراه قبل شروق الشمس واقفًا أعلى الأفق الشرقي، طوال الشهر.

المشتري وزحل: قريبان جدًا من بعضهما، يمكثان في الأفق الغربي ساعة بعد الغروب.

مشهد مميز لشهر ديسمبر

لا بد وأن الحدث الفلكي الأكثر إثارة للانتباه في شهر ديسمبر سيكون اقتراب كل من المشتري وزحل، عملاقًا المجموعة الشمسية، من بعضهما البعض في سماء الليل، على مسافة هي الأقرب منذ سنة 1226 ميلادية، ويمكن لك ترى هذا المشهد البديع في السماء بعد الغروب ولمدة نحو الساعة، حيث يظهر الكوكبان كنجمين لامعين في الأفق، قريبين من بعضهما إلى حد لافت للنظر.

ابدأ بمراقبة هذا الثنائي بداية بداية من اليوم الأول في ديسمبر، يكون زحل بالأعلى والمشتري أسفله، يومًا بعد يوم ستلاحظ أنهما يقتربان من بعضهما أكثر، ويكونان في أقرب نقطة من بعضهما البعض في ليلة 21 ديسمبر، حيث يظهران وكأنهما قد التصقا ببعضهما البعض، بعد ذلك يصبح المشتري بالأعلى ويستمر زحل بالنزول.

يكمل المشتري دورة حول الشمس مرة كل 12 سنة تقريبًا، ويكمل زحل دورة حول الشمس كل نحو 29 سنة ونصف، وبسبب هذا الاختلاف في دورتهما، فإنهما لا يلتقيان كثيرًا بالنسبة لنا في سماء الأرض، مرة فقط كل نحو 20 سنة، وحتّى في هذه المرات التي يقتربان فيها، فإنهما يكونان على مسافات مختلفة، في ديسمبر سيكونان على أقرب مسافة منذ ثمانية قرون، وسيتكرر نفس الأمر سنة 2080 يومًا 15 مارس، بعدها لن يتكرر إلا سنة 2400.

ألمع نجوم الشهر

نصائح رصدية

حسنًا، بما أن ديسمبر هو شهر التوأكيات دعنا نبدأ بسؤال بسيط: كيف أصل إلى كوكبة التوأم؟

تلك مهمة بسيطة، كل ما تحتاجه هو أن تخرج للسماء حول منتصف الليل مثلًا وتبحث عن كوكبة الجبّار، تتميز الكوكبة بنجومها الثلاثة التي تصطف لتصنع خطًا واحدًا مميز الشكل، ما إن تحدد الجبار حتى تصبح المهمة أسهل، فقط مد الخط من نجم رجل Rigel مرورًا بحزام الجبار ثم إلى نجم الجبار الأحمر (ابط الجوزاء) للأعلى، هنا سوف تمر بين ألمع نجمي كوكبة التوأم Gemini، إنهما رأس التوأم المقدم والمؤخر Castor وPollux

ألمع نجوم الكوكبة بالطبع هما كاستور وبولكس، ما يلفت النظر إلى كاستور هو أنه ليس نجمًا واحدًا، بل يتكون من نجمين يدوران حول بعضهما البعض، وباستخدام تقنيات طيفية يمكن أن نفصل كل منهما إلى اثنين يدوران بدورهما حول بعضهما البعض، بذلك يصبح هذا النجم الأبيض الأنيس هو أربعة نجوم تتراقص معًا في السماء، على مسافة 50 سنة ضوئية تقريبًا، أي ما يساوي نحو 450 تريليون كيلومتر!

من جهة أخرى فـ بولكس (رأس التوأم المؤخر) هو ألمع نجوم الكوكبة، يمكن بسهولة أن تلاحظ الفارق اللوني بينه وبين رفيقه، ذلك لأنه عملاق برتقالي يبلغ قطره تسع مرات قدر الشمس، يعني ذلك أنه لو كانت الشمس بحجم كرة تنس طاولة فإن بولكس هو كرة قدم، أضف لذلك– في أثناء تأملك لهذا النجم البديع– أنك تنظر إلى نظام شمسي، حيث يدور حوله كوكب، تم تأكيده في 2006، يسمى Pollux b، كتلته أكبر من المشتري نحو 4 مرات!

 يمكن لك بسهولة، وفي ليلة غير مقمرة، أن تتبع كامل نجوم الكوكبة، خاصة مع نظارة معظمة، لكن كن حريًا أن تتقصى نجمًا آخر لامعًا أسفل الكوكبة، ثالث ألمع نجومه، إنه الهنعة Alhena، وهو تحت عملاق أبيض اللون كتلته نحو ثلاث كتل شمسية، درجة حرارة سطحه تقترب من 10000 درجة، هل تتخيل ذلك؟ الشمس تقترب من 6000.

ما سمات زخة شهب التوأميات؟

الآن نعود للشهب، يمكن لك في أوج التوأميات أن ترى نحو 60 شهابًا في الساعة، القمر سيرحل مبكرًا عن المشهد، مما يتركه لنا من التلوث طوال الليلة، أفضل موعد للرصد هو بعد منتصف الليل، في الثانية صباحًا، بتوقيتك المحلي، هو ربما الأفضل وكلما اقتربنا من الصباح ازداد عدد الشهب.

تخرج الشهب من أعلى الكوكبة، في مكان قريب من النجمين كاستور وبولكس، وكل ما تحتاجه هو مكان للاستلقاء وتأمل السماء لعدة ساعات، مشروب دافئ إن أمكن، ورفقة طيبة، وبعض الأغطية لأن تلك هي أبرد أيّام السنة، دوّن أعداد الشهب التي رأيتها إن أمكن، واحسب عدد الشهب في الساعة، في النهاية فإن تأمل السماء الشتوية، بشهب أو من دون شهب، هو شيء بديع، لكن التوأميات بالفعل تفتح لك الباب أيًا كان مسكنك، في المدينة وفي إضاءة شديدة يمكن أن ترى 10 شهب بالساعة الواحدة، أدواتك هي فقط عيناك المجردتان.

علامات تلسكوبية

إذا كان معك تلسكوب في تلك الليلة فيمكن أن تعطي سديم الإسكيمو محاولة، للتعرف على موضع السديم تأمل الصورة المرفقة، سديم الإسكيمو هو سديم كوكبي، ويعني ذلك أنه بقايا نجم متوسط الحجم والكتلة (الشمس)، بعد ما تضخم فأصبح عملاقًا أحمر، ثم بعد ذلك ألقى بأغلفته الخارجية في صورة رياح شمسية عاتية، هي ما يصنع هذا الشكل الملون.

لو تأملت قليلًا في الصورة الخاصة بالسديم فسوف ترى نقطة بيضاء في منتصفه، هذا هو القزم الأبيض، نواة النجم الميّت، في التلسكوب لا يظهر السديم بتلك الصورة طبعًا، بل يظهر كبقعة خافتة سحابية، مع تلسكوب 6 بوصات سوف تراه كذلك، وسوف يبدو أكبر قليلًا مع تلسكوب 8 بوصات، وكلما كانت السماء صافية وكان التلوث الضوئي أقل، كانت الصورة أوضح.

حكايات النجوم

وقع زيوس ملك الآلهة في حب ليدا زوجة تينداريوس، كانت حاملاً من تينداريوس بطفل بشري حينما تعرف زيوس بها وحملت منه فأصبحت حاملاً بطفلين، بشري وإله، هنا. حينما أنجبت ليدا خشيت أن يكتشف زوجها علاقتها بزيوس فألقت بمولوديها في الغابة، أحدهما كان كاستور «بشري»، والثاني، هو بولكس «نصف إله»، في الغابة وجدتهما ذئبة من أحد القطعان فحملتهما إلى جحرها وأرضعتهما ووفرت لهما بيئة مناسبة حتى أصبحا يافعين، كان زيوس من وقت لآخر يطمئن عليهما، تعلما ركوب الخير والصيد وسافرا برًا وبحرًا. في أثناء معركة ضارية بينهما وبين الأخوين أيداس ولينسيوس قُتل كاستور، أما بولكس فبقي لأنه ابن إله والآلهة لا تموت، لكن بولكس رفض ذلك وطلب من زيوس والده أن يموت كأخيه، فهو لا يعرف للحياة طعمًا من دونه، هنا قرر زيوس رفع كليهما للسماء كوكبة، سميت التوأم.