كانت جدتي تطهو لنا الطعام في آنية مصنوعة من الطمي تسمى الطواجن الفخارية، وكنت لا أراها إلا عند جدتي، أما في بيوتنا الحديثة فتحل محلها أواني الألومنيوم، وبعد ما كبرت وجدت أنواعًا عدة من الأواني كالتيفال، وأواني السيراميك، والستانلس ستيل، ولكنني لم أجد مذاقًا شهيًّا للطعام مثلما وجدته عند جدتي قديمًا، الأمر الذي جعلني أبحث أكثر في ماهية المواد المصنوع منها هذه الآنية، وهل هي ضارة أو قد تسبب التسمم! 

ما هو التيفال؟

لا يوجد بيت يؤسس حديثًا لا تجد فيه أواني التيفال؛ لأنها تسهِّل أمر الطهي ولا يلتصق بها الطعام، مما يجعل مهمة التنظيف أسهل على ربة المنزل، وكذلك يمكنك طهي الطعام بقليل من الزيت أو السمن ليصبح صحيًّا أكثر.

أواني التيفال مكونة من عدة طبقات، ومنها طبقة من الألومنيوم والستانلس ستيل لتوصيل الحرارة، أما الطبقة الخارجية المطلية بها، والتي لا يلتصق بها الطعام، فتكون مصنوعة من مادة التيفلون، والتي تعرف باسم بولي تترافلورو إيثلين (PTFE).

تعتمد أنواع التيفال على المادة المستخدمة في طلاء الطبقة الخارجية للأواني لتجعلها غير لاصقة، ومن هذه المواد ما يلي:

  1. بولي تترافلورو إيثلين (PTFE): مادة مصنوعة من ذرات الكربون والفلور وتعرف بالتيفلون، فهي مادة كيميائية خاملة لا تتفاعل مع الأكل ولا يلتصق الطعام بها، لهذا تستخدم في طلاء أواني التيفال الآن.
  2. حمض البيرفلوروكتانويك (PFOA): كانت تستخدم هذه المادة سابقًا في طلاء التيفال، ولكن قد منعت من الاستخدام منذ عام 2013؛ لأنها تسبب أمراضًا صحية خطيرة، لذلك إذا وجدت أي إناء من التيفال مكتوبًا عليه اسم هذه المادة، فتخلص منه فورًا.

أضرار التيفال

يكمن ضرر أواني التيفال في المادة المستخدمة في طلائها، وعند حدوث خدش بالإناء، وكذلك درجة الحرارة التي يتعرض لها، حيث تنفصل مادة الطلاء عند تعرضها لدرجات حرارة عالية، وتدخل في الطعام ونتناولها، فتصيبنا بالأمراض.

من خلال فحص عينات دم لأفراد استخدموا أواني التيفال المصنوعة، في دراسة استقصائية أمريكية، أجراها المركز الوطني للإحصاءات الصحية، أثبتت أن دماء 98% منهم تحتوي على مادة حمض البيرفلوروكتانويك، هذه المادة تُسبِّب مخاطر صحية كبرى، مثل: 

  • أمراض الغدة الدرقية.
  • سرطان الخصية.
  • أمراض الكُلى.
  • مرض الكبد.
  • العقم.
  • قلة وزن الرضيع عند الولادة.

أما عن المادة الأخرى المستخدمة في صناعة التيفال، وهي التيفلون والمعتمدة حاليًّا، فهي آمنة، ولكن بشرط ألا تتعرض للخدش أو درجات حرارة عالية تصل إلى 300 درجة سيليزية فأكثر، ففي هذه الحالات تتسرب المادة إلى الطعام.

عند تسخين أواني التيفال في درجات حرارة عالية أكثر من 300 درجة سيليزية تتكسر مادة التيفلون مصدرة دخانًا من المواد الكيميائية ونستنشقه دون أن ندرى مسببًا لنا حمى التيفلون، وهي مؤقتة وتشبه أعراض نزلة البرد مثل:

  • الصداع.
  • ألم الجسم.
  • الحمى.
  • رعشة.

تظهر هذه الأعراض بعد التعرض للدخان بمدة تتراوح بين أربع وعشر ساعات، وتختفي الأعراض في غضون 12 إلى 48 ساعة، وقد يتضرر الشخص بأكثر من ذلك، فقد يصاب بتلف الرئة.

أواني السيراميك 

تطلى هذه النوعية من الأواني بطبقة من مادة السيراميك أو مادة تشبه السيليكا، وستجد حتمًا من ضمن الطبقات الداخلية طبقة من الستانلس ستيل أو الألومنيوم لتوصيل الحرارة.

تكمن مشكلة أواني السيراميك الأساسية أن طبقة الطلاء قد تحتوي على مادة الرصاص السامة، فقد أُجريت دراسة نتيجة ظهور حالة مرضية تعاني عدة أعراض لم يعرف لها تأثير، ووجدوا في نهاية المطاف أن السبب هو تناول الطعام في أواني السيراميك وشرب المشروبات الساخنة في «المج» المطلي بطبقة تحتوي على الرصاص.

هذا النوع من الرصاص يُمكنه إصابة المرء بأعراضٍ غير محددة في حالات التسمم المزمنة، مثل:

  • ألم بطني مزمن.
  • تقيؤ وغثيان.
  • إمساك.
  • الأنيميا.
  • الإرهاق.
  • صداع.
  • ألم المفاصل.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • ألم العضلات.

هذه الأعراض مرشَّحة للتفاقم حال زيادة نسبة الرصاص في الدم إلى خارج الحدود الآمنة، فعندما يتجاوز تركيز الرصاص في الدم  2.5 ميكرومول/ لتر يُصاب الإنسان بالأنيميا.

وعندما يتجاوز الـ 4.5 ميكرومول/ لتر في الدم يعاني الإنسان من أعراض عصبية، مثل: التشنجات، والرعشة، واعتلال المخ.

إذا كنت قد اشتريت نوعًا موثوقًا فيه من أواني السيراميك ولا يحتوي على مادة الرصاص فهنيئًا لك، ولكن ستظهر مشكلة أخرى بعد فترة؛ ألا وهي تآكل الطبقة الخارجية أو خدشها بالخطأ بأداة معدنية كالملعقة أو السكين أو حتى «سلك المواعين»، فعندما تتآكل طبقة الطلاء ستظهر الطبقات الداخلية مثل الألومينوم والستانلس ستيل التي تسبب مشكلات صحية أيضًا، والتي سنشرحها لاحقًا.

أواني الألومنيوم 

يترسب الألومنيوم في الطعام دون أن ندري خاصة عند طهي الأطعمة الحامضية مثل: الليمون والطماطم، فهو يتفاعل معها ويخرج إلى الطعام.

قد تتساءل: «كيف أكتشف تحلل أواني الألومنيوم؟» الأمر بسيط، ستجد بقعًا سوداء في أسفل الإناء، تدل هذه البقع على تحلل أجزاء من الألومنيوم وصلت إلى الطعام الذي تتناوله، وعندها يجب التخلص من هذه الأواني فورًا، ولا تطهُ فيها الطعام مرة أخرى.

أضرار أواني الألومنيوم 

 أجريت عدة أبحاث للتأكد من حقيقة تأثير الألومنيوم على الأعصاب والذاكرة، ولكن يُحتمل أن الألومنيوم يسبب الإصابة بالأمراض التالية:

المعلومة المؤكدة هي أن الألومنيوم سام للأعصاب ويلحق الضرر بها، ولكن اختلفت الدراسات في تأكيد أنه سبب الإصابة بأمراض المخ والأعصاب السابقة. 

أواني الستانلس ستيل 

يُعدُّ من الأنواع الآمنة نوعًا ما، ويكون سبب التسمم ناتجًا عن استخدام الأنواع المصنعة بمادتي النيكل والكروم، فهما يتسربان إلى الطعام، خاصة الحامضي مثل صوص الطماطم، في أثناء الطهي، وكلما زادت مدة الطهي زاد تركيز المادتين أضعافًا في الطعام.

قد يؤدي تناول الطعام المطهي في أواني الستانلس ستيل إلى الإصابة بالتهاب الجلد التحسسي، ويجب الامتناع عن استخدام هذه الآنية، خاصة لمن يعاني حساسية النيكل والكروم، ولحلِّ هذه المشكلة قرَّر صناع تلك الأواني طلاءها بطبقة خارجية من أكسيد الكروم، فهي تقلل تسرب النيكل والكروم إلى الطعام.

نصائح عند استخدام الأواني من كافة الأنواع

يجب اتباع بعض النصائح الخاصة بالتعامل مع الأواني وتنظيفها لإطالة عمرها الافتراضي، وتقليل التسمم الذي قد ينتج عنها، خاصة الأنواع المطلية بطبقة خارجية لتجعلها غير لاصقة، ومن هذه النصائح ما يلي:

  1. تجنب استخدام الأدوات الحادة كالملاعق المعدنية أو السكاكين لتجنب حدوث أي خدش قد يضر صحتك.
  2. يفضل استخدام الإسفنجة لتنظيف الإناء مع تعقيمها بالحرارة في الميكروويف فهي تحمل العديد من الجراثيم.
  3. لا تستخدم أدوات التنظيف الحادة مثل سلك المواعين فهي تخدش الطبقة المطلية من الإناء، وعندها يجب التخلص منه وعدم طهي الطعام به ثانية.
  4. اختار الأنواع الموثوق فيها من أواني السيراميك، وابتعد عن الأنواع الرخيصة من المكسيك أو الصين أو بعض دول أوروبا التي قد تجدها ملوثة بالرصاص.
  5. لا تضع المشروبات الساخنة في «المج»، فهذا يزيد من سرعة خروج الرصاص إذا كان يحتوي عليه.
  6. حاول استخدام الأنواع الآمنة من الأواني، وتخلص من الأنواع القديمة البالية أو التي خُدِشت، فهناك فترة صلاحية للأواني حتى إن استخدمتها بعناية وحرص دون خدشها.
  7. تجنب طهي الأطعمة الحامضية في أواني الألومنيوم لتجنب تحللها وتداخلها في الطعام مسببة أمراض الأعصاب.

ما هي أفضل الأنواع الآمنة من الأواني للطهي؟

لعلك تتساءل بعد قراءة المقال عن الأنواع الآمنة من أواني الطهي التي يمكنك استخدامها، فالأمر محير؛ لذا جمعنا لك أفضلها، وهي:

  1. أواني الفخار: أقدم الأنواع المعروفة ولكن حقها مهدر وبدأت الدول الأجنبية مؤخرًا تهتم باستخدامها، فهي غير سامة وصحية للغاية، حيث تمد الجسم بالمعادن الضرورية التي قد يفتقر إليها نظرًا لسوء التغذية كالحديد والمغنسيوم والكالسيوم والفوسفور، حيث تُصنع من الطمي الغني بهذه المعادن، ويجب الابتعاد عن الأنواع المطلية بطبقة حمراء اللون أو صفراء لامعة، فهذا يعني أنها تحتوي على الرصاص والكادميوم.
  2. الحديد الزهر: يفيد هذا النوع المصابين بالأنيميا خاصة وغير المصابين عامة، فهو يضيف الحديد إلى الطعام، ولكن يفضل عدم الإسراف في استخدامها، فالإفراط قد يسبب حالات مرضية، أما من يعاني زيادة نسبة الحديد في الدم فيما يعرف باضطراب فرط الحديد «Iron overload disorder»، فيجب عليه الامتناع عن تناول الطعام في أواني الحديد الزهر.
  3. البيركس أو الزجاج: يعد من الأنواع الآمنة، ولكن اختر النوع الذي لا يتكسر أو يتمدد بالحرارة؛ لأنه قد يسبب التسمم من مادة الرصاص أو الكادميوم، وتأكد أن هذه الأنواع من الزجاج غير مطلية لضمان خلوها من مواد التسمم.