فينالدوم: الرجل الذي لعب الجمباز من أجل «يورجن كلوب»
أردت أن أكون لاعب جمباز في الماضي، فعلت الشقلبات وكل تلك الأشياء في البيت والشارع إلى أن حذرتني جدتي من خطورتها. الآن ابنتي تفعل ذلك مثلي وأنا أحسدها لأنها تفعل ما أردت أن أفعله وأنا صغير، كان لابد أن أتوقف وأركز على كرة القدم وأنا سعيد بذلك.
قد يلاحظ البعض تألق صلاح وفيرمينو، تذبذب ماني، في حين يصف الآخرون فان دايك بالمدافع العالمي وروبريتسون بالجوهرة. تقف عاليًا وتصفق لشاكيري على مهارته أو لميلنر على أدائه البطولي. ولكن هل تعرف جورجينيو فينالدوم؟ نعم، لاعب وسط في فريق ليفربول الإنجليزي بواجبات تميل للدفاع. فقط هذا ما يمكن أن يعلمه الكثيرون عن جورجينيو الذي فضل الفريق على أن يكون مشهورًا لمن ينظرون لمسيرته مع كرة القدم من بعيد، لقد أعطاها الكثير وما زال ينتظر لرد الدين.
أريد أن ألعب كرة، لا يهم أين
لم يكن مثل باقي اللاعبين عندما يُسألون عن هواياتهم سيكون الرد هو كرة القدم، كيف شاهد اللاعب الفلاني وهو يتألق ويلهمه؟ والآخر الذي تمنى اللعب بجواره. عند فينالدوم الأمر مختلف تمامًا، فبغض النظر عن كونه مُحبًا للجمباز فهو لم يكن يرى الكرة بعين الآخرين.
طفل يريد أن يقوم بحركات أكروباتية دعاه ابن عمه ليوم مفتوح بنادي سبارتا روتردام ليقع الصغير الأسمر في حب الكرة، الكرة التي لاحظ الجميع أنه كان موهوبًا بها دون أن يعلم. لاحظه أحد كشافي الأكاديمية فقدّم إليه حينها عرضًا ليبدأ «جيني» كما يحب الكثيرون أن ينادوه مسيرة مميزة ومختلفة مع كرة القدم لم يخطط لها يومًا قبل ذلك!
لم أكن أشاهد كرة القدم بالتلفاز مطلقًا، وبالتالي لم أكن أعلم أيًا من لاعبي الدرجة الأولى سواء من سبارتا أو من غيره من الأندية. لم أكن أعلم سوى لاعبي منتخب هولندا وبالتالي لم تبهرني العروض، كنت سعيدًا وأريد الاستمرار في سبارتا روتردام.
جورجينيو فينالدوم عن رفضه للعروض من أياكس وفينورد وأيندهوفن في فترة المراهقة.
جانب آخر من حياة جورجينيو قد ينكشف من خلف هذا التصريح؛ وهو النضوج المبكر الذي خلفه انفصال أبيه وأمه واختياره أن يعيش مع جدته التي كانت بمثابة الناصح له في حياته. ربما أحس فينالدوم برجولة مبكرة، ربما شيء شبيه بالمسئولية أو له علاقة بالقرار وإدراك معانٍ أكبر من سنه. تأثير تلك الفترة كان واضحًا على جيني الذي ظل امتنانه لجدته محور معظم أحاديثه.
البداية: 10، 11
أريد أن أصبح لاعب كرة عظيمًا، ولكن هذا في المستقبل. أما الآن فيجب أن أذهب إلى المدرسة أيضًا، يجب أن أجمع بينهما لأنجح في فينورد.
جورجينيو فينالدوم عن استدعائه للفريق الأول بفينورد بعمر 16 عامًا
بدأ فينالدوم كلاعب يتميز بالانطلاق بالكرة وبدونها، بالمرواغة، باللعب كصانع ألعاب أو على أطراف الملعب ليسجل ويصنع الأهداف ببساطة. ايرون كومان، الأخ الأكبر لرونالد الأشهر هو من أعطى فينالدوم الفرصة للمرة الأولى ليكون أصغر لاعب يلعب مباراة رسمية بعمر 16 عامًا و 184 يومًا، وهو من رآه لاعبًا مُهاجمًا أكثر من كونه لاعب وسط. وبالفعل تألق فينالدوم وانتقل بعد ذلك لأيندهوفن ليسجل ويصنع ويحصد لقب دوري غائب منذ أعوام وهو قائد الفريق.
كأس العالم 2014 في البرازيل كان بداية ظهور فينالدوم على الساحة الدولية، أساسي في تشكيلة فان جال في جميع الأدوار الإقصائية ليكلل مجهوده بهدف ثالث ليقسو الهولنديون على أصحاب الأرض ويفوزوا بالمركز الثالث. هنا تشعر وأن الحياة تريد محطة أخرى خارج هولندا لجيني، وكمعظم المواهب الهولندية ترك الدوري الهولندي وقرر الانضمام لنيوكاسل ليصبح أغلى لاعب يقوم بشرائه مايك أشلي رئيس النادي.
كلوب: 6، 8
كنت قد مللت من كرة القدم وأحتاج للراحة، لم أشاهد اليورو. نحن ثالث كأس العالم ومتوقع أن نحصد اليورو فلا نتأهل! كان حزنًا كبيرًا ولكنه لا يُقارن بحزني على هبوط نيوكاسل، ورغم أنه كان موسمًا رائعًا لي شخصيًا ولكن عندما لا تحقق شيئًا مع فريقك فهذا صعب.
قرر يورجن كلوب التعاقد مع فينالدوم في صفقة أدهشت معظم المتابعين لا لقلة جودة فينالدوم ولكن لتواجد لالانا وكوتنينيو بليفربول! نعم كان يلعب فينالدوم حينها متقدمًا في وسط الميدان حتى أنه في موسم 2015 /2016 بالمقارنة مع فيليب كوتينيو نجم ليفربول حينها كان قد سجل 11 هدفًا وصنع 5 مع نيوكاسل في 40 مباراة في حين سجل كوتينيو 12 وصنع 7 مع ليفربول في 43.
الدهشة زالت عندما أقدم الألماني على تغيير مركز فينالدوم من لاعب رقم 10 إلى لاعب رقم 8 أمام هندرسون وخلف كوتينيو، واستبدلتها دهشة من نوع آخر لسرعة تأقلم جيني على المركز الجديد والذي فتح المجال للوسط الكروي لمناقشة ظاهرة جورجينيو فينالدوم كما فتحت المجال لكلوب نفسه بوضع فينالدوم في المركز 6.
لقد قال لي إنني بإمكاني اللعب في أكثر من مركز لأنني أمتلك الإمكانيات لفعل ذلك، أتحدث معه كثيرًا للتطلع للخطوة القادمة ومساعدة الفريق.
الآن يلعب الهولندي الجمباز على طريقة كلوب وكومان
هو يجمع كل الصفات الجيدة التي تطلبها، قوي يضع نفسه بين الخصم والكرة ثم يمرر، لا أعلم عدد المراكز التي يلعب بها، بإمكانه اللعب في كل مراكز خط الوسط، إنه رائع.
ربما زاد النقاش عن المجهول، فينالدوم وسط نجوم ليفربول هذا الموسم تحديدًا لأسباب أنه تطور وبشكل واضح في مراكز وسط الملعب المتأخرة خصوصًا 6، حيث إنه قبل ذلك مع كلوب كان يلعب 8، حينها كانت أدواره مختلطة نوعًا ما لكن الآن وبامتياز هو أكثر لاعبي ليفربول استخلاصًا للكرة وأكثرهم دقة تمرير في عام 2018 في البريميرليج، شهادة ميلاد للاعب ارتكاز في عمر الثامنة والعشرين.
هو لاعب رائع، يلعب في مركز 10 وصانع الألعاب ولكنه في ليفربول يلعب في الوسط المتأخر، لأنه لاعب فريق. فينالدوم يُفضل الفريق على نفسه.
ربما صدق كومان في أنه يفضل نفسه على الفريق، فماذا يجبره على التراجع خلف لالانا وهو يمكنه فعل ما يفعل؟ كومان رأى فينالدوم صانع الألعاب فقط لذلك يشارك في هذا المركز مع المنتخب الهولندي حتى الآن، مستوى عالٍ جدًا من القدرات التي تسمح لصاحبها بمرونة واضحة في تغيير مراكزه والأداء بها تقريبًا بنفس الكفاءة، الأهم أنها في وقت قصير وفي مستوى المنافسة العالي.
منطقة أخرى يتميز بها جورجينيو ولا يقدر على استغلالها إلا قليل من المدربين الذين لو نصبوا أحدهم رئيسًا عليهم لكان كلوب؛ ألا وهي الركض بدون كرة. يرى يورجن كلوب أن تكتيكه قائم على ملء كل الفراغات الموجودة بالملعب وأن اللاعب صاحب المجهود الوفير هو بمثابة لاعبيْن وبالتالي لاعب زائد عن الخصم.
لالانا وفيرمينو كانا قبل ذلك خير مثال على ذلك. مستوى من عالم آخر مع كلوب مغاير لما فعلاه مع بريندان رودجرز، ليس لسوء مستوى الأيرلندي ولكن لعدم اكتشافه مكامن قوة الثنائي. بالمناسبة فينالدوم هو خامس أكثر لاعب غطى عدد كيلومترات بالركض في البريميرليج مع ليفربول في عام 2018، حيث غطى حوالي 318.9 كم بفارق عن الأول فيرمينو بحوالي 36 كم.
دير كاوت نجم ليفربول ومنتخب هولندا السابق عن فينالدوم
فينالدوم المدرب
هو ليس لاعبًا جيدًا فقط ولكنه يمتلك رئة حصان.
هل يبدو فينالدوم سعيدًا وقد حقق حلمه مجازًا بلعب الجمباز وهو يتنقل بين مراكز الملعب؟ شعور فينالدوم بالتأكيد لن يكون الضيق بسبب ثقة المدرب فيه حيث تقريبًا يلعب الموسم كاملًا، ولكنه ليس سعيدًا ليس لتغيير مركزه ولكن لرغبته في أن يكون الأفضل.
اللعب في مراكز متعددة يسمح لي بفهم احتياجات كل مركز والنظر للعبة من منظور آخر، كذلك مساعدة زملائي في تلك المراكز. ولكن هناك نقطة ضعف لأنه إذا امتلك المدرب مثلًا لاعبين يلعبان بالمركز 10 ولكن أحدهما يمكنه اللعب كجناح بالتأكيد سيضع المدرب هذا في الجناح من أجل هذا. إذن هي نقطة ضعفي ونقطة قوتي.
المثير أن هذا يحدث مع فينالدوم منذ 3 أعوام تقريبًا ولكن لم يتحدث معه الإعلام الإنجليزي في تلك النقطة إلا عندما نافس ليفربول على لقب البريميرليج ليُثبت صحة شعور فينالدوم نفسه عندما لعب موسمًا رائعًا. كان هداف الفريق مع نيوكاسل ولكنه هبط إلى الدرجة الثانية حيث كان حزينًا لأنه لم يحقق شيئًا. كذلك يثبت نظرية كومان حول فينالدوم بأنه رجل للفريق فتنازل عن هز الشباك في ليفربول من أجل الفريق أو من أجل ممارسة شيء قديم حلم به صغيرًا، حتى ولو أكروبات على الورق.
