«في-22 أوسبري»: الطائرة الأمريكية المعجزة التي تتحطم بلا سبب
تحطمت مروحية عسكرية أمريكية كانت تُقل 20 جنديًا من مشاة البحرية الأمريكية. التحطم وقع في جزيرة ميلفيل في الإقليم الشمالي بأستراليا. التقارير الأمريكية الأولية قالت، إن عددًا كبيرًا ممن كانوا على متنها تم إنقاذهم، ولم ترد الأنباء عن سقوط قتلى. لكن المهم في ذلك الحادث هو نوع المقاتلة التي كانت تُقل الجنود. أهميتها ليست من تطورها فحسب، بل لأن ذلك الحادث ليس أول حادث لها.
الطائرة التي سقطت بالمقاتلين من طراز في-22 أوسبري. تُوصف بأنها متعددة المهام نظرًا لقدرتها على الجمع بين صفات الطائرة العمودية، الهليكوبتر، والطائرة ذات الأجنحة الثابتة. فيمكنها عبر تصميم مراوحها الفريد أن تُقلع وتهبط عموديًا. ثم تتخذ الوضع الأفقي حتى تعطي الطائرة قوة دفع تشبه الطائرات المقاتلة النفاثة المعتادة.
الطائرة يستخدمها عدد محدود من الدول، الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل واليابان. إسرائيل كانت أول حليف يحصل على تلك الطائرة عام 2013، حين وافقت الولايات المتحدة على صفقة تتضمن بيع 6 طائرات من طراز في-22 أوسبري إليها.
وتتنوع استخدماتهم لها في مهام متنوعة مثل الإنذار المبكر، أو مكافحة الغواصات، أو الإخلاء الطبي. كذلك تُستخدم في مهام البحث والإنقاذ، ونقل القوات الخاصة. ومن أبرز استخداماتها الحرب الإلكترونية.
يبلغ طول الطائرة قرابة 18 مترًا، وعرضها 26 مترًا. وتزن فارغة 15 طنًا، أما وزنها بكامل الحمولة فيصل إلى 27 طنًا. وتبلغ أقصى سرعة لها 509 كيلومترات في الساعة. وتستطيع التحليق حتى تصل إلى ارتفاع 7 آلاف و620 مترًا. تسليحها يختلف تبعًا لنوع المهمة المنوط بها القيام بها. فيمكن أن تتسلح برشاش عيار 7.6 ملم، أو مدفع رشاش عيار 12.7. لكنها لا تملك إمكانية لإلحاق أسلحة خارجية بها.
سبب السقوط: هبوط حاد
في يونيو/ حزيران عام 2022 أعلنت قوات المشاة الأمريكية عن تحطم طائرة من نفس الطراز في جنوب كاليفورنيا. الطائرة كان على متنها 5 أفراد من المارينز الأمريكي. وتواترت الشائعات عن أنها كانت تحمل مواد مشعة، لكن نفت الإدارة الأمريكية هذه المقولة تمامًا. لم تهتم التقارير بمتابعة مصير الأفراد الخمسة الذين كانوا على متنها، فقد كان التركيز على مقولة المواد المشعة أولًا، ثم على سر هذه الطائرة التي يتكرر سقوطها.
قبل ذلك الحادث بثلاثة شهور فقط، قد سقطت طائرة من نفس الطراز في النرويج. ففي 19 مارس/ آذار عام 2022، كانت تشارك الطائرة في تدريب لحلف شمال الأطلسي، لكنها اختفت بشكل مفاجئ من على أجهزة الرادار. لاحقًا خرج المتحدث باسم غرفة التنسيق المشتركة ليوضح سر الاختفاء، هو أن الطائرة ارتطمت بالأرض. ظل طاقم الطائرة دون إنقاذ لساعات طويلة، فلم تستطع طائرات الإنقاذ الهبوط بسبب سوء الأحوال الجوية. وبعد ساعات أخرى أعلنت الشرطة النرويجية مقتل الجنود الأربعة الذين كانوا على متن الطائرة.
أما في عام 2017 فقد كشف مصدر أمريكي عن تحطم ذات الطائرة في سوريا. المصدر أوضح أن الحادث أدى لإصابة جندي كان على متن الطائرة، لكنها ليست بالإصابة الخطيرة التي يمكن أن تُهدد حياته. اللافت في كلام المصدر الأمريكي أنه أوضح أنه لم يكن هناك أي سبب خارجي لهذا السقوط، بل كان الأمر مجرد هبوط حاد، على حد وصفه.
لكن لم يكن حادث سوريا هو الوحيد لتحطم طراز أوسبري، كان حادث سوريا في سبتمبر/ أيلول، سبقه في أغسطس/ آب تحطم نفس الطراز في أستراليا، ما أسفر وقتها عن مقتل ثلاثة من المارينز.
ذرات الغبار تفتك بالطائرة
في عام 2016 هبطت طائرة في-22 أوسبري بشكل اضطراري، أو مفاجئ، في مياه أوكياناو باليابان. الأمر الذي تسبب بإصابة فردين. لهذا تنظر اليابان لهذا الطراز بالشك دائمًا، رغم أنها من القلائل الذين يملكونه. ففي يوليو/ تموز عام 2013 أعلنت اليابان قيامها بتعليق عمليات النقل الجوي التي تقوم بها أوسبري. التعليق جاء بعد صدور تقرير أمريكي يوضح بعض التدابير الغائبة التي أدت لتساقط الطائرة على مدار السنوات الماضية.
التقارير الأمريكية قالت إنه لا يوجد خطأ من الطيارين، ولا خطأ من الصيانة كذلك. دام التعليق لثلاثة أسابيع، قامت فيها القوات اليابانية بمساعدة حلفائهم الأمريكيين بفحص الطائرات وقواعد السلامة فيها.
هاواي كذلك شهدت حادث تحطم غريب لنفس الطراز. في مايو/ آيار 2015 تحطمت نسخة من الطائرة، فأسفرت عن مقتل اثنين من جنود المشاة الأمريكية وإصابة 20 آخرين. التقرير الذي صدر بعد قرابة 6 أشهر قال إن سبب التحطم هو تسلل ذرات الغبار والرمال إلى محرك الطائرة ما أدى لحدوث عطل فيه. الرمال تسللت للمحرك بعد أن حاولت الطائرة التحليق على ارتفاع منخفض.
وفي عام 2012 تحطمت نسخة أخرى من الطائرة في تدريب روتيني. لكن تلك المرة سارعت الولايات المتحدة إلى إعلان أن العامل البشري كان هو السبب في سقوطها، ولا وجود لأي أعطال أو أخطاء تقنية. كانت الطائرة قد سقطت في أبريل/ نيسان عام 2012 في المغرب. وأدت لمقتل اثنين من الجنود الأمريكين، وإصابة اثنين آخرين، بسبب سقوط الطائرة في جنوب المغرب. الحادث وقع في أثناء مشاركة الطائرة في مناورات تدريبية في الجنوب المغربي. وتكتّمت الإدارة الأمريكية عن الحديث حول أسباب هذا السقوط.
قبل عامين من هذا الحادث شهدت أفغانستان حادث جديدا تُضاف في سجل 22 أوسبري. قُتل في ذلك الحادث ثلاثة جنود أمريكين وموظف مدني. وكعادة تلك الطائرة لم تُعلن الولايات المتحدة عن أسباب انهيار الطائرة دون وجود أي فعل عدائي ضدها، فلم يتحدث أحد عن محاولة استهدافها بصاروخ، أو تفخيخها بأي صورة.
حلقة الوصل بين الحوادث
قضت الطائرة قرابة 10 سنوات دون حوادث. لكن بالتقصي نكتشف أن حوادثها بدأت مبكرًا للغاية. ففي ديسمبر/ كانون الأول عام 2000 تحطمت طائرة في كارولينا الشمالية، ما أدى لمقتل 4 جنود من المارينز. في ذلك الحادث ألقى المحققون اللوم على الجزء الهيدرولكي في الطائرة، وعلى الكمبيوتر المسئول عن التحكم فيها.
كانت تلك مزاعم مختلفة عن مزاعم المحققين حول أسباب السقوط الأول في أبريل/ نيسان عام 2000. في هذا الحادث فقد 19 جنديًا حياتهم جراء السقوط. الخطأ المُعلن وقتها كان خطأ الطيار. فقد قالت التقارير إن الطيار حاول الهبوط بسرعة كبيرة، وبزاوية انحدار كبيرة للغاية. فتسبب في فقدان الطائرة لتوازنها، فارتطمت بالأرض.
المفاجأة أن الطراز نفسه تحطم في حادث مشابه عام 1992، وأدت لمقتل 5 أفراد كانوا على متنها. فيبدو أن الطائرة هى حلقة الوصل بين عديد من حوادث التحطم السابقة. وفي كل مرة تصدر الولايات المتحدة بيانًا مختلفًا حول أسباب التحطم، لكن تعود الحوادث للتكرار، ولا تستجيب الولايات المتحدة لمطالب العديدين برفع تلك الطائرة من الخدمة حتى تصبح مستعدة للقتال، أو تتوافر فيها معايير أكثر للأمان، لكن دون استجابة حقيقية.
وتستمر الولايات المتحدة في نشر الطائرة في قواعدها العسكرية الدولية، وفي التدريبات المشتركة، لذا فلا يمكن اعتبار هذا المقال كاملًا، فيبدو أن هناك تحديثات ستضاف إليه باستمرار.