محتوى مترجم
المصدر
Yedioth Ahronoth
التاريخ
2018/06/01
الكاتب
يتسحاق بن إسرائيل

في مقاله في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، رأى رئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية «يتسحاق بن إسرائيل»، أن سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخارجية نجحت في إضعاف روسيا وأدت أيضًا إلى التخلص من العناصر المتطرفة الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط.

حيث ذكر في افتتاحية مقاله أن من يدّعون أن سياسة أوباما تسببت في وقوع بلاده في الخطيئة هم مخطئون، فإستراتيجيته الحذرة تسببت فعليًا في إضعاف روسيا، بل وأدت إلى القضاء على العناصر المتطرفة الرئيسية في الشرق الأوسط، لذا فلا عجب في أن نجد أن الرئيس الروسي قد أيد الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية.

إن أحد شعارات دونالد ترامب في حملته الانتخابية كانت أنه سيعمل على استعادة الموقع الحيوي للولايات المتحدة في العالم، وتحت قيادته ستغدو أمريكا عظيمة وقوية مجددًا كما اعتادت أن تكون في الماضي. وبحسب ترامب، فإن أوباما هو أضعف رئيس جاء لمنصب الرئاسة، وبمساعدة هيلاري كلينتون، أدى الأمر إلى تراجع مكانة أمريكا في العالم.

إن ضخ الأموال عن طريق النفط يرسم صورة وهمية عن وجود رخاء اقتصادي، وهو الأمر الذي تعاني من روسيا ومعظم دول الخليج.

ويقول الكاتب أنه خلال زيارته للولايات المتحدة ورحلاته المختلفة حول العالم، سمع الكثيرين يؤيدون الانتقادات ضد أوباما، حتى لو لم يكونوا من مؤيدي ترامب. ويضيف أن هؤلاء كانوا يشيرون إلى التزايد غير المسبوق في نشاط روسيا المتسم بالتحدي وأيضًا إلى ظهور الإرهاب العالمي وانهيار النظام العالمي في منطقة الشرق الأوسط، وبشكل خاص موقف الولايات المتحدة تجاه الموقف في مصر، وصعود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).. إلخ. هذا الرأي يشاطره فيه الكثيرون داخل إسرائيل أيضًا.

والسؤال هنا: هل كانت سياسة أوباما خلال الأعوام الثمان الماضية مرتبطة فعلًا بالظواهر السالف ذكرها؟ هل أضعفت تلك السياسة أمريكا فعليًا وتسببت بسقوطها في الخطيئة؟

يشير الكاتب أنه إذا نظرنا على سبيل المثال إلى النشاط الروسي، فلا يوجد شك في أن روسيا تتحدى الولايات المتحدة وأوروبا من خلال إجراءاتها داخل أوكرانيا، كما أن إرسال قواتها إلى سوريا ليس بالأمر الهين أيضًا.

لكن ما سبب كل ما سبق؟ إن أحد الأسباب الرئيسية وراء نشاط روسيا هو تزايد ضعفها الاقتصادي، بعد أن فشلت في إعادة بناء اقتصادها في أعقاب انهيار جدار برلين حيث كان لديها طريق مناسبة أكثر للنمو الاقتصادي، ألا وهي تصدير الغاز والنفط خاصة إلى أوروبا.

لكنها وقعت في الفخ نفسه الذي وقعت فيه الدول العربية على مدار 100 عام: وهو أن ضخ الأموال عن طريق النفط يرسم صورة وهمية عن وجود رخاء اقتصادي، ولا يجعل الشعب والحكومة يقومان بالبحث عن أساليب أخرى للتنمية. لذا فإنه ليس من قبيل المصادفة أن الدول النفطية عادة ما تكون في الجزء الأسفل من قائمة الأمم المتحدة التي تقيس مقدار التنمية في العالم.

على الرغم من ذلك، فعلى مدار الأعوام القليلة الماضية عانت تلك الدول من كارثة وهي انخفاض أسعار النفط بنسبة أكثر من 50% مقارنة بالموقف قبل 5 أعوام، في أعقاب الزيادة الضخمة في الإنتاج الذي تسبب فيه الضغوط الأمريكية (ضغوط أوباما) على المملكة العربية السعودية ومنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» لضخ المزيد من النفط.

كلما باتت روسيا أضعف، باتت أكثر حرصًا على زيادة الاحتقان الدولي، وليس العكس هو الصحيح.

ووافقت السعودية على ذلك على الرغم من أنها قد تتأثر سلبيًا بذلك الأمر، نظرًا لاعتمادها على الولايات المتحدة، ونظرًا لأن الانخفاض الحاد في أسعار النفط قد ساهم في تدمير الاقتصاد الإيراني.

وفي إيران، دفع ذلك الأمر الحكومة للتوقيع على الاتفاق النووي، أما في روسيا فقد انعكس ذلك على تحركات كانت تهدف إلى تذكير الغرب أنها لا تزال لاعبًا ينبغي وضعه في الاعتبار.

كانت هذه هي سياسة أوباما التي أضعفت روسيا وأدت لزيادة الاحتقان الدولي، وهذا الأمر مشابه للفارق بين سبب المرض والحرارة الذي يتسبب فيها. فعلى سبيل المثال، قد يُخفّض عقار أسيتامينوفين درجة الحرارة، ولكن لا يمكنه علاج المرض الفعلي.

أيضًا كلما باتت روسيا أضعف، باتت أكثر حرصًا على زيادة الاحتقان الدولي، وليس العكس هو الصحيح.

وإذا تطرقنا إلى الشرق الأوسط، فإن الموقف هناك يأتي عكس ما يتصوره عادة نطاق عريض من المتابعين، فأوباما رفض أن يرسل جنوده إلى ساحة الحرب ضد داعش، واعتقد البعض أنه خسر وقتًا ثمينًا استطاع خلاله التنظيم المتشدد خلق قاعدة قوية له في الشرق الأوسط.

وبدلًا من ذلك، فقد التزم أوباما بإستراتيجية بناء قوة عسكرية محلية (أغلبها من العراقين والأكراد). ويبدو أنه كان مُحقًا، وأن إستراتيجيته تُحقّق نجاحًا.

فإذا نظرنا إلى واقع الأمور، فسنرى أنه تعلم الدرس من الخطأ الذي ارتكبه سلفه جورج بوش الابن، الذي لم يكتفِ بالإطاحة بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، بل قام بحل قوات الجيش العراقي، ما ساهم في صعود تنظيم داعش.