دليلك الشامل للنجاة من حرب نووية
دائما ما تتخذ الأحاديث والأخبار حول الحرب النووية منحى خياليا كما في أدبيات نهاية العالم Post-apocalypse. تشير المحاكاة والأدلة العلمية إلى أن هذا التصور هو موقف نفسي صنعته بروباجندا الحرب الباردة في أذهان الشعوب، أكثر منه علمي. بالطبع تستطيع الرءوس النووية في العالمم مجتمعة تدمير الكوكب، إلا أن تفجير كل الرءوس النووية في العالم في آن واحد ليس بالأمر المحتمل.
مع انتهاء عصر «الحرب النووية» التي توقفت عن أن تكون مبررا حقيقيا للخوف بحلول التسعينيات، ثم بداية عصر «الإرهاب النووي» الذي ينبهنا إلى أن انفجار قنبلة نووية أو حتى عدة قنابل، سواء كعمل إرهابي أو بسبب خطأ هو أمر وارد جدا، أصبح لدينا الكثير من المفاهيم التي علينا استيعابها لحماية أنفسنا بشكل فعال من المستقبل الواقعي لا من الأسطورة.
ربما ستحتاج إلى احتياطات أكثر من طريقة «السلحفاة بيرت» في برامج توعية الأطفال الأمريكان من أخطار الحرب النووية في الخمسينيات، إلا أن النجاة من انفجار نووي أو حتى حرب نووية ليست بالأمر المستحيل. إن الفارق بين الحياة والموت قد يكمن فقط في معرفة كيفية التصرف كما يخبرنا إيروين ريدلينر.
افهم طبيعة الخطر
لنكن واقعيين هنا لأقصى درجة. في حالة أن انفجارا نوويا قد وقع فإن شرح ميكانيكية تصنيع القنبلة لن يفيد عمليا بشيء. تبدأ المعلومات النظرية المفيدة من نقطة «حجم» القنبلة. إذا كنت تعيش في مدينة صغيرة فإن حجم القنبلة سيحدد مدى احتمالية نجاتك. يفرق بروس كلايتون هنا بين نوعين من القنابل، مدمرات المدن City busters والتي تقدر انفجاراتها بملايين الأطنان (ميجا طن) من التي إن تي TNT وبين الأسلحة التكتيكية التي تقدر انفجاراتها بحوالي ألف طن أو أقل.
يتمثل خطر الانفجار النووي في محورين أساسيين هما موجة الانفجار Blast والإشعاع Radiation بنوعية المبدئي initial والمتبقي residual. لذا سيتوجب عليك فهم طبيعتهما معرفة كيفية حماية نفسك من كليهما.
باستطاعة الانفجار إيذاؤك عن طريق كل من الحرارة والضغط. يقوم انفجار القنبلة بتسخين محيط ضخم من الهواء لدرجة حرارة تصل لعشرات الملايين. للأسف فإن تواجدك على مسافة أقل من كيلومتر يعني احتمالية كبيرة لتبخيرك إذا كنت في العراء لا يفصلك عن الانفجار أي ساتر أسمنتي. أما إذا كان بينك وبين الانفجار 3 كيلومترات -أو ميلين- على الأقل فإن الفرصة سانحة لتنجو بنفسك.
انبطح واحتم
على هذا البعد، يصبح الخطر الأساسي هنا هو موجة الصدمة Shock wave الناتجة عن الانفجار، والتي تحمل من القوة ما يمكنها بسهولة من اقتلاع أشجار بل هدم مبان وحمل الكثير والكثير من الركام والبقايا في طريقها. إذا لمحت كرة النار الناتجة من الانفجار وكنت في الشارع أو مكان مفتوح قريب من الانفجار وبعيد عن أي مكان للاحتماء، انبطح على الأرض فورا – يفضل في أي حفرة تجدها –واحم رأسك بيديك.
الصبر هنا قد يعني الحياة، قاوم شعورك بأنك تريد أن تنظر للانفجار فهذا قد يعني العمى المؤقت أو الدائم في أكثر وقت تحتاج فيه للنظر. كذلك اصبر وانتظر، فقد ترفع رأسك قبل أن تكون موجة الصدمة لم تصل إليك بعد وبالتالي فإنك تعرض نفسك للإصابة بأي حطام قد تحمله الموجة أو أن تحملك الموجة شخصيا وترمي بك على الأرض كجثة هامدة، كما أنك تعرض نفسك لكمية إضافية من الإشعاع لمختلف أنحاء جسدك إذا وقفت وفاجأتك بقدومها.
فكر في موجة الصدمة كما لو كانت حافلة طائرة عليك تفادي اصطدامك بها قدر الإمكان. انتظر منبطحا حتى تشعر بعبور الموجة (ستشعر بالضغط خلال عبورها) ويتوقف الحطام من السقوط من السماء (ميز ذلك عن طريق السمع).
ما زلت على قيد الحياة؟ جيد ولكن الخطر لم ينته بعد، نحن مازلنا في البداية ولكن احتمالاتك تحسنت. سيقتل الانفجار النووي الكثيرين لكنه لن يقضي على البشر. بعد مرور عدة دقائق، قم وحاول بأي طريقة إيجاد ملجأ Shelter.
اختبئ من المارد
اجعل أولويتك القصوى إيجاد مأوى تحت الأرض. كلما كنت أعمق في باطن الأرض استطاعت كميات الأسمنت حمايتك بصورة أفضل. حاول أن تجد قبو منزل Basement إن لم تكن قريبا من مخبأ مخصص للهجوم النووي أو الكوارث بصفة عامة. إن لم تجد قبو مبنى قريب منك، فحاول أن تجد جراج تحت الأرض لكن قم بإغلاق نظام التهوية منها لوصول الغبار النووي للداخل.
حيث إن أقل من 2% من سكان الولايات المتحدة لديهم أقبية مخصصة للكوارث النووية، فمن المنطقي أن النسبة في دولة مثل مصر أو دولة نووية حتى كالهند ستقترب من الصفر. إذا أتيحت لك الفرصة، فمن المهم جدا جدا أن تقوم ببناء مخبأ تحت الأرض تحسبا لأي نوع من الكوارث غير المتوقعة أو شراء مخبأ جاهز ودفنه تحت الأرض.
مجددا لا تجعل الفضول يتغلب عليك. ستنخفض خطورة الإشعاع نسبيا بعد ثلاثة أيام لكنها ستظل شديدة الخطورة، حاول أن تبقى في مخبأ لمدة 15 يوما كحد أدنى، بعدها يمكن أن تخرج لتقييم الموقف.
إذا لم تجد مخبأ تحت الأرض، فابق في داخل جدران منزل ما. إذا كنت تعرف مخبأ أفضل وتعي الطريق إليه جيدا لكنه يبعد عنه مسافة تقطعها جريا في 15 دقيقة على الأكثر، ابق في المنزل لمدة نصف ساعة ثم اخرج وحاول الوصول للمخبأ الأفضل.
تذكر، مهما فعلت فلا تقف بالقرب من النوافذ وحاول تغطيتها بأي طريقة وحاول الاستبدال بنظام التهوية مضخة هواء يمكنك معرفة كيفية صناعتها من دليل كريسون كيرني للنجاة من الكوارث النووية.
أخيرا.. الصمود في الأسفل
بمجرد إيجادك لمخبئك وأيضا بعد كل مرة تذهب فيها إلى الخارج –لإحضار مؤن مثلا رغم أن هذا غير محبذ- فعليك أن تستحم جيدا للتخلص من الجسيمات الملوثة بالإشعاع على جلدك، وأيضا عليك إزالة الغبار المشع من ملابسك بفردها ومحاولة كحت طبقتها الخارجية. إذا قمت بغسل شعرك تأكد من عدم استخدامك للبلسم Conditioner لأنه يساعد على ثبات الغبار المشع والتصاقه برأسك.
يمكن تلخيص المؤن التي تحتاج إليها في حالة حدوث أي كارثة، وخاصة إن كانت نووية في الاّتي:
تأكد من امتلاكك لـكمية من الغذاء طويل مدة الصلاحية Non-perishables وكميات من الماء المعبأ في زجاجات بلاستيكية. على أن تكفيك هذه الكميات لمدة أسبوعين على الأقل. أيضا عليك إحضار راديو يعمل ببطاريات (أداة التواصل الوحيدة التي ستتبقى في المنطقة) والكثير من البطاريات مختلفة الأحجام، وكشاف، وعبوات بوتاسيوم أيوديد Potassium iodide لحماية غدتك الدرقية، ومعقم ومطهر ومضاد حيوي ولاصق طبي وأدوات إسعاف أولية وأي أدوية تحتاجها أنت أو عائلتك كمستنشقات الربو أو خلافه، وأكياس نوم، وملابس خروج مناسبة للجو البارد ومطرقة.
أنت الاّن تحتمي بالجدران بحسن استعدادك للكارثة. يستمر الغبار الملوث بالمواد المشعة الذي تطاير لأعلى مع الانفجار في الهطول كمطر جحيمي، إلا أن حدة الإشعاع تتقلص. بالطبع تتسبب الرياح في نشر هذا التلوث الإشعاعي لأكبر بقعة ممكنة، وبالتالي حاول الاحتماء حتى وإن كنت بعيدا نسبيا عن الانفجار.
للمرة الأخيرة، لا تقع ضحية لخداع الطبيعة. لا تنتهي المشكلة بمجرد أن تخمد نيران الانفجار وتتبدد سحابة الفطر من أمام عينك. إن هذا التبدد هو بداية الخطر الأكبر لا ما تحمله السحابة سيكون قادما نحوك. فلا تثق بعينيك واعلم أن الخطر محدق وعليك التمسك بالصبر.
في عالم يمتلك حوالي 16300 سلاح نووي تتلخص وظيفة كل منها في ردع الباقين و 32 حادثة ضياع سلاح نووي و 2055 اختبارا بتفجير قنبلة نووية قامت به الدول النووية الثمانية في أراضي الشعوب الأصلية المسالمة المنزوية بعيدا عن المدن الكبرى الصاخبة. يصبح من الواضح أننا لا نواجه فقط الموت أو انتهاء الحياة على الأرض، ستكون هناك فرصة للصمود والنجاة من الشمس القاتلة التي ستولد على الأرض لدقائق.