حماقة ترامب تصرف الأنظار إلى أوروبا: هل تنتفض لمصالحها؟
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
عام 2003 إذ وقفت قوات الولايات المتحدة على أبواب بغداد، تنبأ كاتب العمود ذو البصيرة في «open Democracy» بول روجرز بحرب تستمر ثلاثين عامًا. حذر قائلًا إن «طموحات الولايات المتحدة الحالية تضمن لها صراعًا مريرًا ممتدًا في الشرق الأوسط وما عداه». متفقًا مع روجرز، أكد الراحل فريد هاليداي أن إيران ستكون هي المستفيد الاستراتيجي من الغزو الأمريكي للعراق.على الأقل توقع كتابنا أن الحرب ستحدث وتنتهي داخل الشرق الأوسط، لكن قرار الرئيس دونالد ترامب الكارثي، المعلن أمس، بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني يجعل توقعاتهم لا تقترب حتى من التشاؤم. يقول ترامب عكس ما يعنيه، يزعم أنه يعوق طريقًا إيرانية جديدة للحرب، بينما في الواقع هو وحلفاؤه في إسرائيل يشعلون شرارة جولة جديدة وربما عالمية من الصراع.مستخدمًا القتل عن بعد ومتدرعًا بالطائرات بدون طيار، حاول الرئيس باراك أوباما الحد من خسائر الولايات المتحدة في العراق وإعادة بناء الحلف الدولي الذي دعم بلاده عندما اجتاحت أفغانستان عام 2001. توسُّع أوباما في حرب الطائرات بدون طيار لتحقيق هذه الغاية كان حسبة خاطئة. كانت لها عواقب وخيمة على بعض من أكثر الشعوب المسالمة في العالم، وأرست سابقة خطيرة، لكن كان لأوباما إنجاز بارز: الصفقة الإيرانية في 2015. جمعت واشنطن روسيا والصين والاتحاد الأوروبي لإجبار إيران على التخلي عن برنامجها للسلاح النووي، في اتفاقية عملية نافذة وغير مسبوقة عالميًا.تخلِّي ترامب عن الاتفاق بدلًا من البناء عليه جريمةٌ حمقاء ستكون لها توابع عالمية. أقلها أن الولايات المتحدة سيُنظر إليها في الشرق الأوسط بوصفها مجرد أبله يشجع تغييرات النظام الإسرائيلي الملهم والتمدد غير الإنساني في الأراضي الفلسطينية. تصبح واشنطن بالفعل أكثر عزلة بشكل متزايد بهذا الصدد: هذا ما يكمن وراء تعهد مندوبتها لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي بأن تأخذ أسماء الدول التي صوتت لصالح الحركة المعارضة لقرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها في إسرائيل للقدس.
استفزاز الصين
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج
بعيدًا عن الموقف في الشرق الأوسط لايزال الوضع خطيرًا. الأسبوع الماضي، طالبت الولايات المتحدة باتفاقية تجارة جديدة مع الصين. يلخص هذا التصرف الاستفزازي بشكل واضح مارتن وولف في جريدة Financial Times، ويخلص إلى أنه «لا توجد قوة عظمى ذات سيادة ستقبل بإهانة كهذه، ستكون هذه نسخة حديثة من المعاهدات المجحفة بالقرن التاسع عشر».كما لو أن كل حروب التجارة الخارجية مع بيكين ليست كافية، أعلن ترامب أنه ستكون هناك عقوبات طويلة المدى على من يستمر بالتجارة مع إيران. تعهد الاتحاد الأوروبي باتخاذه نهجًا موحدًا ضد هذا، وأصدرت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بيانًا يؤكدون فيه التزامهم بالاتفاقية الإيرانية، التي يرونها أساسية لمنع انتشار السلاح النووي في الشرق الأوسط. بدون حدوث الصدام الاقتصادي المتوقع حتى، قد تسفر مواجهة بين الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي عندما ترتفع أسعار النفط عن انهيار النظام الاقتصادي العالمي. هذا قبل حدوث صراع مفتوح في الشرق الأوسط، والذي يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيستمتع به. لو كان هؤلاء الذين يخوضون حربًا مدمرة بالوكالة في سوريا يهاجمون بعضهم مباشرة، قد يؤدي هذا لغلق مضيق هرمز، معرقًلا بذلك وصول إمدادات العالم من البترول أيًا كان سعرها.عندما صعّد ترامب لهجته ضد كوريا الشمالية فهو في الوقت نفسه كان يضغط على الصين لإجبارها على الجلوس إلى مائدة المفاوضات. لا يبدو أن هناك مخرجًا من هذا الآن بالأخذ في الاعتبار إيران. حماقته لا نظير لها في أي رئيس أمريكي سابق. مهرداد كونساري، دبلوماسي إيراني سابق، كتب لمشروع شمال أفريقيا غرب آسيا في open Democracy قبل أيام قليلة مضت، أنه لاحظ سخرية صعود نبرة «الصقور الإيرانية» في الولايات المتحدة في الوقت الذي أصبح فيه الأصوليون المتشددون مجرد أقلية في الحكم الإيراني ولا يحظون إلا بدعم شعبي بسيط. أضاف أن تهديدات ترامب بالانسحاب من الاتفاق الإيراني كانت هبة من السماء لإنعاش حظوظ المتشددين الإيرانيين.