توتنهام 2 – 0 تشيلسي: عن إصابة بيدرو التي لم تحدث
و أخيرًا انتهت سلسلة الانتصارات الزرقاء التي توقف عددها عند الرقم المشؤوم 13، ربما يظنُ البعض أن أعينَ الحُساد فعلت فعلتها بفريق كونتي وأوصلتهُ للخسارة التي يتلهف لها الجميع، لكن كونتي استحق الخسارة بجدارة لأنه لم يتعلم من التجارب السابقة التي تعرض فيها لمواقف مماثلة ووقع في المحظور الذي حذرنا منه بعد انتصاره على السيتي في الشهر الماضي، لكن يبدو أن الانتصار أغشى بصيرته عن الهفوات التي وجب عليه إصلاحها ليتجنب هزيمة البارحة التي كانت ستبعده أكثر عن المنافسين.
أما بوتشيتينو حصد انتصاره الخامس بدون معاناة كبيرة رغم قوة المنافس، في المواجهة السابقة كان قريبًا من إيقاف البلوز لكن لم تنجح خططه في تحقيق الانتصار كما نجح البارحة، المكسب الوحيد من هذا الفوز لم يكن الاقتراب من الصدارة بل كان لتعزيز الثقة بالأداء وبالأسلوب مهما كانت قيمة الخصم الذي تواجهه.
ما قبل المباراة
تشيلسي كان يطمح للابتعاد بالصدارة بعد تعثر الملاحقين وتوتنهام يسعى للاقتراب منها وضرب جميع العصافير بنفس الحجر، فكان المدربان على دراية كاملة بصعوبة المباراة بسبب الحاجة الملحة للفوز لكليهما مع اختلاف الأهداف. فكونتي يعلم أن السبيرز لن يكون لقمة سائغة في معقله؛ لأن آخر انتصار لفريقه في وايت هارت لين يعود لعام 2012، أما بوتشيتينو ورغم قوة وجودة الخصم كان واثقًا من الانتصار.
الشوط الأول
تشكيل الفريقين تشيلسي (يمين) وتوتنهام (يسار)، المصدر: www.whoscored.com
كما هو معروف بأن الفريق الفائز لا يغير من خطته، حيث دخل تشلسي المباراة بطريقته المعتادة، أما توتنهام دخل بخطة 3-4-2-1 وهي خطة قريبة من خطة خصمه بهدف الحد من تفوق تشيلسي في الانتشار والتوزع الذي تمنحه خطة 3-4-3، فاعتمد بوتشيتينو على ثلاثي دفاعي في الخط الخلفي لكن بمقاربة مختلفة عن فلسفة كونتي.
بدأت ترتسم ملامح المباراة بعد بدايتها بقليل، نية واضحة للسبيرز بالتقدم مبكرًا على غرار مباراة الذهاب وبوتشيتينو سعى للوفاء بوعده وأن يكون على قدر أهل العزم بعد إعلانه التحدي، أما كونتي كعادته بدأ بشكل متوزان أقرب للحرص الدفاعي وهذا أمر طبيعي كونه يلعب خارج دياره.
الاختلاف في الفلسفلة والمقاربة كان جليًا مع الوقت، كونتي بفكره الدفاعي يقوم بالإبقاء على الثلاثي الدفاعي في مناطقه في الحالة الهجومية ويطالب الظهيرين بالتوازن في حركتهما فيتقدم أحدهما ويبقى الآخر قريبًا من خط الدفاع، فالمهمة الأساسية هي الحفاظ على نظافة الشباك ثم استغلال الفرص. أما مقاربة بوتشيتينو كانت مختلفة بشكل جذري بسبب اختلاف الثقافتين، ففي الحالة الهجومية كان أحد لاعبي الخط الخلفي يصعد بالكرة ويتقدم إلى خط الوسط من أجل إيجاد خيارات أفضل للتمرير وبهدف خلق الزيادة العددية في منتصف ملعب تشلسي، بالإضافة إلى توسعة رقعة اللعب مع تقدم الظهيرين للأمام دائمًا لخلق الفراغات في عمق دفاع تشلسي.
توتنهام كان يلعب بثقة واضحة بسبب التحضير الذهني الجيد والأداء الممتاز لكل من ديمبلي و وانياما في خط الوسط، ربما لأن التجربة السابقة أمام تشلسي كانت ممتازة رغم الهزيمة. أما تشلسي كان يلعب بعقلية انهزامية وكأنه أنجز المهمة بتحقيقه لسلسلة الانتصارات وبدا أنه غير مستعد للفوز بعد تعثر المنافسين، وهذا جعل الفريق يلعب بشكل متراخٍ وغير مترابط، لكن أعتقد أنني شاهدت الفريق مفككًا قبل ذلك في مناسبتين « توتنهام-مان سيتي»، فالضغط العالي وتوسيع رقعة اللعب في هاتين المباراتين أجبرا تشلسي على ارتكاب هذه الهفوات في الخط الخلفي، وبناء على ذلك استمر بوتشيتنو بنفس النهج الذي أثمر عن الهدف الأول من رأسية ديلي بسبب الأخطاء الأساسية في الرقابة الدفاعية وشذوذ مدافعي البلوز عما هو مكتوب في أساسيات الدفاع الإيطالية.
الشوط الثاني وإصابة بيدرو لم تأتِ بعد
خلال مباراة تشلسي أمام السيتي قام كونتي بالتغيير بين شوطي المباراة بإقحامه ويليان بدلاً من بيدرو الذي شعر بآلام بسيطة في الكاحل، هذا التغيير منح تشلسي خيارات أفضل خلال المباراة وخاصة بإبعاد هازارد عن المسؤولية الكاملة في بناء اللعب، فويليان يجري بالكرة بشكل جيد ومراوغ ممتاز ويفوق بيدرو مهارة، في الحقيقة انتظرت هذا التبديل أيضًا ليكتمل المشهد لكن بيدرو لم يُصب وكونتي خيب حدسي.
في تلك المباراة عاد تشلسي بشخصية أقوى لكن هذه العودة كانت بسبب اهتزاز الثقة لدى لاعبي السيتي بعد إضاعة العديد من الفرص، واستغل كونتي ذلك بأفضل شكل ممكن، لكن البارحة كان بوتشيتينو متيقظًا بشكل كامل ولم يجازف على الإطلاق لأن تشلسي سيدخل بكامل قوته لتعديل النتيجة. بوتشيتينو يعلم أن تشلسي لا يظهر بكامل قوته عند تسليمه زمام المبادرة؛ لذلك تخلى عن الكرة لصالح خصمه وحاول أن يهاجم تشيلسي بسلاحه أي استغلال أخطاء الخصم و ضربهم بالمرتدات.
توتنهام نجح سريعًا بتحقيق الهدف الثاني بعد مضي 10 دقائق فقط برأسية أخرى لديلي آلي وبأخطاء متكررة في الرقابة من مدافعي البلوز، ليقع تشلسي في الحفرة نفسها بسبب التحضير الذهني السيئ للاعبين، و مع الهدف انتهت المباراة رسميًا في الدقيقة 55 على الرغم من محاولة كونتي إصلاح ما يمكن إصلاحه لكنه تأخر كثيرًا في التدخل وكانت تبديلاته أقرب للفوضى منها للتنظيم، فزج بكافة خياراته الهجومية الأساسية والاحتياطية معًا لكن المباراة لفظت أنفاسها باكرًا، و هذا أحد العيوب التي تلاحق كونتي منذ كان مدربًا ليوفنتوس فهو لا يتعامل بشكل جيد مع مجريات المباراة.
الزيارة الأولى للهارت لين ليست مناسبة سعيدة
كونتي وفي زياته الأولى للهارت لين تعرض للخسارة حاله كحال بيب غوارديولا وبوب برادلي هذا الموسم، فأجواء الملعب الصاخبة بأصوات الجماهير تُصعب من مهمة الفريق الزائر وبكل تأكيد لن تكون المبارة بنزهة في ظل هذا الصخب، فتوتنهام حقق البارحة فوزه الثامن على أرضه هذا الموسم مقابل تعادلين فقط وبدون أي خسارة.
أنطونيو لا تخشى شيئًا و تعلم الثقة بالنفس من ماوريسيو
الدروس لا تتعلمها فقط في حالة الخسارة بل يجب عليك أن تقيّم التجربة في حالات الفوز أيضًا، لكن كونتي لم يدرك ذلك في المباراة السابقة أمام توتنهام، كان واضحًا أن الخسارة ستأتي وعلى يد أحد أتباع مدرسة بيلسا أو كرويف، لكن على الرغم من عدم تعلم كونتي الدرس ووقوعه في المحظور، يجب عليه ألا يتأثر بالخسارة لأنه ليس في كل يوم سيواجه فريقًا يمتلك الجرأة الهجومية والجودة التكتيكية التي يمتلكها بوتشيتينو وتوتنهام، هذا الأمر منوط بفرق محددة و قلة من يمتلكون هذه الثقة في التخطيط و التنفيذ.
أما بوتشيتينو، فرهانه المدروس بعناية فائقة والذي اعتمد الضغط العالي وتوسيع رقعة اللعب كان ناجعًا و ناجحًا، فالتجربة السابقة أمام البلوز كانت تمتلك أسس النجاح وقابلة لتحقيق الانتصار، لذلك استمر بنفس الثقة في النفس وبذات الإيمان في الأسلوب دون تشكيك به أو تراجع عنه، فقام بإخراج المباراة بصورة مميزة كان أبطالها كل من الظهيرين و إيريكسن، لكن البطل المنفرد ونجم الشباك كان ديلي آلي الذي أسدل الستار على سلسلة أرهقت فكر الجميع في إنكلترا.