بلغ عدد الأفلام التي عرضت تجاريًا في دور العرض المصرية لمدة أسبوع واحد على الأقل، 31 فيلمًا، ومن المتوقع زيادتها إلى 34 قبل نهاية العام، مما يعني أن العدد قريب من العام الذي سبقه، إذ عُرض 37 فيلمًا في 2018.

يمكن أن نطلق على عام 2019 «عام التناقضات»، إذ شاهدنا طفرة حقيقية في الإيرادات لم تحدث منذ عدة سنوات، كما شاهدنا تراجع بعض النجوم الذين اعتادوا التربع على عرش الإيرادات، وفي المقابل قل عدد الأفلام المميزة فنيًا أو التي تشارك في مهرجانات كبرى.

قبل القراءة ينبغي وضع ملاحظتين مهمتين: الأولى أن اختيار الأفلام في القائمة التالية مبني على أهميتها لأسباب سنذكرها لكل فيلم على حدة، والأهمية لا تعني بالضرورة الجودة الفنية. والثانية أننا في مصر لم نجد حتى الآن طريقة متفقًا عليها لحساب الإيرادات، نعلم تمامًا وجود زيادة سنوية في أسعار التذاكر، ولهذا سنتعامل مع الإيرادات هنا من ناحية الأرقام فقط وزيادتها أو نقصانها دون الدخول في تفاصيل التضخم وحساب متوسط أسعار التذاكر أو غيرهما.

نادي الرجال السري

يمكن القول إنه أبرز مفاجآت العام، عمل يُعرض في موسم متوسط الإقبال، هو رأس السنة أو إجازة منتصف العام، من تأليف أيمن وتار الذي لم تحقق أعماله السينمائية الكثير من النجاح، ويشهد عودة كريم عبد العزيز للسينما بعد فترة توقف منذ «الفيل الأزرق» في عام 2014، وللكوميديا منذ «فاصل ونعود» عام 2011.

لم يحقق الفيلم إيرادات جيدة فحسب، بل أصبح أحد أكثر الأفلام المصرية تحقيقًا للإيرادات حتى وقت عرضه، مقتربًا من 60 مليون جنيه، وأحدث طفرة حقيقية في هذ الموسم الذي كانت إيرادات أعلى أفلامه لا تتجاوز 15 مليونًا إلا في حالات نادرة مثل «رغدة متوحشة» في العام الماضي الذي حقق 20 مليونًا، أو 122 في العام الحالي الذي قارب 25 مليونًا.

نجاح الفيلم جعل المنتجين يعيدون النظر في هذا الموسم، مما جعلنا نقرأ عن عدة أفلام كبيرة الإنتاج ولممثلين من الصف الأول ستُعرض خلال هذا الموسم، ويمكن اعتبار هذا هو النجاح الأكبر لهذا الفيلم، إذ سنخرج أخيرًا من حيز أفلام عيدي الفطر والأضحى.

اقرأ أيضًا: فيلم «نادي الرجال السري»: كوميديا الصعب غير الممتنع

كازابلانكا

الفيلم المتوج بلقب أعلى إيرادات في موسم عيد الفطر، كما حمل لقب أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية لبضعة أسابيع قبل أن ينتزع منه اللقب «الفيل الأزرق 2».

في السنوات الأخيرة، صارت عبارة (الأكثر تحقيقًا للإيرادات في تاريخ السينما المصرية) تتكرر في كل سنة، ثم في كل موسم، هكذا استمعنا لها 3 مرات خلال هذا العام، أولها مع «البدلة» الذي بدأ عرضه في العام الماضي واستمر حتى بدايات العام الحالي، ثم مع «كازابلانكا» الذي اقترب من 80 مليونًا في عيد الفطر الماضي، وأخيرًا «الفيل الأزرق 2» في عيد الأضحى، وإذا ارتفعت أسعار التذاكر مرة أخرى في العام القادم فمن غير المستبعد أن نتسمع إلى العبارة مجددًا.

قبل أن نترك «كازابلانكا» ينبغي القول إنه أحد أهم أفلام الأكشن خلال العام، ووصل إلى معادلة جيدة جدًا بين المستوى الفني الجيد بالنسبة لنوعه وإرضاء ذوق الجماهير.

اقرأ أيضًا: فيلم «كازابلانكا»: ميمي وكرارة بين المعالجة والاقتباس

الفيل الأزرق 2

تفاوتت الآراء كثيرًا حول جودة الفيلم، لكننا لن نتحدث هنا عن مستواه الفني ولكن عن إيراداته، فالفيلم هو الأول في تاريخ السينما المصرية الذي يتجاوز 100 مليون.

صحيح أنه لم يعد الوحيد الذي يصل إلى الرقم، إذ لحقه بعد أسابيع قليلة «ولاد رزق 2: عودة أسود الأرض»، لكنه هو أول من يصل إلى هذا الرقم، وحتى الآن هو الأعلى تحقيقًا للإيرادات في 2019.

اقرأ أيضًا: فيلم «الفيل الأزرق 2»: متى يحين فطام المشاهد المصري؟

الممر

https://www.youtube.com/watch?v=XKqIwl60fmE&t=11s

بعد توقف طويل من آخر فيلم حربي ضخم الإنتاج، يأتي «الممر» بتكلفة تقترب من 100 مليون جنيه، بناء على تصريحات منتجه، لنشاهد عملًا عن إحدى عمليات حرب الاستنزاف.

قد نختلف كثيرًا على الشكل النهائي الذي خرج به الفيلم، والذي بالتأكيد كان يمكن أن يصبح أفضل، ولكن وجود فيلم بهذا الإنتاج الضخم، وقدرته على اجتذاب عدد كبير من الجمهور هو أمر يجعل هذا الفيلم يستحق مكانًا في القائمة. وإن لزم التنويه إلى أن الفيلم لم ينجح في تغطية تكلفته من شباك التذاكر المصري على الأقل، ولهذا فمن الصعب التفاؤل واعتبار أن الفيلم سيكون محمسًا لشركات الإنتاج لاحقًا، تكرار التجربة أمر شديد الصعوبة.

اقرأ أيضا: فيلم «الممر»: هل يشاهد شريف عرفة أفلامه السابقة؟

الضيف – قصة حب – 122

الأفلام الثلاثة المذكورة، تشترك في عدة عوامل: أولها وأبزرها أنها قدمت أنواعًا وأفكارًا سينمائية مختلفة عن أغلب المعروض خلال العام، والذي لا يخرج من حيز الأكشن أو الكوميدي إلا نادرًا، وإذا نظرنا للثلاثة، سنجد «122» فيلم تشويق، و«قصة حب» فيلمًا رومانسيًا، بينما «الضيف» ليس فيلم نوع من الأساس ويعتمد على طرح الكثير من الأفكار الجدلية للمناقشة.

العامل الثاني المشترك بين الثلاثة هو عدم اعتمادهم على نجوم الصف الأول، ويمكن اعتبار كل منهم مغامرة إنتاجية. العاملان السابقان قد ينطبقان على أفلام أخرى، فلماذا اخترنا هذه الأعمال تحديدًا؟

لأنها على اختلافها نجحت في تحقيق أرقام جيدة في شباك التذاكر بالنسبة لنوع كل منها
وتوقيت عرضه. ففي الوقت الذي فشلت فيه الكثير من أفلام يناير الماضي تخطى حاجز الخمسة ملايين، نجد أن «الضيف» الذي استمر لأسابيع قليلة يقترب من 8 ملايين، بينما «122» يحقق حوالي 25 مليونًا، ليصبح أحد الأفلام القليلة جدًا التي تعرض خلال هذا الموسم وتحقق هذا الرقم، ليس في العام الحالي فقط بل مقارنة بنفس الموسم في الأعوام السابقة، وأخيرًا تجاوز «قصة حب» 11 مليونًا.

عندما نضع هذه الأرقام مع أفلام أخرى أضخم إنتاجًا أو تعتمد على وجود النجوم، سندرك الصورة بشكل أفضل، إذ على سبيل المثال حقق «حملة فرعون» فيلم الأكشن الذي ضم ممثلين أجانب 18 مليونًا، بينما لم ينجح الكنز 2: الحب والمصير في تحقيق 7 ملايين، وهو الذي يضم عدد كبير من النجوم.

كما ذكرنا عن «نادي الرجال السري» أنه شجع المنتجين على التوجه لموسم رأس السنة، فقد تشجع هذه الأفلام على صناعة أفلام مختلفة لنحصل على تنوع أكبر في الأعوام القادمة.

اقرأ أيضًا: فيلم «الضيف» وجماليات الحوار السينمائي

تنويه خاص: «فخ»

لما كانت الأفلام القصيرة لا تحظى بعرض تجاري في مصر، فقد وجدنا أنه من المهم ذكر فيلم «فخ» من إخراج ندى رياض، ضمن الأفلام المهمة خلال 2019، إذ حظي برحلة داخل المهرجانات ربما لم تحصل عليها أفلام طويلة هذا العام، إذ كان العرض الأول للفيلم في مسابقة أسبوع النقاد في مهرجان كان، ثم عرض في مهرجان تورنتو، قبل أن يشارك في مسابقة سينما الغد خلال الدورة 41 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ويحصل على تنويه خاص. ينبغي القول هنا إن صناعة الأفلام القصيرة في مصر لا تلقى اهتمامًا جيدًا على الإطلاق.