أفضل 15 رواية عربية في عام 2020
لم تكن مقدمات 2020 تنبئ أبدًا بما سيحدث فيها من مصائب لم تقتصر على العرب وحدهم، بل شملت العالم كله، غني عن الذكر أن وباء كورونا الذي كان قد انتشر في مصر والعالم العربي من مطلع مارس 2020 غيّر وجه العالم كله، فأوقف العديد من معارض الكتاب حول العالم، وتحولت عادة شراء الكتب إلى التوصيل للمنازل، ذلك أن كورونا جعلت الكثيرين يلزمون منازلهم، ويستعيدون علاقتهم بالكتب التي ظلت لفترات طويلة حبيسة الأدراج والمكاتب.
رغم ذلك كله صمدت الرواية وبقيت الكتابة الأدبية القادرة على المواجهة، فوجدنا العديد من الأعمال الأدبية والروائية تقفز مرة أخرى إلى أرفف المكتبات، ووجدنا تنوعًا وثراءً في الموضوعات التي تناولتها هذه الروايات، ما بين العودة للتاريخ واستلهام لحظات خاصة منها والدوران فيها، وما بين روايات تستشرف مستقبلاً مختلفًا للعالم وتسعى لوضع افتراضات ورؤى مختلفة لحياة الناس والعالم بعد سنوات. ما إن انحسر مد كورونا حتى استعاد القراء علاقتهم بالكتب والروايات، من هنا أحببنا أن نلقي نظرة على أهم وأفضل الروايات العربية التي صدرت هذا العام.
التقييم هنا بالطبع من وجهة نظرنا كنقاد ومحررين في موقع إضاءات، وهو محاولة منا لإلقاء نظرة عامة على الإنتاج الأدبي الروائي العربي في هذا العام المأزوم، وبغرض إلقاء الضوء على كتابات تستحق القراءة والتحليل، لكتاب مشاهير وكتاب غير مشاهير كذلك.
1. نياندرتال – سراج منير
تبدو هذه الرواية الأكثر تعبيرًا عن واقع الحال في عالمنا خاصة بعد انتشار وباء كورونا، هنا نحن إزاء تجربة أدبية وعملية فريدة، نسعى فيها لاكتشاف ذاتنا وحياتنا بعيدًا عن واقعنا وبعيدًا عن عالم اليوم الذي نعرفه، ماذا يحدث لو انتقل رجلٌ وامرأة إلى أرضٍ جديدة، يعيدون فيها استكشاف ذواتهم أولاً، ثم ذلك العالم الغريب مرة أخرى.
عالم جديد ومخلوقات غريبة، كيف سيحيا فيها الإنسان المعاصر؟ بل وكيف سيعيش معها الإنسان عمومًا؟ هنا يأتي ذكاء الكاتب، لن يقيم حياة كاملة مع شخص واحد، ولن يكون الصراع شيقًا إذا كان بين طرف واحد وأطراف أخرى غريبة فقط، بل يجب أن يكون هناك أخرى، يتجاذب معها أطراف الحديث مرة وتشاركه همه ومفاجآت هذه الحياة مرة أخرى، وينشأ بينه وبينهما ما بين كل اثنين.
2. الهروب من الطريق الدائري – كريم كيلاني
في تجربته الروائية الأولى ينشئ كريم كيلاني عالمًا غريبًا، لا يحدد له مكانًا غير “الطريق الدائري” ولا زمانًا، ولكن يبدو أنه مستقبلٌ غامض وغريب، حيث الناس لا همّ لهم إلا تجرع سائل غريب يسمى الشربة، وحيث “الحكمة المطلقة” تقرر لهم ما يفعلون في انتظار الجائزة الكبرى التي ستمطرهم بها المروحيات الحربية والتي ستحول حياتهم للنعيم، ويعيش أفراد ذلك المكان في انتظار تلك المفاجأة، بينهم يدور بطل الرواية “دانتي” لاعب السيرك الذي كان يلعب بالنار فأصبح موزعًا للصحف، وأصدقاؤه الحاوي وفريد وغيرهم، يسعون لممارسة طقوس حياتهم الغريبة، بينما يواجههم الآخرون الذين يملكون ناصية التجارب الحديثة والتقدم العلمي ويسعون للسيطرة عليهم من خلال شريحة الكترونية يتم زرعها في المخ!
3. ست أرواح تكفي للهو – دعاء إبراهيم
ربما تبدو هذه الرواية وكأنها تتحدث عن عالم الأرواح والغموض والرعب، ولكنها تنتقل إلى فكرة مختلفةٍ تمامًا، إذ نجد أنفسنا إزاء قاتل مشتت الذهن يأخذنا إلى حكايته الغريبة لنتعرف على تفاصيل تجمع بين الفانتازيا والواقعية، يواجه ذلك القاتل المجتمع والناس بأفكاره، ولكنها لا تجد أي صدى، فتستنطق الكاتبة الأشياء من أجله حتى تعبّر عنه.
استطاعت دعاء إبراهيم أن ترسم عالم بطل الرواية، وأن تنقلنا ببراعة داخل إطار التشويق والإثارة من حكاية القتل التي بدأت بها الرواية إلى تفاصيل أخرى أكثر إثارة وغرابة، وأن تجمع فيها بين أسئلة عديدة في علاقة ذلك البطل بمجتمعه والناس من حوله، وكيف كان أثر ذلك عليه، وكيف حولته طريقة التعامل العنيفة والغريبة معه إلى شخصٍ سلبي خائف ممن حوله، يشعر أنه مراقب على الدوام، ويحلم بقتل كل من حوله، بل ومن يدري ربما يتحوّل إلى قاتل بالفعل!
4. ما يشبه القتل – أحمد الملواني
في رواية “ما يشبه القتل” نحن إزاء رحلة خيالية يأخذنا فيها الروائي “أحمد الملواني” مع أبطال روايته الأربعة الذين اختار أن يجعلهم ثلاث رجال وامرأة “علي” و”حمزة” وياسمين” مع “بدر الوكيل” الذين جمعتهم في البداية مصادفات غريبة لتلقي بهم في رحلة البحث عن “شجرة الحكمة”، وكما هو المعتاد في هذه الرحلات سنكتشف أن الغرض الأساسي ليس الوصول إلى تلك الشجرة المزعومة، وإنما في رحلة الأبطال إليها وكيف كشفوا عن أنفسهم، وكيف خاضوا غمار التجربة حتى وصلوا! نحن هنا إزاء رواية غير تقليدية، تأخذ من الواقع الاجتماعي الراهن العادي أساسًا لها، ولكنها لا تلبث أن تنطلق إلى آفاق الخيال والفانتازيا الرحبة، التي عرفناها من الملواني سابقًا، وبدا أنه يلعب بها هذه المرة بشكلٍ أكثر احترافًا.
5. صليب موسى – هيثم دبور
في تجربته الروائية الأولى التي تجمع بين التشويق والتاريخ ينطلق السيناريست هيثم دبور من واقعة معاصرة هي اقتحام سيارة مجهولة لدير سانت كاترين في أعقاب ثورة يناير 2011 واحتجاز عدد من الرهبان فيها. يأخذنا هيثم دبور إلى حادثة مقتل أحد رهبان الدير واختطاف مصور شاب هناك للكشف عن ملابسات تلك الجريمة، وينقلنا إلى جولة تفصيلية ليس فقط داخل دير سانت كاترين وما يحيط به جغرافيًا، بل يأخذنا إلى جولة تاريخية تبدأ من أيام موسى والسامري وعلاقة اليهود بأرض سيناء، مرورًا بالمفسرين المسلمين، وصولاً إلى العصر الحالي وما دار ويدور فيه من محاولات تزييف للتاريخ أو طمس للحقائق من فئات لصالح آخرين!
6. ورثة آل الشيخ – أحمد القرملاوي
عودة مختلفة للتاريخ هنا، في تاريخ مصر من خلال عائلة واحدة ومتابعة أفرادها وسيرة حياتهم، في روايته الجديدة “ورثة آل الشيخ” يرسم الروائي أحمد القرملاوي صورة شديدة الجمال والشفافية لعائلة «آل الشيخ» منذ الحرب العالمية وحتى نهاية الفترة الناصرية، بالتوازي مع حكاية الراوي التي تدور في الزمن الحاضر، وينتقل بين الحكايتين بانسيابية. تقوم الحكاية الرئيسية للرواية على البحث عن كنزٍ مفقود لهذه العائلة الكبيرة مترامية الأطراف، وسعي الحفيد/ الراوي للوصول إلى أصل هذه الحكاية أملاً في الكنز من جهة وسعيًا لكتابة رواية عائلته من ناحية أخرى، وبينما هو يلم أطراف عائلته يجعلنا نغوص في هذه الحكايات والتفاصيل.
7. طبيب أرياف – محمد المنسي قنديل
يعود المنسي قنديل إلى عالمه الأثير ويرصد في أجواء عزلة كورونا قصة حياة تبدو وكأنها تكملة لحكاية علي صاحب “انكسار الروح” التي كان قد كتبها منذ ثلاثين عامًا، ولكنه هذه المرة بعيدًا عن رومانسية البدايات وأحلامها وآمالها، يتأمل العالم من حوله بشكلٍ أكثر واقعية. يعود المنسي قنديل مع بطل روايته الطبيب الذي يحمل تاريخًا نضاليًا سياسيًا مؤرقًا، ويخرج من السجن لينتقل إلى إحدى قرى الأرياف في محاولة أولى لنسيان الماضي والانغماس في مشكلات ذلك الواقع المرير الجديدة، ولكن الحب يلاحقه مرة أخرى في شخصية الممرضة «فرح» التي يبدأ معها علاقة حبٍ من طرازٍ خاص ولكنه يكتشف أنها متزوجة ليتحول حلمه بها إلى كابوس! ولكن مع قصة الحب غير المكتملة تلك ثمة وعي مختلف لدى ذلك البطل الذي أصبح مختلفًا عن صاحبنا الرومانسي الغارق في الشاعرية حتى أذنيه في انكسار الروح، والذي كان يرى في المحبوبة كل شيء، هنا إدراكٌ واقعي لتفاصيل العالم والمشكلات المحيطة به، رصد شديد الوضوح لما يحيط بعالم القرية المصرية من مشكلات ربما لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، هنا وعيٌ أكبر بالحقيقة
8. بساتين البصرة – منصورة عز الدين
تستعيد منصورة عز الدين في روايتها لحظة تاريخية قصيرة زمنيًا ولكنها فارقة ومؤثرة فكريًا، هي لحظة اعتزال واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري في البصرة في القرن الثاني الهجري، وتنقلنا بين اللحظة الحالية وبين ذلك الزمن القديم، من خلال حلم يحلمه “هشام خطاب” الذي يهتم بالكتب النادرة والمخطوطات، فتنقله وتنقلنا معه إلى حكاية أخرى. لا تتوقف الرواية عند حدود القصة كإطار، وما يدور في نفس وعقل بطلها هشام، ولكنها تنقلنا بانسيابية مباشرةً إلى البصرة، وإلى أبطال زمنٍ آخر، لنصاحب الحسن البصري وواصل بن عطاء ونشهد مرحلة حاسمة تاريخيًا هي نشأة “المعتزلة” وما صاحبها من خلاف فقهي وفكري أثّر في الفكر العربي والإسلامي إلى وقتنا الحالي، لنتعرف على يزيد بن أبيه وزوجته مجيبة وصحابه مالك النسّاج، وهناك تأخذنا إلى حكاية أخرى يقتل فيها الصاحب صاحبه وتخون الزوجة زوجها سعيًا وراء المال!
9. رجال غسان كنفاني – عمرو العادلي
يستعيد العادلي في هذه الرواية شخصيات الروائي الفلسطيني غسان كنفاني ليبث فيها الروح من جديد، في تجربة روائية تذكرنا بالمعارضات الشعرية، يحمل العادلي شخصيات كنفاني معه على أجنحة الخيال إلى عالمٍ آخر، فينقذ أحدهم من الموت، بل ويأتي به إلى مصر، ويعيش تلك السنوات العصيبة من حرب فلسطين 1948 حتى مقتل السادات 1981، ويعرض خلالها صورة للمجتمع المصري والفلسطيني، وما دار ويدور هنا وهناك. ولا شك أن كل من يقرأ الرواية سيجد أثر غسان كنفاني مع كل شخصية من الشخصيات، حتى في استخدام تقنية تيار الوعي، التي أجادها عمرو العادلي، وجعلها معبرة عن شخصيات الرواية بقدر كبير، كذلك في وصفه للصحراء والشمس وما يلاقيه المسافرون من صعاب ومشقات، حتى لتبدو الرواية وكأنها إعادة صياغة أكثر ثراءً لرواية رجال في الشمس بعد مرور كل هذه السنوات.
10. الديوان الإسبرطي – عبد الوهاب عيساوي
رغم صدورها منذ عامين، إلا أن فوزها بجائزة البوكر مطلع هذا العام لفت الأنظار إليها بشدة، رواية من الجزائر تعد الرواية الثانية لكاتبها “عبد الوهاب عيساوي” التي يستعرض من خلالها فترة هامة من تاريخ الجزائر وعلاقتها بالمستعمرين من العثمانيين إلى الفرنسيين، استطاع عبد الوهاب عيساوي أن ينقل الصورة كاملةً، ولم ينتقل في أحداث الرواية أبعد من تلك الأيام التي رصدها، قبيل الاستعمار الفرنسي. وفي الوقت نفسه كان التركيز على شخصيات غير تاريخية وغير معروفة، أكسبها هو من خلال وصفه والتعريف بهم صفاتهم وطريقة كلامهم، وجعلهم يعبرون عن منطقهم الخاص وحياتهم، وطريقة تعاملهم وأفكارهم تجاه المحتل العثماني والمستعمر الفرنسي بعد ذلك، وترك للقارئ في النهاية تشكيل الصورة النهائية.
11. تغريبة بني همام – أحمد جاد الكريم
يعود أحمد جاد إلى جزء منسي من تاريخ مصر والمصريين في الصعيد، إلى سيرة “شيخ العرب همام” من خلال استدعاء شخصيات هامة ومؤثرة مثل عبد الرحمن الجبرتي صاحب “تراجم الآثار” وحكايته التي يرويها عن أحوال القاهرة أثناء الحملة الفرنسية، والصراع بين المماليك والفرنسيين، وكيف سعى وجاهد همام حفيد شيخ العرب لكي يزيد وعي الناس ويجعلهم يدركون أن المماليك والفرنسيين سواء، يريدون أن يستولوا على مصر ويستعبدوا المصريين. استطاع أحمد جاد أن يتمثل تاريخ المرحلة التي يحكي عنها، وشخصياتها، ويعبّر عن المصريين في تلك المرحلة التاريخية من خلال خطين سرديين متوازيين، الأول يحكي فيها الجبرتي مدوناته، فيحكي فيه كيف كتب كتابه الكبير، ويحكي أحوال الناس في تلك الفترة، وفي خط سردي آخر هو الظلال يحكي فيه حفيد شيخ العرب ما يدور بين قرى الصعيد حيث كانت مملكة شيخ العرب الغابرة وصراعهم مع المماليك. رواية تاريخية منسوجة بعناية واقتدار، وهي الرواية الثالثة لأحمد جاد بعد روايتيه ليالي السيد وأحزان نوح .
12. كل الشهور يوليو – إبراهيم عيسى
يترك إبراهيم عيسى رحلته التاريخية القديمة مع “القتلة الأوائل”، لينتقل بنا إلى سرد تاريخي وأدبي لأحداث ثورة يوليو 1952 وما صاحبها، يستعيد إبراهيم عيسى تلك الفترة التاريخية ليسردها أدبيًا، بطريقته التي عرفها عنه القراء في الروايات السابقة، ولكنه هذه المرة مع رجال يوليو بدءًا بالملك والضباط الأحرار ونجيب وعبد الناصر وغيرهم من رجال السياسة والقيادة في تلك الفترة العصيبة، وصولاً إلى فترة عبد الناصر، وماحدث من إصلاحات وإنجازات في عصره، ربما لم تقدم الرواية جديدًا مختلفًا يتعلق بالمعلومات التاريخية التي نعرفها عن هذه الفترة القريبة من التاريخ المصري، لكنها تعد التوثيق الأدبي الأول، والصياغة الروائية التي سعت جاهدة لأن تكون محايدة.
13. قاف قاتل سين سعيد – عبد الله البصيص
جريمة قتل تستدعي تحقيقًا شرطيًا مطولاً، يفتح الباب على مصراعيه للذاكرة والأحداث لتتداعى، ونكتشف من خلالها الكثير. في روايته الأخيرة، والتي صدرت لها طبعة مصرية خاصة مؤخرًا عن دار الكرمة يقدم الروائي الكويتي عبد الله البصيص عرضًا ذكيًا للمجتمع الكويتي منذ التسعينيات وما جرى في المجتمع من تغيرات أثرت على الحاضر الراهن، وذلك من خلال حبكة سردية تجمع بين البوليسية الشيقة والسرد الأدبي المحكم. استطاع البصيص أن يعبّر عن المجتمع بذكاء وذلك من خلال بطل روايته المراهق وما يعرضه من أفكار وما يتعرض له من مواقف، وكيف كانت مواجهة الآباء لأبنائهم في تلك المرحلة العمرية الهامة سببًا في العديد من المشكلات والمصائب!
14. المايسترو – سعد القرش
على الرغم من أن تقنية جمع أكثر من شخصية في مكانٍ واحد، وتناول حكاية كل واحدٍ منهم من خلال صوته الخاص، والتعبير عن صراعاته ومشكلاته وتبادلها مع الآخرين، رغم ما تبدو عليه هذه التقنية من تقليدية وبساطة، إلا أن سعد القرش في روايته الجديدة “المايسترو” الصادرة مطلع هذا العام استطاع أن يعبّر من خلالها إلى صورة بانورامية واقعية للمجتمع العربي كله وما يعانيه من صراعات في قلب العالم الكبير الذي يمتلئ بالرياح والأعاصير. استطاع الكاتب أن يتمثل هذه الشخصيات ويعبر عنهم وإن اقتصر على أربعة، ولكن قصصهم وحكاياتهم شملت العالم كله! ودارت أفكار الرواية العامة بين الحرية والعبودية من جهة، وعلاقات الحب العابرة، بالإضافة إلى محاولات الحصول على المتعة والرفاهية وما سيجلبه على المجتمع في النهاية من مصير قد يكون أسود!
15. دبابة تحت شجرة عيد الميلاد – إبراهيم نصر الله
رغم صدورها العام الماضي مع ثلاثية الأجراس، إلا أنها استعادت التركيز عليها وقراءتها بعد حصولها على جائزة كتارا لهذا العام. يعود فيها الروائي الفلسطيني الكبير إلى تاريخ فلسطين الذي تناوله في أكثر من رواية من سلسلة “الملهاة الفلسطينية”، هذه المرة يتناول حال فلسطين خلال 75 عامًا، بدءًا من الحرب العالمية الأولى، حتى نهاية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، متتبعًا ما عاشته فلسطين من تحولات. نحن إزاء رواية أجيال، تدور أحداثها في بيت ساحور، بيت لحم، القدس، وغيرها من المدن الفلسطينية. وبقدر ما هي رواية المدينة الفلسطينية التي تنهل من تاريخ الوطن، بقدر ما هي حكاية حب غير عادية، ورواية عن الفن والثقافة، والدور الطليعي للشعب الفلسطيني، إنسانيًا ونضاليًا، وجماليًا، والدور المسيحي في النضال الفلسطيني، وتجلياته المختلفة، وذلك الإنجاز الكبير الذي حققته مدينة بيت ساحور عبر عصيانها المدني الخلّاق خلال الانتفاضة الأولى. كما تقدّم رواية الأجيال هذه، عبر شخصياتها التي لا تُنسى، الأساليب التي اتبعتها الصهيونية للسيطرة على فلسطين.
هكذا استطاع الأدباء والروائيون أن يقدموا لنا رؤى مختلفة وأفكار متعددة حول العالم، كيف كان وكيف يكون، سواء كان ذلك من خلال استدعاء لحظات تاريخية وحكايتها ورصد أثرها في واقعنا المعاصر، أو من خلال خيالهم المحلق الذي ينطلق إلى رؤى المستقبل وما يمكن أن يكون عليه، جامعين بين هذا وذاك بالفانتازيا حينًا وبالسرد الواقعي للحياة وما يدور فيها أحيانًا أخرى.