أفضل 10 روايات عالمية مترجمة في عام 2020
رغم أن مصاب العالم هذا العام كان كبيرًا إلا أن الأدب كان أبقى وأكثر قدرة على التواصل مع الناس، وأثبت الفن مرة أخرى أنه الأقدر على التحدي والمواجهة، وجادت قريحة الأدباء والمترجمين والكتَّاب ودور النشر بالعديد من الكتب والروايات التي استطاعت أن تحمل الناس على أجنحة الخيال إلى عالم آخر، أو ترصد لهم جوانب مختلفة لذلك الواقع الذي يحيط بهم، ولكنها في النهاية استطاعت أن تجعلنا نفلت مما نحن فيه، وتنقذنا ولو بشكلٍ خيالي مؤقت مما أحاط بنا من فزع ومخاوف.
ولا شك أن للأدب المترجم دورًا كبيرًا، سواء في تعريفنا على آداب وكتابات وعوالم الروائيين الآخرين، أو إطلاعنا على تجارب وحياة العالم خرج حدودنا الضيقة، مما يعمل بالتأكيد على توحيد مشاعرنا الإنسانية، وبالتالي توسيع إدراكنا ومعرفتنا بشكل كبير.
في هذا العام صدرت العديد من الروايات المترجمة إلى العربية من ثقافات وبلدان مختلفة شرقًا وغربًا، أحببنا أن نلقي النظر هنا على عدد من التجارب الفريدة، والتي نرى من وجهة نظرنا أنها الروايات الأكثر أهمية. سواء كان ذلك لإقبال القراء وتهافتهم عليها، كما يحدث عادة مع بعض الروايات المترجمة للكتاب المشهورين، أو لحصولها على جوائز عالمية لفتت الأنظار إليها.
التقييم هنا بالطبع من وجهة نظرنا كنقاد ومحررين في موقع إضاءات، وهو محاولة منا لإلقاء نظرة عامة على الإنتاج الأدبي الروائي في هذا العام المأزوم، وبغرض إلقاء الضوء على كتابات تستحق القراءة والتحليل، لكتاب مشاهير وكتاب غير مشاهير كذلك.
1. 10 دقائق و38 ثانية في هذا العالم الغريب – إليف شافاق
«عشر دقائق و38 ثانية في هذا العالم الغريب»؛ عنوان رواية الروائية التركية أليف شافاق التي وصلت في نسختها الإنجليزية للقائمة القصيرة للمان بوكر البريطانية العام الماضي، والتي صدرت أيضًا في طبعة مصرية مشتركة بين دار الآداب ومكتبة تنمية، بترجمة محمد درويش.
اعتمدت الرواية في بنائها على فكرة علمية مفادها أن العقل البشري يبقى على قيد العمل بعد الوفاة لمدة عشر دقائق وثمانية وثلاثين ثانية على وجه التحديد، وفي هذه الأثناء يدور أمامه شريط حياته كفلاشات سينمائية سريعة. وهكذا تنقلنا إليف شافاق إلى بطلة روايتها «ليلى تكيلا» التي نتعرَّف عليها وهي جثة هامدة قد فارقتها الحياة، ولكنها تسترجع في عشر دقائق وثمانية وثلاثين ثانية شريط حياتها وما مر بها، وما أوصلها لهذه النهاية المأساوية.
لم تقتصر حكاية «ليلى» بطلة الرواية على ما مرت به من مواقف أحداث، بل استطاعت إليف شافاق أن تصوِّر من خلالها عددًا من الأحداث السياسية والتاريخية المؤثرة في بلادها، بدءًا بمذبحة إسطنبول في عيد العمال عام 1977، وكذلك ما حدث من احتجاجات شعبية عام 1990 في مواجهة الاعتداء على العاملات بالجنس. بالإضافة إلى رصدها تواريخ عدد من المواقع والأماكن التركية وما دار ويدور فيها مثل مقبرة الغرباء في بلدة كيليوس وما تحمله من مآسٍ تتعلق بمن يدفنون فيها كل عام، و كذلك شارع المواخير وما يدور فيه من صفقات لا تزال حتى اليوم.
2. الحارس الأخير للقاهرة القديمة – مايكل لوكاس
بحفاوة واهتمام شديدين تلقى القراء والنقاد ترجمة رواية “الحارس الأخير للقاهرة القديمة” التي كتبها الروائي الأمريكي اليهودي مايكل ديفيد لوكاس، والتي كانت قد فازت بالجائزة القومية للكتاب اليهودي عام 2018، وجائزة صوفي برودي من المكتبات الأمريكية عام 2019 . والتي تحكي تاريخ وسيرة القاهرة القديمة من خلال شاب بسيط يصادف أن يعمل حارسًا للمعبد اليهودي “معبد بن عزرا” في القاهرة من أيام الفاطميين، يتتبع الراوي المعاصر سيرته وحكايته، ويمزج فيها بين تاريخ اليهود في مصر وبين حكايات ومواقف عدد من المستشرقين في مصر في تلك الفترة.
استطاع مايكل لوكاس عبر الرواية أن يجمع باقتدار بين ثلاثة أزمنة تاريخية مختلفة، وأن يصوِّر القاهرة وتغيراتها في تلك الفترات بين الماضي والحاضر، كل ذلك من خلال شخصيات الرواية المتعددة التي عبَّرت عن نفسها بشكل محايد ومن خلال تفاصيل دقيقة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى حوت الرواية عددًا من الأخبار والوثائق التاريخية التي يسعى بطل الرواية للكشف عنها والتعرف عليها، وهي التي عرفت باسم وثائق الجنيزة اليهودية، التي تم اكتشافها والتعرف عليها عام عام 1869. الرواية صادرة عن دار آفاق من ترجمة إيناس التركي.
اقرأ أيضًا: أفضل 15 رواية عربية في 2019
3. مكتبة ساحة الأعشاب – إيريك دو كيرميل
ليس أجمل من الحديث عن الكتب، هذه الرواية لا شك ستعود بكل قارئ إلى العديد من الكتب والروايات الجميلة التي قرأها، سواء غيَّرت حياته أو لم تفعل، فهذه الرواية تعزف ببساطة واقتدار على طريقة تعاملنا مع الكتب، تحكي الرواية التي كتبها الروائي والصحفي الفرنسي إيريك دو كيرميل، ويحكي فيها عن صاحبة مكتبة ساحة الأعشاب “ناتالي” التي كانت مدرسة للأدب في الجامعة، ثم أحبت أن تركز نشاطها في المكتبة، وهناك تقابل عددًا من القراء، تحكي لنا علاقتها بهم وحكاياتهم مع الكتب من اختيارها مرة أو اختيارهم مرات.
الفكرة الذهبية التي تدور حولها الرواية في أن تكون البطلة “أمينة المكتبة” صاحبة الترشيحات الأولى لكل قادمٍ إليها، وأن يطلعها كل واحدٍ منهم على قصة حياته، ودور هذه الكتب وأثرها في نفسه وفي علاقاته أمرٌ جميل، وتمت صياغته ونسجه مع فصول الرواية، ومع قصة البطلة ناتالي وزوجها وابنيها بإحكامٍ فعلاً. وكنَّا ننتقل بين حكايات أبطال الرواية/رواد المكتبة وبين قرية مكتبة ساحة الأعشاب الفريدة من نوعها، وبين التاريخ والجغرافيا والبلدان المختلفة، وبين العلاقات بين الأصدقاء والغرباء، بشكل ثري وممتع.
تجدر الإشارة إلى أن إيريك دو كيرميل كاتب وصحافي وناشر مجلاتٍ عن الطبيعة. عاش شبابه بين المغرب وأمريكا الجنوبية، قبل أن يعود ويستقر في الريف الفرنسي. مهتم بالكتابة عن الطبيعة ويحلم بحياة أفضل للإنسانية.
4. بريد الذكريات – إيما رييس
رسائل متفرقة تحكي فيها الرسامة والكاتبة الكولومبية إيما رييس أطرافًا من حكايتها وسيرة حياتها، كانت قد أرسلتها إلى صديقها الناقد خيرمان أرسينيغاس الذي تعرفت عليه في أربعينيات القرن الماضي، ونشأت بينهما صداقة قوية، وطلب منها أن تنشر هذه الرسائل، وكان من حسن الحظ أن اطلع على بعض هذه الحكايات والرسائل الروائي الشهير غارسيا ماركيز فأبدى إعجابه الشديد بها وحماسه لكتابتها وأسلوبها الفذ، ولكن إيما غضبت من ذلك، إذ شعرت أن صديقها لم يحتفظ بخصوصية تلك الرسائل. وتوقفت عن مراسلته لمدة عشرين عامًا. ولكن بدا أن موقفها تغيَّر مع صديقها بعد ذلك إذ استطاع أن يقنعها بجدوى الكتابة وأهمية النشر، فواصلت كتابة مذكراتها، وسمحت أخيرًا أن تنشر ولكن بعد وفاتها.
بين حياةٍ قاسية قبل الإقامة في دير الراهبات، حيث طفلة لا تعرف لها أبًا ولا أمًّا، وحيث سيدة غريبة تأمرهن فيطعن، تسرد إيما رييس بصدق وشفافية ما كان يدور في حياتها، من وجهة نظر الطفلة التي تبدأ في استكشاف العالم، حتى تصل إلى دير الراهبات لتبدأ فصلًا جديدًا من فصول المعاناة، بين جدران قاسية ومعاملةٍ فظة، وتعليمات وأوامر عليهن الامتثال لها بدون تفكير ولا نقاش.
استطاعت إيما رييس أن تعبِّر عن مأساة تلك الطفلة التي كانتها، وأن تنقل للقارئ من خلال تفاصيل عديدة كيف كانت تلك الحياة القاسية، التي ربما لم تكشف في الكتاب عن نهايتها المشرقة، حيث تحوَّلت إيما رييس إلى واحدة من أهم فنانات كولومبيا وغدت اسمًا بارزًا هناك، وربما لم يتح للكثيرين التعرف على تلك الظروف القاسية والغريبة، والحياة الصعبة التي عاشتها في فترة النشأة والتكوين الأولى.
اقرأ أيضا: أفضل 10 روايات عالمية مترجمة في عام 2019
5. حياة على باب الثلاجة – إليس كوبيرز
الرسائل مرة أخرى، تلك التقنية شديدة الجاذبية والثراء، ولكنها هذه المرة مستخدمة بطريقة مختلفة، إذ هي متروكة على باب الثلاجة تحكي أطرافًا من حكايات ومواقف وأخبار البنت وأمها، ومن خلال تلك الرسائل نتعرف على هذه العلاقة الملتبسة، وتتكشف لنا أطراف هذه الحياة.
يشعر القارئ أنه يتلصص عليهما وأنه يعيش معهما. فينفعل مع “كلير” وهي تطلب نقودًا من أمها لتشتري قفازًا ليديها التي تجمدت. وفي نفس الوقت يشعر بأن هناك شيئًا ما تخفيه الأم عنها.
كتاب كامل يُقرأ في ساعة واحدة، ولكن يترك أثرًا يدوم ساعات. وسيدفعك للتفكير في طريقة تعاملك مع أمك أو في طريقة تعاملكِ مع بنتك أو ابنك.
إليس كوبيرز كاتبة إنجليزية. وُلِدت عام 1979، وتقيم الآن في كندا. حصلت على بكالوريوس في علم النفس من جامعة مانشيستر، وبعدها حصلت على الماجيستير في الآداب من الجامعة نفسها. “حياة على باب الثلاجة” هي الرواية الأولى لها، تُرجمت إلى أكثر من 28 لغة. رشحت الرواية في 4 جوائز؛ في القائمة القصيرة لجائزة “كوفينتري” للكتاب الإنجليزية، وفي القائمة القصيرة لجائزة “أوكسفوردشاير” الأدبية الإنجليزية. ترجمتها إلى العربية هدى فضل وصادرة عن دار العربي.
6. إينولا هولمز – نانسي سبرينجر
هذه المرة نحن إزاء رواية نالت شهرتها وإقبال الناس عليها بسبب تحولها إلى فيلم سينمائي شديد الجاذبية والتشويق بنفس الاسم. الرواية التي كتبتها نانسي سبرينجر عن أخت “شيرلوك هولمز” التي تنطلق في مغامرة شيقة وغريبة وتتورط في العديد من المشكلات لاختفاء الماركيز الذي يصادف أن يكون هاربًا معها. استطاعت أن تجذب العديد من القراء إلى التعرف على هذه الحكاية وتفاصيلها الشيقة، والتي صدرت لحسن الحظ في نفس وقت عرض الفيلم على نتفلكس بترجمة باسم الخشن عن دار كيان.
تأخذ الكاتبة من عالم شرلوك هولمز ومغامراته الكثير لتبني قصة موازية لأخته التي يبدو أنها تحمل نفس جينات الذكاء والمغامرة، وتتحوَّل إلى بطلة أخرى تخوض تجربة البحث عن أمها بعد حادثة اختفائها الغريب، ورغم أن الرواية يمكن تصنيفها باعتبارها رواية إثارة وتشويق إلا أن الكاتبة استطاعت أن تعبِّر من خلالها عن مشاعر وحياة تلك الطبقة الاجتماعية في بريطانيا بشكلٍ ذكي، والعلاقة بين النبلاء والبسطاء، وكيف يمكن أن تتغيَّر حياتهم من أجل تحقيق مطامع الكبار الشخصية. لا تكتفي الرواية بتلك الرحلة والمغامرة الشيقة التي خاضتها إينولا، ولكنها تعكس المجتمع البريطاني بشكل كبير.
7. سفينة نيرودا – إيزابيل الليندي
آخر ترجمات المترجم الكبير صالح علماني، وواحدة من أهم روايات العام، في هذه الرواية تنقلنا إيزابيل الليندي ببراعتها المعهودة إلى أحداث هامة ومؤثرة في إقليم كتالونيا بإسبانيا حيث الحرب الأهلية عام 1983، وتلتقط من ذلك الوقت وسط الحروب والدمار الذي أحاط بالناس هناك، تلتقط حادثة إنسانية هامة، وهي تجهيز الشاعر التشيلي بابلو نيرودا سفينة جمع فيها عددًا كبيرًا من المناضلين من إسبانيا فروا من بطش ديكتاتورها الجنرال فرانكو. وانطلاقًا من هذه المعلومة التاريخية، تشيد إيزابيل الليندي روايتها، وبطلتها عازفة بيانو، برفقة طبيب، كانا بين الفارين بحثًا عن فرصة جديدة لحياة كريمة في تشيلي، التي يشبه موقعها الجغرافي في أمريكا الجنوبية “بتلة بحر طويلة”، بتعبير نيرودا، الذي يحضر شعره في متن الرواية وفي مستهل كل فصل من فصولها.
وعلى عادة كتابات الليندي استطاعت أن تلتقط التفاصيل الشيقة والإنسانية شديدة الجاذبية في حكايتها، وقدمت رؤية بانورامية لأحوال الناس وشخصيات الرواية في أجواء مشحونة بالحرب والدمار، من خلال حكايات الشخصيات الجانبية التي تتضافر كلها لتنسج نسيج الرواية المميزة، وهي على عادتها تجمع بين الأحداث التاريخية الحقيقية وبين صياغة العلاقات والمواقف الخيالية المتقنة. الرواية صادرة عن دار الآداب وفي طبعة مصرية خاصة عن مكتبة تنمية منتصف هذا العام.
8. أفعال بشرية – هان كانغ
لفتت الراوية الكورية هان كانغ أنظار العالم إلى كتابتها حينما فازت روايتها “النباتية” بجائزة المان بوكر عام 2018، وترجمت الرواية إلى العربية ولاقت إقبالاً واسعًا من القراء، لا سيما أنها تتناول مواضيع إنسانية عامة. في روايتها الصادرة حديثًا عن دار التنوير بترجمة محمد نجيب “أفعال بشرية” تعود إلى أحداث انتفاضة شعبية حدثت في مدينة غوانجو بكوريا الجنوبية عام 1980، وذلك من خلال تتبع شخصيات العمل وسيرتهم وحياتهم، سواء من كانوا ضحايا لتلك الانتفاضة وعلاقتهم بمن حولهم أو من سعوا إلى الحرية والنجاة وكيف واجهوا الظلم والاضطهاد والتعذيب!
تبدو أحداث الرواية سياسيًّا شديدة التقارب والشبه بالكثير من الأحداث السياسية والتاريخية التي مرت بالعالم العربي منذ بداية ثورات الربيع في 2011 وما تلاها، والغريب أن هناك تشابهًا حتى في سيطرة الحكم العسكري على البلاد بعد تلك الانتفاضة وما نتج عنه من قمع وتقييد للحريات، وعلى الرغم من تلك الأحداث والمواقف السياسية السوداوية إلا أن الكاتبة استطاعت أن تلتقط في حكايتها تفاصيل شديدة الخصوصية والجمال لحياة الناس وطرق مواجهتهم لكل ذلك، وفي النهاية قدمت مرثية حزينة ولكنها واقعية ومؤثرة. الرواية صدرت مترجمة عن دار التنوير مطلع هذا العام.
اقرأ أيضًا: أهم الأعمال الأدبية المترجمة في معرض الكتاب 2020
9. العهود – مارجريت أتود
أخيرًا صدرت رواية “العهود” الجزء الثاني والمكمِّل لرواية “حكاية جارية” بعد أكثر من 30 عامًا من كتابتها، وهي الرواية التي نالت بها جائزة المان بوكر البريطانية في العام الماضي. تكمل مارجريت أتود في هذه الرواية ما كانت قد بدأته في حكاية جارية، وتواصل عرض تفاصيل جديدة لثلاث شخضيات من مملكة جلعاد الخيالية التي تعرف عليها القراء من قبل.
لفتت هذه الرواية الأنظار من جديد تزامنًا مع المسلسل التلفزيوني المأخوذ عنها، والذي لاقى رواجًا كبيرًا منذ إذاعته عام 2017. ولا شك أن الدراما ستكون مختلفة في هذه الرواية وربما تأتي منفصلة بعض الشيء، وفقًا لما ذكره الناشر الأصلي لرواية، عن أحداث المسلسل الذي يستعد لموسم ثالث قريبًا. صدرت ترجمة هذه الرواية مؤخرًا عن دار روايات بترجمة إيمان أسعد.
في رسالة خاصة إلى القراء قالت أتود: إن الأسئلة التي لم تجب عليها روايتها الأولى هي التي ألهمتها بالعودة إلى جلعاد، وأن كل ما سألتموني عن جلعاد وعمله الداخلي هو مصدر إلهام هذا الكتاب، حسنًا، كل شيء تقريبًا! وأضافت: “الإلهام الآخر هو العالم الذي نعيش فيه”.
10. الانفصال – سيليفيا أرازي
علاقة حب وزواج تنتهي، دون أن نعرف ما هي الأسباب والدوافع، وبانسيابية شديدة تسحبنا الكاتبة إلى عالم بطلتها “لوثيا” التي تحدثنا عن رجل نائم بجوارها سيصبح زوجها السابق. ومن خلال فصول قصيرة متصلة نتعرف على لقطات من حياتها، ماضيها وحاضرها، علاقتها بوالديها وابنتها وأصدقائها، محاولاتها تجاوز تلك الحالة المؤلمة التي يسببها الطلاق، والأسباب التي دعتها لأخذ هذا القرار بعد 15 سنة من الزواج.
كان جميلًا في الرواية عودة البطلة بفلاشات موجزة ودالة إلى ماضيها الخاص، بداية تعرفها على القبلات مثلًا، علاقتها بوالدها وما اكتسبته من خصوصية، والدتها وكيف تعاملت مع كونها امرأة جميلة، وكيف فرضت عليها وعلى أختها نمطًا محددًا من القراءة والمعرفة، علاقتها الخاصة بالكلمات وعشق الكتب، وأنها تحب العمل في هذه البيئة الجميلة شديدة الخصوصية.
من المميز أيضًا أن الرواية تعتبر قصة طويلة، الفقرات الموجزة مثل فلاشات ذكية ومعبرة جدًّا، حتى الشخصيات الثانوية تقوم بدورها ببراعة، بل تنتزع منَّا بعض الضحكات أحيانًا، شخصية مثل “دودي” و”فيرا” و”فليكس”. لن تنسى بسهولة علاقة الحب الجديدة التي وجدتها في طريقها ولم تستلم لها بالكامل، العديد من اللقطات الذكية في علاقتها بزوجها وبالناس من حولها.
في النهاية أيضًا نتعرف على الكاتبة، وأنها فنانة تكتب وتغني وتمثل، تكتب الشعر وقصص الأطفال، وأن روايتها “معلمة الموسيقى” تم تحويلها لفيلم سينمائي عام 1999، وهذه الرواية هي أول الروايات التي تترجم لها بالعربية من ترجمة طه زيادة عن دار مسعى.
اقرأ أيضًا: الروايات الأكثر مبيعًا في مصر خلال عام 2019
هذه قائمة بالروايات العشر، ولا شك أن دور النشر والمكتبات تحمل أضعاف هذه الكتب والروايات، ولا شك أيضًا أن في كل منها متعة خاصة، ولكن يبقى أن الأدب في النهاية هو القادر على توحيد الإنسانية، وأن مصائب ومشكلات البشر تتشابه دومًا مهما اختلفت أجناسهم وألوانهم وظروف معيشتهم. ولا يفوتنا في النهاية أن نشكر المترجمين، الجنود المجهولين الذين سعوا ويسعون دومًا لتقديم الجديد والجميل من الروايات والأعمال الأجنبية المهمة.