أشرس 10 قتلة متسلسلين عرب
ما الذي يمنعك من القتل؟
دين، قانون أخلاقي، أفكار نبيلة، خوف من القانون، أو فقط عدم القدرة على رؤية إنسان من لحم ودم يموت أمامك. تختلف الأسباب التي تمنع الإنسان من قتل أخيه الإنسان، ومن الاعتداء على حقوقه، لكنها لا تتعدى أن تكون حاجزًا من ورق أمام رغبة القتل الجامحة لدى القتلة المتسلسلين.
ويا ليت القتل كان إنسانيًّا فقط، بل تفنن هؤلاء في تعذيب واغتصاب وتنكيل ضحاياهم بطرق تجعل الشيطان نفسه يتبرأ من أعمالهم، فهل تريد التعرف على أشهر 10 قتلة متسلسلين عرب؟
محمد آدم عمر: سفاح صنعاء
من المخيف أن يكون المرء عامل مشرحة، ومن المخيف أن يكون عامل المشرحة هذا صديق طلاب كلية الطب، وغريبًا عن المدينة. عاش محمد آدم عمر طفولة شنيعة وقاسية في السودان، فبجانب ظروف الحياة القاهرة، شهد على جريمة قتل مجرمها أبوه الذي قام بقتل وتقطيع مغتصب أمه في جريمة من جرائم الشرف تحت أنظار القانون.
اشتغل الشاب محمد عمر في السودان كغاسل للأموات، ثم انتقل إلى اليمن ليعمل كعامل في مشرحة جامعة صنعاء الطبية، حيث كان يستدرج ضحاياه من الطالبات بلطف إعطائهن يد المساعدة، وذلك بتقديم نماذج أعضاء بشرية تساعدهن في الدراسة. وهنا اشتهر كمساعد لمن يريد أن يكتسب علمًا، وكانت زينب منهن، فبعد أن اقتربت فترة الامتحانات، واشتد احتياجها لجمجمة من أجل الدراسة توجهت نحو آدم، فلم يكن من هذا الأخير إلا أن قتلها، ثم قطَّعها، ووضع أعضاءها في أوانٍ، ثم احتفظ بهيكلها العظمي للذكرى. زينب كانت آخر ضحاياه لأنها أخبرت أحد أصدقائها بمقصدها، ومكان ذهابها، مما سهل على الشرطة التحقيق في اختفائها، وبالتالي القبض على عامل المشرحة.
بعد التحقيق، اعترف محمد آدم بقتل 51 امرأة وفتاة في كل من اليمن، الأردن، لبنان، والكويت منذ سنة 1957، وكذلك بقتل 11 فتاة في جامعة أم درمان في السودان قبل أن ينتقل إلى العيش في اليمن. لكن المؤكد والمثبت في صحته هو قتل 16 فتاة من جامعة صنعاء، بعضهن تعرض للاغتصاب. ومن الدهاء كيف غطى جرائمه، حيت كان يحصل على تراخيص دفن بعض الأعضاء البشرية من المشرحة بحجة فسادها، وبالتالي يدفن الباقي من ضحاياه بأريحية في المقبرة.
نُفذ حكم الإعدام في حق محمد آدم سفاح صنعاء في سنة 2011 رميًا بالرصاص، على مرمى حجر من مدرسة جُلِد بها 40 جلدة بتهمة شرب الكحول.
الشقيقان جورج وميشال تانليان
يتشارك الإخوان عادة في اللعب، في الملابس إن كانوا من نفس الحجم، لكن الشقيقين جورج وميشال تانليان شاركا في قتل 9 من سائقي سيارة أجرة وامرأة وعريف في الجيش اللبناني. بمجموع 11 ضحية بين أبريل ونوفمبر 2011.
ارتعبت بيوت بيروت على مدى تلك الخمسة الأشهر، وخاصة بيوت سائقي سيارة التاكسي، فالسائق ميت في نظر الأسرة إلى أن يعود، حيت اعتمد الأخوَان على تكتيك بسيط، فجورج يصعد إلى المقعد الأمامي بجانب سائق السيارة، بينما ميشال في الخلف، وحين يصلان إلى مكان خلاء يطلب جورج من السائق التوقف بعذر إفراغ مثانته، وبمجرد أن يتوقف سائق الأجرة، وتطأ قدم جورج خارج السيارة، يطلق ميشال من مسدسه رصاصة غدر على رأس السائق تكفي لتسقطه قتيلًا.
وهنا يقوم الأخوان بسرقة ما بحوزة السائق، ورمي جثته في على قارعة الطريق قبل أن يقوما بحرق السيارة. وللقارئ أن يتخيل فظاعة المشهد، وإحساس الإنجاز والرضا لدى الأخوين حين يشاهدان السيارة تحترق منيرة ظلام الليل.
لم تكن تغطية ميشال وجورج تانليان على جرائمهما لتنطلي على المخابرات اللبنانية، حيت قامت هذه الأخيرة بتحويل عناصرها إلى سائقي سيارات أجرة في محاولة بائسة للقبض على القاتل المتسلسل. وفي ليلة الثاني عشر من نوفمبر بعد أن قاما بقتل سائق التاكسي هاغوب وسرقة 100 دولار كانت بحوزته. في نفس الليلة وبسيارة أجرة هاغوب انطلقا في شوارع بيروت باحثين عن ضحية ثانية. التقيا بشاب واقف على جانب الطريق هو العريف زياد ديب الذي ظن أن المُطِلَّ من سيارة الأجرة سائقها وليس قاتلًا، فصعد بنية الذهاب للمنزل، لكنه تفاجأ بمسدس في وجهه يطلب منه أن يترجل بمحاذاة نهر بيروت، وأن يعطي ما بحوزته للرجلين. لكن المائة ألف ليرة لبنانية وهاتف نوكيا لم يكونا كافيين للشقيقين، فعلى غرار كل الضحايا أُرديَ العريف قتيلًا ليكون آخر ضحايا الأخوين.
هاتف النوكيا الذي سرقه الأخوان كان سبيل شعبة الإعلاميات في المخابرات اللبنانية إلى القبض على التانليان، فهو هاتف عسكري تملك أجهزة الدولة رقمه التسلسلي، ما سهل عملية تتبعه والتنصت عليه ومعرفة مكانه الجغرافي. والذي أدى إلى الإغارة على منزلهما والقبض عليهما، وكذلك العثور على المسدس وراديو السيارة بحوزة جورج وميشال تانليان.
«قليل من الندم ثم النوم ثم كأس ويسكي»، هكذا كان جواب جورج للقاضي أبو غيدا قاضي المحكمة العسكرية حين سأله: «هل تشعر بالندم على أفعالك؟» ولم تكن ردود وأجوبة جورج ذي السبعة والأربعين عامًا تختلف كتيرًا، فطبعه العنيف والبارد جاء حتى على محاميه الذي طلب من المحكمة تعيين طبيب نفسي للكشف عنه، لربما تكون ذريعة للتخفيف من الحكم، قبل أن يجيبه جورج بصوتٍ عالٍ: «أنت معي أو عليَّ؟ ما تفوِّتني بقصص مجنون ومش مجنون». وفي الأخير حكمت المحكمة، بإعدام الشقيقين جورج وميشال تانليان بتهمة قتل 11 شخصًا.
جزار تارودانت
لا يحتاج عبد العالي الحاضي إلى مقدمات، فبجانب لقبه «جزار تارودانت» الذي يدل على المدينة التي سكنها في المغرب، فهو جزار في لحوم البشر، حيت قام باغتصاب وقتل 9 أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 و16 سنة.
ولد عبد العالي بمدينة تارودانت جنوب المغرب سنة 1962 لأسرة متوسطة، وفي سن 11 ربيعًا توفيت والدة عبد العالي ليخرج مباشرة بعد هذا الحدث من رحاب المدرسة والتعليم إلى الشارع، ليتعرض في سن الرابعة عشرة لاغتصاب جماعي من طرف شبان آخرين من نفس السن.
في 20 أغسطس 2004، اكتشف السكان المحليون لإقليم تارودانت 8 جماجم وبقايا عظمية لما عُرف فيما بعد أنها تعود لأطفال اختفوا، قاسمهم المشترك العمل في باحة استراحة في المدينة، ما دفع الشرطة لتكثيف المراقبة عليها. وبينما بقي التحقيق قائمًا حول جثت الضحايا، وجد المحققون قطعة ورقة تحتوي على التالي من الكلمات: «12 أكتوبر، الأسبوع 44، أديداس 55، الحاضي 2303، أديداس 5».
بعد معاينة الورقة والبحث في سجلات الشرطة، وجد المحققون أن شخصًا يدعى نجيب الحاضي، أخا عبد العالي يعمل بنفس المحطة، وهو الذي قاد الأمن نحو منزلهم داخل أسوار المدينة.
ولدهشة الكل، رحب عبد العالي بالشرطة في مشهد يجسد أحاسيس ذنب راسكولينكوف في رائعة دوستويفسكي الجريمة والعقاب، حيت قال عبد العالي: «كنت أنتظركم لتنقذوني من عذابي، كنت أعاني ليل نهار، أريد أن أنام وأن أشفى».
وخلال التحقيق أقر عبد العالي بالمنسوب إليه، ودل الشرطة على أسماء الضحايا جميعًا، وأردف القول بأن له بجانب الضحايا الثمانية المكتشفة جثثهم ضحية تاسعة. وخلصت الشرطة إلى أن دافع القتل نفسي يتجلى في الانتقام من المجتمع بعد تعرضه للاغتصاب، وكذلك البيدوفليا التي أمالته نحو الأطفال. وبعد عام المحاكمة بيَّن فيها عن الندم عن أفعاله رغم إردافه شعوره بالنشوة جنسيًّا في كل عملية قتل، حُكم عليه بالإعدام. مات عبد العالي الحاضي في سجن «مول البركي» في السادس من مايو 2022 بينما كان ينتظر تنفيذ حكم الإعدام.
بلال وسوزان: زوجان ليسا ككل الأزواج
قام بين العامين 1994 و1998 الزوجان بلال موسى وزوجته سوزان إبراهيم بقتل وسرقة 12 شخصًا في الأردن، أغلبهم نساء، ما عدا شيخًا متقدمًا في السن ورضيعًا لم يرَ في الحياة شيئًا. بعد الاعتقال نُسب للزوجة قتل شخص واحد، بينما للزوج 7 أشخاص حُكم عليه بمقتضى القانون الأردني بالإعدام، والذي نُفذ سنة 2000. بينما حُكم على زوجته بالسجن المؤبد لتوافيها المنية في سنة 2001 داخل أسوار السجن بسبب سكتة قلبية. لكن ما هي قصة هذين الزوجين الكاملة؟
ولد كل من بلال موسى محمد وسوزان إبراهيم بمدينة الزرقاء الأردنية في العامين 1972 و1971 على التوالي. وكانت قصة الحب بينهما معقدة قليلًا، فبلال أحب جارته سوزان المتزوجة من ابن عمتها، لكن لم يكن له إليها طريق سوى المراقبة المستمرة لها ومحاولات عقيمة للتواصل معها. لكن زواجها لم يستمر طويلًا، وانتهى مع ابن عمتها لينتهز روميو الفرصة ويتقرب من عشيقته، ثم يتزوج بها في النهاية.
لم تعرف بدايات القتل الدموي بالتحديد، لكن الزوجين كانا عادة ما يقومان بالنقر على أبواب النساء اللواتي قام بلال بمراقبتهن، طالبين كأسًا من الماء أو متنكرين في هيئة صحفي أو بائع، تم يقوم بلال بمهاجمة الضحية بسكين. بعد التأكد من موت الضحية، يقوم الزوجان بسرقة المال والذهب.
كانت الجريمة الأخيرة التي قام بها الزوجان في عيد ميلاد سوزان في حق صديقهما مروح عبد الجليل في السادس والعشرين من مايو 1998. حيت دعاهما هذا الأخير من أجل الاحتفال بعيد ميلاد سوزان، قبل أن يتفاجأ بأن قتله كان الهدية التي يهديها بلال لزوجته.
بعد شهر من هذه الجريمة، وصلت رسالة الأمن تفيد أنها من القاتل وتصف مسرح الجريمة، مضيفًا أن الضحية اعتدى على زوجته، وأنه قتله دفاعًا عنها وعن نفسه. وعادت البصمات المستخرجة من الرسالة إلى بلال موسى محمد. وجاء الاعتقال بتاريخ 22 سبتمبر 1998، بعد أن أغارت الشرطة على منزل الزوجية بالأردن، وجدت رسالة تفيد بهروبها إلى ليبيا، وهنا استعانت الأجهزة الأمنية الأردنية بالإنتربول والأمن الليبي من أجل البحث واعتقال بلال وسوزان في ليبيا وترحيلهما نحو الأردن، حيث جرت مراسيم المحاكمة والإعدام وأخيرًا الدفن.
لؤي: طبيب لا يداوي الجراح بل يفتحها
يقسم الطبيب بعلاج كل من يأتيه بغض النظر عن شكلهم، جنسهم، معتقداتهم، أو خلفياتهم، فالطبيب يرى الإنسان إنسانًا. لكن لؤي عمر محمد الطائي لم يكن مجرد طبيب، بل دكتور موت قام بقتل 43 رجل شرطة ومسئولًا وجنديًّا عراقيًّا، أتوا للاستشفاء في مستشفى الجمهورية في كركوك بين أكتوبر 2005 ومارس 2006.
وسهل كونه طبيبًا والضحايا مرضى عملية القتل، فكل جهده البدني لا يتعدى فصل آلات التنفس وفتح الجروح والحقن بمزيج أدوية قاتل. وكان من الممكن أن يستمر لؤي في القتل لولا أن قبضت الشرطة على جماعة أنصار السنة المسلحة، أتناء استجواب أعضائها، واهتمام المحققين بمعرفة أسماء المتعاونين معهم، ورد اسم الطائي ليكون الحقيقي بين أسماء كثيرة كانت مزيفة.
درس لؤي الطب في جامعة الموصل وتخرج سنة 2003، واستقر في كركوك بعد الغزو الأمريكي ليكون شاهدًا على سنين طوال من التفجيرات والقتل في صفوف العراقيين. وجُنِّدَ لؤي بطريقة درامية تليق بطبيب من طينته، فيقول حسب اعترافاته:
«أحضر أب ابنه البالغ من العمر أربع سنوات، وكان مريضًا. بقي الصبي في المستشفى لبعض الوقت، لكننا لم نتمكن من توفير الدواء المناسب. عندما واجهني الأب، قلت له: «نحن نعيش في دولة محتلة وهذا هو الوضع السائد في دولة محتلة». وعندها أجابني: «لا يجب أن نبقى غير مبالين، يجب أن نفعل شيئًا ويبدو أنك سئمت الوضع الحالي، فلماذا لا تساعدنا؟ نحن من المقاومة، وكلما أردنا مساعدتك سنطلب منك ذلك».»
كان لؤي في البداية يعالج المعطوبين والمرضى من جماعة أنصار السنة، قبل أن يتلقى اتصالًا من أبي هاجر، أحد قياديي الجماعة ليطلب منه أن يصنع لهم صنيعًا مع زائر سيزور المستشفى هو الملازم الأول من شرطة كركوك أرجمان، الذي فشلت محاولة اغتياله في وقت سابق، والذي خضع لعملية نزع الرصاصة من صدره. وهنا تسلل الطائي في الليل إلى غرفته وقام بفصل أجهزة التنفس عنه ليكون أول ضحية لطبيب الموت في أكتوبر من سنة 2005.
ولكون لؤي المسيطر في المناوبات الليلة بالمستشفى، ولعدم توفر هذا الأخير على أجهزة تحليل كفيلة بمعرفة المزيج القاتل من الأدوية الذي يستعمله الطبيب، كانت عمليات القتل سهلة ولا تسترعي انتباه أي أحد، ما أوصل حصيلته إلى 43 ضحية. وبالمقابل كان يحصل لؤي على 7 إلى 100 دولار عن كل شخص يقتله.
ولا يزال مصير طبيب الموت لؤي عمر محمد الطائي مجهولًا. فبعد أن قبض عليه، وحُوكِمَ، تَمَّ حبسه في سجن السلام المخصص للمحكومين بالإعدام في الموصل. لكن في سنة 2014 نجحت داعش في السيطرة على المدينة، وقامت بتهريب السجناء الذين من بينهم لؤي وأعضاء جماعة السنة.
سفاح الخادمات في المدينة المنورة
من القتلة المتسلسلين مجهولي الهوية، فاسمه محط للأخذ والرد بين الجهات الإعلامية، لكن فِعله بيِّن كالشمس في سماء صافية. قام هذا السفاح باغتصاب وقتل وحرق 3 خادمات آسيويات في مدينة ينبع على مرمى حجر من المدينة المنورة بالسعودية.
امتدت جرائم القتل الخاصة بسفاح الخادمات كما يلقب بين سنتي 2010 و2012، قبل أن تقوم السلطات بالقبض عليه بعد أن اكتشفت السلطات أن أحد المتسولين المقبوض عليهم هو ابن الجاني، والذي قاد إليه. والغريب في القضية هو عدم توفر السفاح على هوية أو اسم، حيث إن كل وثائقه الثبوتية حسب المصادر الأمنية مزورة، ولم ينطق أثناء التحقيق باسمه، بل بأسماء أبنائه. فهل كان هذا السفاح قاتلًا في دولة أخرى؟
ريا وسكينة علي همام
تضاربت الآراء حول ريا وسكينة علي همام، فالقصص حولهما كثيرة، بعضها يؤكد القتل والسرقة اللذين أقدما عليه في حق نساء الإسكندرية في عشرينيات القرن الماضي، وقصص أخرى تنفي ما سبق لتدرج رواية تمجد جهودهما في قتل جنود المحتل البريطاني. لكن هذه الرواية لا تتوفر على الدلائل الكافية.
بدأت قصة ريا وسكينة بهجرتهما من صعيد مصر نحو الإسكندرية، حيت عملت سكينة في بيت دعارة إلى أن تزوجت، بينما حالف الحظ ريا في الزواج من حسب الله سعيد مرعي قبلها. استقر الأزواج في حي اللبان، وهو من أفقر أحياء الإسكندرية، وفي سنة 1920 وبمساعدة فردين آخرين يسميان عرابي حسن، وعبد الرزاق يوسف، قامت الفتاتان باستدراج نساء الإسكندرية نحو بيتهما، حيت كانت بقية العصابة تنتظر، لتتم عملية القتل، والسرقة، ثم الدفن في أسفل المنزل. ما أسفر عن قتل 17 امرأة.
وبعد كثرة المفقودات والشكايات، وانشغال الرأي العام بهذا الحدث، أبلغت الشرطة عن العثور على عظام بشرية في منزل يعود لرجل شرطة كان يكريه لمحمد أحمد السمني، الذي استعمله بدوره كبيت للدعارة، وأجر غرفة فيه لريا حيث وجدت العظام تحت بلاطه.
بعد أن تم اعتقال العصابة، تم الحكم على ريا علي همام، وأختها سكينة علي همام، وزوجيهما، وعرابي حسن، وعبد الرزاق يوسف بالإعدام شنقًا، بتهمة قتل 17 امرأة من نساء الإسكندرية. والذي نفذ في 16 مايو عام 1921. لتكون ريا وسكنية أول امرأتين تعدمان في مصر الجديدة بعدما كان الدستور يمنع إعدام النساء.
وتقول الروايات الشعبية إن بديعة ابنة ريا كانت أهم الشهود في قضية الأختين، كما تختلف في مصير الفتاة إلى روايتين تشتركان في كون بديعة نزيلة بملجأ العباسي بالإسكندرية قبل أن يتم استدعاؤها من قبل الوكيل العام سليمان عزت بك لتشهد بما كانت تراه داخل منزل أمها وخالتها. لكن بعد إعدام الشقيقتين اختلف مصير بديعة من رواية إلى أخرى، فالأولى تنص على أن بديعة احترقت حتى الموت في حريق بنفس الملجأ الذي خرجت منه بأبوين، وعادت له يتيمة. والرواية الثانية التي يتمسك بها المؤرخ محمد عبد الوهاب في كتابه «أسرار ريا وسكينة» تقول إن بديعة هاجرت مع جديها قبل أيام من تنفيد الإعدام إلى كفر الزيات، حيت عاشت حياة مزرية، قاسية، وخالية من الحنان، ليتفاقم مرض السل الذي أصابها وتموت قبل عيد ميلادها الثالث عشر.
محمد المسفيوي: حاجٌّ بأعمال شيطان
العدالة قاسية أحيانًا، وتكون وحشية إن اقترنت بغضب العامة من الناس، وجهل ذوي السلطة. قصة الحاج محمد المسفيوي رغم ضلوعه في قتل 36 فتاة وامرأة شابة في مراكش القرن الماضي، فإن عقابه يماثل جرمه في وحشيته.
اشتغل محمد المسفيوي إسكافيًّا في مدينة مراكش في بدايات القرن العشرين، وكان حاجًّا، ما جمل صورته الاجتماعية وعزز من مكانته، كما كان كاتبًا عموميًّا يكتب الرسائل ويقرؤها للسكان. لكن في أبريل 1906، امتهن الحاج عملًا أقل نبلًا، فكان بمساعدة عجوز سبعينية يستدرج نساء مراكش نحول محله، ليغريهن بطيب ضيافته، ثم يسقيهن من نبيذ أو شاي مخدر، يذهب عقلهن. وهنا يقوم الحاج بقتل وسرقة النساء، تم يقطع رءوسهن.
لم تكن السلطات المخزنية من تلك الفترة في التاريخ المغربي قادرة على الكشف عن سبب اختفاء الفتيات والنساء من مراكش بتلك السرعة. لكن بجهود أقارب فتاة كانت قد اختفت سابقًا، تمكنوا من الوصول إلى آخر من رآها، ولم تكن سوى العجوز التي تدعى رحالي، حيت قام الأقارب باختطافها ثم تعذيبها لتبوح بأسرار استدراج النساء وكيف يقوم الحاج محمد بقتلهن.
ولم يكن مصير القاتل مخالفًا، فبعد القبض عليه وتعذيبه من طرف السلطات اعترف بالمنسوب إليه، ووجد في بئر بدكانه جثث عشرين فتاة، بينما في حديقة منزله جثث الست عشرة المتبقيات. وخاض المسفيوي أشواطًا من التعذيب داخل أسوار مخافر المخزن، ثم أمام الملأ لإرضاء الرأي العام الغاضب، قبل أن يحكم عليه بالإعدام صلبًا، ثم شنقًا لوحشية ما قرر قبلًا. لكن الشنق لم ينفذ قط، ففي نهايته جُلِد الحاج محمد المسفيوي بعصى مسننة بمسامير حديدية 10 مرات، قبل أن يدفن حيًّا ويبنى عليه واقفًا في مشهد طغت فيه وحشية العدالة على وحشية السفاح نفسه.
فوق القطار: قصة السفاح التوربيني
المثبت هو 32 ضحية، لكن البعض يقول 36، والتوربيني نفسه لا يتذكر العدد، لكنه يتذكر اغتصاب الأطفال على أسطح القطار المتحرك ثم رميهم من ليلقوا حتفهم. فما قصة رمضان عبد الحليم منصور، أشهر القتلة المتسلسلين العرب؟
يجسد التوربيني مقولة الجوكر «الذي لا يقتلك، يجعلك غريبًا»، جعلت الظروف القاهرة الطفل رمضان منصور ذا الـ 12 ربيعًا العمل في مطعم محطة السكة الحديدة بمدينة طنطا، عند رب عمل يدعى عبده التوربيني، الذي بعد شهور من العمل رفض أن يدفع للطفل رمضان منصور أجره.
وهنا بعد إلحاح من الطفل، أخذ عبده التوربيني رمضان في جولة فوق سطح القطار حيث قام باغتصابه ورميه من فوقه، لكن رمضان لم يمت، بل تعرض فقط لعاهة مستديمة في عينه مع إصابات متفرقة أدخلته المستشفى لعدة أشهر. بعد العلاج، لم ينتقم رمضان عبد الحليم منصور من عبده التوربيني، بل تقمص شخصيته وأصبح بنفسه توربيني آخر.
واسم التوربيني يعود لقطار دخل الخدمة في مصر سنة 1982، ويتميز بمظهره وسرعته، وطلائه بألوان علم مصر. أما للسفاح فهو مكان جرائمه تجاه أطفال لم يتجاوزوا 12 سنة من العمر، حيت كان يستدرجهم ببراءة للقيام بنزهة في القطار، وبعد أن يبدأ هذا الأخير بالحركة والاهتزاز كان يقوم بتهديدهم واغتصاب طفولتهم وحتى تعذيبهم قبل أن يدفع بهم نحو السكة الحديدية بكل برودة.
ولم يقتصر التوربيني على الأطفال الذكور فقط، بل قام حسب اعترافاته بقتل 3 فتيات أيضًا، إحداهن بائعة الصحف عزة بربش التي أُعجب بها وأقنعها بالزواج، ثم أجبرها على العمل في الدعارة، قبل أن يقوم بقتلها كما تقتضي أعراف القتلة.
بعد أن شنت المباحث المصرية حملة واسعة على أماكن تجمع أطفال الشوارع والمتشردين، قامت بالقبض على عناصر من عصابة التوربيني التي لسبب ولآخر خوفًا منه كان أو طلبًا للحماية كانت شاهدةً على فظائعه، تم القبض على رمضان منصور. وفي 16 ديسمبر 2010 تم تنفيد الإعدام في حقه، كما أتت المحكمة بعقوبات مختلفة في حق أفراد عصابته.
الناصر الدامرجي: أمه جعلته وحشًا
«كأن الله قد عاقبه بالفعل، دقيقة بدقيقة، عن كل جريمة من جرائمه الثلاث عشرة البشعة»، حين يلف حبل المشنقة على أحدهم ويسقط به نحو الحياة الآخرة، لا تستغرق عملية الشنق سوى 4 إلى 5 دقائق، لكن حسب ما يتذكر العم حسن، استغرق إعدام الناصر الدامرجي 13 دقيقة كاملة.
ولد الناصر الدامرجي في تونس العاصمة سنة 1944 أثناء فترة خضوعها للحماية الفرنسية، لأم امتهنت الدعارة كباب للرزق، والتي تسببت في لقائها مع شاب من زغوان وحملها منه بالناصر. تسببت هذه العلاقة غير الشرعية في سجن أم ناصر قبل أن تلده في مستشفى شارلز نيكول. بعد أن خرجت من السجن تزوجت أم الناصر بفلاح ليكون الأب للناصر، وليكنى بكنيته الدامرجي.
لم يكن الناصر الدامرجي ذا بنية قوية، بل كان قصير القامة ومتقد الذكاء، واشتغل طيلة حياته في المجال الفلاحي مستغلًّا ذكاءه في جني ما يكفي من المال، ما جعل حياته يسيرة.
أحب الناصر قريبته واقترن بها سنة 1964، قبل أن يسافر لفرنسا، وحين عاد سنة 1968، لم يرحب به بالتمر والحليب كما تستدعي العادة التونسية والمغاربية، بل بخيانة خطيبته له مع رجل آخر. ما أشعل نار الانتقام داخله، والتي لم تحرق أحدًا حتى أخذ بانتقامه منها سنة 1988.
ابتدأ الناصر حصده للجرائم بفتى اسمه محمد علي، في يوم 27 يونيو المشمس 1987، حيت توقف الناصر للفتى ليقله بدراجته النارية الحمراء مقترحًا عليه أن يساعده في مزرعته مقابل عائد مادي، والذي قبل به محمد علي بحماس. ولو علم الفتى أن تسلقه لشجرة لوز سيتسبب في مقتله لما قبل أن يقله الناصر، وهنا حين تسلق الشجرة رآه الناصر شبه عارٍ، فلم يتمالك رغبته في ممارسة الجنس معه، وحاول أن يغريه بالمال لكن محمد علي رفض العرض وحاول الهروب والصراخ، لكن صرخاته كتمت بيد الناصر، بينما كتمت اليد أخرى حياته حيث التفت حول عنقه في محاولة لجعل الفتى يفقد الوعي فقط. أو هذا ما ظنه الناصر بداية، قبل أن يكتشف أن محمد علي قد مات، وهنا اكتشف السفاح طريقة جيدة في القتل.
بعد الجريمة الأولى احتلت مشاعر الخوف من أن يُكشَف أمره عقل وجسد الناصر، لكن الخوف ليس حاجزًا أمام الرغبة في القتل، ففي فبراير من سنة 1988، تقوت ثقته في مهاراته بقتل فتى في الثامنة عشرة من عمره، وهو أكبر ضحاياه.
استلذ الناصر القتل، لكن هاجس الانتقام من خطيبته السابقة لم يبرد بعد، وهنا بعد فشل عدة محاولات لكي يعيدها، صمم على إطفاء نار الانتقام التي تحرقه، ولم يكن له سوى أن يضرب في نقطة ضعف كل أم، ابنها الوحيد رمزي. تبع الناصر رمزي في كل تحركاته لكنه لم يرد خطفه، بل ترك كل شيء للصدفة، وهنا وقع رمزي بين يده مغريًا به نحو مزرعته السعيدة، وفي منزل قديم بها أقدم ناصر على الاعتداء على رمزي ذي الثلاث عشرة سنة بآلة حادة كما كتب في المحضر قبل أن يقوم بدفنه. وهو الضحية الوحيدة التي اعتدى عليه بهذه الطريقة الشنيعة.
واستمرت جرائم القتل إلى أن اعتُقل الناصر في السابع والعشرين من نوفمبر 1989، وأُحيل إلى المحكمة بتهمة قتل 14 طفلًا، وأصدرت هذه الأخيرة حكم الإعدام شنقًا على الناصر. وفي الثالثة والربع صباحًا، كما يتذكر السجَّان الملقب بالعم حسن، نفذ الحكم على الناصر الدامرجي، واستغرقت عملية الشنق ما يقارب 14 دقيقة كعقاب إلهي دنيوي على الأربع عشرة جريمة التي قام بها.