أفضل 10 روايات مصرية في عام 2022
بحلول ديسمبر نعود لمراجعة قراءات امتدت على مدار العام، نعيد النظر فيها ونستخلص أفضل الإصدارات، في هذه القائمة نشير إلى أعمال فرضت جمالياتها في ساحة الإصدارات الروائية المصرية الحديثة، ومن بينها أعمال لافتة في جودتها رغم أنها الأعمال الروائية الأولى لأصحابها، وها نحن نبدأ جولة جديدة لاكتشاف هذه الروايات الجديرة بالتنويه عنها كأفضل أعمال صدرت هذا العام.
أفضل روايات مصرية في 2022:
- أقفاص فارغة
- هناك حيث ينتهي النهر
- قلب مالح
- بار ليالينا
- أيام الشمس المشرقة
- عصور دانيال في مدينة الخطوط
- الغابة والقفص
- ساعات الأسر
- تماثيل الجان
- الياقوت
1. أقفاص فارغة
تأخذنا الشاعرة فاطمة قنديل في عالم روائي ملغم بالمجازات، تنقل عبر فصول حياتها فتشتبك سيرتها الذاتية بخيالها الأدبي، ويقع القارئ في فخ الحكاية ويتورط معها، تقول الكاتبة في سطور الرواية «فكرة وجود قارئ لهذه الأوراق ترعبني […] أنا أريد أن أكشط قشرة جرح كي يندمل في الهواء، أو لا يندمل، ويظل ينزف دمًا، وأرقبه، وأمسح الدم» فنشعر معها بالورطة ونتواطأ على فعل التلصص عليها، لكنها هي من منحنا تلك العين السحرية التي نراقب منها حياتها التي اختارت أن تكتبها بضمير المتكلم لا الغائب. في روايتها الأولى الصادرة عن دار الكتب خان تتوارى الشاعرة فاطمة قنديل خلف ألاعيب الكتابة الروائية فلا نعرف أين الحقيقة في سيرتها وأين الخيال، لكننا في كل الأحوال أمام رواية كتبت بتجرد تام ولم تتخلَ الكاتبة عن شاعريتها التي تحكي التفاصيل العادية والتفاصيل المسكوت عنها في سيرتها، وكأنها تحكي لتعترف، وبلغة شاعرية وعارية تمامًا تهب حياتها أنفاسًا طازجة وأجنحة رقيقة تصلح للتحليق بعيدًا عن دفاتر ذاكرتها.
2. هناك حيث ينتهي النهر
«خاض بحرًا أعمق وجرب أخطارًا غير النوةّ. تعلم أن يتابع القمر، وأن يتحين الظلام وأن يستخدم أسماء غير اسمه». يحتاج المرء إلى حادث واحد في حياته ليهتز بداخله شيء فيتحرك الساكن وتتغير ملامح رحلته، ربما لا يصل إلى شيء، وربما يقتفي أثره شخص آخر يراقب عن قرب رحلته تلك ويكتبها بدلاً منه.
الرواية الأولى للكاتبة مريم عبدالعزيز والصادرة عن الكتب خان تكشف لنا عن حس أدبي وموهبة لافتة واعدة تعيد فيها مريم صياغة العلاقة بالمدينة وبالجانب الآخر من النهر الذي يشبه مجازًا الأحلام غير المتحققة، وكأن عبور النهر جزء من الرحلة اليومية لأبطال الرواية المنفلتين من أجيال مشبعة برائحة المدينة وميراثها من الهزيمة الجماعية. تقود بطلة الرواية سلمى الخيط الأول الذي يجرفنا إلى عالم الرواية وأبطالها من الغارقين في مركب الهجرة، من يبحثون عن أرض تستوعب أحلامهم التي تشبه الإرث المتوارث من الآباء والأجداد، والهزيمة في حد ذاتها إرث ممتد لا فرار منه. قد لا يجد القارئ نفسه على سطح النهر لكنه يستكين على أحد جوانب النهر ينتظر جريان أحداث الرواية في سرد لامع كصفحة النيل الهادئة.
3. قلب مالح
الرواية الأولى للكاتبة الصحافية رشا عزب تكشف عن براعتها وقدرتها على الكتابة بلغة شاعرية وواقعية في آن تعبر عن أفكار جيلها بسلاسة وعمق واضحين، وتمكنت من بناء رواية بوليفونية تتعدى فيها أصوات الشخصيات وحكاياتهم، يجمعهم فقدان الأمل والمحاولات الملحة للوقوف على أرض صلبة بعد أن تعرضوا لهزة كبرى وهي ثورة يناير. لا تتطرق الرواية بالحديث المباشر عن الثورة بل تنغمس في الاقتراب من شخصيات تبدلت حياتهم بعد الثورة، تغيرات في نمط الحياة والأفكار، رغبتهم في السفر والاستقرار والنجاة والبحث عن الذات من جديد في طرق متفرقة.
يدفع شخصيات رواية «قلب مالح» ثمن أحلامهم المهدرة ويحاولون رسم خرائط جديدة لحيواتهم بعد أن فقدوا البوصلة في الهزة الكبرى، وعلى تعدد شخصيات الرواية إلا أن القارئ يجد نفسه حتمًا في إحدى الشخصيات، ربما في أفكارها أو تأملاتها لمشاعرها سواء في العلاقات أو الصداقات أو حتى العلاقة الملغمة والحالمة بالمدينة. صدرت الرواية عن دار الكتب خان في مطلع هذا العام.
4. بار ليالينا
«يمكنك اتهامه بالرومانسية المفرطة، لا الحماقة» هكذا يصف الراوي بطل الرواية «نوح الرحيمي» المفتون بالسينما والمولع بالعمل فيها، لكنه لم ينعم بالترقي الوظيفي وظل حبيسًا في دور الكومبارس الصامت، حتى إنه قرر هو ومجموعة من زملائه الكومبارسات الصامتين أن يؤسسوا شركة إنتاج واختاروا لها اسم «الصمت الرهيب». نخوض مع الكاتب أحمد الفخراني تجربة روائية جديدة يغلب عليها طابع السخرية، وبفصول مقسمة ومسماه بأسماء أفلام مصرية قديمة، وبطل هذه السخرية هو هذا الكومبارس الذي يخوض رحلة عبثية جدًا تصل به إلى التمثيل في الواقع عوضًا عن فشله في التمثيل أمام كاميرات السينما. إنها الخدعة التي يلعب فيها نوح دور البطولة ليثبت فيها فشله أو نجاحه في الانخراط في مجتمع مثقفي وسط البلد بالتحديد في بار ليالينا. صدرت الرواية عن دار الشروق وهي الرواية السادسة لأحمد الفخراني.
5. أيام الشمس المشرقة
الأرض واحدة والحكايات عديدة، تبدأ الرواية من جريمة وتنتهي إلى سرد متشعب لحكايات تخص سكان «الشمس المشرقة» المهاجرون منذ سنوات تاركين بلادهم البعيدة ليطؤوها أرض جديدة وثقافة مختلفة عنهم. ترتبط رواية ميرال الطحاوي بالمكان فهو جزء من سردية الرواية فتكتمل فيها علاقات الشخصيات بالأرض التي يسكنونها، وبالهامش الذي يسكنون فيه في أبعد بقعة في العالم.
تنسج ميرال بورتريهات أدبية بلغة محكمة وسرد ممتع يغرق في الوصف ويرسم الشخصيات بهدوء متقن وخاص، والشخصيات على اختلافاتها الجندرية والعمرية والثقافية لا تُنسى، تتشارك معًا الهم والحلم والشعور بالغربة، لكنهم في خضم هذه الغربة ينعمون بروابط إنسانية وعلاقات جديدة تشتبك فيها أسئلة الهوية مع أحلام الحاضر وذيول الماضي الذي لا يغادرهم ويشكل حضورًا طاغيًا في سرد حكاياتهم. صدرت «أيام الشمس المشرقة» سادس أعمال ميرال الطحاوي الروائية عن دار العين.
6. عصور دانيال في مدينة الخطوط
إنها الفانتازيا والسحر بعينه، إنها اللحظة التي تصطدم فيها البراءة بوحشية العالم الخارجي. سكان المدينة دمى تنفلت من خيوط الماريونيت، عائلات من الدمى بعيون زجاجية مثيرة للدهشة، ودانيال بطل الرواية غارق في أحلامه وكوابيسه نخوض معه رحلة غرائبية في عالم غير مثالي يتعرض فيه للجريمة والاعتداء ومواجهة الحقيقة بالخيال. يقسم الروائي والمترجم أحمد عبداللطيف فصول روايته إلى أربعة عصور نتتبع فيها حياة البطل دانيال الذي تتشابك خطوط حكايته مع «سلسلة من المطاردات لا تنتهي بالموت لأن الموت نفسه خروج من الحياة والتيه والعدم» لكن بطلنا لا ينفلت من تشابك الخيوط بل يزيدها تعقيدًا لأن بداخله «تمرح الشخصيات» فلا نعرف معه من الحقيقي ومن الخيالي.
نواجه مع دانيال قسوة القتل والجريمة والرعب المعتاد في مدينة لا تختلف كثيرًا عن مدننا، ربما المختلف أننا بشر وأن مدينة عبداللطيف من الدمى. صدرت الرواية عن دار العين.
7. الغابة والقفص
الرواية الرابعة للروائي والمترجم والطبيب النفسي طلال فيصل والصادرة عن دار الشروق، لا تختلف «الغابة والقفص» عن مشروع طلال الأدبي الذي يمزج فيه بين السيرة الذاتية والخيال، وإن كانت روايتي «سرور» و«بليغ» كتبهما استنادًا على شخصيات حقيقية «نجيب سرور و بليغ حمدي» بأحداث متخيلة وتقف على أرض تخصه بدرجة كبيرة كطبيب نفسي حيث أبطال الرواية مرضى نفسيون يسردون حكاياتهم ومشاعرهم لطبيبهم النفسي المعالج، وفي كل حكاية تمتزج الذكريات بالأحداث بأفكار أصحابها بصوت الراوي الذي يتبدل في كل مرة ويمتزج بصوت الطبيب النفسي الذي يستمع لمرضاه.
يقترب قالب «الغابة والقفص» إلى نموذج المتتالية القصصية أكثر منها للرواية، وتتبدل فصول الرواية الثمانية بين سرد لحكايات من الطفولة وسخرية مبطنة من الوسط الثقافي على لسان ناقد أدبي وتأملات لشاب يختبر تجربة المواعدة لأول مرة، وغيرها عديد من الحكايات التي تدور حول مشاعر إنسانية معقدة للغاية.
8. ساعات الأسر
يسجل الروائي محمود الورداني ابن جيل السبعينيات حضورًا مهمًا بين إصدارات عام 2022 بروايته الأخيرة «ساعات الأسر» الصادرة عن دار ديوان. تتتبع الرواية قصة صعود سالم فراج الصحفي بإحدى المؤسسات الصحفية الكبرى. سالم ليس صحفيًا عاديًا فهو ينتمي إلى عهد الاصطفاف وولاؤه الأول للسلطة التي يعمل بمباركتها، ويتلقى الدعم والنصائح والتوجيهات من القيادة العامة ويفرض نفسه على الساحة الصحافية باعتباره الرأس الكبرى التي لا ينافسها أحد، لكن سالم مهدد بالاغتيال من جماعة تعادي الوطن، هذا هو المدخل الذي نقترب فيه من سالم الذي يسرد لنا بصوته حكايته في عالم الصحافة وقصة حبه المستحيل التي تمشى جنبًا إلى جنب مع مسيرته الصحافية.
9. تماثيل الجان
«أنا مسجون داخل تمثال بأمر مولاتي، كان سكني فأصبح محبسي» هكذا يصف الجني نفسه ويعرف بذاته، ويشير إلى «دنيا» التي تتشارك معه بطولة الرواية التي تحكى بالتوازي بينه وبينها. تحمل رواية الكاتبة سمر نور الصادرة عن دار المحروسة مزيجًا خاصًا بين الماضي والحاضر، بين أساطير التراث القديمة وعوالم ألعاب الفيديو جيم، وفي قالب فانتازي لا يقدم شخصيات مجردة بل يتعمق في نفسياتها ويكسبها بعدًا إنسانيًا يجعل اشتباك القارئ مع حكاياتهم حاضرًا يتلمس معه انفلات الواقعية في تفاصيلها. يحكي لنا الجني عن دينا وحياتها في الماضي، بينما على الجانب الآخر نتابعها في الحاضر من خلال علاقتها بحياتها الحاضرة في القاهرة المفعمة بالتفاصيل، وعلاقتها بعمر الذي يحب أن يلعب ألعابها. لا تخلو الرواية من عنصر التشويق الذي يدفع القارئ لاستكمال القراءة لفك شيفرة هذه العوالم المتداخلة، بحثًا عن دينا.
10. الياقوت
أحيانًا نحتاج أن نقفز بعيدًا عن الواقع ونتخيل حياة موازية تبدأ بسؤال «ماذا لو؟» يقدم لنا الكاتب أمجد الصبان في أولى رواياته الصادرة عن دار العين حكاية بسيطة تدور أحداثها في فترة الستينيات عن رجل كل ما يأمله- ويعتبره حدثًا مهمًا في حياته- أن يقضي رحلة ملوكي مع الملك فاروق. لا يتخيل الكاتب تفاصيل الرحلة فحسب بل يضعنا في واقع ما زال فيه الملك ملكًا، فلم تقم ثورة ولم ينتهِ عصر البكوات والباشوات، وها نحن نتتبع حلم هذا البطل في أن يخوض الرحلة فقط ليتباهى بصورته مع الملك في بيته وفي المقهى الذي يرتاده باعتباره الحدث الوحيد الذي سيكسب حياته قيمة، لكن السؤال هل ستتم الرحلة فعلاً أم أن الواقع في الرواية سيقوض حلم البطل؟ يمكن التهام الرواية في جلسة واحدة فهي نوفيلا تقع في 120 صفحة.