تطبيق To Tok: جاسوس المخابرات الإماراتية الذي يسكن هاتفك
نجح تطبيق To Tok للمحادثة، خلال أشهر قليلة، في غزو ملايين الهواتف في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية، وأصبح الأسبوع الماضي أحد أكثر التطبيقات الاجتماعية التي تم تثبيتها على الهواتف في الولايات المتحدة.
يدعي التطبيق أنه يوفر خدمة المكالمات الصوتية والمرئية بالمجان، لكنه في الحقيقة يأخذ ثمنًا غاليًا للغاية من مستخدميه، إذ يتجسس عليهم ويتتبع كل محادثاتهم وتحركاتهم وصورهم لصالح المخابرات الإماراتية، بحسب تقرير صحفي نشرته جريدة نيويورك تايمز.
واجهة لشركة تابعة للمخابرات الإماراتية
تحظر دولة الإمارات منذ أعوام إجراء مكالمات صوتية أو مرئية باستخدام تطبيقات مثل whats app وSkype وGoogle Duo وIMO وmessenger وInstagram. بدلًا من ذلك، وجهت سكانها للاشتراك في تطبيقات BOTIM وC’ME المدفوعة.
وسط هذا، ظهر تطبيق «To Tok» ليحصد شعبية كبيرة في الإمارات، فهو مجاني لا يحتاج إلى اشتراك شهري مثل غيره من تطبيقات المكالمات، ولا يحتاج إلى خدمة تجاوز الحجب VPN، ويتميز بجودة الفيديو والمكالمات الصوتية التي لا تضاهى، بالإضافة إلى تقديمه خدمة الرسائل والمكالمات الجماعية التي تشمل ما يصل إلى 20 شخصًا.
روجت الحكومة الإماراتية للتطبيق بشكل غير رسمي،باعتباره التطبيق المجاني الذي طالما سعى إليه الإماراتيون. هذا الشهر، تلقى مستخدمو خدمة المراسلة المدفوعة BOTIM رسالة يخبر المستخدمين بالتبديل إلى ToTok الذي يطلق عليه تطبيق مراسلة «مجاني وسريع وآمن»، وكان يرافق الرسالة رابط لتثبيته.
وفقًا لمسؤولين أمريكيين مطلعين على تقييم استخباراتي سري، وتحقيق صحفي أجرته جريدة نيويورك تايمز حول التطبيق ومطوريه، فإن حكومة الإمارات العربية المتحدة تستخدم «To Tok» لتتبع كل محادثات وتحركات وعلاقات وصور من يقومون بتثبيته على هواتفهم.
تشير مصادر «نيويورك تايمز» إلى أن شركة Breej Holding المطورة لتطبيق To Tok هي على الأرجح واجهة لشركة Dark Matter التي يقع مقرها في أبو ظبي، والمختصة بتنفيذ عمليات قرصنة إلكترونية لصالح دولة الإمارات، ويعمل بها مسؤولو استخبارات إماراتيون وموظفون سابقون في وكالة الأمن القومي الأمريكية والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
وربط تقييم الاستخبارات الأمريكية والتحليل الفني بين «To Tok» وشركة Pax AI لاستخراج البيانات ويبدو أنها مرتبطة هي الأخرى بـ «Dark Matter». ويقع المقر الرئيسي لـ «Pax AI» في نفس مبنى وكالة استخبارات الإشارة الإماراتي SIA.
من غير الواضح متى قررت أجهزة المخابرات الأمريكية لأول مرة أن « To Tok» كان أداة للمخابرات الإماراتية، ولكن أحد الأشخاص المطلعين على التقييم الذي أعدته المخابرات الأمريكية عن التطبيق، قال لـ «نيويورك تايمز» إن المسؤولين الأمريكيين حذروا بعض الحلفاء من مخاطره.
«جوجل» و «آبل» تحذفان التطبيق
قامت شركتا جوجل وآبل بحذف تطبيق To Tok من متجرهما، يومي الخميس والجمعة الماضيين، بسبب انتهاكه لسياستهما، لكن الأمر لم يكن بمبادرة من الشركتين، بل جاء بعد أسئلة قدمتها «نيويورك تايمز» لهما عن علاقة «To Tok» بالحكومة الإماراتية.
ووصف فريق «ToTok»، في بيان لهم، الأخبار المنتشرة حول التطبيق بأنها «شائعات». وأن هدفهم الوحيد من وراء التطبيق هو «إنشاء منصة موثوقة وسهلة الاستخدام تمكن العائلات والأصدقاء والزملاء في جميع أنحاء العالم من القيام بما نحب جميعًا القيام به ألا وهو التواصل بحرية، خارج الحدود وبدون حدود».
وأضاف البيان أن التطبيق غير متاح مؤقتًا في متجري «جوجل» و«آبل» بسبب «مشكلة فنية»، بينما سيستمر المستخدمون الحاليون في التمتع بالخدمة دون انقطاع، وأنه يتم التواصل «بشكل جيد» مع شركتي جوجل وآبل لحل المشكلة. وبالنسبة لمستخدمي «To Tok» الجدد الذين يستخدمون هواتف Samsung وHuawei وXiaomi وOppo، فإنهم يستطيعون تحميل التطبيق من متجر تطبيقات صانع الهاتف. ويمكن لجميع مستخدمي Android الآخرين تثبيت التطبيق من الموقع الرسمي له.
أداة مصممة بذكاء للمراقبة الجماعية
وفق التحليل الذي أجرته «نيويورك تايمز» فإن «To Tok» كان من السهل نسبيًا تطويره، إذ يبدو أنه نسخة من تطبيق مراسلة صيني يقدم مكالمات فيديو مجانية يسمى «YeeCall».
على السطح، يتتبع «To Tok» موقع المستخدمين من خلال تقديم تنبؤات جوية دقيقة. يبحث عن جهات اتصال جديدة في أي وقت يقوم فيه المستخدم بفتح التطبيق، بدعوى أنه يساعد على التواصل مع أصدقائه. يمكنه الوصول إلى ميكروفونات المستخدمين والكاميرات والتقويم وبيانات الهاتف الأخرى.
على الرغم من اعتباره «سريعًا وآمنًا»، لا تقدم «To Tok» أي وعد بالتشفير من طرف إلى طرف، مثل Whats App أو Signal أو Skype. التلميح الوحيد الذي يكشف التطبيق عن بيانات المستخدم مدفون في سياسة الخصوصية: «يجوز لنا مشاركة بياناتك الشخصية مع شركات المجموعة».
لذا بدلًا من دفع المتسللين للوصول إلى هاتف الهدف، وهو أمر يكلف ماديًا كثيرًا، منح «To Tok» الحكومة الإماراتية وسيلة لإقناع ملايين المستخدمين لتسليم معظم المعلومات الشخصية الخاصة بهم مجانًا، ثم يتم نقل الكثير من المعلومات إلى محللي الاستخبارات الذين يعملون نيابة عن الدولة الإماراتية.