صراع الفكر والهوية: تركيا في حاجة لبناء وسط سياسي جديد
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
كذلك شهد حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري العلماني، بعض الهبوط في أصواته، رغم طفافته. وفي المقابل، زادت حصة أصوات ممثلي القوميتين، التركية والكردية.
رغم أن تلك الزيادة كانت متوسطة بالنسبة لحزب الحركة القومية التركية، إلا أنها كانت مثيرة بالنسبة لحزب الشعب الديموقراطي الكردي، الذي زادت حصة أصواته أكثر من الضعف.
تراوحت عادة حصة الأحزاب الموالية للأكراد عند حوالي 6,5 بالمئة، ولكن حزب الشعب الديموقراطي حصل على أكثر من 13 بالمئة من الأصوات في انتخابات 7 يونيو.
رغم رفض حزب الشعوب الديموقراطي ربطه بالقومية التركية، يسعى الحزب إلى وصف نفسه كحزب يسار ليبرالي، إلا أنه ما يزال لا يستطيع تجنب وصفه بأنه قومي كردي. ورغم نكهة اليسار الليبرالي، كانت الأغلبية العظمى ممن أعطوا أصواتهم للحزب أكراد.
مثلت المطالب والتطلعات المتعلقة بالقضية والقومية الكردية بعض العوامل الرئيسية التي أدت بالمصوتين إلى تقديم دعمهم إلى حزب الشعوب الديموقراطي. تتماشى تلك الصورة مع التوجه السياسي الذي سرى لبعض الوقت في تركيا. حيث تتماسك السياسات التركية حول محورين، الخطوط العرقية والدينية.
يرتبط ذلك التماسك بالفكر المؤسس لدولة تركيا وهويتها، التي تشكلت من مزيج من العلمانية، والقومية التركية، والميل للغرب.
السياسات التركية المركزة على الهوية
كنتيجة مباشرة لتلك الهوية التي تبنتها الدولة، اعتبرت الإسلاموية نقيضا للعلمانية، واعتبرت الهوية الكردية تهديدا للهوية التركية الخاصة بالدولة، واعتبر الشرق الأوسط موقعا جغرافيا للفكر والهوية، والذي اعتبر مناقدا للميل الغربي لتركيا. وبالتالي تم ضمان الإسلاموية كفكر، والكردية كهوية، والشرق الأوسط كموقع جغرافي.
شكلت تلك القراءة أساسا للفكر الكمالي (مصطفى كمال أتاتورك) الرسمي المعطل حاليا إلى حد كبير في تركيا، وحدودا لمركزها السياسي السابق. وأوجدت فكرة الهوية التركية رابحين وخاسرين. فوفق المعايير الدينية، بينما احتضن العلمانيون هذه الفكرة، وقع الإسلاميون والمحافظون ضحايا لها.
وعلى غرار ذلك، وفق المعايير العرقية، بينما دعم القوميون الأتراك بصدق هذا الفكر، سقط الأكراد ضحايا له، وبالتالي قاوموه ورفضوه بشدة. في الوقت الحالي، يشكل القطاع الإسلامي والمحافظ من المجتمع القاعدة الاجتماعية لحزب العدالة والتنمية، بينما يشكل القطاع العلماني القاعدة الاجتماعية لحزب الشعب الجمهوري.
وعلى نحو مشابه، تصوت قطاعات المجتمع التي ترى مرجعيتها الأساسية للهوية بشكل عرقي إما لحزب الحركة القومية أو لحزب الشعوب الديموقراطي. تماسكت تلك الصورة خلال العقد الماضي. فقد أصبحت الساحة السياسية مساحة للمطالب المتضاربة المتعلقة بالهوية، ما أثبت أن تشكيل وسط سياسي يعتبر معركة شاقة.
الوسط السياسي الكمالي التركي
تاريخيا، تشكل الوسط السياسي التركي حول يمين الوسط ويسار الوسط. وكانت المشكلة في ذلك الوضع أن هذا الوسط لم يكن ديموقراطيا للغاية، ولم يعكس أهمية الأحزاب الديموقراطية. قدم الوسط السياسي توزيعا للعمل بين القوى المنتخبة وغير المنتخبة، وهي الجيش والنخب البيروقراطية المدنية، داخل النظام.
وفي ذلك الهيكل للقوة تمتعت القوى غير المنتخبة بأهمية أكبر من المنتخبة. يمثل ذلك إلى حد ما كيفية عمل النظام في تركيا منذ ظهور النظام التعددية الحزبية في تركيا (اسميا عام 1946 ولكن بشكل أكثر واقعية عام 1950، بما أن أول انتخابات تركية تنافسية مزعومة عام 1946 تم إجراءها بتصويت مفتوح ونظام مغلق لإحصاء الأصوات).
في ذلك الوضع، لم تكن أحزاب يمين ويسار الوسط أدنى منزلة من النظام الوصائي المدني العسكري فقط، بل عملت أيضا كحائط صائد أمام المطالب المركزة على الهوية والفكر، النابعة من السطح الخارجي للنظام على صعيد السياسة والفكر والهوية.
وجعلت الأولوية لأجندة تنموية مقابل أجندة تعزيز الديموقراطية، وظلت إلى حد كبير غير مستجيبة للمطالب المركزة على الفكر والهوية.
بينما حاول يسار الوسط أن يستوعب ويخمد النشاط السياسي ومطالب الأحزاب اليسارية الاشتراكية في الستينيات والسبعينيات، ولعب يمين الوسط نفس الدور تجاه اليمين الديني والأحزاب القومية والإسلامية منذ أواخر الستينيات حتى الآن.
عندما واجه هذا النظام تحديا وأثبت عدم فاعليته، تدخل الجيش. خدمت تدخلات الجيش التركي وانقلاباته في أعوام 1960، و1971، و1980، و1997 نفس الغرض، ألا وهو، الحفاظ على الوسط السياسي كما تتصوره النخبة الكمالية بقيادة الجيش.
إلا أن هذا النظام أثبت اختلاله تماما تقريبا في وجه موجة تعزيز الديموقراطية الصاعدة في أنحاء العالم نتيجة انتهاء الحرب الباردة والانتشار الذي أتبع ذلك للموجات الديموقراطية التي وصلت إلى أغلب شواطئ البشرية لأول مرة، ما عزز أهمية وجرأة الأحزاب المركزة على الهوية، التي طالبت بالمزيد من الإرساء للديموقراطية والحقوق والحريات في التسعينيات. وبذلك تعززت القومية التركية والكردية والإسلامية.
أزمة الوسط السياسي
كان صعود السياسات الإسلاموية والكردية مثيرا للإشكال بشكل خاص بالنسبة للنظام، بما أنه يدلي بمطالب باسم الإسلام السياسي والأكراد بنبرة تمس الأمن القومي. لذلك اعتبرهم النظام تهديدات وجودية.
إلا أن إدراك النظام لتلك التهديدات تفاقم فقط عبر حزب الرفاه الإسلامي، الذي اكتسح انتخابات عام 1995. كما سبق ذلك الانتصار الكبير لذات الحزب في الانتخابات المحلية عام 1994، حيث فاز الحزب ببلديات اسطنبول وأنقرة معا.
علاوة على ذلك، مع بلوغ الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني ذروته،تشكل أول حزب سياسي كردي، حزب الشعوب الديموقراطي عام 1990. صدمت تلك التطورات أساس المؤسسة السياسية التركية، وهو الفكر الوسطي الرسمي. ردت الدولة على ذلك التحدي عبر انقلاب آخر، الذي حمل اسم عملية 28 فبراير، عام 1997، للإطاحة بالحكومة الائتلافية بقيادة حزب الرفاه.
أدى ذلك فقط إلى مفاقمة أزمة الوسط السياسي والنخبة والفكر الرسمي. كانت شرعية الدولة والفكر الرسمي في خطر. وكذلك شرعية الوسط السياسي، المتشكل حول أحزاب يمين ويسار الوسط، حيث رأي الناخبون أن العنصر المنتخب في الوسط السياسي قد انحنى أمام العناصر غير المنتخبة وكان غير قادر على تمثيل مطالبهم التي تحركها الهوية والمطالب الفكرية.
البحث عن وسط سياسي جديد
رغم تحطم الوسط السياسي القديم في التسعينيات، اضطر الوسط السياسي الجديد للانتظار وهو في الواقع لم يكتمل ظهوره بعد حتى يحل محل القديم. فكك حزب العدالة والتنمية، الذي وصل إلى السلطة عام 2002، الوسط السياسي القديم ومؤسسته، ولكنه لم يقدم وسطا جديدا.
ضمن عوامل أخرى، أثبت الصراع بين حزب العدالة والتنمية وتحالف البيروقراطية العسكرية، والاعتقاد السائد بين داعمي المؤسسة السياسية السابقة بأن النظام القديم يمكن إعادة إحيائه، معاداته بشكل خاص لتأسيس وسط سياسي جديد.
استمر ذلك الصراع والمشهد إلى حد كبير حتى عامي 2010-2011. ومع الأسف، ألقت عناصر سياسية مدنية أخرى، وتحديدا حزب الشعب الجمهوري العلماني، بوزنها وراء تلك القوى غير الديموقراطية، والتي، مع عوامل أخرى، جعلت مهمة تأسيس وسط سياسي جديد غير قابلة للتحقيق. وفي النهاية، تطلب تأسيس ذلك الوسط على الأقل الدعم الضمني لأحزاب سياسية أخرى كبيرة.
وفي ذلك الصدد، مثلت انتخابات 2011 فرصة لتأسيس وسط سياسي جديد، حيث مثلت انتصارا حاسما لحزب العدالة والتنمية.فاز الحزب بحوالي 50 بالمئة من الأصوات، ما يعني هزيمة النظام الوصائي تحت قيادة الجيش. فأصبح واضحا أنه ليس هناك سبيل لعودة النظام السابق. ووجب على الزوال الحاسم للنظام القديم أن يمهد الطريق لبناء نظام جديد، على الأقل نظريا، ولكنه لم يظهر بعد.
التنافس من أجل تعريف تركيا
مع الأسف، عاشت تركيا بدلا من ذلك تنافسا شديدا بين التنظيمات السياسية والمجتمعية على إعادة تعريف الملامح الفكرية والسياسية والاجتماعية للبلاد منذ عام 2011.
مع إرجاع الجيش إلى ثكناته وتقليص النفوذ والسلطة المفرطة الخاصة بالنظام الوصائي البيروقراطي، أصبحت السياسة اللعبة الوحيدة المتاحة لتشكيل مستقبل البلاد.
فمنذ تأسيس تركيا الحديثة، ويمكننا أن نرجع ذلك إلى الفترة الأخيرة من الامبراطورية العثمانية، تم لأول مرة تعريف الجمهور التركي والساحة السياسية بواسطة مدنيين عبر سياسات ديموقراطية.
شعرت جميع التنظيمات السياسية الاجتماعية بأنها تراهن على الكثير لغياب ثقافة التسوية والإجماع، وتسييس تلك التنظيمات على جوانب خطوط الهوية، في ضوء الهيمنة السياسية لحزب العدالة والتنمية – فلأول مرة يسيطر على الرئاسة ورئاسة الوزراء وجميع مقاعد الوزراء شخصيات من نفس التوجه السياسي – كانت المعارضة العلمانية خائفة بشكل خاص من هذه الفترة الجديدة.
مجردة من شبكة أمانها السياسي السابقة، رغم كونها فترة غير ديموقراطية – وهي البيروقراطية الشديدة العسكرية المدنية – وغير قادرة على بناء قوة سياسية كبيرة وتمثيل تحدي سياسي لهيمنة حزب العدالة والتنمية الحاكم، شعر العلمانيون بالمزيد من التهميش في النظام السياسي.
فالحزب الذي حصل على الأغلبية العظمى من أصواتهم، حزب الشعب الجمهوري، أثبت كونه محتضرا وغير كفؤ، وبالتالي غير قادر على تمثيل مطالبهم وتطلعاتهم في الساحة السياسية.
أتاحت الطبيعة المختلة للسياسات التقليدية، مع تركيز حزب العدالة والتنمية القوي على موضوعات الهوية، مع اللهجة القوية لرجب الطيب أردوغان، رئيس الوزراء السابق والرئيس الحالي، الطريق لسياسات الشارع.
رغم العوامل التخمينية مثل لهجة أردوغان، والاستخدام المفرط لعنف الشرطة وغياب أي آلية وسيطة تبرر الغضب الذي اندلع أثناء احتجاجات «جيزي بارك»، ولا تبرر تلك العوامل التخمينية الغضب الذي تراكم عبر السنوات والذي ظهر أخيرا خلال تلك الاحتجاجات. تلك العوامل الهيكلية آنفة الذكر شكلت خلفية حقيقية لتلك الاحتجاجات.
مع توجه البلاد نحو المزيد من الاستقطاب، خصوصا على المتسوى السياسي، أثبت تشكيل وسط سياسي جديد كونه صعبا، لأن جميع الحسابات السياسية في تلك الفترة كانت مائلة نحو الانتخابات الثلاثة البنائة التي جرت بين عامي 2014 و2015.
اعتبرت تلك الانتخابات نقاط تحول حاسمة في سبيل إعادة تشكيل تركيا. بينما بلغ التوتر السياسي أوجه قبل الجولة الأولى لتلك الانتخابات الثلاثة – الانتخابات المحلية في 30 مارس 2014 – انخفض ذلك التوتر لاحقا على نحو تدريجي. في الواقع، كانت التوترات السياسية والاستقطاب منخفضين نسبيا قبل الانتخابات العامة في 7 يونيو 2015.
أصبح المشهد السياسي المتوقع ظهوره بعد تلك الانتخابات الثلاثة أوضح، وأثبتت بعض مخاوف المعارضة كونها غير قابلة للتحقق – مثل تغيير النظام السياسي إلى النظام الرئاسي التنفيذي – وانخفضت التوترات السياسية التي دون أساس.
حقيقة أن حزب الشعب الجمهوري اضطر للتخلي عن سماته العلمانية وإشكال الحريات الدينية، وشارك بدلا من ذلك في محادثات مكثفة مع حزب العدالة والتنمية من أجل تشكيل حكومة تحالف، تشهد على ذلك. يمثل ذلك فرصة لتركيا يجب أن تستغلها الطبقة السياسية.
الخطر الذي يواجه السياسات التركية المعاصرة
رغم ذلك السياق القابل للتعديل، هناك بعض الاتجاهات الأخرى التي تبشر بالخير بالنسبة لبناء وسط سياسي جديد. فإلى جانب طبيعة النظام السياسي السابق غير الديموقراطية، تمثل اثنان من عيوبه في قمعه للتنظيمات المعنية بالفكر أو الهوية، سواء أكانت موالية للأكراد أو الإسلاميين أو الاشتراكيين – وتجاهله لمطالب تلك التنظيمات المعنية بالهوية.
ولكن السياسات التركية المعاصرة تواجه الآن نوعا جديدا من الخطر، وهو كونها غارقة بالتنظيمات المعنية بالهوية، مجسدة للنظام السياسي ومتوسطة في مزيج من التنظيمات المعنية بالهوية بدلا من المجتمع السياسي الشامل.
وبينما يمثل التحرير الجزئي للهويات المقموعة في السابق تطورا مرحب به، تواجه تركيا خطر التحول إلى رهينة لسياسات الهوية، حيث تحوذ الموضوعات الاجتماعية والسياسية على دور وأهمية ثانوية بالمقارنة بتلك السمة الرئيسية.
وأصبح خطر خلق كيانات سياسية منعزلة – أشبه بالسجون – حقيقي وواضح.
فنظرة إلى العراق وسوريا المعاصرتين أو يوغوسلافيا، والبوسنا والهرسك، المنهارة بالأمس كافية لإدراك الخطر الذي يمثله استقطاب المجتمع بطول الخطوط العرقية والطائفية والدينية. يضعف ذلك الهوية الوطنية ويأذن بالصراع على مطالبات الولاء العرقية والدينية والطائفية.
على سبيل المثال، مع الأسف، تبهت أهمية كونك عراقي أو سوري عند المقارنة بالأهمية المرتبطة بكونك شيعيا، أو سنيا أو كرديا. فغياب هوية سياسية شاملة يمثل أحد الأسباب الجذرية الرئيسية لعلل تلك البلاد. لا يتلائم إنشاء تلك السجون المنعزلة المتعلقة بالهوية في أي نظام سياسي مع خلق مجتمع سياسي مدني يتجاوز الهويات والولاءات الدينية والعرقية والطائفية ويتغلغل عبرها.
يتمثل خطر آخر في أن عودة الصراع بين حزب العمال الكردستاني وتركيا لديه فرصة لإرجاع تركيا إلى الوضع غير المضمون الخاص بالهويات. ورغم عدم كونها المشكلة الوحيدة، إلا أن المشكلة الكردية هي المرشحة الرئيسية للتجدد.
فلم يحارب أي طرف آخر مثلما حارب حزب العدالة والتنمية لإعادة تأمين الهوياتان الكردية والإسلامية، وبالتالي يجب أن يكون حذرا حتى لا يبدد نجاحاته الكبيرة. بدلا من ذلك، يجب أن يضغط بشكل أكبر بالنسبة لسياساته الخاصة بعدم تأمين الهويات، والتي تستهدف هذه المرة بشكل خاص المجتمع العلوي في تركيا، وهي أقلية دينية.
بشكل عام، رغم بعض الاتجاهات التهديدية، لدى تركيا بشكل ما جميع السمات اللازمة لتشكيل وسط سياسي جديد.
وهي، الإيمان بالزوال النهائي للنظام السياسي الكمالي السابق ووسطه السياسي، والاعتراف المتزايد بأنه لا تراجع في سبيل الاعتراف بحقوق وحريات الإسلاميين والأكراد، ووعي متزايد بين المعارضة العلمانية بأنهم لا يستطيعون الاعتماد على أحد سوى الشعب لتشكيل الرأي العام والساحة السياسية بما أنه من غير المرجح أن يستحوذوا على سلطة كافية من القوى غير الديموقراطية في البيروقراطية الشديدة العسكرية المدنية ليمثلوا لاعبا سياسيا قويا.
إلا أن إنشاء وسط سياسي جديد يتطلب مستوى من التسوية والاجماع بين التنظيمات السياسية المختلفة حتى تتحول إلى واقع.
يجب على النخبة السياسية أن تستغل الفرصة لبناء وسط سياسي جديد بشكل جاد بعد انتخابات الإعادة في الأول من نوفمبر، أما البديل لذلك فهو عدم الاستقرار السياسي والضبابية التي ستجتاح تركيا خلال السنوات القليلة القادمة.