لن يسامحوا العالم: حكايات ضحايا غزة
منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية تنافست وسائل الإعلام في تحديد العدد الدقيق للضحايا، مع اختلافات طفيفة فإن أرقام الضحايا من أهل غزة تجاوزت الـ11 ألف فردٍ.
هؤلاء الضحايا ليسوا مجرد أرقام تُتلى في بيانات، بل كانوا بشراً درسوا وتزوجوا وحلمو بتغيير العالم للأفضل لكن الحرب لم تمنحهم ما يكفي من الوقت لتحقيق ذلك.
خلال الحرب تكثر البيانات العسكرية التي تتحدّث عن الاختراقات والغارات وموجات القصف لكن نادراً ما يتعرّض أحد لضحايا كل هذه الإجراءات من البشر، إليكَ بعض قصصهم..
الشيماء صيدم: الأولى سابقاً
في منتصف هذا العام تلقت الطالبة الغزاوية نبأ نيلها المرتبة الأولى بالثانوية العام على عموم فلسطين.
التحقت الشيماء بالجامعة الإسلامية مقررة دراسة اللغة الإنجليزية وحققت نجاحاً لافتاً وكانت تستعد لحضور احتفال كبير تنظمه الأردن.
فور اشتعال الحرب تعرض مخيم نصيرات للاجئين -محل إقامة الشيماء- لغارات إسرائيلية، استهدفت واحدة منها منزل الشيماء وانتهت بمقتلها رفقة العديد من أفراد عائلتها.
كما فقدت عائلة «صيدم» واحداً من أبرز شخصياتها وهو طبيب الحروق مدحت صيدم (47 عاماً) الذي عمل لأسبوعٍ متواصل في مستشفى الشفاء فور اشتعال الحرب قرّر بعدها المغادرة قليلاً لزيارة أسرته في منطقة تل الهوى.
داخل هذا المنزل تجمّعت أسرة صيدم وأسرة شقيقه وبعض أقاربهما تعرّضوا إلى غارة مباشرة قضت على حياة الطبيب صيدم وأكثر من 30 فرداً من أسرته.
قصف الكنيسة وملجئها
في أكتوبر الماضي تعرضت كنيسة القديس بورفيريوس اليونانية الأرثوذكسية التاريخية أقدم كنائس غزة إلى قصفٍ استهدف مأوى استضاف مئات الفلسطينيين الذين فرّوا إليها من جحيم الحرب.
تسبّبت الغارة في مقتل 18 فرداً وإصابة 200 فردٍ على الأقل من بين 500 مسيحي لجؤوا إلى الكنيسة فور وقوع الحرب.
من بين الضحايا الفتاتان فيولا ويارا من عائلة واحدة تمت بصِلة قرابة لجستين عماش النائب الأمريكي السابق في الكونجرس، الذي غرّد قائلاً «فليحفظ الله جميع المسيحيين في غزة».
وفي وقتٍ أدانت فيه بطريركية القدس الهجوم واعتبرته «جريمة حرب» تبرّأ الجيش الإسرائيلي من تبعات الهجوم مؤكداً أن طائراته كانت تستهدف قاعدة تابعة لمسلحي حماس.
بيسان التي لم تسامح العالم
طالبة الطب الفلسطينية ذات الـ19 عاماً لم تتمنَّ الموت أبداً، وإنما سعت لاستكمال دراسة الطب وخدمة أهلها وعائلتها.
كتبت بيسان قبيل وفاتها «لديّ أحلامٌ لم أحققها، لدي حياة لم أعشها».
قُتلت بيسان (19 عاماً) بصحبة والدتها وشقيقها وشقيقتها في قصفٍ استهدف منزلهم ضمن الحرب التي طالت نواحي عديدة من غزة وتسبّبت في مقتل الآلاف من أهل غزة أكدت بيسان أنهم «لن يسامحوا العالم كله» بسبب ما وقع لهم.
أسرة شعبان: ماتوا جميعاً مثل باقي العائلات
في الأيام الأولى لاشتعال المعركة تعرض منزل المواطن الغزّاوي نذير شوقي شعبان لاستهداف إسرائيلي مباشر لمنزله الكائن في حي النصر داخل ما أدّى لمقتله بصُحبة أسرته جميعاً.
خلال تعليقه على الحادث أكّد المهندس فتحي شعبان شقيق الزوجة أن منزل العائلة تعرض للقصف «بدون إنذار».
في هذه الغارة مات نذير بصحبة زوجته إيناس وأبنائهما الأربعة: عُمر (11 عاماً)، أحمد (عام واحد)، غادة (10 أعوام)، بتول (7 أعوام).
وبحسب المهندس شعبان فإن عائلته تعرضت لاستهدافٍ آخر بعدها بعدة أيام داخل منزلهم في مخيم النصيرات وسط غزة أدى لمقتل 24 فرداً من العائلة.
هذا السيناريو انطبق على كثيرٍ من العائلات الفلسطينية في الآونة الأخيرة مثل عائلة الكرد التي تُوفي منها 15 فرداً أكبرهم الجدّة فاطمة ذات الـ65 عاماً وأصغرهم جوليا (18 شهراً)، وكذلك عائلة القطناني التي خسرت 5 أطفال دفعة واحدة.
أيضاً قُتل من عائلة العزايزة 26 فرداً منهم في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم وتسببت في مقتل عددٍ منهم أغلبهم أطفال تقل أعمارهم عن 12 عاماً ومنهم الطفل عبدالعزيز البالغ من العُمر عامين فقط.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية في 15 أكتوبر الماضي فإن 24 عائلة أبيدت منذ اندلاع القتال في بداية أكتوبر، وهي أرقام تعرضت للزيادة بكل تأكيد في ظل احتدام الصراع من وقتها حتى اليوم، وبحسب تقديرات فلسطينية أخرى فلقد بلغ عدد العائلات المبادة 825 عائلة بحلول 28 أكتوبر فقط!
هبة زقوت: فنانة الأقصى
استهدفت غارة إسرائيلية منزل الفنانة التشكيلية الفلسطينية هبة زقوت (39 عاماً) متسببة في وفاتها بصحبة ابنها.
درست زقوت في كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصى واشتهرت برسوماتها التي عبّرت عن هموم المرأة والقضية الفلسطينية منها لوحة رسمت فيها المسجد الأقصى محاطاً بالألعاب النارية تعبيراً عن أجواء فرحة لم تشهدها هذه المنطقة منذ زمن.
بحسب هبة فلقد بدأت الرسم عقب تخرجها في كلية الفنون 2008، وأبدت اهتماماً كبيراً بتسجيل قضايا مدينة القدس.
وتابعت: «حاولت في الرسم أن أعبّر عن المشاعر السلبية والتوترات التي تحدث في غزة التي تشهد توترات سياسية وأحداث ليست بالبسيطة».
قبل وفاتها بأيام اندلعت الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية فكتبت هبة «اللهم نستودعك قلوباً مفجوعة بالفراق»، وكان هذا آخر ما كتبته!