تيريزا ماي: المرأة التي أعادت الأناقة إلى السياسة
رحلت «تريزما ماي» عن داوننج ستريت بعد 3 سنوات كانت خلالها مادة دسمة للصحافة السياسية، وأيضًا لصحافة الموضة ومتابعيها المتحفزين. فبعد 26 سنة من تنحي مارجريت تاتشر، أصبحت تيريزا ماي المرأة الثانية بعد تاتشر التي تتولى رئاسة وزراء بريطانيا.
دفعت شخصية تاتشر الحازمة بريطانيا إلى طفرة اقتصادية استمرت أكثر من عقدين، وصعدت بصورة بريطانيا في جميع أنحاء العالم، ليس فقط من الناحية السياسية، بل في الأزياء والفنون كذلك. كانت تاتشر تفضل صيحات الموضة الكلاسيكية، حيث ارتدت بدلات تقليدية بألوانها المصمتة وحقيبة يدها الشهيرة من «ماجي لونر- Maggie Launer».
أما تيريزا ماي فقد تقلدت منصب رئيس الوزراء في وقت تواجه فيه البلاد تحديات هائلة، أهمها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ لكن لم يمنعها دورها السياسي من التألق في أزياء مميزة بألوان زاهية وأكسسورات ملفتة للانتباه، مما جعلها محل اهتمام منذ الأسبوع الأول في عملها كرئيسة للوزراء.
ترفض ماي بوضوح الأزياء التقليدية المعتادة للسياسيين، تلك التي تميل إلى الألوان المحايدة المصمتة خاصة في البدل والأحذية؛ لذلك أثارت ماي إعجاب واهتمام مجلات الموضة لاستعدادها ارتداء الملابس ذات ألوان متعددة وصور مطبوعة، فقد ذهبت ماي بحدود الموضة في المجال الدبلوماسي بعيدًا جدًا!
اتخذت ماي من أزيائها وأكسسواراتها المميزة تعبيرًا صريحًا عن شخصيتها في عالم الموضة. لقد رأيناها في بدلة الترتان أو الصوف المقلم من «فيفيان ويستوود» (Vivienne Westwood). كذلك تأتي أحذيتها المفضلة المطبوعة بجلد الفهد التي ارتدتها في مناسبات متعددة، بالإضافة إلى قلادتها الفضية الشهيرة، ولن ننسى زيها المميز الجريء بألوان الأسود والأصفر من «أماندا واكيلي» (Amanda Wakeley) الذي ارتدته لقبول دعوة الملكة لتشكيل الحكومة. كانت رئيسة الوزراء على استعداد تام للمغامرة بما تختاره من دولاب ملابسها في اللقاءات الرسمية.
الموضة عند تيريزا ماي ليست مجرد رفاهية، فقد صرحت أن كل ما تحتاجه في حال عزلها في جزيرة صحراوية هو اشتراك مدى الحياة في مجلة «فوج» (Vogue)، أشهر مجلات الموضة، بالإضافة إلى الرواية الإنجليزية الشهيرة «كبرياء وتحامل» (Pride & Prejudice). استطاعت ماي أن تعيد الموضة إلى السياسة بجمعها بين الموديلات الكلاسيكية و الموديلات الحديثة ذات المطبوعات الجريئة البارزة والأكسسوارات الجميلة، فكانت بحق مصدر إلهام لمن يبحثون عن الأناقة. فما هي أزياء ماي الأكثر شهرة وأيقونية في سنوات رئاستها لمجلس الوزراء؟
حذاء جلد الفهد «Leopard Print Shoe»
أصبحت أحذية تيريزا ماي ظاهرة في عالم الموضة، خاصة تلك التي تحمل طبعة جلد الفهد، فمنذ أن ارتدته في مؤتمر حزب المحافظين في 2002، أثار الحذاء جدلًا كبيرًا، وازدادت مبيعات الأحذية الفهدية بنسبة 60%. أسهمت ماي أيضًا في ازدياد مبيعات أحذية الكعب الصغير (Kitten heel)، لدرجة وصف الطلب عليها بأنه ربما يكون أكثر من طلبات الانسحاب من مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي! الحذاء المرصَّع بالجواهر مع مقدمة من جلد الفهد شكَّل مادة دسمة لصحافة الموضة، حيث أصبح أشهر حذاء في تاريخ السياسة البريطانية. تصف ماي أحذيتها الفاخرة بأنها «الحب الأعظم في حياتها».
عن هذا الجدل تقول تريزا ماي:
من المثير للاهتمام أن يركز الصحفيون على حذائي. لا أعتقد أنهم يركزون على فيليب هاموند أو بوريس جونسون بنفس الطريقة.
لكن من الطبيعي ألا يهتم المصوِّرون بما يرتديه أقرانها الرجال من أحذية بينما يهتمون بأحذية ماي الفاخرة، خاصة عند ارتدائها حذاء بطبعة «قبلات أحمر الشفاه»، وهو الأكثر جرأة وغرابة على الإطلاق في بيئة العمل السياسي، متحررة بذلك من قيود البروتوكولات الرسمية المرتبطة بمنصبها. وصفت صحيفة الجارديان تريزا ماي بأنها السياسية التي تتمتع بالموضة والأزياء بلا خجل.
القلادات والأكسسوارات الضخمة
يعد ارتداء القلادات جزءًا أساسيًا من أزياء ماي، سواء كانت لؤلؤة مزينة أو سلاسل لمصممين لامعين مثل الإيطالي ميرتا فروسيني. تم تسمية هذا النوع من العقود بمجموعة «ماي».
ليست الأحذية والمجوهرات فقط. فغالبًا ما تُرى ماي بقبعات أنيقة، وهو ما يجعلها تبدو بريطانية بشكل نموذجي. نجد أن اهتمامها بالتفاصيل – من الرأس إلى القدم – يبرز أنوثتها بشكل مثالي.
بدلة الحظ
عندما نتعرض لبعض الضغوط والتحديات في عملنا، فإننا نفكر بشكل تلقائي في ارتداء الزي الذي يجلب لنا الحظ، وهو الذي سبق أن ارتديناه في تحديات مماثلة، لتزويدنا بمزيج من الثقة والتفاؤل.
بالنسبة إلى تيريزا ماي، يبدو أن هذا الزي هو بدلة الترتان أو الصوف المقلم لمصممة الأزياء الشهيرة فيفيان ويستوود (Vivienne Westwood). لجأت ماي إلى تلك البدلة في عدة مناسبات منذ شرائها لأول مرة في عام 2013، مثل حضور المؤتمر السنوي لحزب المحافظين من نفس العام، حيث ألقت خطابًا وعدت فيه بالحد من المهاجرين غير الشرعيين، وارتدته أيضًا عند إطلاق حملتها من أجل رئاسة الحزب عام 2016، وهي نفسها «بدلة الحظ» التي اختارتها رئيسة الوزراء لإلقاء خطابها الهام جدًا لإعطاء بعض التفاصيل حول خططها بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو الخطاب الذي حذرت ماي فيه بروكسل من أنها مستعدة للقتال من أجل المصالح البريطانية.
الأحمر رفيق اللقاءات الهامة
البدلة الحمراء بدرجة الكورال (coral) هي الرداء الشهير لتريزا ماي في المناسبات الهامة، كحضورها قمة العشرين عام 2017 التي شهدت مصافحتها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتحدث مع الرئيس السابق للولايات المتحدة أوباما. ارتدتها ماي أيضًا في اجتماعها الشهير مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
لكن للأسف، ارتبطت تلك البدلة الحمراء وهي من تصميم أماندا واكيلي، بلحظات الاهتزاز والفشل لتريزا ماي، حيث ارتدتها في لقائها الهام بنظرائها من مسئولي الاتحاد الأوروبي للتفاوض على خروج بريطانيا، وأيضًا كانت البدلة الحمراء رفيقة ماي في ليلة الانتخابات التي خسر فيها حزب المحافظين أغلبيته البرلمانية عام 2017، تم تصوير رئيسة الوزراء تيريزا ماي أثناء مغادرتها مقر حزب المحافظين مع زوجها فيليب بعد إعلان نتيجة الانتخابات مرتدية وشاحًا حريريًّا حول عنقها. أما المشهد الأهم وهو خطاب الاستقالة، فكان ببدلة أخرى بنفس درجة اللون من تصميم أماندا واكيلي أيضًا، لكن بإضافة قلادتها الشهيرة.
أزياء ما بعد الاستقالة
منذ الإعلان عن استقالتها، بدأت ماي موجة جديدة من التسوق، حيث قدمت عدة قطع وأكسسوارات جديدة لدولاب ملابسها بعد أن تخلصت من الضغوط. تعكس ألوان ملابسها عقلية أكثر استرخاء. كانت أول بادرة لذلك هو الاحتفال الذي أقيم في بورتسموث، عندما ظهرت ماي لأول مرة بألوان الربيع، بزي أخضر فاتح مع قبعة أنيقة بلون الكريم. ظهرت أيضًا ببدلة اللون الأزرق الفاتح عدة مرات بعد استقالتها.
سألها أحد الصحفيين ذات مرة عن المصمم الذي تعتمد على نصيحته في اختيار ما ترتديه، فردت بأنه ليس لديها مثل هذا الشخص، وقالت:
لدي متجر خاص أذهب إليه ويعرفون ما يناسبني من الملابس والأحذية، ويتصلون بي أحيانًا ويقولون لي: هناك شيء لطيف لك.
خلال خطاب ألقته ماي في قمة نساء العالم، قالت:
أحب الملابس وأحب الأحذية. أحد التحديات التي تواجه النساء في مكان العمل هو أن نكون أنفسنا، وأقول إنك يمكنك أن تكوني ماهرة في عملك وفي نفس الوقت تحبين الموضة.
