ما زالت محاولات البشر لاستكشاف الكوكب الأحمر، المريخ، مستمرة بشتى الطرق، سواء عبر إرسال مسابير فضائية، أو مركبات سطحية تجوب أنحاء الكوكب، أو توجيه أقمار رصد صناعية تجاهه، أو حتى مراقبته بأجهزة رصد معقدة محمولة على طائرة تجوب أجواء الأرض، أو ما نعرفه نحن بــ «صوفيا».

صوفيا: الطائرة الصقر

http://gty.im/492562421

«صوفيا»، وهو اختصار لـ Stratospheric Observatory for Infrared Astronomy أو مرصد الستراتوسفير لرصد الأشعة تحت الحمراء، هو مرصد فلكي محمول على طائرة بوينج 747SP معدلة خصيصًا لذلك، في مشروع مشترك بين ناسا NASA ومركز الطيران والفضاء الألماني German Aerospace CenterWebsiteDirections. ويهدف المشروع رصد الأشعة تحت الحمراء – والتي يمتص بخار الماء الكثير من مداها الموجي في طبقات الغلاف الجوي السفلى- وذلك بتجاوز العقبة بالسمو فوقها طيرانا. حيث تحمل صوفيا تليسكوبا عاكسا بمرآة قطرها 2.5 مترا «98 بوصة» مخصصة لرصد الأشعة تحت الحمراء، وذلك بجانب العديد من الكاميرات وأجهزة التحليل الطيفي المخصصة لتحليل الأشعة تحت الحمراء. وتقع مسؤولية تصميم المشروع بأكمله على عاتق مركز الطيران والفضاء الألماني، والذي قام بتصميم التليسكوب والأدوات العلمية الأخرى، بينما تقع مهمة تصنيع الطائرة وتجهيز الرحلات على عاتق ناسا، والتي تدير جزءًا صغيرًا من المهمة العلمية. ولا تتمكن صوفيا من حمل كل أدواتها العلمية كل رحلة – بجانب التليسكوب – بل يتم استبدال الأدوات حسب الغرض العلمي للرحلة.

وورثت صوفيا مكان مرصد كايبر الجوي Kuiper Airborne Observatory المحمول على طائرة أيضا، والمخصص لنفس المهمة، لكن بتلسكوب عاكس أصغر كثيرا بقطر أقل من متر. وتحمل صوفيا الآن أكبر تليسكوب يمكن لطائرة حمله جوًا.

تقوم صوفيا بالتحليق على ارتفاع أكثر من 12 كيلومترًا متجاوزةً كل بخار الماء في الغلاف الجوي، لتقوم بفتح باب مخصص في جانب الطائرة، ليبدأ التليسكوب العملاق مهمته بالتلصص على السماء والكون.


ما الذي تخبرنا به صوفيا

في بيان من ناسا، أعلنت أنه ولأول مرة رصدت صوفيا ذرات غاز الأكسجين في الغلاف الجوي للمريخ، وذلك بعد مرور أربعين عامًا على آخر مرة تم رصده بالمريخ من قبل مهمات ناسا السابقة فايكنج Viking program ومارينر Mariner program. حيث قامت آلة على متن صوفيا برصد أكسجين ذري في طبقات الغلاف الجوي المريخي العلوية والتي تعرف بالميزوسفير mesosphere.

رصد ذرات الأكسجين سيعلمنا أكثر عن كيفية هروب الغازات من الغلاف الجوي للمريخ، أو كيف فقد المريخ غلافه الغازي قديما، حيث يؤثر الأكسجين على هرب باقي الغازات. وقام العلماء برصد نصف كمية الاكسجين المتوقع رصدها، لكن ما زالت مراقبة المريخ مستمرة.

تقول باميلا ماركم Pamela Marcum إحدى عالمات المشروع:

معروف لدينا أن رصد الأكسجين في غلاف المريخ من الأمور الصعبة، ولرصد موجات الأشعة تحت الحمراء اللازمة لقياس طيف الأكسجين يلزمنا أدوات معقدة شديدة الحساسية وكذلك ارتفاع عالٍ على سطح الأرض، صوفيا توفر لنا الميزتين

مهمة فايكنج ومارينر

طابع بريد لمهمة فايكنج

في سبعينيات القرن الماضي، أرسلت ناسا مركبتي فايكنج – وتعني القرصان الاسكندنافي – تتكون كلتاهما من مسبار مداري ومركبة سطحية تهبط على المريخ. كونت مهمة فايكنج أغلب معلوماتنا عن المريخ حتى مطلع الألفية الجديدة. وطُورت مركبات فايكنج بناءً على مسباري مارينر3 و 4 واللذان سبقاها بزيارة خاطفة للمريخ قبل عشرة أعوام، الزيارة التي نجح فيها مارينر 4 فقط في المرور بجانب الكوكب وأرسل لنا صور لسطحه تعتبر الأولى له بهذا القرب، بينما فشل أخوه مارينر 3 في رحلته.

قامت المركبات فايكنج ومارينر بآخر قياسات مؤكدة لوجود الأكسجين في غلاف المريخ أثناء وجودهما بجواره، وهي القياسات التي لم نتمكن من تكرارها إلا بالارتفاع لأكثر من 37,000، حيث أكدها «GREAT» the German Receiver for Astronomy at Terahertz Frequencies، المرصد الفلكي الألماني لرصد الترددات بقوة التيرا هرتز، وهو جهاز علمي ألماني على متن صوفيا. ومكن GREAT العلماء من التمييز بين الأكسجين في الغلاف الجوي الأرضي والأكسجين في غلاف المريخ.

ما زالت محاولات سبر أغوار الكوكب الأحمر مستمرة وبطموح لا نهاية له، فبينما تتنافس وكالات الفضاء – بطبيعة الأحوال – جاءت أيضا الشركات الخاصة لتزاحمها السباق بمحاولات جادة، أهمها – بالتأكيد – محاولة إيلون ماسك وشركته SpaceX الوصول للمريخ في 2018، وذلك في خطوة مرحلية بخطة طويلة الأمد للوصول ببشر والحياة – والموت أيضا – هناك.

المراجع
  1. بيان ناسا