الرمز Rx في الروشتة: هل فكرت يومًا ماذا يعني؟
يلتزم الأطباء في كل أنحاء العالم بشكل متشابه ومميز للوصفة الطبية التي تهدف إلى تنظيم وصف الدواء والجرعات بطريقة صحيحة. تشمل الوصفة الطبية في البداية اسم المريض والمشفى، وبعد ذلك «التشخيص – diagnosis»، ثم الدواء والجرعات. تُكتب أيضا العديد من الاختصارات والرموز التي تشكل شفرة مشتركة بين الطبيب والصيدلي.
وعندما تطالع أي وصفة طبية، تجد رمزًا غريبًا موجودًا في الأعلى، يتكون من حرفي R و X. هذا الرمز ليس اختصارا لكلمة وصفة طبية كما قد يتبادر إلى الذهن. ربما ستتفاجأ عندما تبحث وراء سر هذا الرمز الغريب الذي لا تكمن أهميته الطبية كونه مجرد رمز شكلي لـ«الوصفة الطبية – prescription»، بل هناك سياق تاريخي من الحكايات والأساطير يرتسم في الظل.
أصل لاتيني
المتعارف عليه في مقررات الصيدلة أن الرمز Rx يعود إلى حرفي R و X؛ وهو اختصار يعود إلى الكلمة اللاتينية «recipe» أو «recipere» والتي تعني: «تناول هذا – take this».
قبل عصر النهضة و تصنيع الدواء الحديث كانت الأدوية تحضر في «apothecaries» (الشكل القديم للصيدلية )، ولم يكن هناك تمييز واضح بين «مهنة صيدلي – pharmacist» و«المعالج – therapist» بالشكل الموجود الآن. استمر ذلك حتى القرن التاسع عشر؛ بل كان الـ«apothecary» يمارس الوصف وتحضير الوصفة العلاجية في آن واحد.
كانت الوصفات تحضر يدويا عن طريق «خلط المكونات – compounding» التي هي غالبًا من النباتات الطبية والمواد الطبيعية. وهذا يوضح أن الرمز «Rx» له استخدام عملي، وليس مجرد علامة مميزة للوصفات الطبية؛ حيث أن أغلب الصيدليات كانت تحضر الوصفات يدويًا حتى 1940.
عين حورس
طرح عالم الفارماكولوجيا الإكلينيكية «جيف أرونسون – Jef Aronson» في «المجلة الطبية البريطانية – The British Medical Journal» رواية مدهشة تدعي أن الرمز «Rx» لا يعود إلى الأصل اللاتيني لحرفي R و X، بل يعود إلى أصل مصري قديم منذ خمسة آلاف عام. يوضح أرونسون أن الرمز «Rx» أصله يعود إلى «وادجت – utchat»، وهو يرمز إلى عين الإله حورس (إله السماء) عند المصريين القدماء.
تحكي الأسطورة أن «حورس – Horus» كان ابنًا لإلهين أساسيين في معتقدات المصريين القدماء، هما الإلهة «إيزيس – Isis» والإله «أوزوريس – Osiris». حورس كان لديه عدو شرير، هو عمه ست Seth، إله الظلام والشر. قام ست بقتل أوزوريس والد حورس. أخفت إيزيس ابنها حورس حتى كبر. وقعت معركة بين حورس وست، وخلال المعركة سرق ست عين حورس اليمنى التي ترمز إلى الشمس. قام «تحوت – THoth» (إله الحكمة والسحر عند المصريين القدماء) بمحاولة إيقاف الحرب وإعادة عين حورس.
لكن ست استمر في الحرب، وفقأ عين حورس اليسرى التي ترمز إلى القمر، حيث مزقها إلى قطع صغيرة ثم نثر تلك القطع في كل بر مصر. يقوم تحوت بإعادة أجزاء العين وتجمعيها كل شهر، ويضيف إليها قوى سحرية، ثم يعيدها إلى حورس. وأصبح في مقدور حورس بمعونة السحر أن يرى والده أوزوريس ويتسعيده من عالم الموتى.
طبقا لمقال أورنسون، تتكرر هذه الظاهرة كل شهر فيما يعرف بـ«أطوار القمر – Lunar phase»، وانتقلت هذه الأسطورة من مصر القديمة إلى حضارات أخرى كاليونان والعرب والفرس. أخذت عين حورس معنى آخر، وهو وحدة مصر القديمة، وأعطيت اسم: «وادجت»، الذي يعني «الكامل» أو الذي استعاد تكامله. وادجت، هو اسم إلهة وحدة مصر.
أيضاً أخذت عين حورس معنى آخر هو بمثابة نافذة على عالم لموتي. رمزت أيضا إلى الحماية من الشر والانتصار على الموت. كانت ترسم عين حورس على مقدمة السفن لحمايتها ورؤية الطريق أمامها.
صواعق جوبيتر
تعيد بعض المصادر الطبية في أوروبا أصل الرمز Rx إلى نوع من الاسترحام أو الاستقواء بالإله الروماني «جوبيتر – Jupiter».
جوبيتر هو ملك الآلهة الرومانية، وإله السماء والبرق، يمنح الحياة للكون في الميثولوجيا الرومانية. كان يعتقد أنه يعطي الصحة والقوة. يشبه رمز الإله جوبيتر الرقم 4 «stylized number four»؛ وهذا أيضا هو رمز «معدن القصدير – Tin» التابع لمعادن الكواكب في رموز الكيمياء القديمة.
ويعتقد من يؤمن بهذا الأصل الروماني للرمز Rx أنه يرمز إلى طلب المعونة من الإله جوبيتر القوي والمليء بالحياة لكي يجعل الدواء شافياً بشكل أسرع وأكثر يقيناً. في خلال العصور الوسطى، كان يُعتقد أن «كوكب المشتري – Jupiter» له تأثير كبير على صحة البشر.
كثير من الرموز والكلمات والتعابير المستخدمة إلى يومنا هذا لها أصول في التاريخ البشري منذ القدم وهذا له دلالة على تمازج الحضارات وتنوعها وخاصة في الجانب المتعلق بصحة الإنسان ورغبته في البقاء ومحاربة المرض والصراع من أجل البقاء.
ربما الشيء الممتع في البحث عن أصل الرمز «Rx» ليس فقط كونه ما زال مستخدمًا حتى يومنا هذا، بل أيضاً قدرة البشر منذ القدم على التعبير عن حاجتهم للرمز المقدس ولصيغة مشتركة في فهم العالم.