ما أشبه الليلة بالبارحة: عنصريو أمريكا في عهد ريجان
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
تقدّم المظاهرات اليمينية المتطرفة قبل أسابيع في «شارلوت فيل» و«بوسطن» رؤيتين محتملتين عن المستقبل. فهل تأخذنا عودة التنظيم المتعصب للبيض إلى طريق من الفوضى والعنف كما في شارلوت فيل؟ أم سيهزم ويهان اليمين المتطرف –الذي ما زال أقليةً ضعيفة وإن كان صوتها عاليا- كما في بوسطن؟
أحيانًا تبدو هذه العودة الدرامية للحركات اليمينية المتطرفة العنصرية ارتدادًا إلى عصر قبيح. والأصعب أن تمثل هذه الأحداث لحظات ذروة في سلسلة طويلة الأمد. لكن بالفحص التاريخي، يبدو أن الأمر كذلك بالفعل. ففي الحقيقة، آخر الانبعاثات الرئيسية للتنظيم المتعصب للبيض حدث قريبًا إلى حد ما في بداية الثمانينيات، وليس مع صعود الفاشية في الثلاثينيات. ودراسة هذا التاريخ تقدّم دروسًا لمناهضي الفاشية اليوم، إلى جانب تقديمه لرؤية ضرورية.
رأيناه قبل ذلك
قد تبدو أحداث الأشهر السبعة الماضية مألوفة لشخص عاش في الثمانينيات. فساعتها أيضًا انتشرت العناوين الإخبارية عن تجمعات الكلان والنازيين الجدد، وانفجارات عنفية بين العنصريين ومناهضيهم، وإدارة رئاسية بدت غير مستعدة لمواجهة التعصب الأبيض، بل تعاطفت معه.
كانت أنشطة جماعة الكراهية «كو كلوكس كلان» قد انحسرت في السبعينيات، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التحرك الفيدرالي لمواجهتها. ولكن مع بداية الثمانينيات، عادت للعمل مرة أخرى، ليرتفع عدد أعضائها من 1500 عام 1974 إلى عشرة آلاف أو اثني عشر ألفًا عام 1981.
كانت هذه القفزة أقل كثيرًا من عقدين قبل ذلك، حيث كان عددها يقارب الأربعين ألف عضو رئيسي، وكانت تتباهى بملايين الأعضاء في أوج شعبيتها في العشرينيات. إلا أن نشاط الكلان كان في ارتفاع مطّرد؛ فأسسوا معسكرات تدريب شبه عسكرية «كانت كلها دفاعية»، كما أكد قائد فرسان الكو كلوكس كلان، حتى عندما يقول بأنهم يؤسسون «جيشًا مسيحيًا أبيض».
وحصل أعضاؤها وحلفاؤها على ترشيحات عدة من الأحزاب في ولايات كميتشجن وكاليفورنيا، وعرضوا المساعدة على إدارة الهجرة والجنسية في حراسة الحدود الأمريكية المكسيكية، وقاموا باستعراضات في مدن عدة. وشجّع انتعاش الكلان من التعصب الأبيض في جميع أنحاء البلاد.
انتشر حرق الصلبان في جميع أنحاء البلاد، وتضاعفت الهجمات الموجهة ضد المعابد اليهودية. وعقدت اللجنة القضائية جلسات استماع شبه يومية لتقارير عن العنف الموجه ضد السود: ففي سبع مدن على مدى خمسة عشر شهرًا،قُتل أربعة وعشرين أمريكيا من أصل أفريقي وامرأتان من البيض كانتا مع رجال سود بشكل عشوائي.
وفي بافالو أسقط قناص أبيض أربعة أمريكيين سود في ثلاثة أيام، وقبل أسبوعين من قتل سائقي أجرة سود قُتلوا وانتزعت قلوبهم من صدورهم وقُطّعت. وعلى مدى ستين شهرًا، كان قُتل أحد عشر طفلًا من السود. لقد كان هذا عينة صغيرة من العنف العنصري الذي سيسود البلاد في الثمانينيات. وحذّر آرثر كينوي من جامعة روجرز أن «الولايات المتحدة على حافة أزمة وطنية شاملة لا يمكن وصفها إن لم يتم وقف هذه الأعمال».
في غضون ذلك بدأت الكلان في تغيير صورتها العامة. حاول القادة تصوير المنظمة باعتبارها كلان «جديدة» تخلت عن إرهاب الماضي. فكما أخبر أحد أعضائها جريدة Atlanta Constitution عام 1978 «إنها ليست الكلان القديمة. لم نعد نقوم بعمليات الركوب الليلية ولا نحرق الكنائس. نحن الآن في السياسة، حيث لا يمكن للعنف أن يأتي بأي مكسب». وبدلًا من حرق الصلبان، قاموا بتوزيع كتيبات على المدارس، وأنشأوا كتائب للشباب كي تكون بديلة عن الكشافة.
لكن في الواقع، أصبحت الكلان أكثر تطرفًا بمرور الزمن. فبحلول عام 1985، كان مناهضو الكلان يحذرون من «تحولهم إلى نازيين»، حيث إن قادة الكلان لم يقتصروا على الدعوة لاستعادة التمييز، بل أرادوا حربًا عرقية، لتأسيس «جمهورية مسيحية بيضاء» في نهاية المطاف.
وكتبت لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكية عام 1981 أن «تجدد هذه الأنشطة حاليًا يأتي في وقت من عدم اليقين الاقتصادي والاجتماعي.. وأن أحد جوانب عودة الكلان تتمثل في تقديم الأقليات العرقية ككبش فداء للصعوبات الاقتصادية الحالية».
لكن قد يكون مضللًا الزعم بأن الكلان هم تنظيم عمالي نقي من البيض. فكما أن حركة «اليمين البديل» تتشكل اليوم من الطبقات الوسطى والعليا، كذلك كان معظم أعضاء الكلان في الثمانينيات من المتعلمين من المحاسبين وأخصائيي العلاج الطبيعي.
ففي بداية الثمانينيات، وجد «جي طومسون» أحد الصحفيين المندسين بين الكلان أنهم يتمتعون بدعم مالي ودعم متعدد الأشكال من شخصيات ثرية وبارزة في المجتمعات المحلية، وحضر في مرة أحد الاجتماعات في منزل أحد الأطباء الأثرياء في برمنغهام. ومع ذلك، كان هناك مكون اقتصادي واضح في تجنيد الكلان. ففي البداية، بدأوا باستهداف الفلاحين المعدمين. وكانت تكساس أحد أماكن الاستقطاب الرئيسية في أوائل الثمانينيات، حيث استغل الكلان التنافس القائم بين الصيادين البيض والفيتناميين.
وكذلك كان انتخاب رئيس يبدو متعاطفًا مع الكلان أحد أبرز عوامل عودتهم مرة أخرى. فكان من المثير للسخرية أن ينشر ريجان مقطعًا يدين فيه التعصب الحاصل في شارلوت فيل نظرًا لكونه محبوبًا من الكلان. فقد أيد بيل ويلكنسون ريجان للرئاسة عام 1980، وقال إن برنامج الحزب الجمهوري لهذا العام «يبدو وكأنه قد كتبه أحد الكلان».
سرعان ما أنكر ريجان تأييد ويلكنسون، لكنه كان -كما كتب رون والتز بعد ذلك- «لعنة على مجتمع الحقوق المدنية بأكمله، وعلى خطتها». وطوال الثمانينيات، هاجم مناهضو العنصرية إدارة العدالة الخاصة به لتلكئها في التحقيق في جرائم قتل السود وفي تعقب الكلان.
وفي 1984، أعلن ويلكنسون تأييده لريجان مرة أخرى، ووصف البرنامج الانتخابي الخاص بالجمهوريين بأنه «ينتمي للكلان بشكل كامل». لكن أخذ الأمر من ريجان هذه المرة شهرًا كاملًا لينكر تأييد ويلكنسون، وكان المتحدثون باسمه يرفضون فيه الإجابة دائمًا.
المذبحة التي أوجدت حركة
لقد أثارت نشأة اليمين المتطرف مع انتخاب ريجان ومشروعه الذي قدّمه لتقييد حقوق التصويت مناهضي العنصرية ممن خافوا أن تعود الولايات المتحدة إلى عام 1877. إلا أن الحدث الذي حشد مناهضي الكلان هو مذبحة جرينسبورو في نوفمبر 1979.لم تكن جرينسبورو أول مرة يهجم فيها الكلان على مظاهرة لمناهضي العنصرية. ففي 1978 أثارت حملة من احتجاجات الأمريكيين من أصل أفريقي في المسيسيبي حركة مناهضة لأعضاء الكلان في ألاباما عام 1979، والتي هاجمها مائة من الكلان مسلحين بالعصي ومقابض الفئوس والبنادق. إلا أنه لم يقتلوا أحدًا حتى مذبحة جرينسبورو.
كانت «مذبحة جرينسبورو» في الثالث من نوفمبر عام 1979 موجهة ضد «منظمة رؤية العمال WVO»، وهي منظمة شيوعية كان يحاول أعضاؤها تنظيم العمال في مصنع للنسيج وعملوا لسنوات على قضايا التعليم والإسكان في مورنينج سايد، أحد تجمعات السود. أقامت منظمة رؤية العمال هذه مظاهرة «الموت للكلان» في نفس الحي لإعلان رفضها لنشاطهم المتزايد في جرينسبورو وفي جميع أنحاء البلاد.
تعرضت المنظمة للانتقاد نتيجة استخدامها لخطاب عنيف ومثير في الفترة السابقة على المظاهرة. فقد كانت اللافتات تدعو للقضاء على الكلان «وطردهم من المدينة»، وفي أحد المؤتمرات الصحفية صرّح قائد المنظمة بأن الكلان «يجب القضاء عليهم بدنيًا واستئصالهم وإزالتهم من على وجه الأرض». لكن كما أقرّت مفوضية الحقيقة والإصلاح، كان ذلك قائمًا على حالة من السذاجة بين أعضاء منظمة رؤية العمال عن خطابهم الخاص وعن عنف الكلان.
لم يكن لدى رؤية العمال تاريخ عنف يدعم خطابها، غير بعض تمرينات إطلاق النار والكاراتيه. لكن كان لدى كلان جرينسبورو أعضاءً متهمين بإطلاق النار على المنازل والتخطيط لتفجير قاعة اتحاد محلي وتنظيم معسكرات شبه عسكرية وتفجير مخزن وقود محلي. لقد قاموا بإحراق الصلبان، وكسروا أرجل رجال سود عاشوا مع نساء بيض. لقد كانوا بالفعل مستعدين لدعم خطابهم العنيف بأفعال عنيفة.
لكن ما ساعد أيضًا على حدوث الكارثة هو تطبيق القانون. فقد استطاع أحد عملاء المكتب الفيدرالي للكحوليات والتبغ والأسلحة اختراق الكلان، وأدلى بشهادة بعد ذلك قال فيها إنه رأى أسلحة في العديد من الاجتماعات النازية، وأن الكلان ناقشوا كيفية التحرش بالمظاهرات، وأن أحدهم أخبره بأنه استطاع صنع قنبلة أنبوبية يدوية «يمكنها أن تقوم بعمل جيد في تظاهرة للزنوج».
شهد العديد من النازيين بعد ذلك بأن العميل قد عرض عليهم تعليمهم كيفية صنع المتفجرات والاستبدال بالأسلحة شبه الأوتوماتيكية أخرى أوتوماتيكية، وصنع المولوتوف، وشجّعهم على إدخال الأسلحة إلى جرينسبورو. وبالطبع لم يصل كل ذلك إلى الشرطة المحلية، ناهيك عن متظاهري رؤية العمال.
ولم تكن الشرطة المحلية بأفضل حالًا، فعلى الرغم من معرفتهم مسبقًا بأن الكلان سيحضرون إلى المظاهرة، إلا أنهم لم يفتشوا السيارات ولا أعلموا المتظاهرين ولا كانوا موجودين عندما حدثت المواجهة العنيفة، بل وصلوا «في جماعات بعد دقيقتين من إطلاق النار»، وفقًا لتقرير إخباري في ذلك الوقت. والأسوأ من ذلك، أن المخبر الخاص بالشرطة بين الكلان، إدوارد داوسون، كان لديه نسخة من خط السير الكامل الخاص بمظاهرة الرؤية واستخدم الكلان في مواجهة المتظاهرين.
وبدلًا من ذلك، وصلت تسع سيارات من الكلان والنازيين إلى مظاهرة مناهضيهم، وصاح أحدهم: «لقد سألتم عن الكلان، ها هم قد جاءوا». فضرب بعض المتظاهرين السيارات بالعصي، فأخرج الكلان والنازيون أسلحتهم وأطلقوا النار على الحشد لثمانٍ وثمانين ثانية. قتلوا أربعة، ومات الخامس بعد يومين.
جذبت المذبحة وما تلاها من محاكمات وتحقيقات انتباه الجمهور لسنوات. ولم تتم إدانة الكلان إلا في المحاكمة الثالثة عام 1985. أدت هذه الحادثة المروعة -وكذلك تبرئة الكلان في البداية- إلى تنشيط جهد تنظيمي مناهض للعنصرية في جميع أنحاء البلاد.
تشغيل المحرك
تمت تبرئة الكلان في 17 نوفمبر 1980. وفي السادس من ديسمبر اجتمع مائتا ممثل عن العديد من المنظمات اليسارية –عبارة عن «حشد من الشباب المختلفين عرقيًا»، كما نقلت النيويورك تايمز- في مؤتمر مناهض للكلان استمر لمدة يومين. تضمنت الاجتماعات وورش العمل حديثًا عن «ماذا تفعل عندما يخطط الكلان للتجمع في حيك؟» و«ألمانيا الثلاثينيات/أمريكا الثمانينيات: خطر الفاشية».
قال أحد نشطاء جرينسبورو إن تبرئة الكلان قامت «بتنشيط حركة ما كانت لتتحرك دون ذلك» على المستوى المحلي. وقال آخر بأن «الحكومة تحاول إعاقة الحركة المناهضة للكلان» وحث المشاركين على «إبعاد اختلافاتهم الأيديولوجية لمجابهة عدونا المشترك». ودعوا إلى مسيرة ومظاهرة يوم تنصيب ريجان في الشهر التالي. «وبالفعل قامت مسيرة مناهضة للكلان على أرض البيت الأبيض على الرغم من أنها تضمنت أهدافًا مختلفة كالطاقة النووية والعنف في السلفادور».
وبعد أسبوع حذّرت اللجنة التنظيمية للجنوبيين من أجل العدالة الاقتصادية والاجتماعية –وهي مجموعة من الجنوبيين تعمل ضد العنصرية والظلم الاقتصادي والتدمير البيئي- من أن حكم جرينسبورو يعطي العنصريين «الضوء الأخضر لقتل من يختلفون معهم». وحثوا جميع الناس على أن يتعاملوا مع هذا الأمر باعتباره «حالة طارئة» يجب عدم التعامل معها بالطريقة المعتادة.
ومع بداية شهر ديسمبر، تحرك المناهضون للكلان في جميع أنخاء البلاد؛ رفع الكثيرون من البيض والسود دعاوى قضائية ضد عنف الكلان بمساعدة محامين من مجموعات الحقوق المدنية. ولعبت «جماعات العمال المنظمة دورًا قويًا، وخاصةً في الولايات الجنوبية المصنعة للنسيج، حيث كان الكلان يقفون عادةً في وجه منظمي الاتحادات».
وكانت من أبرز الجماعات المناهضة للكلان في هذه الفترة الشبكة القومية لمناهضة الكلان «NAKN»، وهي مظلة تنظيمية للعديد من مجموعات الطلاب والنساء والعمال واليساريين ومجموعات الحقوق المدنية وحقوق الإنسان. وفي فبراير 1981، عقدت الشبكة مؤتمرًا وطنيًا في جامعة هوارد بحضور 500 ممثل. خطط المؤتمر لـ«هجوم ربيعي» من خلال مروض الكلان الأكبر في الثلاثينيات والأربعينيات ستيتسون كيندي، والذي اقترح استخدام رقابة الكونجرس واستخدام قوانين مناهضة الكلان التي استخدمت في عصر إعادة البناء من أجل مقاضاة أعضاء الكلان.
وتوجه العديدون إلى التعليم كي يمنعوا نشأة الكلان، مؤكدين أنه الطريق الوحيد لمنعهم. وأصدر اتحاد التعليم الوطني ومجلس كتب الأطفال المتجاوزة للعرقية واتحاد المعلمين الأمريكان كتبًا ومواد مناهضة للكلان وأقروها في المدارس.
لم تكن هذه الجهود ساذجة. فقد كان العديد من الكلان –كما اكتشف عالم الاجتماع كاثلين بلي بعد ذلك- من عائلات عادية غير عنصرية، ولكنهم انضموا للكلان نتيجة أسباب اجتماعية وثقافية. وإلى جانب ذلك، وجدت المجتمعات المحلية طرقًا أخرى لمقاومة الكلان. فعندما خطط الكلان لاقتحام استعراض مدينة جورجيا السنوي، قام مجلس المدينة بإلغاء الاستعراض للمرة الأولى.
الوصول إلى المحاكم والشوارع
عندما اكتفت إدارة ريجان بالمشاهدة، حملت مجموعات مدنية رفع الأمر إلى المحاكم بأنفسهم. بدأت الشبكة القومية برفع العديد من القضايا الخاصة المكلفة أمام المحاكم نيابة عن العديد من ضحايا عنف الكلان. وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية كانت في خضم صمت حكومي، فإنها أدت إلى تفكيك العديد من فروع الكلان.
بدأ الكلان يشعرون بفداحة خسارتهم مع بداية 1983. وادعوا أن الأجهزة الحكومية ومجموعات حقوق الإنسان متواطئة للقضاء على وجود المنظمة، ولم يكونوا مخطئين في ذلك. فمع منتصف الثمانينيات، كان الكلان في انحدار مستمر، حتى وصلوا عام 1984 إلى 6500 عضو فقط. «ويجب الإشارة إلى أن عدد الأعضاء ليس المؤشر الحقيقي على مدى تأثير هذه الحركات».
وفي الوقت الذي كان المحامون فيه يطرقون أبواب المحاكم، كان النشطاء يجتمعون في الشوارع. فعلى مدى العشر السنوات، كانت مسيرات الكلان في جميع أنحاء البلاد تتم مواجهتها بمظاهرات مضادة. وكانت عادةً تنتهي بصدامات عنيفة تصل حد المشاهد الدموية؛ ففي مسيرة للكلان في ميردان عام 1981، اصطدم الكلان بالمتظاهرين المناهضين لهم واضطر الكلان للانسحاب في النهاية.
ومع الوقت أصبحت المظاهرات المناهضة للكلان قادرةً على ردعهم دون حدوث عنف كبير. وبعد سبع سنوات، بدأ النشطاء يلجئون إلى وسائل غير عنيفة لتحدي مسيرات الكلان مثل إقامة «مهرجان الحب والسلام من أجل الوحدة العرقية» في حديقة قريبة، أو إقامة وقفة صامتة بالشموع في اليوم السابق لمسيرة الكلان.
يمكننا ملاحظة أمور مشابهة هذه الأيام عندما استطاعت مظاهرات مناهضة اليمين المتطرف العملاقة دفع المسيرات اليمينية التي كانت مقررة في ست وثلاثين ولاية.
الحرب ضد الفاشية
لم ينته نمو التجمع العنصري في الثمانينيات، بل استمر في التسعينيات عندما تحول اليمين المتطرف إلى ميليشيات، وفي عهد أوباما عندما عادت الميليشيات اليمينية المناهضة للحكومة، وفي الوقت الحاضر مع نشأة «اليمين البديل» المتعصب للبيض. إلا أن هناك بعض الدروس التي نتعلمها من الحملة المناهضة للكلان في الثمانينيات.
فأولًا، على الرغم من أهمية المظاهرات المناهضة للعنصرية، إلا أن المطلوب فعلًا هو «استجابة منظمة ومنسقة تجمع بين عدد كبير من الآليات»، مثل المواجهة القانونية أو التعليمية أو من خلال المجتمعات المحلية.
ثانيًا، كان القائمون على الحملات المناهضة للعنصرية يشملون الطيف السياسي بأكمله من يساريين وليبراليين وجماعات لا سياسية كالكنيسة والجماعات النسوية والحركات العمالية.
وأخيرًا، يجب إدراك أن المعركة مع العنصرية هي معركة طويلة المدى، ولا تنتهي إلا بمهاجمة جذورها الحقيقية. ففي الثمانينيات، كانت الظروف الاقتصادية المتدهورة باستمرار سببًا في زيادة سخط بعض الأمريكيين وتوجههم نحو العنصرية.
تمثل العودة إلى التعصب الأبيض في هذه الأيام أمرًا مرعبًا. فمظاهرات اليمين المتطرف في 2017 الآن مسلحةٌ الآن بأكثر مما كانت مسيرات الكلان في الثمانينيات. لكننا كنا نفوقهم عددًا ساعتها، ولا زلنا، كما أثبتت مظاهرات بوسطن.