«ثقة في الله نجاح متواصل»، و«ثقة في الله نمرة واحد» جملتين تترددان طوال الوقت على حساب الممثل «محمد رمضان» على الفيس بوك، هذا طبعاً غير صورتيه بجوار سيارتيه الجديدتان ماركتي رولز رويس ولامبورجيني، واللتان أثارتا جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، وجعلت البعض من النجوم الآخرين يعلقون على حساباتهم الشخصية بدورهم منتقدينه من منطلق «قصر الديل» الصريح جداً، ثم عندما يدركون أنه «قصر ديل» يسحبون كلامهم وكأن السكرين شوتس لم تنتشر وتثبت عليهم ما أنكروه.


بين «احكي يا شهرزاد» و«الأسطورة»

كان دور الفتى الفقير الذي يغوي الثلاثة أخوات في «احكي يا شهرزاد» هو أول ما علق بأذهان الناس عن «محمد رمضان»، وقتها تنبأ الجميع بأحمد زكي الجديد، والفتى الأسمر الموهوب، وتوالت الأعمال لنصحو فجأة على «الأسطورة» وإذا اعترض أحد فـ«لأ دة انت تيجي تمثل انت بقى».

في الطريق من شهرزاد للأسطورة، مر محمد رمضان بعدد من المحطات القليلة، لا يستطيع أحد أن ينكر أن قصة صعوده من أبسط القصص وأسهلها، فبين «الألماني» أول الأفلام التي حققت نجاحاً جماهيرياً وشهرة لرمضان وبين بدايات ظهوره في «احكي يا شهرزاد» أربعة أفلام فقط قام فيها بأدوار صغيرة لفتت نظر صناع السينما لملامح أخرى في رمضان غير ملامح النمر الأسود.


عبده موتة، الأسطورة، وآخرون

الملامح التي رآها آل «السبكي» في رمضان لم تكن غريبة تماماً، فالأسمر، خشن الشعر، عظمي الوجه هذا نراه جميعاً في الشوارع، على النواصي، فتى الشيشة الذي يغير لك الحجر وأنت جالس تتحدث عن مدى الانحدار الذي وصلت له السينما على يد محمد رمضان يشبهه بشدة، يشبه ملامحه وحياته تشبه الحكايات التي ترويها الأفلام التي يقوم ببطولتها والتي تحقق النجاح من جمهور لا يشبهك كثيراً لأنك مثقف ومتعلم وغالباً أنت من الطبقة الوسطى التي قاربت على الانقراض والتي تركت مكانها للطبقة الأدنى التي يأتي منها أشباهه.

هذا كلام مكرر وقاله الكثيرون من قبل، ولن أضيف جديداً، أنا فقط أريد أن أضيف أننا نكره محمد رمضان لأنه لا يشبهنا، هو يشبه فتى الشيشة الذي أشرت له سابقاً، ونحن يمكن أن نتعاطف مع فتى الشيشة ونمنحه بقشيشاً مضاعفاً ولكننا لا يمكن أن نقبل أن يمتلك فتى الشيشة سيارتين بقيمة 18 مليوناً من الجنيهات.

ماذا يقدم رمضان اختلافاً عن البقية الباقية على الساحة؟؟ يقدم بلطجة؟؟ هل تختلف بلطجة رمضان على بلطجة أحمد السقا في إبراهيم الابيض؟؟ لا أعتقد. هل يقدم رمضان ألفاظاً بذيئة وشتائم وإيحاءات؟؟ هل تلك الإيحاءات أفحش مما يقدم في برنامج يذاع على أكبر الفضائيات العربية من بطولة نجم محبوب؟؟ هل ألفاظ رمضان أصعب من ألفاظ نفس النجم المحبوب في سلسلة أفلامه التي قدمها على مدار تاريخه الفني المليء بالشخصيات التي تتحدث بلسان معووج؟؟ أيضاً لا أعتقد.

الأسلحة البيضاء والمسدسات والملابس الجلدية وقصات الشعر والذقن الغريبة تلك غير موجودة فقط في السينما المصرية، بل يمكنك أن تشاهد أي فيلم على أي قناة أكشن لتجد منها الكثير. ماذا يقدمه محمد رمضان مختلفاً عما يقدمه الآخرون من ذوي الأشكال الجميلة، غير أنه يقدم كل ما يقدمونه بشكل مكثف وبملامحه التي تقترب من ملامح الأبطال الحقيقيون لحكاياته؟

في الحقيقة لا شيء.


فلينجح في صمت

محمد رمضان في أفلامه لم يخترع مجتمعاً مزيفاً ويقدمه للمشاهدين ليقلدونه، هو فقط نقل الصورة الموجودة بالفعل

في الحقيقة فإن محمد رمضان شئنا أم أبينا هو إنسان ذكي جداً، ومجتهد، وناجح، سواءاً كان ما يقدمه على مزاج النقاد وأبناء الطبقة المتوسطة وما يعلوها أو لم يكن، المهم أنه ناجح وأن نجاحه يشتري سيارات باهظة الثمن، وأن الشريحة الأكبر من المجتمع ترى نفسها في كلماته وشخصياته ومظهره.

https://www.facebook.com/Ramadan/photos/a.1544075725873682.1073741829.1517975605150361/1744419445839308/?type=3

نجاح رمضان مدوي جداً، ولذلك فهو مزعج، يجعل المهتمين يتسائلون عن سبب نجاح أفلام العشوائيات والفن الهابط في حين أن أفلاماً أخرى تنتصر للإنسانية والفن الراقي والاهتمام بكل التفاصيل الصعبة لا تلاقي نفس النجاح، ولا حتى ربع هذا النجاح وإذا لاقت نجاحاً فإنها تنجح بصعوبة شديدة وبالكثير من المجهود في «سكك» أخرى غير صناعة السينما في حد ذاتها.

في الحقيقة فإن نجاح محمد رمضان انعكاساً لما نعيشه الآن، لا يمكن أن تحدّث زمرة من الجوعى عن مدى عبقرية لوحات «فان جوخ»، أعطهم طعاماً في البداية ثم حدثهم عن أشيائك التافهة، بالمثل تماماً فإن الأحوال في مصر الآن لا تحتمل سوى هذا النوع من الأفلام المخدرة التي تجعلهم يرون بطل يشبههم تماماً ينتصر على الفقر والجوع والظلم، حتى لو انتصر بأسوأ الطرق الممكنة، المهم أن ينتصر، المهم أن يرى هؤلاء أنه لازال لهم مكان في هذه الدنيا المتوحشة التي تنهشهم بلا توقف.

لم يخطيء رمضان عندما نجح وامتلك سيارتين بالملايين، هو يقدم للجمهور ما يريد أن يراه بالضبط، هو ذكياً بما يكفي ليكون قريباً من فتيان الشيشة وسائقي الميكروباصات حتى وهو يمتلك سيارتين يمكن لثمنهما أن يشتري مدينة صغيرة.