حاول الاستغناء عن هاتفك الذكي ليوم، لساعات معدودة، ستشعر على الفور أن هناك شيء ما ناقص، وهذا لا يمكن إنكاره بالطبع، فقد خلقت التقنية حاجتنا الذاتية لها، كما أن ارتباطنا اليومي بها والذي ربما كان في بدايته ذا طابع ترفيهي، لكنه قطعًا لم يعد كذلك الآن. بل يمكن القول ببساطة إنه باستخدام التقنية -رغمًا عن بعض مساوئها- إلا أنها زادت من طاقتنا الإنتاجية عمليًا، وجعلت تواصلنا مع العالم على بعد ثوان قليلة، كما أنها أصبحت متداخلة بقوة في مختلف مناحي الحياة، ولا يعد أي شيء الآن عصريًا ومواكبًا للعالم ما لم يكن يوصف بالذكي، في العمل أو المدرسة أو البيت، كل سواء، نحن الآن في نهاية 2016.

نستعرض سويًا قائمة أفضل التقنيات الناشئة لعام 2016 في مجالات مختلفة، تسلط الضوء على مدى التقدم التكنولوجي حول العالم، وتتشارك في كونها تخدم الإنسانية وتساهم في تحقيق مستقبل مزهر مستدام.


1. إعادة استخدام الصواريخ مرة أخرى

عادة ما يتحطم الصاروخ كليًا أثناء رحلته إلى الفضاء، هذا على وشك أن يتغير -على الأرجح- إلى الأبد، حيث أصبح بالإمكان عودة الصاروخ سالمًا إلى منصة الإطلاق، قبل أن يتزود بالوقود ويصبح مستعدًا للرحلة التالية.

عدة محاولات أولية غير ناجحة لم تكن كفيلة بردع إيلون ماسك وفريق تطوير شركته لأبحاث الفضاء SpaceX من تكرارها، إلى أن نجح صاروخ Falcon 9 في العودة إلى المنصة دون مفاجآت. من المتوقع أن تساهم التقنية في توفير مئات الملايين من الدولارات وجعل غزو الفضاء أيسر بكثير، وهو ما يتماشى مع رؤية إلون ماسك -و عدة علماء على رأسهم ستيفن هوكينج- بشأن فناء البشرية خلال 1000 عام، ومن ثم الحاجة لاستعمار كوكب آخر.


2. إنترنت الأشياء (Internet of Things – IoT) في كل مكان

http://gty.im/519987018

مع توغل الإنترنت في حياتنا اليومية كان لزامًا على الأجهزة الإلكترونية أن تواكب تلك الثورة كما فعلنا نحن البشر؛ لذا تم دعم الأجهزة المنزلية -كأدوات الطهي والأثاث والملابس وأدوات النظافة الشخصية- بقابلية الاتصال بالإنترنت وببعضها عبر حزمة من البيانات المرسلة والمستقبلة عن طريق مستشعرات دقيقة من أجل القيام بمهام محددة.

تركزت جهود العلماء على جعل المستشعرات أكثر دقة و أصغر حجمًا، حتى وصلت لحجم النانو؛ مما يؤهلها لأن يتم دمجها مباشرة في البنية الأساسية للأجهزة، وربما حقنها بداخل جسم الإنسان. وذلك جنبًا إلى جنب مع توغل أنظمة الذكاء الصناعي (AI) في التحليل والتحكم. ومن المرتقب أن تتغير حياتنا اليومية عن ما نعيشه اليوم. تخيل أن يفتح باب منزلك بعد التعرف عليك في لحظات أو أن يتصل جهاز التحكم بضربات القلب بطبيبك المعالج عند حدوث خلل ما، أن يتحول منزلك بالكامل لمنزل ذكي لا يحتاج للكثير من أجهزة التحكم، بل يكفي هاتفك الشخصي أو حتى صوتك للتحكم في كل شيء من جوانب حياتك بدون أدنى تدخل جسدي.


3. سولار سيتي SolarCity

http://gty.im/482219190

عقب مرور 10 أعوام على إنشائها،أعلنت شركة SolarCity -التي يترأسها الملياردير الأمريكي إلون ماسك- عن عزمها بناء مصنع عملاق لألواح الطاقة الشمية في الولايات المتحدة الأمريكية بتكلفة إجمالية تقارب المليار دولار.

المصنع العملاق عند الانتهاء من بنائه العام المقبل لديه القدرة على إنتاج عشرة آلاف -10,000- لوح طاقة شمسية يوميًا، وهو ما يعادل جيجا وات من الطاقة الشمسية سنويًا، ليصبح واحدًا من أضخم المصانع ذات الصلة في العالم.

بفضل مزيج بين ألواح طاقة أكثر كفاءة ومراحل تصنيع أكثر بساطة، تمكنت SolarCity من خفض تكلفة الإنتاج الكلية من 4.7 دولار/وات عام 2012 إلى 2.84 دولار/وات هذا العام، وتأمل في أن تكسر حاجز الـ 2.5 دولار/وات بعد أن يعمل المصنع العملاق بطاقته القصوى.


4. رقاقات، لكن أعضاء

البنكرياس على شريحة إلكترونية

على الرغم من التقدم العلمي الملحوظ، لازال الباحثون والأطباء يواجهون مشكلة في دراسة وفهم طبيعة عمل الأعضاء البشرية بدقة، أو تأثير عوامل بيئية أو علاجية عليها بحدة دون باقي أعضاء الجسم. نظرًا لصعوبة بقائها حية لفترة طويلة خارج الجسم، وبالطبع كون نقلها أو بالأدق زرعها لمريض يحتضر أكثر أهمية من استخدامها لأغراض بحثية أو صناعية.

هذا على وشك أن يتغير بعد تعاون عدة مؤسسات بحثية مع الحكومة الأمريكية من أجل بناء رقائق إلكترونية متناهية الصغر -في حجم ذاكرة تخزين محمولة– تقوم بوظيفة أجزاء الجسم وتستجيب لنفس الإشارات ويمكن إثارة جزء منها على حدة كما يحدث داخل الجسم.

لعل أبرز تطبيقات تلك التقنية هو اعتماد إدارة الدواء والغذاء الأمريكية (FDA) استخدام مضخة إنسولين صناعية -تؤدي وظيفة البنكرياس- كعلاج لمرض السكري عند الأطفال (Diabetes Type1). كما يعتزم باحثون عسكريون القيام بتجارب توضح تأثر ورد فعل أعضاء الجسم –وعلى رأسهم الرئة- بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية من أجل حماية البشر من هجوم محتمل.


5. متجر الجينات الوراثية (DNA App Store)

تحوي الجينات الوراثية على بيانات دقيقة وتنبؤات مستقبلية بشأن الصفات والقدرات الجسدية بجانب المخاطر الصحية المحتملة، لكن تحليلها يتطلب الكثير من الوقت والمال. قد تبدو الفكرة مقتبسة من أفلام الخيال العلمي لكنها على وشك أن تتحقق، فشركة هيلكس تعتزم إنشاء سوق شامل لبيانات الحمض النووي (DNA)، إذ يمكنك معرفة احتمالية إصابتك بمرض معين في حياتك خلال دقائق مقابل 10 دولارات فقط!.

ولا يقتصر الأمر عند ادعاء الشركة قدرتها على فك شفرة معظم أجزاء الحامض النووي -20 ألف جين- مقابل 100 دولار فحسب، بل تنوي الشركة تخزين وتحليل تلك البيانات -بعد موافقة أصحابها- لأغراض تسويقية ودعائية كأن تظهر تطبيقات الرياضة لمن يعانون من احتمال الإصابة بأمراض القلب، وعدم ظهور تطبيقات الحلوى لمن يعانون من مرض السكري على سبيل المثال.


6. متجر Block Chain

تعد Block Chain التقنية أو البروتوكول وراء العملة الرقمية الشهيرة بت-كوين BitCoin، سوق رقمي لا مركزي يضم الملايين من المعاملات المالية دون ضابط أو عائق من شخص أو حكومة. كل تحويل يتم من حساب مستخدم لآخر في أي مكان حول العالم عبر نظام مشفر آمن غير قابل للتزوير أو الاختراق.

وعلى غرار شبكة الإنترنت، فإن Block Chain مفتوحة المصدر تمكن تقنيات وتطبيقات أخرى من البناء عليها كما تشاء. ولعل أهم مميزاتها تكمن في تجاوز الوسطاء التلقيديين بما يحد من كلفة الوساطة أو ربما تكون منعدمة، وهو ما دفع بعدة مختصين للتنبؤ بقدرتها على التخلص من البنوك التقليدية في المستقبل وتغيير النظام المصرفي الحالي إلى الأبد.


7. الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR)

على الرغم من أن التقنية ليست وليدة العهد، إلا أن النجاح الباهر للعبة بوكيمون جو Pokemon Go كونها لعبة الهاتف الأكثر نجاحًا في الولايات المتحدة على الإطلاق بأرباح تقدر بـ 2 مليون دولار يوميًا لفتت أنظار المستخدمين والمستثمرين على حد سواء بشدة إلى قدرات مثل تلك التقنيات والحاجة إلى المزيد منها في المستقبل.

تشير التقارير إلى أن سوق تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز سيتضاعف خلال الأعوام القليلة المقبلة ليتراوح بين 80 و 150 مليار دولار بحلول عام 2020، ثلثيها من نصيب الأجهزة والثلث الآخر من نصيب التطبيقات وخاصة الألعاب، والتي ستزداد أرباحها من 660 مليون دولار العام المنصرم إلى مايقرب من 23 مليار دولار بحلول عام 2020.

وبخلاف الألعاب فإن مدى تلك التقنية ينتشر يومًا بعد يوم في كافة مجالات الحياة . على سبيل المثال لا الحصر، أتاحت شركة IKEA السويدية لزبائنها إمكانية تصور وضع قطعة من أثاثها كالمنضدة أو الأريكة في الحيز الواقعي قبل قرار شرائها، كما مكنت شركة فولفو السويدية أيضًا لصناعة السيارات عملاءها المحتملين من أخذ سيارتها الرياضية متعددة المهام XC90 في اختبار قيادة افتراضي.


8. السيارات ذاتية القيادة

http://gty.im/494411536

وعلى ذكر السيارات،أعادت شركة تسلا الأمريكية تعريف السيارات الكهربية منذ تقديم سيارتها السيدان المدمجة Model S، والتي على الرغم من سعرها فوق المتوسط، إلا أنها قلبت موازين تلك الفئة بفضل تصميمها العصري، وتقنياتها المتطورة، وأدائها الرياضي، ومداها الكهربي الذي يقارب 500 كيلومتر قبل الحاجة لإعادة شحنها من جديد.

بين ليلة وضحاها منحت الشركة أكثر من 60 ألف سيارة أنتجتها تحديثًا استثنائيًا يمكن قائديها من تفعيل نظام القيادة الآلية (Autopilot)، والاستمتاع بالطريق أو قراءة الصحف بينما تقوم السيارة بالإسراع والوقوف والتخطي وحتى الاصطفاف، وذلك بفضل نظام بقوم بجمع وتحليل آلاف البيانات من مستشعرات دقيقة خارج السيارة وداخلها لضمان قيادة آمنة خالية من المفاجآت.

حتى الآن لا يمكن للسيارة الانطلاق في وضع القيادة الذاتي، حيث لابد من توفر عدة خصائص كالتأكد من المستشعرات والسير في طريق مستقيم بسرعة ثابتة وتحميل خريطة لوجهة القيادة قبل تفعيل النظام من قبل القائد بضغطة زر لا أكثر. هذا ويعتقد ماسك أن القيادة الذاتية الكاملة يمكن تحقيقها تقنيًا خلال عامين على الأكثر، لكنها ما زالت حتى اللحظة تواجه عدة عقبات قانونية وتساؤلات أخلاقية.

شركات أخرى كذلك تطور أنظمة القيادة الخاصة بها كـ جوجل، وأوبر، وربما أبل.


9. تقنيات البث المباشر للجميع

شهدت تكنولوجيا البث المباشر تطورًا ملحوظًا هذا العام مع توسيع قاعدتها لتشمل منصات مواقع التواصل الاجتماعي كفيسبوك و تويتر، حيث أصبح بالإمكان عرض مؤتمر صحفي أو تجربة قيادة سيارة لحظة بلحظة على الهواء مباشرة سواء عبر المتصفح أو تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي. هذا التطور لم يكن ممكنًا بدون عدة عوامل منها تطبيقات أخف أقل استهلاكًا للذاكرة مع سرعة إنترنت أفضل وتقنيات تصوير أكثر جودة لضمان بث بأقل قدر من الانقطاع وأكبر نسبة من المشاهدة.


10. الخلايا المناعية المعدلة وراثيًا

تقنيات 2016 بنكرياس رقاقة الكترونية
تقنيات 2016 بنكرياس رقاقة الكترونية

على الرغم من مئات المليارات من الدولارات على الأبحاث والعشرات من الأدوية الكيماوية وأجهزة العلاج الإشعاعي، لا يزال السرطان منتصرًا على البشر، موديًا بحياة أكثر من 8.2 مليون شخص وإصابة 14 مليون آخر عام 2012 وحدها طبقًا لمنظمة الصحة العالمية.

فجر جديد بدأ يبزغ بفضل الخلايا المناعية المعدلة وراثيًا، حيث يعكف العلماء والباحثون -دون الخوض في تفاصيل دقيقة- على تسليح خلايا الجهاز المناعي للشخص المصاب من أجل وقف انقسام الخلايا السرطانية ومن ثم القضاء عليها. التجارب المعملية على الفئران والأبحاث الأولية على البشر تبدو مبشرة ولا تقتصر التقنية على السرطان فحسب، بل تمتد لتشمل أمراضًا أخرى تصيب الجهاز المناعي للإنسان مثل التهاب المفاصل ومرض نقص المناعة المكتسبة (HIV).