الاستيطان في القدس
الاستيطان الصهيوني في مدينة القدس ينمو بشكل سريع جدا، وما زال يستولي على الأراضي الفلسطينية شيئا فشيئا، وذلك لتطبيق المخططات الصهيونية، التي هي جوهر الصراع الفلسطيني اليهودي منذ بدايته في أوائل القرن التاسع عشر، لكن برز الاستيطان بكل قوة بعد إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948م.
إن موضوع الاستيطان بحد ذاته يعتبر من أهم الركائز الأساسية في الفكر الصهيوني، والاستيطان ببنيته يهدد الوجود العربي عامة والفلسطيني خاصة في مدينة القدس، لأن الاستيطان بمخططاته يستهدف الأرض والإنسان.
فالاستيطان هو مشروع صهيوني استعماري يصطاد الأرض والبشر ولن يكتفي بذلك بل يتعدى وينال من الثقافة والعادات والتقاليد والأعراف السائدة في المجتمع والعمل على تهويدها بشكل كامل ضمن المنهج الصهيوني الذي يعتمد سياسة التدرج لإنجاز مشاريعه التهويدية، فالاحتلال الإسرائيلي اعتمد أسلوب استيطاني متدرج ومتعدد الأشكال.
إن ما يجول بخاطر المحتل هو تكثيف الاستيطان الصهيوني على أراضي دولة فلسطين وبالأخص على أراضي مدينة القدس، وتسعى من خلال أساليبها الصهيونية إلى إيجاد ثقافة وحضارة خاصة بها على أرضنا فلسطين، وذلك بهدف إدعاء هذا التاريخ للأجيال اليهودية القادمة.
وتتلخص الأهداف الأساسية لسياسة الاستيطان الإسرائيلي في مدينة القدس في جعل الجغرافيا نقطة في خدمة التوازن الديمغرافي في القدس من خلال عدة مسارات رسمتها لتحقيق هذا الهدف من إسكان عدد كبير من المستوطنين فيها، والترويج لمدينة القدس خالية من العرب لجعلها منطقة جذب وتأييد لهجرة اليهود من دول العالم لها.
وبهذا يُحدث خللا في التوازن الديمغرافي يخدم مصالح الاحتلال الصهيوني، كما قام المستوطنون باللجوء إلى أساليب قاسية ومؤلمة مع سكان مدينة القدس، فقاموا باستغلال المستوطنات المقامة على الأرض كبؤرة صناعية والهدف من وراء ذلك هو إضعاف اقتصاد السكان الفلسطينيين وإحلال منتجاتهم مكانها، وإجبار الفلسطينيين على أن يبقوا يدا عاملة مستخدمة لصالح اقتصادهم الصهيوني.
كما استخدمت إجراءات كثيرة بحقهم، ومنها: تضييق الخناق بحق المقدسيين عن طريق تطويقهم بأحياء سكنية يهودية، ومصادرة آلاف الدونمات القريبة من المستوطنات من السكان، وإرغام السكان على ترك أحيائهم والرحيل إلى المناطق المجاورة وإرهاب السكان بوضعهم دائما في حالة رعب من خلال الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين الحاملين للسلاح.
كما أن من أهداف الاستيطان الأساسية عزل المدينة المقدسية عن باقي المدن الفلسطينية وقراها، وتقسيم الضفة الغربية قسمين جنوبا وشمالا للتحكم في حركة تنقل الفلسطينيين، وإزالة كل أثر فلسطيني بالقدس واستحداث بناء خاص لهم في القدس، وهدم المقدسات الإسلامية وبناء مكانها هيكل سليمان الذي يتحدثون عنه، وبذلك ترسم خطة تركيز الطابع اليهودي الصهيوني في المدينة وأحيائها ويقلل من الطابع الفلسطيني فيها.
إسرائيل كانت على علم بمخاطر هذه القضية، فقفزت بسرعة لاستكمال تهويد القدس، فاتخذت أساليب عدة لدعم الاستيطان.
أولا عملت على تعزيز الأغلبية اليهودية في القدس، وعليه قامت بلدية الاحتلال بتنفيذ هذا التعزيز من خلال بناء آلاف السكنات اليهودية في مدينة القدس ومحيطها.
ثانيا استخدام وثيقة رامون لتقسيم القدس، التي اقترحها حاييم رامون وتكلم فيها عن تأييده لتقسيم القدس وإحالة السيادة على الأماكن المقدسة فيها إلى نظام خاص، كما تحدث في هذه الوثيقة عن حدود الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية وتبادل الأراضي بين الطرفين.
ثالثا خطة مارشال، رابعا فصل الأحياء الفلسطينية عن القدس.
الاستيطان والتهويد على علاقة وثيقة، يسيران على خطى الطريق نفسه، وبناء المستوطنات أمر طبيعي لا تستغني عنه إسرائيل ولا تنساه، فمن المستوطنات التي بنيت داخل القدس وخارجها، مستوطنة أبو غنيم (هار حوماه) التي أقيمت على أراضي قرى مدينتي بيت لحم والقدس، ومستوطنة بسغات زئيف التي أقيمت على أراضي قرى بيت حنيال وشعفاط وعناتا ومخيم شعفاط.
ومستوطنة تل بيوت الشرقية (رمات راحيل) التي أقيمت على أراضي قرى البقعة، ومستوطنة جاني بيطار التي أقيمت على أراضي قرى الولجة ودير كريزمان، ومستوطنة جفعات زئيف التي أقيمت على أراضي قرى بيتونيا والجيب.
ومستوطنة جفعات هموتس التي أقيمت على أراضي قرى بيت صفافا، ومستوطنة راس العامود التي أقيمت على أراضي قرى القدس (إلى شرق البلدة القديمة)، ومستوطنة جيلو التي أقيمت على أراضي قرى بيت جالا وبيت صفافا.
ومستوطنة راموت ألون التي أقيمت على أراضي قرى بيت إكسا والنبي صموئيل وبيت حنينا، ومستوطنة ريختس شعفاط التي أقيمت على قرى شعفاط وبيت حنينا، ومستوطنة علمون التي أقيمت على أراضي قرى عناتا وحزما.
ومستوطنة معاليه أدوميم التي أقيمت على أراضي قرى أبو ديس والعيزرية والعيساوية وعناتا والزعيم، ومستوطنة النبي صموئيل التي أقيمت على أراضي قرى الجيب وبيرنبالا والنبي صموئيل، ومستوطنة النبي يعقوب التي أقيمت على أراضي قرى بيت حنينا وحزما وجبع.
ومستوطنة هارادار التي أقيمت على أراضي قرى بدو وفقطن، ومستوطنة مفعات هامتوس التي أقيمت على أراضي بيت صفافا وتعتبر هذه المستوطنة من المستوطنات ذات الأهمية الإستراتيجية لوقوعها على الطريق الواصل بين القدس والخليل وبقربها من مستوطنة جيلو.
سيبقى الاستيطان على طريقه وأساليبه الشرسة، وذلك لخلق واقع سياسي يصعب التعامل معه وتغييره في أي مفاوضات أو صفقات قد تتم مستقبلا مع الفلسطينيين واستكمال مخططاتهم التهويدية للسيطرة الكاملة على القدس.