انتهت قمة البريميرليج بفوز ليفربول على مانشستر سيتي برباعية أبهر بها نجوم الفريق الأحمر الجميع أمام أحد أقوى فرق أوروبا هذا الموسم إن لم يكن أقواها في نظر الكثيرين، فوز كان يتضمن دلالات كثيرة ويبعث برسائل أكثر للجميع.

الفوز فقط لم يكسر سلسلة اللاهزيمة التي كان يتمنى أن يُكملها «بيب جوارديولا» ليُحقق الأسطورة التي ظلت صامدة حتى الآن باسم «أرسين فينجر» مُنذ موسم 2003/2004 فقط، ولكن أيضًا أكملت سلسلة من اللاهزيمة لليفربول بـ18 لقاء في كُل المُسابقات وهو الرقم الأكبر لهم مع «يورجن كلوب».

تلك النقاط الثلاث هي الأهم في هذا الموسم لفريق الألماني ليس فقط للحفاظ على مركز مُتقدم، ولكن لإرسال رسالة للجميع بأن الوقت قد اقترب لتنفيذ وعد كلوب عند قدومه لتدريب الريدز بأنه سيحصد البطولات في خلال أربعة مواسم. والأهم هو إثبات قدرة الفريق على الاستمرار في الفوز والأداء الرائع وأمام أفضل فريق إنجليزي حاليًا دون آخر المُغادرين وأحد أفضل لاعبي الفريق «فيليب كوتينيو».


المُباراة : ليس لبيب إلا يورجن

التشكيل وطريقة لعب الفريقين، المصدر: www.whoscored.com

«يورجن كلوب» وحده هو من يتفوق على «جوارديولا» في المواجهات المُباشرة بين جميع من واجهوا «بيب». الصدفة ليست عاملاً في ذلك بالتأكيد، والأمر ليس مُجرد كون «كلوب» هو الدبة السوداء لـ«جوارديولا» ولكن طريقة لعب الفرق التي يُدربها بيب لا يستطيع الكثيرون التعامُل معها لأنها تُجبر الخصوم تلقائيًا على التراجع في ثُلث ملعبه. وبالتالي فإن إحدى الطُرق التي تمنعهم من تطبيق هذا الأسلوب هو تطبيقه ذاته وهو ما طبقه «كلوب» حرفيًا.

يجب عليك أن تضغط لأعلى حد من عداد السرعة، نحن نسميها كرة القدم بعداد مكتمل. نريد أن نكون مليئين بالحيوية. نحن نفضل أن ترتطم كرتنا بالقائم 5 مرات على أن نسجل من تسديدة واحده فقط على المرمى.
يورجن كلوب عن طريقة لعبه

تصريح مثل هذا يوضح لماذا أقبل كلوب على استقدام لاعب مثل «شامبرلين» من أرسنال، اللاعب الذي لا يملك سوى قوة بدنية وسرعة هائلة ويُلام من الجميع على تهوره واندفاعه ليُصبح أحد أهم لاعبي ليفربول ويتم تغيير مركزه من الجناح إلى لاعب الوسط ليتم استغلاله في ملء الفراغات والتحرك من الخلف للأمام دون رقابة.

الضغط العالي أو الـ«gegenpressing» كما يُطلق الكثيرون عليه هو أسلوب يورجن المُفضل في المواجهات من تلك نوع. تستطيع تخمين مايدور بعقل يورجن وهو يُفكر، حسنًا إنهم سيبنون اللعب من الخلف ويستحوذون على الكُرة ولكني سأمنعهم من فعل ذلك لأن التراجع قد يُكلفني الكثير وبالفعل قد صرح بشيء مُشابه بعد اللقاء. الضغط العالي الذي قام به وسط هجوم ليفربول تسبب مُباشرة في هدفين من الأربعة بخلاف منعه للسيتي من أسلوبه المُفضل لأن مُعدل الأخطاء يزداد كلما ضاقت المساحات وهذا ماقام به «يورجن» بالفعل.

الألماني «إيمري كان» قام بتنفيذ تفكير «كلوب» كما أراد، ركض في كل مكان في وسط الميدان وحماية قلبي دفاع الريدز. الكثيرون يعتقدون أن «يورجن» يحتاج لاعبًا بمواصفات البرازيلي «كاسيميرو» ولكن طريقة افتكاك «كاسيميرو» -أو من يشبهوه- للكُرة لا تروق لـ«يورجن»، فهو يميل للنوع القريب من «نجولو كانتي». «كلوب» لا يُريد من يقطع الكٌرة في مواجهات فردية، ولكنه يُريد من يُغطي أكبر قدر من المساحات على أرض الملعب لأنه بذلك يخنق الخصم بإغلاق كُل مساحات التمرير مما يُجبره على الخطأ أو التراجع للخلف.

الخريطة الحرارية الخاصة بتحركات الألماني «إيمري كان» خلال المباراة والتي توضح تغطيته لمساحة ممتازة من الملعب، المصدر: www.whoscored

هُنا يجب أن يتوجه الجميع للاعب الخفي، جُندى كلوب الأول في الفريق البرازيلي «روبيرتو فيرمينو» اللاعب الأهم في خطة الألماني. رُبما لا يحظى «فيرمينيو» بالشعبية التي يتمتع بها صلاح أو ماني، ولكنه فعليًا الذي يصعب أن تستقيم الخطة بدونه. هو رأس جميع المُثلثات في الملعب بين «كان وشامبرلين»، وبين «ماني وصلاح» وبين «فينالدوم وكان»، هو اللاعب الفارغ دائمًا لتلقي الكُرة وبالقليل من القوة البدنية والكثير من المهارة يُمكنه صُنع الكثير.

«فيرمينو» هو المُهاجم الـ9 ونصف الأفضل في العالم أو كما يُطلق عليه المُهاجم الوهمي. التحرك الدائم لـ«فيرمينو» يُتيح له خلق الفُرص لزملائه خصوصًا إذا كان الزُملاء بسرعة وقدرات «ماني وصلاح». المثير أن روبيرتو يُمارس الضغط ويشغل مساحات كبيرة جدًا في الملعب بغض النظر عن قُدراته التهديفية وبالتالي تشعر أن ليفربول كان زائدًا لاعبًا في وسط الميدان. كيف لك أن تتخيل أن تلك هي أماكن تواجد مُهاجم على أرضية الملعب سجل هدفًا وصنع آخر؟!

الخريطة الحرارية لتحركات البرازيلي «روبيرتو فيرمينو» التي توضح دوره في أنحاء الملعب وعدم اكتفائه بالثلث الأخير فقط، المصدر: www.whoscored.com

الأمور لم تكن بتلك السهولة على أشبال الألماني لعدة أسباب أولها هو فارق الجودة بين الفريقين والذي يزيد لفارق الخبرة أيضًا في أحيان كثيرة، كذلك فارق الثقة بين فريق لم يُجرب شعور الخسارة وفريق لا يستطيع الاحتفال بالفوز إلا بعد أن يذهب الحكم واللاعبون إلى منازلهم.

إحدى أكبر المُشكلات الأزلية في ليفربول «كلوب» هو استقبال الأهداف بعد التقدم بفارق مُريح. الأمر الذي قد يصل حتى للعودة الكاملة في النتيجة مثلما حدث أمام «إشبيلية» في دوري الأبطال. الأسباب واضحة ولكن أهمها هو التراجع البدني الشديد في آخر الدقائق لفريق مارس ضغطًا عاليًا من عالم آخر على حد وصف المُدرب نفسه بعد اللقاء كذلك افتقاد الفريق لشخصية البطل والتي ستأتي مع الوقت وبالطبع الأخطاء الدفاعية الساذجة المُتكررة.


رسائل من وإلى

فيرمينو

الرسالة الأهم من اللقاء هي التي أرسلها «كلوب» بعد كُل هدف إلى آخر النازلين من قطار الريدز «فيليب كوتينيو» أن الفريق الآن ولأول مرة يستطيع إكمال المشروع دون التباكي عليه لأن هُنالك شيئًا أكبر من مُجرد نجوم كأسماء في الفريق وكذلك إلى كُل لاعب في المُستقبل سيحاول الضغط على ليفربول لتركه يرحل.

رسالة من «بيب جوارديولا» إلى كُل مُدربي العالم بأن هُنالك «كيفين دي بروين» واحدًا فقط بكُرة القدم، حاليًا لا يوجد من يستطيع قطع الكُرة عن منطقة جزائه لتجده بعدها بثوان في مركز الجناح يصنع هدفًا لفريقه.

رسالة من «أليكس أوكسيلاد شامبرلين» إلى «أرسين فينجر» بأنه كان على حق عندما كان يُطالب باللعب كلاعب وسط ليتمكن من إخراج قدراته وبالفعل لأول مرة يُسجل 3 أهداف في موسم واحد مُنذ لعب الكُرة.

رسالة من «محمد صلاح» إلى الجميع بأنه الجناح الأفضل في الدوري الإنجليزي لأنه وهو ليس في قمة مستواه يصنع هدفًا بعد الضغط على مُدافع الخصم ويُسجل آخر من مُنتصف الملعب أمام مُتصدر الترتيب.

رسالة من «يورجن كلوب» إلى الجميع أن وقت البناء قد شارف على الانتهاء وأن الحصاد يبدو قريبًا أو يتمناه كذلك.

رسالة من جمهور ليفربول إلى «إيمري كان»، أرجوك استمر ولا تتركنا!

رسالة مُعتادة من «بيب جوارديولا» للجميع بأنه لن يتخلى عن البناء من الخلف حتى ولو كلفه الأمر مُشاهدة فريقه يستقبل 3 أهداف في دقائق.

رسالة من «كاريوس» و«مينيوليه» إلى يورجن كلوب بضرورة التعاقد مع حارس مرمى يليق بفريق قد يُنافس على البريميرليج.